حفيد الملك العظيم ابرهه ذو معاهر ابو إكسوم صاحب المسلة ومعيد الإمبراطورية السبئية في القرن السادس الميلادي .

وابن القيل ابرهه بن الصباح من قيل انه احق بالخلافة و من فرش له النبي رداءه صلى الله عليه وسلم.

وهو كُريب بن أبرهه بن شرحبيل- الصباح – (وهو نفسه إكسوم الذي ذكر في مسلة ابرهه اكسوم ذو معاهر ) بن أبرهة (الملك العظيم الذي تلقى التهم من الجميع كذبًا وبهتانًا) بن الصباح بن شرحبيل بن لهيعة بن مرثد الخير بن ينكف ينوف بن شرحبيل شيبة الحمد بن معدي كرب بن مصبح بن عمرو بن الحارث ذي أصبح بن مالك بن زيد بن قيس بن صيفي بن حمير الأصغر بن سبأ الأصغر وكُريب يلقب بسيد حمير وقحطان و سيد فسطاط مصر

من أعلام الأذواء والاقيال والقادة اليمانيين في موكب الصحابة والفاتحين والزعماء هو أبو رشدين كريب بن أبرهة بن الصباح الحميري، وكان يسير في موكبه بمصر خمسمائة فارس من حمير (۱) وقال عنه أبو الحسن المسعودي الذهب : – كان – سيد الفسطاط وزعيمها : أبو رشدين (بن) كريب في مروج بن أبرهة بن الصباح» (٢) .

لقد بدأ تاريخ كريب في موكب الصحابة والفاتحين منذ وفادته إلى رسول الله ﷺ مع أبيه القيل أبرهة بن الصباح في السنة العاشرة للهجرة، وقد أثبت غير واحد من العلماء ورجال الأحاديث النبوية وتراجم الصحابة بأن كريب بن أبرهة بن الصباح كان من الصحابة، فجاء في ترجمته بكتاب الإصابة في تمييز الصحابة عن ابن عساكر أنه يكنى أبا رشدين . يُقال له صحبة ثم أردف ابن حجر العسقلاني قائلاً : وقد ذكره البغوي في الصحابة من طريق علي الجهضمي عن جرير بن عثمان عن سعيد بن مرة عن حوشب عن كريب بن أبرهة من أصحاب النبي ﷺ عن أبي ريحانة من أصحاب النبي ﷺ عن النبي ﷺ قال : الكبر من سفه الحق وغمص الناس بعينه (۳) وقد أخرج يعقوب بن سفيان من طريق آخر عن كريب بن أبرهة عن أبي ريحانة أنه قال قائل : يا رسول الله إني أحب أن أتجمل بعلاق سوطي وشسع نعلي فقال له النبي ﷺ : إن ذلك ليس بالكبر، إن الله جميل يحب الجمال إنما الكبر من سفه الحق وغمص الناس بعينه. ثم قال ابن حجر : وقد ذكره في التابعين البخاري والعجلي وابن حبان وغيرهم، ونقل أبو موسى عن جعفر المستغفري قال : لم يثبت صحبته غير أبي حاتم (۳) بينما يتبين مما تقدم أن البغوي ذكره في الصحابة وقال : . . كريب بن أبرهة صاحب النبي ﷺ وكذلك من ذكره في الصحابة يعقوب بن سفيان وكذلك فقد أثبت صحبته أبو حاتم، وبذلك كله يتحقق اليقين والعلم بأنه من الصحابة، بينما قال البخاري والعجلي وابن حبان وابن عساكر أنه من التابعين، وبذلك أيضاً يتحقق العلم بأنه من التابعين، فيكون قد ‏جَمَعَ الشرفين؛ شرف الصحابة وشرف التابعين .

وكان كريب بن أبرهة بن الصباح من قادة وفرسان فتح الشام، وقد تقدم نبأ هجرته مع أبيه وإخوته إلى الشام في الفتوحات في خلافة عمر بن الخطاب ـ سنة ١٤ هجرية ـ قال ابن حجر : ووجدت في تاريخ ابن عساكر بسند له إلى يزيد بن أبي حبيب أن عبد العزيز بن مروان قال لكريب : أشهدت خطبة عمر في الجابية؟ قال: نعم» (4) ، وكانت خطبة عمر بن الخطاب في الجابية ـ جابية الشام ـ لما سار لاستلام بيت المقدس سنة ١٦ هجرية ثم في زيارته للجابية سنة ١٧ هجرية، فكان كريب من الصحابة الذين شهدوا تلك الأحداث التي سبقها فتح دمشق ـ في رجب ١٤هـ .

وشارك في فتح الرملة بفلسطين، ثم فتح بيت المقدس سنة ١٦هـ ـ وشهد خطبة عمر في الجابية – سنة ١٧هـ ـ وقد كان مسيره إلى الشام واستقراره هناك مع أبيه وإخوته الذين كان كما جاء في الإكليل هاجروا إلى الشام في خلافة عمر بن الخطاب وكان كريب شاباً يافعاً، فتزوج في دمشق أو في الرملة بالشام، قال الهمداني: فولد كريب بن أبرهة (رشيد) وبه كان يكنى» وقد قام القاضي الأكوع بما سماه ( تصحيح) اسم ابن كريب حيث قال في هامش الإكليل : كان في الأصل (رشيد بن كريب) والتصحيح ـ إلى (رشدین) ـ من الإصابة ومختصر الجمهرة» (5) ونرى عدم ضرورة ذلك التصحيح فقد جاء في الإصابة عن تاريخ دمشق لابن عساكر أنه يكنى أبا رشدين، وأبا راشد»، ومؤدى ذلك أنه كان له ابن اسمه (رشدين) وابن اسمه (راشد) أو (رشيد)، أو ثلاثة أبناء (رشدین، وراشد، ورشيد)، ويبدو أنه كان له زوجة وابن في دمشق وزوجة وابن في الرملة بفلسطين، وكذلك في اليمن، ثم في مصر، قال الهمداني : ” . . . انتشر بنو كريب، فمن كان منهم في الكوفة فهم في النخع، ومنهم طائفة بشهرزور وآخرون بدمش والرملة ومن ولد كريب بن أبرهة : آل أبي العياش إبراهيم بن عبد الله بن مسعود بوادي ضهر ـ بـصـنـعـاء ـ وآل يوسف بن الحكم وآل الـمـعـلـى وغيرهم(6)
‏وقد كان لكريب بن أبرهة أبناء وأسرة في دمشق والرملة بالشام، وكذلك في الجيزة، والفسطاط بمصر، ومما يتصل بالشام ما جاء في الإصابة عن الذين رووا أحاديثاً نبوية عن كريب بن أبرهة حيث قال ابن حجر : روى عنه كبار التابعين من الشاميين منهم كعب الأحبار وسليم بن عامر ومرة بن كعب وغيرهم»(7) وكذا ما ذكره ابن حجر عن ابن الكلبي قال : كريب بن أبرهة والد رشدين : كان سيد حمير بالشام زمن معاوية . . »(7)
‏وقد شهد كريب فتح مصر مع أبيه وإخوته منذ دخول الجيش العربي الإسلامي إلى مصر بقيادة عمرو بن العاص ـ عام ١٩هـ ـ إلى غزوة الأساود عام ٣١هـ ـ وكان له قصر في الجيزة منذ اختطاطها، وفي ذلك جاء في ترجمته بالإصابة أنه : شهد كريب فتح مصر ، واختط بالجيزة، ولم يزل قصره بها إلى بعد الثلمائة – أي إلى بعد سنة ٣٠٠ للهجرة (٢) وجاء في ترجمته بكتاب الجامع : كريب بن أبرهة بن الصباح : أمير يماني . . شهد فتح مصر ، وسكن الجيزة .

وقد تواصلت المكانة العالية لكريب بن أبرهة بن الصباح في العصر الأموي، وفي ذلك قال القاضي محمد بن على الأكوع فيما نقله عن كتاب الجمهرة لابن الكلبي والاشتقاق والإصابة في هامش الإكليل : كان كريب بن أبرهة من أعلام قحطان وزعماء حمير وسيد حمير بالشام ومصر في زمن معاوية ..

وكان إذا ركب حف به خمسمائة من حمير في السلاح» (9) ، فكان كريب من أعيان رجال الدولة بمصر في عهد معاوية (٤١ – ٦٠هـ) ويزيد بن معاوية (٦٠ – ٦٤هـ) وكان من ولاة مصر في تلك الفترة ثلاثة صحابة يمانيين هم عقبة بن عامر الجهني ومعاوية بن حديج السكوني ومسلمة بن مخلد الأنصاري(10).

وعندما قتل مروان أكيدر بن الحمام صبراً – أي إعداماً – وكان فارس مصر ـ فقال أبو رشدين كريب بن أبرهة لمروان : إن شئت والله أعَدْنَاها جَذَعَة، يعني يوم الدار بالمدينة، فقال مروان : ما أشاء من ذلك شيئاً، اي لن اكررها خوفًا من كُريب والقبائل القحطانية ‏وانصرف عن مصر وقد استعمل عليها ابنه عبد العزيز.

ولقد كان من معالم أنباء كريب بن أبرهة بن الصباح في ولاية عبد العزيز بن مروان لمصر ( ٦٥ – ٨٥هـ ) وخلافة عبد الملك بن مروان : استمرار مكانة كريب بصفته سيد وزعيم الفسطاط – عاصمة ولاية مصر ـ وقد وصف عبد الله بن الأشج موكب كريب بن أبرهة بن الصباح بالفسطاط أيام عبد العزيز بن مروان، حيث جاء في الإصابة من طريق يعقوب بن عبد الله بن الأشج قال : قدمت مصر في أيام عبد العزيز بن مروان فرأيتُ كريب بن أبرهة قد خرج من عنده وتحت ركابه خمسمائة نفس من حمير يسعون (11)
‏وقال بامطرف في كتاب الجامع : كان كريب بن أبرهة بن الصباح من أشراف ‏أهل اليمن في مصر، ويبدو أنه صار سيد حمير جميعها، فقد رآه أحدهم يخرج من عند عبد العزيز بن مروان وكان تحت ركابه خمسمائة رجل من حمير (نفس المصدر 11) ومؤدى ذلك أن كريب بن أبرهة كانت تحيط به في مصر نفس مظاهر الأبهة والزعامة التي كانت لملوك وأقيال حمير باليمن، وذلك لأنه سليل أولئك الملوك ومن أولئك الأقيال، وقد كان له قصر شامخ في الجيزة ربما كان يضاهي قصر آبائه وأجداده في مدينة موكل الحميرية باليمن التي منها نقل كريب مظاهر زعامته إلى مصر .

ويبدو أن مظاهر الأبهة والزعامة لكريب بن أبرهة بن الصباح لم تكن محل ارتياح الخليفة عبد الملك بن مروان، حيث كان يخاف منه وربما كان ذلك سبب حديثهما عن الكبر – أي التكبر – فجاء في هامش الإكليل وفي الإصابة عن طريق ثوبان بن شهر قال : سمعت كريب بن أبرهة وكان جالساً مع عبد الملك في سطح بدير مران، فذكر الكبر – أي ذكر عبد الملك بن مروان الكبر – فقال كريب : سمعت أبا ريحانة يقول لا يدخل الجنة شيء من الكبر ، فقال قائل : يا رسول الله إني أحب أن أتجمل بعلاق سوطي وشسع نعلي، فقال له النبي ﷺ: إن ذلك ‏ليس من الكبر إن الله جميل يحب الجمال، إنما الكبر (مَنْ) سفه الحق وغمص الناس بعينه .

وقد تولى كريب رابطة الإسكندرية – أي ولاية وقيادة الإسكندرية والقوات المرابطة فيها – فجاء في هامش الإكليل أنه ولي كريب بن أبرهة رابطة الإسكندرية» وجاء في كتاب الإصابة أنه : ولي كريب لعبد العزيز رابطة الإسكندرية، وكان شريفاً في أيامه بمصر» .

‏ولقد كان اليمانيون في مصر هم عماد الدولة والمتولين لمسؤوليات الدولة في ولاية عبد العزيز بن مروان لمصر حيث كانت مراكز السلطة هي الشرطة والقضاء وبيت المال والنيابة وإمارة الإسكندرية، فكان صاحب الشرطة وقاضي مصر هو عابس بن سعيد المرادي المذحجي (٦٤ – ٦٨هـ) ثم تولى منصب صاحب الشرطة زياد بن حناطة التجيبي اليماني ولما سار عبد العزيز إلى دمشق استخلف زياد بن حناطة فتولى حكم مصر بالنيابة وتوفي عام ٧٥هـ ثم أصبح عبد الرحمن بن حسان التجيبي اليماني صاحب الشرطة ( ٧٦- ٨٤هـ) بينما تولى القضاء وبيت المال بمصر عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني (٦٩ – ٨٣هـ) وكان مالك بن شراحيل الهمداني قاضي مصر (٦٩ ـ ٨٤هـ) ثم تولى قضاء مصر يونس بن عطية الحضرمي (٨٤ – ٨٦هـ) وكان جناب بن مرثد الرعيني الحميري من الأمراء القادة واستنابه عبد العزيز بن مروان على مصر وقد توفي جناب الرعيني عام ٨٣هـ. وأما الإسكندية فقد تولى رابطتها كريب بن أبرهة وكان قد بلغ من الكبر عتياً، فمكث أميراً قائداً لرابطة الإسكندرية فترة من الزمن ثم عاد إلى الجيزة، وتولى الإسكندرية عياض بن غنم التجيبي .

‏وفي عام ٧٥ هجرية (٦٩٤م) توفي كريب بن أبرهة بن الصباح – رضي الله عنه في الجيزة بمصر.

1) الإصابة – ج ۳ ص ۳۱۳ – الإكليل – جـ ٢ ص ١٥٠ – الجامع ص ٤٥٧.
‏(۲) مروج الذهب للمسعودي – ج ۳ ص ۹۷.
‏(۳) الإصابة في تمييز الصحابة – ابن حجر العسقلاني – جـ ٣ ص ٣١٣ – ٣١٤.
‏(4)الإصابة في تمييز الصحابة – ابن حجر العسقلاني – جـ ٣ ص ٣١٣ – ٣١٤ . (۲)
‏(5) الإكليل للهمداني – تحقيق محمد علي الأكوع – جـ ٢ ص ١٥٠.
‏(6) الإكليل للهمداني – تحقيق محمد علي الأكوع – جـ ٢ ص ١٥٠ .
‏ (7) الإصابة في تمييز الصحابة – ابن حجر العسقلاني – جـ٣ ص ٣١٣ – ٣١٤.
‏(8) الجامع – محمد عبد القادر بامطرف – ص ٩٣ و ٤٥٧.
‏(9) الإكليل للهمداني – تحقيق محمد علي الأكوع – ج ٢ ص ١٥٠.
‏(10) كان عقبة بن عامر والياً لمصر من ٤٤ – ٤٧هـ ومعاوية بن حديج من ٤٧ – ٥٠هـ
‏ومسلمة بن مخلد من ٥٠ – ٦٢ هجرية .
‏(11) الإصابة – ج ۳ ص ۳۱۳ ـ الجامع – ص ٩٣ .
‏يمانيون في موكب الرسول محمد حسين الفرح المجلد الاول

المصدر : تويتر

ابو صالح العوذلي 2024م

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك