‏الحسن بن أحمد يعقوب، الملقب بـ (لسان اليمن) أو (ابن الحائك) : ولد بصنعاء سنة (٢٨٠هـ – ٨٩٢) م، وتوفي بمنطقة (ريدة)، شمال (صنعاء) سنة (٣٦٠هـ = ٩٧٠) م تقريباً، عاش الهمداني في عصر كانت الحالة الأدبية والعلمية في العالم العربي تشهد تطوراً وعطاءً خصباً لم يشهد له مثيل من ذي قبل، وعلى رغم أن اليمن في عصره كانت تمثل ولاية من ولايات الدولة العباسية، وبعيدة عن عاصمة الدولة المركزية بـ بغداد فإننا نلمس بصماته بارزة في الحركة الثقافية والعلمية لتلك الدولة، كما نجده يحتل مكانة بين أدباء وعلماء وشعراء ذلك العصرالذي كان من أبرزهم (الطبري) و (المسعودي)، و (المتنبي)… الخ.

إلا أن أهم مميزات الهمداني، ولعه الشديد بدراسة اليمن تاريخياً وحضارياً وجغرافيا في فترة إتجهت الكتابات العربية الإسلامية لدراسة الفقه، والشريعة،وتاريخ الدولة العباسية.

أما على الساحة السياسية الداخلية فنجد الهمداني قد عاش في ظروف سياسية قاسيّة ، خاصة وأن اليمن آنذاك كان مسرحاً للفتن والتطاحن، فترة بلغ الصراع العدناني القحطاني أوجه إن تلك الأوضاع المتردية- التي كان يعيشها اليمن على جميع المستويات – كانت محركاً ودافعاً رئيسياً لتعمق الهمداني لدراسة تاريخ وحضارة اليمن ونستشف من خلال كتاباته وطنيّة صادقة، تعكسها مواقفه السياسية، فقد استخدم الآثار والنقوش كقرائن ماديّة لا تقبل الشك، تبرهن على تمدن اليمن منذ القدم.

لقد أقلقت كتابات الهمداني سلطات عصره وخاصة (الأئمة) ومناصريهم فزج به في السجن أكثر من مرة، بتهمة التحريض ضد آل البيت كما أتهم بسب الرسول وكانت هذه التهم ملفقة للتخلّص منه لقد كان للهمداني من تلك الدراسات هدف سام الغرض منه إعادة وحدة اليمن وصورته الحضارية.

أما مؤلفاته فتعتبردون جدل مصدراً هاماً من مصادردراسة التاريخ اليمني ، والدور الحضاري الذي لعبه اليمن فقد تطرق للغة اليمنية القديمة (النقوش) والآثار ، ولعادات وتقاليد اليمنيين، وخير ما تركه لنا من ثروة علمية قيمة توثيقه لأسماء عدد كبير من الشعراء من مختلف العصور، منهم من عاش قبل الإسلام، ومنهم من عاش بعده، كما وثّق لنا العديد من المناطق والقبائل التي لولاه لطوتها صفحة النسيان إن دراسة الهمداني لم تقتصر على اليمن فحسب بل تطرقت إلى الفكر العربي الإسلامي، والصراعات السياسية السائدة آنذاك، فقد تناول شتى العلوم في مجال التاريخ والجغرافيا، والآثار، والأنساب، والفلك، والطب، والتعدين، والأدب، والفلسفة ولم تصلنا سوى نزر يسير من مؤلفاته، أما البقية فقد وصلنا علمها من خلال ما ذكره لنا الهمداني نفسه في طي مؤلفاته التي عثر عليها، وبعضها وصلنا معرفتها بواسطة (صاعد الاندلسي ت ٤٦٤ هـ) في كتابه (طبقات الأمم)، فهو أول من ترجم للهمداني من علماء الأندلس. ففي تلك الفترة كانت قد وصلت إلى الأندلس أغلب مؤلفات الهمداني بفضل الخليفة (المنتصر بالله) عام ٣٥٠ هـ الذي كان شغوفا بالعلوم ، وبتجميع المؤلفات العلمية من كل بلد، كما أفادتنا ‏ترجمة (علي بن يوسف القفطي) في كتابه (أبناء الرواة في أنباه النحاة).

مؤلفات الهمداني المطبوعة والمنشورة:

(۱) الاكليل : عشرة أجزاء لم يبق منها سوى الأجزاء الأول، والثاني، والثّامن، والعاشر .

الجزء الأول : في المبتدأ وأصول أنساب العرب والعجم، ونسب ولد حمير.

الجزء الثاني : في نسب ولد الهميسع بن حمير، وقد طبع الجزءان باختصار
‏قام به ( محمد بن نشوان الحميري ) .

الجزء الثامن في محافد اليمن ، ومساندها ودفائنها ، وقصورها ومراثي حمير، والقبوريات ( في آثار اليمن ) .

الجزء العاشر: في معارف همدان، وأنسابها، وعيون أخبارها.

(۲) صفة جزيرة العرب : من الكتب القيمة للهمداني التي تبحث في جغرافية جزيرة العرب، وأسماء بلادها، وأوديتها، ومن يسكنها.

(۳) كتاب الجوهرتين العتيقتين من أجود مؤلفات الهمداني، وأكثرها نفعاً، فهو
‏يتعلّق بالذهب والفضة من حيث تعدينها، وصياغتها، وكل ما يتصل بها.

(٤) الدامغة: قصيدة للهمداني، قرابة ٦٠٠ بيت رد فيها على قصيدة للشاعرالكميث ‏بن زيد الأسدي، في تفضيله عدنان على قحطان.

(٥) المقالة العاشرة من سرائر الحكمة وهي متعلقة بالنجوم، ويظهر أنها كاملة في موضوعها وأنّ المقالات التسع الأخرى من الكتاب تتعلق بموضوعات أخرى في الفلسفة لم نعثر عليها بعد.

مؤلفات الهمداني المفقودة :

‏- كتاب الإبل : يتحدث عن الحيوان.

‏- كتاب أخبارالأوفياء يبحث في أخبار بني شهاب وأيامهم.

‏- كتاب الأيام يبحث في أشعار قضاعة، وأخبار خولان.- كتاب الحرث والحيلة عن الأرض.

‏- ديوان الهمداني.

‏- زيج الهمداني: جداول توضح أطوال وعروض المواضيع الجغرافية.

– سرائر الحكمة : تسع ،مقالات، في الفلسفة والفيزياء.

‏- كتاب السير والأخبار.

‏- كتاب الطالع والمطارح في النجوم .

‏- كتاب القوي في الطب .

‏- كتاب المسالك والممالك .

‏- مفاخر اليمن ووقائعها.

‏- كتاب اليعسوب: في الرمي بالسهام والنصال، وفقه الصيد حلاله وحرامه.

‏- الأجزاء الستة المفقودة من الاكليل.

الجزء الثالث: يبحث فى فضائل اليمن ومناقب قحطان. الجزء الرابع: في السيرة القديمة لحمير، من عهد يعرب بن قحطان إلى ‏عهد أبي كرب اسعد “أسعد الكامل”.

‏- الجزء الخامس: في سيرة حمير الوسطى، من عهد أبـي كـرب إلى عهد ‏ذي نواس.

‏- الجزء السادس : في سيرة حمير، من عهد ذي نواس إلى عهد الإسلام.

‏- الجزء السابع: في ذكر السيرة القديمة، والأخبار الباطلة، والمستحيلة.

‏- الجزء التاسع: في كلام حمير، وتجاربهم المروية بلسانهم . ‏هكذا ومن خلال تلك المؤلفات المتعدّدة والمتنوعة يتضح جليا أن الحسن الهمداني، بذل جهدا عظيما في دراسة اليمن ،وتاريخه وحضارته، بمختلف جوانبها وأن دل هذا على شيء فإنما يدل على مدى الوعي والحس الوطني لديه.

‏المصدر ‏موجز التاريخ السياسي القديم لجنوب شبه الجزيرة العربية/الدكتوره اسمهان الجرو/ص53-56. ‏

ابو صالح العوذلي 2024
‏⁧‫

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك