تأملتُ حال محافظات الجنوب، من عدن إلى المهرة، وتجولتُ بفكري بين الفي والصحاري والجبال والسواحل، فأدركتُ أنَّ أبناء الجنوب تجمعهم ألفة وإخاء، فلا المهري ينهر الشبواني، ولا الحضرمي يتطاول على الأبيني، ولا اللحجي يستبيح حرمات العدني.

إذن، لماذا تتقاذف الأزمات بالجنوب إن كان هذا الحال؟

ولكن مهلاً، فهناك حقيقة مريرة، قد لا تعجب الكثير، وقد تُفهم بأنها دعوة عنصرية وتفرقة مناطقية.

إنَّ مشاكل الجنوب، والفتن التي تشهدها هذا الرقعة من البلاد لم تأتِ إلا حين سلم إخوتنا من يافع والضالع وردفان ذممهم إلى الغريب، فأنساهم القريب، وأوهمهم بالسراب الواهي، وشكلهم كألعاب يلهو بها، ويستنصر فيها، ويستمد منها شرعية بقائه الكاذبة في الأراضي الجنوبية.

إنَّ تطويع إخوتنا من قبل التحالف، وإمدادهم بالسلاح والمدرعات والأموال، وإيجاد مركز ضغط وقوة لهم على الشرعية المتهالكة لم تكن إلا استعمالًا لغرض محدد، يحصل بموجبه التحالف على ما لم يحلم به في أي عهد سابق على الأراضي اليمنية، فيأتمرون بأمره، فلا تسمع منهم إلا همسًا في حضرة الكفيل.

لقد قاتلوا ألوية الرئاسة، وساندتهم طائرات الغدر، حتى إذا أُريقت الدماء، وتبعثرت القوى، وتعمق الجرح الجنوبي، وزادت فجوة الخصومة بين أبناء الجنوب الواحد، كشف التحالف لتابعيه عن وجهه الحقيقي، وعرَّفهم بحجمهم الحقيقي.

أجيبوني على هذه الأسئلة وستعرفوني ما أعنيه..

بيد من مطار عدن اليوم؟

من يسيطر على ميناء عدن؟

هل استطاع الانتقالي أن يسيطر على معاشيق؟

هل للانتقالي سطوة وحكم على النبك المركزي؟

ومن له الكلمة الأولى في مصافي عدن؟

واستمرارًا للاستعباد، فقد وجهت الإمارات تابعيها نحو أبين وشبوة، وحصل لهم الذي حصل من كسرة الشرف، والعار الذي سيلاحقهم طويلًا، فهل اتعظوا مرةً أخرى، وعلموا بأنَّهم ليسوا إلا دمى بيد الخارج؟

ولأنَّ الغشيم لا تكفيه الإشارة، فقد واصلوا طريقهم المظلم إلى سقطرى، دخلوها دخلة غزاة، ونفذوا فيها مخططًا لا يفقهونه، وقاتلوا وهم لا يعلمون من يقاتلون بالأصل.

فإذا تجرأ أحدهم وسأل، تأتيه الإجابة سريعًا: ” ما يخصك”.

وتكرر لهم في سقطرى نفس الذي كان في عدن، فأرض وبحر وجو سقطرى بيد التحالف السعودي الإماراتي ، أما الشقاة فليس لهم إلا صرفتهم الشهرية، وأما رؤوسهم فليس لهم إلا التنقل ما بين فنادق أبوظبي والرياض

ذهب لواء بارشيد بالكامل، وغالبية أفراد هذا اللواء هم من أبناء الضالع. البديهي أن يتحرك هذا اللواء إلى جبهات الضالع ويواجه الحوثي المتمركز على مدينتهم، ولكن كان للسيد رأي آخر، فقد أمرهم بالذهاب نحو المكلا، تمهيدًا لأمر يُدبَّر على رؤوس الأشهاد.

إذن، فمهمتهم ليست إلا إسقاط الدولة، وتعطيل أي حراك للنهوض وحل المشاكل، كما أنَّهم لا يعملون لهدف، ولا توجد لهم غاية، إلا ما يتضاحكون بها بين أروقة السرايا.

لا نستطيع أن نسمي هؤلاء إلا مرتزقة لا هم لهم إلا ملء البطون، وخونة انخلسوا عن وطنيتهم، وامتهنوا المذلة والهوان لأولياء النعمة وأرباب القرار.

هناك واقع يجب على إخوتنا في الضالع ويافع وردفان أن يعوه؛ لئلا يكونوا حطب نار، توقد بهم الفتنة، وتحرقهم وتحرقنا الفرقة والشتات.

لا تلهيكم مغريات الحاضر، ولا تركنوا إلى من لا يدوم، اصدقوا مع أنفسكم، وانظروا حال وطنكم، وإن كان لكم هدف استعادة دولة حقًّا فأظهروا للعالم جميعًا أنكم صادقين بسعيكم، ولتبدؤوا بالخروج من عباءة الكفيل قبل كل شيء، واستبدلوا أعلام الإمارات بأعلام مشروعكم المزعوم.

لكل فعل ثمن، وللتاريخ أعين ترقب، وأيادٍ تكتب، والدمار لا يشي إلا بطوفان، أما النجاة فيسبقها نسمات باردة، فكما أنَّ البعرة تدل على البعير، كذلك أثر الظلم حسابه عسير، فحاسبوا أنفسكم قبل أن يأتي حسابكم، وتعالوا إلى كلمة سواء بين أبناء الوطن الواحد بألَّا نشرك في قرارنا أحدًا، فاليمن ليس إلا للمنتمين.

#عادل_الحسني

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك