هو أحق الناس بالخلافة لو كانت بالشرف وهو من فرش له النبي صلى الله عليه وسلم رداءه ليجلس عليه قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : لو كانت الخلافة تستحق بالشرف لكان أحق الناس بها أبرهة بن الصباح، فإنه من أبناء ملوك اليمن التبابعة الذين ملكوا مشارق الأرض ومغاربها (1) وهذه المقولة التي خلدها التاريخ لأبي موسى الأشعري تجعل النفس أكثر اشتياقاً لمعرفة ذلك الزعيم الصحابي الذي له فرش رسول الله ﷺ ردائه، والذي لو كانت الخلافة تستحق بالشرف لكان أحق الناس بها .

فأبرهة بن الصباح المذكور في حديث أبي موسى هو القيل أبرهه بن شرحبيل ‏الصباح بن أبرهة ( الملك العظيم ابو إكسوم ذو معاهر ) بن الصباح بن شرحبيل بن لهيعة بن مرثد الخير بن ينكف ينوف بن شرحبيل شيبة الحمد بن معدي كرب بن مصبح بن عمرو بن الحارث ذي أصبح بن مالك بن زيد بن قيس بن صيفي بن حمير الأصغر بن سبأ الأصغر (٢) .

وفي جده أبرهة الأول بن الصباح بن شرحبيل بن لهيعة، قال الشاعر لبيد الجاهلي عن سهام المنايا : وغلبن أبرهة الذي ألفينه قد كان يخلد فوق غرفة موكل وكانت مؤكل عاصمة أذوائية القيل أبرهة بن الصباح ومقر ملوكيته، وتقع في ناحية صباح بمنطقة رداع ، ولم تزل موكل من مدن الحضارة ومن ديار التبابعة ثم الملوك ثم الأقيال العظماء حتى الجاهلية وكانت الوفود تقصد أبرهة بن الصباح من أرجاء الجزيرة العربية، قال الشاعر : وعلى الذي كانت بموكل داره يَهَبُ القيان وكل أجدد شاح ‏وينطبق ذلك على الملك أبرهة بن الصباح الأول كما ينطبق على حفيده الصحابي أبرهة بن الصباح الثاني ونشير هنا إلى أمرين : الأول : أن أبرهة لفظ ونطق يمني قديم لاسم إبراهيم، فمعنى أبرهة هو إبراهيم(3) .

‏والأمر الثاني : جاء في كتاب الإصابة لابن حجر العسقلاني والإكليل للهمداني في ترجمة ونسب أبرهة بن الصباح الوافد على النبي ﷺ بأنه ( أبرهة بن شرحبيل بن أبرهة بن الصباح، ولكن الهمداني نقل أيضاً عن ابن كليب قاضي صنعاء أنه أبرهة بن الصباح بن أبرهة بن الصباح )، وقال في موضع آخر: « إن أبرهة بن الصباح وفد على النبي . . وكذلك يأتي اسمه ‏في العديد من المصادر بلفظ أبرهة بن الصباح مما قد يشير إلى أن اسم أبيه كان شرحبيل الصباح – اسم ونعت ـ وذلك معهود في أسماء أقيال اليمن.

وقد أسلم أبرهة بن شرحبيل الصباح في اليمن عندما بعث رسول الله ﷺ جرير بن عبد الله البجلي إلى الحارث بن عبد كلال وسميفع ذي الكلاع الحميري وغيرهما من أقيال حمير في أواخر سنة ٨ هجرية، وكانت زوجة ذي الكلاع هي بنت القيل أبرهة بن شرحبيل الصباح، فلما أسلم ذو الكلاع قال لجرير : ـ كما جاء في الاستيعاب : ادخل إلى أم شرحبيل فوالله ما دخل عليها بعد أبي شرحبيل أحد قبلك، فدخل اليها جرير ودعاها إلى الإسلام فأسلمت.

قال القرطبي : وهي ضريبة بنت أبرهة بن الصباح الحميري (4) بينما جاء في الإكليل أن اسمها (كريبة)، هو الأصوب . والمقصود هنا أن أبرهة بن شرحبيل الصباح أسلم باليمن في تلك الفترة، ثم انطلق من مدينة موكل إلى رسول الله الله بالمدينة المنورة في السنة العاشرة للهجرة مع الذين وفدوا إلى رسول الله له من أقيال وفرسان حمير، فلما دخلوا إلى رسول الله الله بالمسجد النبوي ، فرش رسول الله ﷺ رداءه لأبرهة بن الصباح فجلس عليه، وكان ذلك تكريماً نبوياً نادر المثيل.

وفي ذلك جاء في ترجمته بكتاب الإصابة أنه : وفد على النبي ﷺ ففرش له رداءه»(5) وجاء في الإكليل عن بعض علماء العراق: «أن أبرهة بن الصباح وفد على النبي ﷺ ففرش له ثوبه ، وقال : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه، وهذا كريم قومه وذكر الهمداني عن القاضي يحيى بن كليب أن أبرهة بن الصباح : الوافد على رسول الله ، وحسن إسلامه، وهو ممن فرش له النبي ﷺ رداءه ، وقال : إذا أتاكم سيد قوم فأكرموه (6) .

وقد مكث أبرهة بن الصباح فترة في موكب رسول الله ﷺ بالمدينة المنورة، وكان معه اثنين من أبنائه هما أبو شمر بن أبرهة بن الصباح وكريب بن أبرهة بن الصباح، وهما من الصحابة، ثم عادوا إلى اليمن، وقد ذكر الهمداني عن القاضي يحيى بن كليب قاضي صنعاء أن أبرهة بن الصباح : روى عن النبي ﷺ أحاديث . أو كما جاء في الإصابة : كان يروى عن النبي له أحاديث. وقد يكون ذلك في اليمن أو الشام أو مصر .

المصادر

(۱) رجال حول الرسول – خالد محمد خالد – ص ٧٥٣ – وكتاب الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري – وكتاب الإمام علي لمحمد رضا.

(۲) تاريخ ابن خلدون – ج ٢ ص ٥٠.

(3) الإكليل للهمداني – ج ۸ –

(4) الاستيعاب -ص ٢٣٠.

(5) الإصابة في تمييز الصحابة – ابن حجر العسقلاني ـ جـا ص ٢١.

(6) الإكليل – – جـ ٢ ص ١٤٨ – ١٥٠.

‏•يمانيون في موكب الرسول محمد حسين الفرح ص444-446 ج1

‏ابو صالح العوذلي 2024

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك