يتلاشى مشروع الانتقالي يومٌ بعد آخر، تتوه البوصلة، وتتداخل الاتجاهات، وبات الانفصال مجرد وسيلة لامتطاء الأعناق، أما ما يدور في المكاتب المزخرفة والفنادق الفارهة بعيد عن الشعارات والعبارات المنتفخة دون جوف ممتلئ.

برز الانتقالي فجأة، واحتكر القضية الجنوبية، ألغى الأصوات الأخرى أمثال الحراك والمجلس الثوري والمكونات الاخرى، وأضحى الممثل الوحيد لمشروع الانفصال، ولم يكن هذا بسبب صدقه في الهدف، إنما لموافقته هوى الصانعين، وإتقانه دور هز الرأس للداعمين، مغلق الأذنين عن صيحات شعبه المكلوم، مغمض العينين عن الدمار الكئيب، والدماء المسكوبة، والنفوس الموجوعة.

في الواقع، أثبت الانتقالي أن تقسيم اليمن أبعد بكثير مما كنا نتوقع، فهذه عدن، أصغر محافظات الجمهورية، مرت عليها أكثر من سنة تحت أيديهم، فلم يزدها حكمهم إلا خسارًا، ومكروا فيها مكرًا كبارًا.

تصطدم اليوم أمواج الانفصال بجدارين كبيرين: أما الأول فهو تمسك أبناء الوطن المحبين حقًّا ليمنهم الكبير والمستعدين لفدائه بدمائهم وأرواحهم، وأما الجدار الثاني فهو الحقيقة المخزية لحملة المشروع، فقد ابتغوا بمجلسهم الفتنة ثم قلبوا الأمور لقوى الخارج؛ حتى تلقى بابًا تدخل منه أوامرهم وقراراتهم وتدخلاتهم، ودعاة الانفصال يقفون على الأبواب فاتحي الجيوب، مالئي الغلال، حتى بانت كروشهم بعد جوع، وامتلكوا المصانع والمتاجر في بلدان شتى.

لا تغر الأحلام السرابية إلا أهلها، واليمنيون بمختلف اللهجات، ومن مختلف المحافظات يرفضون مشاريع التقسيم، وينفضون عنهم غبار سلالية الإمامة ومشروع الهضبة، ويغسلون أدران خيانة الانتقالي ومناطقيته، فالكل في مشروع اليمن الكبير تحت مظلة الدستور والقانون سواء.

سلام عليك أيها اليمن العظيم، نزداد قوة بقوتك، لا نرضى أن تركن إلى أيادٍ مرتعشة، ولا أن تعبث فيك أيادـ متسخة، ستبقى شامخًا عزيزًا متماسكًا، وسيظل أحرارك يهتفون باسمك وسط الصحاري، وبين القفار، وفي أعالي الجبال، وعلى امتداد السواحل. لا شيء سيمنعنا، ولا قوة ستفرقنا، فنحن شعب واحد، يعيش على أرض واحدة، ويجمعنا يمن واحد.

#عادل_الحسني

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك