أمير سرايا النبي وقاهر ملك باب الأبواب من أعلام الصحابة السابقين إلى الإسلام هو غالب بن عبد الله الكلبي أمير سرايا النبي .
قال القرطبي : وهو الذي بعثه الله ﷺ عام الفتح ليسهل له الطريق ، (١) وقال ابن حجر العسقلاني :(( قال : أحمد بن سيار : كان غالب بن عبد الله على مقدمة النبي الله يوم فتح مكة (٢) . وقال عنه بامطرف في كتاب الجامع : غالب بن عبد الله بن مسعر الكلبي : قائد، صحابي من الولاة، بعثه النبي ﷺ سنة ٥ هجرية في ستين راكباً إلى الحديد فظفر .. وبعثه عام الفتح ليسهل له الطريق إلى مكة …(3)
نسب غالب بن عبد الله الكلبي استهل العسقلاني ترجمة غالب بن عبد الله قائلاً: «قال البخاري له صحبة . ونسبه ابن الكلبي فقال : غالب بن عبد الله بن مسعر بن جعفر بن كلب بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة الكلبي ثم الليثي . وصحح أبو عمر بعد أن قال : غالب بن عبد الله وهو الأكثر ، ويقال ابن عبد الله الليثي ويقال الكلبي .. وقال الحاكم في مقدمة تاريخه : ومنهم أي من الصحابة غالب بن عبد الله بن فضالة بن عبد الله أحد بني ليث بن بكر .. ثم قال العسقلاني : وسياق نسبه من عند ابن الكلبي أصح فإنه أعرف بذلك من غيره وإنما أتى اللبس من ذكر فضالة في سياق نسبه وليس هو فيه. والله أعلم.
ولكن العسقلاني عاد فذكره باسم غالب بن عبد الله بن فضالة وكذلك ذكره الطبري (٢)، ولذلك يمكن أن يكون ابن الكلبي قد نسبه إلى جده الاشهر فقال غالب بن عبد الله بن مسعر، ومثل ذلك كثير في النسب، فيكون نسبه : غالب بن عبد الله بن فضالة بن عبد الله بن مسعر بن جعفر بن كلب بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث ( الليثي ) بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ( الكناني ) بن بكر بن عوف بن عدي بن زيد اللاة بن رفيده بن ثور بن كلب ( الكلبي ) . وقد كان غالب من نفس جيل الصحابي : دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن خزرج بن عامر بن بكر بن عامر بن عوف بن بكر بن عوف بن كعب بن عوف بن عامر بن عوف بن عدي بن زيد اللاة بن رفيدة بن ثور بن كلب الكلبي (١).
وقد كانت قبيلة كلب تسكن مع قبيلة خولان القضاعية الحميرية بمنطقة صعدة وما إليها من سروات أعالي اليمن، فقد ذكر الحسن بن أحمد الهمداني في كتاب الإكليل نبأ حرب قبلية وقعت في الجاهلية بين عشائر قبيلة همدان الساكنة في النصف الشرقي من لواء صعدة وبين عشائر خولان وكلب القضاعية في النصف الغربي من لواء صعدة، وإن ( عقيل بن مسعود الكلبي سيد قضاعة باليمن ) كان قائد خولان وكلب في تلك الحرب القبلية بصعدة (5) ، فذلك يدل على أن قبيلة كلب كانت تسكن في صعدة وما إليها من أعالي اليمن، وهي من مناطق اليمن التي أخذ الإسلام ينتشر فيها منذ وقت مبكر قبل الهجرة النبوية، ثم انطلق منها دخية بن خليفة الكلبي وغالب بن عبد الله الكلبي مهاجرين إلى رسول الله ﷺ بالمدينة المنورة .
غالب بن عبد الله الكلبي في موكب رسول الله ﷺ لم تذكر الروايات التاريخية وتراجم الصحابة زمن قدوم وهجرة غالب بن عبد الله الكلبي إلى المدينة المنورة، ولكنها ذكرت أن رسول الله ﷺ بعثه على رأس سرية من الصحابة سنة خمس هجرية، مما يدل علي أن قدومه كان سابقاً لذلك، فتأميره على سرية من الأنصار والمهاجرين – سنة ٥هـ ـ يتيح إدراك إنه كان قد قضى فترة من الزمن أثبتت وكشفت جدارته بتلك المرتبة، مما يرجح أن قدومه كان مع دخية بن خليفة الكلبي، قال الحافظ بن كثير : دحية الكلبي : صحابي جليل، أسلم قديماً، ولكن لم يشهد بدراً وشهد ما بعدها )(6) وقال العسقلاني في ترجمة دحية الكلبي : صحابي مشهور شهد أحد، ولم يشهد بدراً». وذلك يدل على أن قدومه وهجرته من اليمن في سنة ٣هـ لأن موقعة أحد – في شوال ٣هـ – ومنذ ذلك الوقت أخذ دخية بن خليفة الكلبي، وكذلك غالب بن عبد الله الكلبي، مكانهما في موكب رسول الله . ويمكن القول أن غالب بن عبد الله قد أبلى بلاء حسناً في السريتين اللتين بعثهما رسول الله ﷺ بقيادة زيد بن حارثة الكلبي للتصدي لعير قريش في منطقة القردة من مياه نجد. وهي منطقة تؤدي إلى فلجات الشام، فقد بعث رسول الله ﷺ زيداً في مائة راكب من الصحابة – بينهم غالب بن عبد الله – لاعتراض عير لقريش، قال ابن سيد الناس : وكان في عير قريش صفوان بن أمية، وحويطب بن عبد العزي، وعبد الله بن أبي ربيعة، ومعهم مال كثير وآنية فضة، وكان دليل غير قريش فرات بن حيان فاعترضهم زيد بن حارثة والذين معه، فأصابوا العير، وأفلت أعيان القوم، وأسر فرات بن حيان، وقدموا بالعير على رسول ﷺ فخمسها فبلغ الخمس عشرين ألف درهم. وقسم ما بقي على أهل السرية، وأسلم فرات بن حيان .. وكانت تلك الغزوة في جمادى الآخرة على رأس ثمانية وعشرين شهراً من الهجرة .
(7) وقد سلك ذلك الطريق – بعد موقعة أحد – (تجار من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب ومعه فضة كثيرة، وهي عظم تجارة قريش). قال ابن هشام : فلقيهم زيد بن حارثة على ذلك الماء فأصاب العير – أي القافلة – وما فيها، وأعجزه الرجال – لأنهم أفلتوا – فَقَدِم زيد بالقافلة وما فيها على رسول الله ﷺ فقال حسان بن ثابت الأنصاري، بعد أحد، يؤنب قريشاً لأخذهم تلك الطريق – بل يحذرهم من سلوكها : دَعُوا فَلَجَاتِ الشَّامُ قَدْ حَالَ دُونَهَا جلاد كأفْوَاءِ الْمَخَاضِ الأَوَارِك بأيدي رِجالٍ هَاجَرُوا نَحْوَ رَبِّهِمْ وَأَنْصَارِهِ حقاً وأيدي الملائك
سرية غالب – الأولى – إلى الكديد في سنة خمس للهجرة بعث رسول الله ﷺ سرية من الصحابة بقيادة غالب بن عبد الله الكلبي لغزو الكفار في منطقة الكديد ( بضم الكاف وكسر الدال بعده ياء، أو بضم الكاف وفتح الدال وسكون الياء على التصغير)، قال ياقوت الحموي في معجم البلدان : ( الكديد : موضع على – مسافة – اثنين وأربعين ميلاً من مكة ) .
ثم تولى غالب بن عبد الله قيادة سرية إلى نفس منطقة الكديد في صفر سنة هـ – قبل فتح مكة بثمانية أشهر – ولم تميز الروايات بين السريتين – أو الغزوتين – تمييزاً كافياً، إلا أن سرية غالب إلى الكديد سنة ٥هـ كانت محدودة العدد والهدف وقد ذكرتها الروايات بإيجاز يتناسب مع ذلك، فجاء في كتاب الجامع إنه : بعث النبي ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي سنة ٥ هجرية في ستين راكباً إلى الكديد، فظفر (9) . وقال القرطبي في كتاب الاستيعاب : بعث النبي ﷺ غالب بن عبد الله في ستين راكباً إلى بني الملوح بالكديد، وأمره أن يُغير عليهم، فخرج. فقال جندب بن مالك : كنت في سرية غالب فقتلنا، واسْتَقْنا النعم. وذلك عند أهل السير في سنة خمس للهجرة (9).
وفي ذي القعدة سنة ٥هـ تعرضت المدينة المنورة لغزوة الخندق حيث غزت قريش والذين تحزبوا معها من قبائل نجد والحجاز المدينة المنورة وحاصروها وقد ساهم غالب بن عبد الله ودحيه بن خليفة في الدفاع عن المدينة وحراستها في إطار القوة التي جعلها رسول الله ﷺ بقيادة زيد بن حارثة الكلبي، إذ أنه كان رسول الله ﷺ يبعث سلمة بن أسلم الأنصاري في مائتي رجل، وزيد بن حارثة في ثلاثمائة رجل يحرسون المدينة ويُظهرون التكبير، وذلك إنه كان يخاف على الذراري من بني قريظة (10).
فكان دحية بن خليفة الكلبي وغالب بن عبد الله الكلبي وحمل بن سعدانة الكلبي وغيرهم من فرسان ورجال كلب وقضاعة مع زيد بن حارثة في الدفاع عن المدينة وحراستها، وكان سعد بن معاذ الأنصاري يتمثل في غزوة الخندق بقول حمل بن سعدانة الكلبي : ليت قليلاً يدرك الهيجاء حمل لا بأس بالموت إذا حان الأجل فأصيب سعد بن معاذ بسهم واستشهد رضي الله عنه، وأخذت الرياح العاصفة تهز قريشاً والذين معهم فانسحبوا راجعين إلى مكة وغيرها من مناطقهم، وكفى الله المؤمنين شر القتال. ثم شهد غالب بن عبد الله ودحية بن خليفة غزو وفتح بني قريظة مع رسول الله ﷺ وما تلى ذلك من المشاهد حتى صلح الحديبية وفتح خيير .سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة في نجد وفي سنة 7هـ بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي على رأس مائة وثلاثين من الصحابة لغزو بني عوال وبني عبد بن ثعلبه بمنطقة الميفعة في نجد. وقد ذكر ابن سيد الناس ذلك في عيون الأثر بعنوان سرية غالب بن عبد الله الليثي الكلبي إلى الميفعة فقال : في رمضان سنة ٧ هـ بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله إلى بني عوال – بضم العين – وبني عبد ابن ثعلبة، وهم بالميفعة وهي وراء بطن نخل إلى النخرة قليلاً بناحية نجد، وبينها وبين المدينة ثمانية برد . بَعَثَهُ في مائة وثلاثين رجلاً، ودليلهم يسار مولى رسول الله ﷺ ، فاجتاح غالب بن عبد الله بشريته تلك المنطقة من نجد، فتصدى لهم بنو عوال وبنو عبد بن ثعلبة المشركون، قال ابن سيد الناس : فهجمت عليهم سرية غالب، فقتلوا من أشراف لهم .. وفي هذه السرية قتل أسامة بن زيد الرجل الذي قال لا إله إلا الله … وذلك أن المشركين لما أحاقت بهم الهزيمة وأثناء المعركة هزم أسامة بن زيد بن حارثة رجلاً منهم فلما غشاء قال الرجل : لا إله إلا الله، فطعنه أسامة فقتله وهو يدرك أنه قال ذلك متعوذاً، فلما تم الفتح والنصر عاد غالب وسريته بالغنائم إلى المدينة المنورة، فعلم رسول الله ﷺ بأمر ذلك الرجل، فذكر البخاري ( أن رسول الله ﷺ قال : يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ فقال أسامة : إنما كان متعوذاً ..) وذكر ابن سيد الناس إنه ( قال النبي ﷺ لأسامة : هلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب ..) وذكر البغوي ( أن رسول الله ﷺ استغفر بعد الأسامة ثلاث مرات، وقال له : أعتق رقبة. ففعل). وذكر ابن هشام أن ذلك في غزوة غالب لبني مرة كما سيأتي . وفي ذي القعدة 7هـ توجه رسول الله ﷺ إلى مكة لأداء العمرة بموجب ما عاقد عليه قريشاً في صلح الحديبية. فدخل رسول الله ﷺ مكة في ألفين من الصحابة فاعتمروا وطافوا بالبيت، ولم تسمح لهم قريش بالبقاء إلا ثلاثة أيام بموجب صلح الحديبية فأتموا عُمرتهم وعادوا إلى المدينة – في ذي الحجة 7هـ .. سرية غالب إلى الكديد بأعالي الحجاز ثم بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي على رأس سرية من الصحابة لغزو بني الملوّح بمنطقة الكديد الواقعة على مسافة اثنين وأربعين ميلاً من مكة – في أعالي الحجاز – قال ابن سيد الناس : ( قال ابن سعد : سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوّح بالكديد في صفر سنة ثمان للهجرة).
وقد ذكر ابن حجر العسقلاني نبأ تلك السرية في مسند أحمد من طريق الصحابي مسلم بن عبد الله الجهني قال : بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي إلى بني الملوح بالكديد، وأمره أن يُغير عليهم، فخرج، وكنتُ في سريته، فمضينا حتى إذا كنا بقديد، لقينا – الحرث بن مالك بن البرصاء، فأخذناه، فقال إنما جئت مسلماً. فذكر الحديث. وكذا أخرجه أبو نعيم ..»[اهـ] .
وجاء نبأ تلك السرية في السيرة النبوية لابن هشام من طريق الصحابي
جندب بن مكيث الجهني قال : بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي في سَرِيَّة كنتُ فيها، وأمَرَهُ أن يَشُنَّ الغارة على بني الملوّح، وهم بالكديد، فخرجنا حتى إذا كنا بقديد لقينا الحرث بن مالك، وهو ابن البرصاء فأخذناه، فقال : إني جئت أريد الإسلام ما خرجت إلا إلى رسول الله ﷺ فَقُلنا له : إن تك مسلماً فلن يضيرك رباط ليله، وإن تك على غير ذلك كُنَّا قد استوثقنا منك (11). فأمر غالب رجلاً من أصحابه بأن يشد وثاق الحرث بن البرصاء وحراسته. وقال له : إن عازكَ فاحْتَز رأسه .
أي إن غالبكَ أو قاومك – ومنه قول القرآن الكريم ﴿ وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ [ ص: ٢٣] أي : غلبني . وترك غالب بن عبد الله الحرث بن البرصاء مقيداً مع الرجل الذي يحرسه بمنطقة قديد، وذلك تحوطاً من إن يقوم الحرث بتحذير بني الملوح، ثم سار غالب بن عبد الله بالسرية حتى وصل منطقة الكديد عند غروب الشمس فكمن عند الوادي وبعث واحداً من أصحابه ربيئة – أي طليعة – يستطلع خبر القوم، وهو الصحابي جندب بن مكيث الجهني القضاعي الحميري. قال جندب : فخرجت حتى أتيت تلاً مشرفاً على الحاضر – أي مدينتهم – يُطلعني عليهم، حتى إذا صعدت فيه علوت على رأسه ثم إضطجعت عليه، فإني لأنظر إذ خرج رجل منهم من خباء – أي خيمة – له فقال لإمرأته : إني لأنظر على هذا التل سواداً ما رأيته أول يومي هذا، فانظري إلى أوعيتك لا تكون الكلاب جرت منها شيئاً، فنظرت فقالت : والله ما أفقد من أوعيتي شيئاً، قال: فناوليني قوسي ونبلي، فناولته قوسه و سهمين معها. قال جندب : فأرسل الرجل سهماً فوالله ما أخطأ بين عيني فانتزعته فوضعته، ثم أرسل آخر فوضعه في منكبي فانتزعته فوضعته، وثبت مكاني. فقال الرجل لامرأته : والله لو كان ربيئة لقد تحركت بعد والله لقد خالطها سهمان لا أبا لك، فإذا أصبحت فانظريهما لا تمضغهما الكلاب. ثم دخل، وراحت الماشية من إبلهم وأغنامهم، فلما احتلبوا اطمأنوا فناموا ) (12). ورجع جندب إلى غالب بن عبد الله وأخبره بالخبر، فأثنى على بطولته. وتمهل غالب حتى كان وقت السحر، فشن عليهم الغارة.
قال ابن هشام: وكان شعار أصحاب رسول الله ﷺ في تلك الليلة : أمت أمت (13) والمقصود بأن ذلك شعارهم : أي علامتهم التي يعرف بها بعضهم بعضاً. ونجحت الغارة وأحيط ببني الملوح، فأمر غالب بالكف عن القتال، لأنه يريدهم أن يسلموا أو يستسلموا، وساق أصحاب غالب الإبل والمواشي – النعم ، ثم فوجئوا بأن أحد بني الملوح كان قد خرج واستصرخ قبيلة مجاوره، فجاؤوا بجمع كثيف، وعلم غالب بذلك قبل قدومهم – لأنه كان قد وضع مراقبين في الجبل فأتوه بالخبر – فلم يتعرض غالب لبني الملوح، وأمر أصحابه فساقوا النعم ومضى بهم غالب عائداً إلى قديد، قمر بالحرث بن البرصاء والذي معه، فأصطحبهما قاصداً العودة إلى المدينة، فإذا بالقوم قد أدركوهم حتى قربوا منهم، فما بينهم وبين غالب وأصحابه إلا وادي قديد، قال جندب : فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى من غير سحابة نراها ولا مطر، فجاء بشيء ليس لأحد به قوة، ولا يقدر أحد أن يجاوزه فوقفوا ينظرون إلينا وإنا لنسوق نَعَمَهُم، ما يستطيع منهم رجل أن يجيز إلينا ونحن نخدوها سراعاً حتى فتناهم وقال راجز من المسلمين وهو يحدوها :
أبي أبو القاسم: أن تعربي (14) في حضِلٍ نَبَاتُهُ مُغْلَوْلِبٍ (15) صُفْرٍ أَعَالِيهِ كَلَوْنِ المُذْهَبِ قال ابن هشام : ويروى : (كلون الذهب ) .
فَقَدَمَ غالب بن عبد الله وسريته بالنصر والغنائم إلى النبي ﷺ بالمدينة المنورة، وأسلم الحرث بن البرصاء، ثم ما لبث إن أسلم بنو الملوّح بعد ذلك بأمد يسير، وهم من عشائر قضاعة اليمانية بتلك الجهات .
سرية غالب بن عبد الله .. إلى فَدَكَ
بعد رجوع غالب بن عبد الله الكلبي من سريته إلى الكديد – في صفر سنة هـ – بعثه رسول الله ﷺ على رأس مائتي فارس من الأنصار والمهاجرين لفتح فدك وضواحيها. وفدك قرية بينها وبين المدينة يومان أو ثلاثة. وقد ذكرت كتب التاريخ والسيرة النبوية والتفاسير إن فدك أفأها الله على النبي ﷺ صلحاً في سنة 7 هجرية ولكن ما حدث في شعبان هـ يتيح إدراك أن أهل فدك لم يلتزموا بذلك الصلح أو نقضوه.
وفي ذلك جاء في عيون الأثر أنه: «بعث رسول الله ﷺ بشير بن سعد الأنصاري في ثلاثين رجلاً إلى فدك في شعبان سنة سبع، فلقى بشير بن سعد رعاء الشاء، فسأل عن الناس، فقيل في بواديهم، فاستاق النَّعَم وانحدر إلى المدينة، فخرج الصريخ فأخبر أهل فدك، فأدركه الدهم – أي العدد الكثير – منهم عند الليل، فباتوا يرمونهم بالنبل حتى فنيت نبل أصحاب بشير . وقاتل بشير حتى ارتث وضرب كعبه وقيل قد مات، ورجعوا – أي أهل فدك – بنعمهم وشائهم، وقدم علبة بن زيد الحارثي بخبرهم على رسول الله ﷺ، ثم قدم من بعده بشير بن سعد. ، وذلك لأن بشير بن سعد لم يقتل وإنما ارتث : أي جرح ونقل من المعركة وهو ضعيف ومصاب بجروح بالغة كما أصيب بقية الذين كانوا معه. وبذلك أصبحت فدك دار حرب، وقد كانت هناك أمور كثيرة أهم من فدك وأهلها، فرؤي تأجيل أمر فدك، ربما إلى ما بعد أداء عُمرة القضاء حيث سار النبي ﷺ والذين معه إلى مكة وأدوا العمرة بموجب اتفاق صلح الحديبية ورجعوا (16) إلى المدينة في ذي القعدة أو ذي الحجة 7هـ .ولما بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي إلى الكديد – في صفر ستة ٨هـ – قام رسول الله ﷺ بتهيئة سرية لغزو وفتح فدك. وفي ذلك جاء في عيون الأثر أنه : هيأ رسول الله له الزبير بن العوام وقال له : سر حتى تنتهي إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد – بفدك – فإن ظفرك الله بهم فلا تبق فيهم، وهي معه مائتي رجل، وعقد له لواء .
فقدم غالب بن عبد الله من الكديد من سرية قد ظفره الله عليهم ، فقال رسول الله ﷺ للزبير : اجلس وبعث غالب بن عبد الله في مائتي رجل – إلى فدك – وهي سرية غالب بن عبد الله إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك في صفر سنة ثمان (17) . وكذلك جاء في ترجمة ( غالب بن عبد الله الكلبي) بكتاب الجامع إنه بعثه النبي سنة ٨ هجرية، ومعه مئتي مقاتل إلى فدك .. (18) . وكان المئتا مقاتل من الصحابة وقد ذكر ابن سيد الناس أنه خرج مع غالب في هذه السرية : عقبة بن عمرو أبو مسعود، وكعب بن عجرة، وأسامة بن زيد بن حارثة، وعلبة بن زيد الحارثي، وأبو سعيد الخدري . فهجم غالب بن عبد الله وسريته على أهل فدك الكفار، قال ابن سيد الناس : فأصابوا منهم نعماً، وقتلوا منهم قتلى وقال ابن عباس : ( فأخذها غالب عنوة) أي فتح فدك عنوة . وجاء في كتاب الإصابة للعسقلاني : قال ابن عباس في قوله تعالى : ما أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ﴾ [الحشر : ٧] أن القرى قريظة والنضير وفدك وخيبر وقرى عرينة. قال : أما قريظة والنظير فإنهما بالمدينة، وأما فدك فإنها على رأس ثلاثة أميال منهم، فبعث إليهم النبي ﷺ جيشاً عليهم غالب – بن عبد الله ـ بن فضالة فأخذها عنوة (19) .وكان فتح غالب لفدك وضواحيها في آخر صفر – أو في ربيع أول – سنة ٨ هجرية .
سرية غالب إلى بني مرة وذكر ابن هشام في السيرة النبوية بعد غزوة مؤته ) التي استشهد فيها أميرها زيد بن حارثة الكلبي، وكانت مؤته في جمادى الأول سنة ٨ هجرية؛ ذكر ابن هشام بعدها «غزوة غالب بن عبد الله أرض بني مرة . وفي ذلك قال ابن هشام ما يلي نصه : «قال ابن إسحاق : وعزوة غالب بن عبد الله الكلبي . كلب ليث، أرض بني مرة، فأصاب بها مرداس بن نهيك حليفاً لهم من الحرقة من جهينة، قتله أسامة بن زيد ورجل من الأنصار . قال ابن هشام : الحرقة – بفتح الراء – فيما حدثني أبو عبيدة . . قال ابن إسحاق : وكان من حديثه عن أسامة بن زيد قال : أدركته أنا ورجل من الأنصار، فلما شَهَرْنَا عليه السلاح قال : أشهد أن لا إله إلا الله، فلم ينزع عنه حتى قتلناه، فلما قدمنا على رسول الله ﷺ أخبرناه خبره، فقال : يَا أَسَامَهُ مَنْ لَكَ بلا إله إلا الله . قُلتُ : يا رسول الله إنه إنما قالها تعوذاً بها من القتل . قال : (فَمَنْ لك بها يا أسامة ) . قال أسامة : فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى لوددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن، وأني كنت أسلمتُ يومئذ، وأني لم أقتله . قال : قلت : أنظرني يا رسول الله إني أعاهد الله أن لا أقتل رجلاً يقول لا إله إلا الله أبداً. قال : تقولُ بعدي يا أسامة. قال : قُلتُ بعدك يا رسول الله (20) . قال البغوي : « ثم أن رسول الله ﷺ استغفر بعد لأسامة ثلاث مرات وقال له : أعتق رقبة (21) وكان مع غالب بن عبد الله في تلك السرية إلى بني مرة : أسامة بن زيد، وعقبة بن عمرو الأنصاري أبو مسعود، وكعب بن عجرة، وعلبة بن زيد بن حارثة الأنصاري، وحويصة أبو إبراهيم. قال ابن سيد الناس : أنبأنا محمد بن عمر، قال : حدثني شبل بن العلاء بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن حويصة عن أبيه قال : بعثني رسول الله ﷺ في سرية مع غالب بن عبد الله إلى بني مرة، فأغرنا عليهم من الصبح. وقد أوعز إلينا أميرنا – غالب – أن لا نفترق ، وَوَاحَى بيننا، وقال : لا تعصوني فإن رسول الله ﷺ قال : ( من أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني ) وإنكم متى ما تعصوني فإنكم تعصون نبيكم. قال حويصة : فأخى بيني وبين أبي سعيد الخدري . قال : فأصبنا القوم (21) .وعاد غالب بن عبد الله من تلك الغزوة بالنصر والظفر والغنائم، كما هو الحال في كل السرايا التي كان غالب أميرها – منذ سنة ٥ هجرية – ولذلك اختاره رسول الله ﷺ أميراً لسرية فتح فدك بدلاً عن الزبير بن العوام – في صفر سنة ٨هـ ـ فافتتح فدك وعاد بالنصر، وكذلك في سريته إلى بني مرة وهي من آخر السرايا التي بعثها النبي ﷺ قبل فتح مكة .
غالب .. وفرسان كلب .. في فتح مكة وكان غالب بن عبد الله الكلبي قائد طليعة جيش رسول الله ﷺ يوم سار من المدينة لفتح مكة في ۱۰ رمضان ۸ هجرية . وفي ذلك قال القرطبي في ترجمة غالب بن عبد الله بكتاب الاستيعاب : وهو الذي بعثه رسول الله ﷺ عام الفتح ليسهل له الطريق» (22). وجاء في ترجمة غالب بن عبد الله الكلبي بكتاب الجامع : بعثه رسول الله ﷺ عام الفتح ليسهل له الطريق إلى مكة، ويكون عيناً له (22). فسار غالب والفرسان الذين معه، فوجد في الطريق إبلاً ومواشي كثيرة . ربما العشائر من حلفاء قريش، فسيطر عليها حتى يشرب من لبنها المسلمون. وفي ذلك قال ابن حجر العسقلاني في ترجمة غالب بكتاب الإصابة: أخرج البخاري في تاريخه والبغوي من طريق عمار بن سعد عن قطن بن عبد الله الليثي عن غالب بن عبد الله، قال : بعثني النبي ﷺ عام الفتح بين يديه لأسهل له الطريق ولأكون له عيناً، فلقيني على الطريق لقاح بني كنانة، وكانت نحواً من ستة آلاف لقحه. وإن النبي ﷺنزل، فَحُلِبَتْ له، فجعل يدعو الناس إلى الشراب، فَمَنْ قال : إني صائم، قال : هؤلاء العاصون» (23) ثم تقدم رسول الله ﷺ لفتح مكة، وقد كان الأوس والخزرج – الأنصار – يمثلون القوة الرئيسية الأولى في جيش الفتح، وكانت قبيلة خزاعة اليمانية هي القوة الرئيسية الثانية وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح عمران بن حصين الخزاعي رضي الله عنه، بينما كان فرسان كلب وغيرهم من عشائر وقبائل قضاعة الحميرية هم القوة الرئيسية الثالثة، وذلك أن الكثير من قبائل كلب وجرم ونهد القضاعية . بلواء صعداء – كانوا قد أسلموا وقدموا مهاجرين إلى النبي ﷺ بالمدينة سنة 7هـ ، وكذلك أسلمت قبائل كلب وجهينة وبلي وبهراء القضاعية الحميرية التي كانت تسكن في غرب الحجاز وشمالها من ينبع إلى وادي القرى ودومة الجندل، وقد سلف تبيين ذلك في المبحث الخاص بالصحابي دخية بن خليفة الكلبي والصحابي المقداد بن عمرو البهراني، فلما سار رسول الله ﷺ لفتح مكة كان فرسان کلب وغيرهم من قبائل قضاعة لا يقل عددهم عن ألف رجل في جيش الفتح من بينهم أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، وحمل بن سعد إنه الكلبي، ودخية بن خليفة الكلبي، والمقداد بن عمرو البهراني، وعقبة بن عامر الجهني قال ابن خلدون : ومن بلي جماعة من مشاهير الصحابة منهم : كعب بن عجرة، وخديج بن سلامة، وسهل بن رافع، وأبو بردة بن نيار. ومن بهراء جماعة من الصحابة أيضاً منهم المقداد بن عمرو (24) ومن كلب أيضاً : قطن بن حارثة الكلبي، وعمرو بن جبلة الكلبي، وبكير بن عبد الله الليثي، وأمثالهم من الصحابة رضي الله عنهم، وقد كان أسامة بن زيد بن حارثة رديف رسول الله ﷺ يوم فتح مكة) بينما كان غالب بن عبد الله قائد فرسان كلب وقضاعة وقائد مقدمة جيش رسول الله ﷺ وفي ذلك ذكر العسقلاني عن أحمد بن سيار قال : كان غالب بن عبد الله الكلبي على مقدمة النبي ﷺ يوم الفتح (25) . وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان للهجرة. ولم يزل غالب بن عبد الله من الصحابة المجاهدين مع رسول الله ﷺ حتى غزوة تبوك – في رجب 9 هـ – ثم رجع إلى منطقته باليمن فأقام بها حتى انطلق مع الصحابة والفرسان الذين انطلقوا لجهاد الإمبراطورية الفارسية بالعراق . الكديد سنة ٥هـ كانت محدودة العدد والهدف وقد ذكرتها الروايات بإيجاز يتناسب مع ذلك، فجاء في كتاب الجامع إنه : بعث النبي ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي سنة ٥ هجرية في ستين راكباً إلى الكديد، فظفر (9) . وقال القرطبي في كتاب الاستيعاب : بعث النبي ﷺ غالب بن عبد الله في ستين راكباً إلى بني الملوح بالكديد، وأمره أن يُغير عليهم، فخرج. فقال جندب بن مالك : كنت في سرية غالب فقتلنا، واسْتَقْنا النعم. وذلك عند أهل السير في سنة خمس للهجرة (9). وفي ذي القعدة سنة ٥هـ تعرضت المدينة المنورة لغزوة الخندق حيث غزت قريش والذين تحزبوا معها من قبائل نجد والحجاز المدينة المنورة وحاصروها وقد ساهم غالب بن عبد الله ودحيه بن خليفة في الدفاع عن المدينة وحراستها في إطار القوة التي جعلها رسول الله ﷺ بقيادة زيد بن حارثة الكلبي، إذ أنه كان رسول الله ﷺ يبعث سلمة بن أسلم الأنصاري في مائتي رجل، وزيد بن حارثة في ثلاثمائة رجل يحرسون المدينة ويُظهرون التكبير، وذلك إنه كان يخاف على الذراري من بني قريظة (10). فكان دحية بن خليفة الكلبي وغالب بن عبد الله الكلبي وحمل بن سعدانة الكلبي وغيرهم من فرسان ورجال كلب وقضاعة مع زيد بن حارثة في الدفاع عن المدينة وحراستها، وكان سعد بن معاذ الأنصاري يتمثل في غزوة الخندق بقول حمل بن سعدانة الكلبي : ليت قليلاً يدرك الهيجاء حمل لا بأس بالموت إذا حان الأجل فأصيب سعد بن معاذ بسهم واستشهد رضي الله عنه، وأخذت الرياح العاصفة تهز قريشاً والذين معهم فانسحبوا راجعين إلى مكة وغيرها من مناطقهم، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
ثم شهد غالب بن عبد الله ودحية بن خليفة غزو وفتح بني قريظة مع رسول الله ﷺ وما تلى ذلك من المشاهد حتى صلح الحديبية وفتح خيير .سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة في نجد وفي سنة 7هـ بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي على رأس مائة وثلاثين من الصحابة لغزو بني عوال وبني عبد بن ثعلبه بمنطقة الميفعة في نجد. وقد ذكر ابن سيد الناس ذلك في عيون الأثر بعنوان سرية غالب بن عبد الله الليثي الكلبي إلى الميفعة فقال : في رمضان سنة ٧ هـ بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله إلى بني عوال – بضم العين – وبني عبد ابن ثعلبة، وهم بالميفعة وهي وراء بطن نخل إلى النخرة قليلاً بناحية نجد، وبينها وبين المدينة ثمانية برد . بَعَثَهُ في مائة وثلاثين رجلاً، ودليلهم يسار مولى رسول الله ﷺ ، فاجتاح غالب بن عبد الله بشريته تلك المنطقة من نجد، فتصدى لهم بنو عوال وبنو عبد بن ثعلبة المشركون، قال ابن سيد الناس : فهجمت عليهم سرية غالب، فقتلوا من أشراف لهم .. وفي هذه السرية قتل أسامة بن زيد الرجل الذي قال لا إله إلا الله وذلك أن المشركين لما أحاقت بهم الهزيمة وأثناء المعركة هزم أسامة بن زيد بن حارثة رجلاً منهم فلما غشاء قال الرجل : لا إله إلا الله، فطعنه أسامة فقتله وهو يدرك أنه قال ذلك متعوذاً، فلما تم الفتح والنصر عاد غالب وسريته بالغنائم إلى المدينة المنورة، فعلم رسول الله ﷺ بأمر ذلك الرجل، فذكر البخاري ( أن رسول الله ﷺ قال : يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ فقال أسامة : إنما كان متعوذاً ) وذكر ابن سيد الناس إنه ( قال النبي ﷺ لأسامة : هلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب ) وذكر البغوي ( أن رسول الله ﷺ استغفر بعد الأسامة ثلاث مرات، وقال له : أعتق رقبة ففعل).
وذكر ابن هشام أن ذلك في غزوة غالب لبني مرة كما سيأتي . وفي ذي القعدة 7هـ توجه رسول الله ﷺ إلى مكة لأداء العمرة بموجب ما عاقد عليه قريشاً في صلح الحديبية. فدخل رسول الله ﷺ مكة في ألفين من الصحابة فاعتمروا وطافوا بالبيت، ولم تسمح لهم قريش بالبقاء إلا ثلاثة أيام بموجب صلح الحديبية فأتموا عُمرتهم وعادوا إلى المدينة – في ذي الحجة 7هـ ..
سرية غالب إلى الكديد بأعالي الحجاز ثم بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي على رأس سرية من الصحابة لغزو بني الملوّح بمنطقة الكديد الواقعة على مسافة اثنين وأربعين ميلاً من مكة – في أعالي الحجاز – قال ابن سيد الناس : ( قال ابن سعد : سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوّح بالكديد في صفر سنة ثمان للهجرة).
وقد ذكر ابن حجر العسقلاني نبأ تلك السرية في مسند أحمد من طريق الصحابي مسلم بن عبد الله الجهني قال : بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي إلى بني الملوح بالكديد، وأمره أن يُغير عليهم، فخرج، وكنتُ في سريته، فمضينا حتى إذا كنا بقديد، لقينا – الحرث بن مالك بن البرصاء، فأخذناه، فقال : إنما جئت مسلماً. فذكر الحديث. وكذا أخرجه أبو نعيم [اهـ] . وجاء نبأ تلك السرية في السيرة النبوية لابن هشام من طريق الصحابي
جندب بن مكيث الجهني قال : بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي في سَرِيَّة كنتُ فيها، وأمَرَهُ أن يَشُنَّ الغارة على بني الملوّح، وهم بالكديد، فخرجنا حتى إذا كنا بقديد لقينا الحرث بن مالك، وهو ابن البرصاء فأخذناه، فقال : إني جئت أريد الإسلام ما خرجت إلا إلى رسول الله ﷺ فَقُلنا له : إن تك مسلماً فلن يضيرك رباط ليله، وإن تك على غير ذلك كُنَّا قد استوثقنا منك ) (11). فأمر غالب رجلاً من أصحابه بأن يشد وثاق الحرث بن البرصاء وحراسته. وقال له : إن عازكَ فاحْتَز رأسه .
– أي إن غالبكَ أو قاومك – ومنه قول القرآن الكريم ﴿ وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ [ ص: ٢٣] أي : غلبني . وترك غالب بن عبد الله الحرث بن البرصاء مقيداً مع الرجل الذي يحرسه بمنطقة قديد، وذلك تحوطاً من إن يقوم الحرث بتحذير بني الملوح، ثم سار غالب بن عبد الله بالسرية حتى وصل منطقة الكديد عند غروب الشمس فكمن عند الوادي وبعث واحداً من أصحابه ربيئة – أي طليعة – يستطلع خبر القوم، وهو الصحابي جندب بن مكيث الجهني القضاعي الحميري. قال جندب : فخرجت حتى أتيت تلاً مشرفاً على الحاضر – أي مدينتهم – يُطلعني عليهم، حتى إذا صعدت فيه علوت على رأسه ثم إضطجعت عليه، فإني لأنظر إذ خرج رجل منهم من خباء – أي خيمة – له فقال لإمرأته : إني لأنظر على هذا التل سواداً ما رأيته أول يومي هذا، فانظري إلى أوعيتك لا تكون الكلاب جرت منها شيئاً، فنظرت فقالت : والله ما أفقد من أوعيتي شيئاً، قال: فناوليني قوسي ونبلي، فناولته قوسه و سهمين معها. قال جندب : فأرسل الرجل سهماً فوالله ما أخطأ بين عيني فانتزعته فوضعته، ثم أرسل آخر فوضعه في منكبي فانتزعته فوضعته، وثبت مكاني. فقال الرجل لامرأته : والله لو كان ربيئة لقد تحركت بعد والله لقد خالطها سهمان لا أبا لك، فإذا أصبحت فانظريهما لا تمضغهما الكلاب. ثم دخل، وراحت الماشية من إبلهم وأغنامهم، فلما احتلبوا اطمأنوا فناموا ) (12). ورجع جندب إلى غالب بن عبد الله وأخبره بالخبر، فأثنى على بطولته. وتمهل غالب حتى كان وقت السحر، فشن عليهم الغارة. قال ابن هشام: وكان شعار أصحاب رسول الله ﷺ في تلك الليلة : أمت أمت (13) والمقصود بأن ذلك شعارهم : أي علامتهم التي يعرف بها بعضهم بعضاً. ونجحت الغارة وأحيط ببني الملوح، فأمر غالب بالكف عن القتال، لأنه يريدهم أن يسلموا أو يستسلموا، وساق أصحاب غالب الإبل والمواشي – النعم ، ثم فوجئوا بأن أحد بني الملوح كان قد خرج واستصرخ قبيلة مجاوره، فجاؤوا بجمع كثيف، وعلم غالب بذلك قبل قدومهم – لأنه كان قد وضع مراقبين في الجبل فأتوه بالخبر – فلم يتعرض غالب لبني الملوح، وأمر أصحابه فساقوا النعم ومضى بهم غالب عائداً إلى قديد، قمر بالحرث بن البرصاء والذي معه، فأصطحبهما قاصداً العودة إلى المدينة، فإذا بالقوم قد أدركوهم حتى قربوا منهم، فما بينهم وبين غالب وأصحابه إلا وادي قديد، قال جندب : فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى من غير سحابة نراها ولا مطر، فجاء بشيء ليس لأحد به قوة، ولا يقدر أحد أن يجاوزه فوقفوا ينظرون إلينا وإنا لنسوق نَعَمَهُم، ما يستطيع منهم رجل أن يجيز إلينا ونحن نخدوها سراعاً حتى فتناهم ) وقال راجز من المسلمين وهو يحدوها : أبي أبو القاسم: أن تعربي (14) في حضِلٍ نَبَاتُهُ مُغْلَوْلِبٍ (15) صُفْرٍ أَعَالِيهِ كَلَوْنِ المُذْهَبِ قال ابن هشام : ويروى : (كلون الذهب ) . فَقَدَمَ غالب بن عبد الله وسريته بالنصر والغنائم إلى النبي ﷺ بالمدينة المنورة، وأسلم الحرث بن البرصاء، ثم ما لبث إن أسلم بنو الملوّح بعد ذلك بأمد يسير، وهم من عشائر قضاعة اليمانية بتلك الجهات .
سرية غالب بن عبد الله .. إلى فَدَكَ بعد رجوع غالب بن عبد الله الكلبي من سريته إلى الكديد – في صفر سنة هـ – بعثه رسول الله ﷺ على رأس مائتي فارس من الأنصار والمهاجرين لفتح فدك وضواحيها. وفدك قرية بينها وبين المدينة يومان أو ثلاثة. وقد ذكرت كتب التاريخ والسيرة النبوية والتفاسير إن فدك أفأها الله على النبي ﷺ صلحاً في سنة 7 هجرية ولكن ما حدث في شعبان هـ يتيح إدراك أن أهل فدك لم يلتزموا بذلك الصلح أو نقضوه.
وفي ذلك جاء في عيون الأثر أنه: «بعث رسول الله ﷺ بشير بن سعد الأنصاري في ثلاثين رجلاً إلى فدك في شعبان سنة سبع، فلقى بشير بن سعد رعاء الشاء، فسأل عن الناس، فقيل في بواديهم، فاستاق النَّعَم وانحدر إلى المدينة، فخرج الصريخ فأخبر أهل فدك، فأدركه الدهم – أي العدد الكثير – منهم عند الليل، فباتوا يرمونهم بالنبل حتى فنيت نبل أصحاب بشير . وقاتل بشير حتى ارتث وضرب كعبه وقيل قد مات، ورجعوا – أي أهل فدك – بنعمهم وشائهم، وقدم علبة بن زيد الحارثي بخبرهم على رسول الله ﷺ، ثم قدم من بعده بشير بن سعد. ، وذلك لأن بشير بن سعد لم يقتل وإنما ارتث : أي جرح ونقل من المعركة وهو ضعيف ومصاب بجروح بالغة كما أصيب بقية الذين كانوا معه. وبذلك أصبحت فدك دار حرب، وقد كانت هناك أمور كثيرة أهم من فدك وأهلها، فرؤي تأجيل أمر فدك، ربما إلى ما بعد أداء عُمرة القضاء حيث سار النبي ﷺ والذين معه إلى مكة وأدوا العمرة بموجب اتفاق صلح الحديبية ورجعوا (16) إلى المدينة في ذي القعدة أو ذي الحجة 7هـ .
ولما بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي إلى الكديد – في صفر ستة ٨هـ – قام رسول الله ﷺ بتهيئة سرية لغزو وفتح فدك. وفي ذلك جاء في عيون الأثر أنه : هيأ رسول الله له الزبير بن العوام وقال له : سر حتى تنتهي إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد – بفدك – فإن ظفرك الله بهم فلا تبق فيهم، وهي معه مائتي رجل، وعقد له لواء . فقدم غالب بن عبد الله من الكديد من سرية قد ظفره الله عليهم ، فقال رسول الله ﷺ للزبير : اجلس وبعث غالب بن عبد الله في مائتي رجل – إلى فدك – وهي سرية غالب بن عبد الله إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك في صفر سنة ثمان (17) . وكذلك جاء في ترجمة ( غالب بن عبد الله الكلبي) بكتاب الجامع إنه بعثه النبي سنة ٨ هجرية، ومعه مئتي مقاتل إلى فدك .. (18) .
وكان المئتا مقاتل من الصحابة وقد ذكر ابن سيد الناس أنه خرج مع غالب في هذه السرية : عقبة بن عمرو أبو مسعود، وكعب بن عجرة، وأسامة بن زيد بن حارثة، وعلبة بن زيد الحارثي، وأبو سعيد الخدري . فهجم غالب بن عبد الله وسريته على أهل فدك الكفار، قال ابن سيد الناس : فأصابوا منهم نعماً، وقتلوا منهم قتلى وقال ابن عباس : ( فأخذها غالب عنوة) أي فتح فدك عنوة . وجاء في كتاب الإصابة للعسقلاني : قال ابن عباس في قوله تعالى : ما أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ﴾ [الحشر : ٧] أن القرى قريظة والنضير وفدك وخيبر وقرى عرينة. قال : أما قريظة والنظير فإنهما بالمدينة، وأما فدك فإنها على رأس ثلاثة أميال منهم، فبعث إليهم النبي ﷺ جيشاً عليهم غالب – بن عبد الله ـ بن فضالة فأخذها عنوة (19) .وكان فتح غالب لفدك وضواحيها في آخر صفر – أو في ربيع أول – سنة ٨ هجرية .
سرية غالب إلى بني مرة وذكر ابن هشام في السيرة النبوية بعد غزوة مؤته التي استشهد فيها أميرها زيد بن حارثة الكلبي، وكانت مؤته في جمادى الأول سنة ٨ هجرية؛ ذكر ابن هشام بعدها «غزوة غالب بن عبد الله أرض بني مرة . وفي ذلك قال ابن هشام ما يلي نصه : «قال ابن إسحاق : وعزوة غالب بن عبد الله الكلبي . كلب ليث، أرض بني مرة، فأصاب بها مرداس بن نهيك حليفاً لهم من الحرقة من جهينة، قتله أسامة بن زيد ورجل من الأنصار . قال ابن هشام : الحرقة – بفتح الراء – فيما حدثني أبو عبيدة .
قال ابن إسحاق : وكان من حديثه عن أسامة بن زيد قال : أدركته أنا ورجل من الأنصار، فلما شَهَرْنَا عليه السلاح قال : أشهد أن لا إله إلا الله، فلم ينزع عنه حتى قتلناه، فلما قدمنا على رسول الله ﷺ أخبرناه خبره، فقال : يَا أَسَامَهُ مَنْ لَكَ بلا إله إلا الله . قُلتُ : يا رسول الله إنه إنما قالها تعوذاً بها من القتل . قال : (فَمَنْ لك بها يا أسامة ) . قال أسامة : فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى لوددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن، وأني كنت أسلمتُ يومئذ، وأني لم أقتله . قال : قلت : أنظرني يا رسول الله إني أعاهد الله أن لا أقتل رجلاً يقول لا إله إلا الله أبداً. قال : تقولُ بعدي يا أسامة. قال : قُلتُ بعدك يا رسول الله (20) . قال البغوي : « ثم أن رسول الله ﷺ استغفر بعد لأسامة ثلاث مرات وقال له : أعتق رقبة (21) وكان مع غالب بن عبد الله في تلك السرية إلى بني مرة : أسامة بن زيد، وعقبة بن عمرو الأنصاري أبو مسعود، وكعب بن عجرة، وعلبة بن زيد بن حارثة الأنصاري، وحويصة أبو إبراهيم. قال ابن سيد الناس : أنبأنا محمد بن عمر، قال : حدثني شبل بن العلاء بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن حويصة عن أبيه قال : بعثني رسول الله ﷺ في سرية مع غالب بن عبد الله إلى بني مرة، فأغرنا عليهم من الصبح. وقد أوعز إلينا أميرنا – غالب – أن لا نفترق ، وَوَاحَى بيننا، وقال : لا تعصوني فإن رسول الله ﷺ قال : ( من أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني ) وإنكم متى ما تعصوني فإنكم تعصون نبيكم. قال حويصة : فأخى بيني وبين أبي سعيد الخدري .
قال : فأصبنا القوم (21) .وعاد غالب بن عبد الله من تلك الغزوة بالنصر والظفر والغنائم، كما هو الحال في كل السرايا التي كان غالب أميرها – منذ سنة ٥ هجرية – ولذلك اختاره رسول الله ﷺ أميراً لسرية فتح فدك بدلاً عن الزبير بن العوام – في صفر سنة ٨هـ ـ فافتتح فدك وعاد بالنصر، وكذلك في سريته إلى بني مرة وهي من آخر السرايا التي بعثها النبي ﷺ قبل فتح مكة .
غالب .. وفرسان كلب .. في فتح مكة وكان غالب بن عبد الله الكلبي قائد طليعة جيش رسول الله ﷺ يوم سار من المدينة لفتح مكة في ۱۰ رمضان ۸ هجرية . وفي ذلك قال القرطبي في ترجمة غالب بن عبد الله بكتاب الاستيعاب : وهو الذي بعثه رسول الله ﷺ عام الفتح ليسهل له الطريق» (22). وجاء في ترجمة غالب بن عبد الله الكلبي بكتاب الجامع : بعثه رسول الله ﷺ عام الفتح ليسهل له الطريق إلى مكة، ويكون عيناً له (22). فسار غالب والفرسان الذين معه، فوجد في الطريق إبلاً ومواشي كثيرة . ربما العشائر من حلفاء قريش، فسيطر عليها حتى يشرب من لبنها المسلمون. وفي ذلك قال ابن حجر العسقلاني في ترجمة غالب بكتاب الإصابة: أخرج البخاري في تاريخه والبغوي من طريق عمار بن سعد عن قطن بن عبد الله الليثي عن غالب بن عبد الله، قال : بعثني النبي ﷺ عام الفتح بين يديه لأسهل له الطريق ولأكون له عيناً، فلقيني على الطريق لقاح بني كنانة، وكانت نحواً من ستة آلاف لقحه. وإن النبي ﷺنزل، فَحُلِبَتْ له، فجعل يدعو الناس إلى الشراب، فَمَنْ قال : إني صائم، قال : هؤلاء العاصون» (23) ثم تقدم رسول الله ﷺ لفتح مكة، وقد كان الأوس والخزرج – الأنصار – يمثلون القوة الرئيسية الأولى في جيش الفتح، وكانت قبيلة خزاعة اليمانية هي القوة الرئيسية الثانية وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح عمران بن حصين الخزاعي رضي الله عنه، بينما كان فرسان كلب وغيرهم من عشائر وقبائل قضاعة الحميرية هم القوة الرئيسية الثالثة، وذلك أن الكثير من قبائل كلب وجرم ونهد القضاعية . بلواء صعداء – كانوا قد أسلموا وقدموا مهاجرين إلى النبي ﷺ بالمدينة سنة 7هـ ، وكذلك أسلمت قبائل كلب وجهينة وبلي وبهراء القضاعية الحميرية التي كانت تسكن في غرب الحجاز وشمالها من ينبع إلى وادي القرى ودومة الجندل، وقد سلف تبيين ذلك في المبحث الخاص بالصحابي دخية بن خليفة الكلبي والصحابي المقداد بن عمرو البهراني، فلما سار رسول الله ﷺ لفتح مكة كان فرسان کلب وغيرهم من قبائل قضاعة لا يقل عددهم عن ألف رجل في جيش الفتح من بينهم أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، وحمل بن سعد إنه الكلبي، ودخية بن خليفة الكلبي، والمقداد بن عمرو البهراني، وعقبة بن عامر الجهني قال ابن خلدون : ومن بلي جماعة من مشاهير الصحابة منهم : كعب بن عجرة، وخديج بن سلامة، وسهل بن رافع، وأبو بردة بن نيار. ومن بهراء جماعة من الصحابة أيضاً منهم المقداد بن عمرو (24) ومن كلب أيضاً : قطن بن حارثة الكلبي، وعمرو بن جبلة الكلبي، وبكير بن عبد الله الليثي، وأمثالهم من الصحابة رضي الله عنهم، وقد كان أسامة بن زيد بن حارثة رديف رسول الله ﷺ يوم فتح مكة) بينما كان غالب بن عبد الله قائد فرسان كلب وقضاعة وقائد مقدمة جيش رسول الله ﷺ وفي ذلك ذكر العسقلاني عن أحمد بن سيار قال : كان غالب بن عبد الله الكلبي على مقدمة النبي ﷺ يوم الفتح (25) . وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان للهجرة. ولم يزل غالب بن عبد الله من الصحابة المجاهدين مع رسول الله ﷺ حتى غزوة تبوك – في رجب 9 هـ – ثم رجع إلى منطقته باليمن فأقام بها حتى انطلق مع الصحابة والفرسان الذين انطلقوا لجهاد الإمبراطورية الفارسية بالعراق .
فناولته قوسه و سهمين معها. قال جندب : فأرسل الرجل سهماً فوالله ما أخطأ بين عيني فانتزعته فوضعته، ثم أرسل آخر فوضعه في منكبي فانتزعته فوضعته، وثبت مكاني. فقال الرجل لامرأته : والله لو كان ربيئة لقد تحركت بعد والله لقد خالطها سهمان لا أبا لك، فإذا أصبحت فانظريهما لا تمضغهما الكلاب. ثم دخل، وراحت الماشية من إبلهم وأغنامهم، فلما احتلبوا اطمأنوا فناموا ) (12). ورجع جندب إلى غالب بن عبد الله وأخبره بالخبر، فأثنى على بطولته. وتمهل غالب حتى كان وقت السحر، فشن عليهم الغارة. قال ابن هشام: وكان شعار أصحاب رسول الله ﷺ في تلك الليلة : أمت أمت (13) والمقصود بأن ذلك شعارهم : أي علامتهم التي يعرف بها بعضهم بعضاً. ونجحت الغارة وأحيط ببني الملوح، فأمر غالب بالكف عن القتال، لأنه يريدهم أن يسلموا أو يستسلموا، وساق أصحاب غالب الإبل والمواشي – النعم ، ثم فوجئوا بأن أحد بني الملوح كان قد خرج واستصرخ قبيلة مجاوره، فجاؤوا بجمع كثيف، وعلم غالب بذلك قبل قدومهم – لأنه كان قد وضع مراقبين في الجبل فأتوه بالخبر – فلم يتعرض غالب لبني الملوح، وأمر أصحابه فساقوا النعم ومضى بهم غالب عائداً إلى قديد، قمر بالحرث بن البرصاء والذي معه، فأصطحبهما قاصداً العودة إلى المدينة، فإذا بالقوم قد أدركوهم حتى قربوا منهم، فما بينهم وبين غالب وأصحابه إلا وادي قديد، قال جندب : فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى من غير سحابة نراها ولا مطر، فجاء بشيء ليس لأحد به قوة، ولا يقدر أحد أن يجاوزه فوقفوا ينظرون إلينا وإنا لنسوق نَعَمَهُم، ما يستطيع منهم رجل أن يجيز إلينا ونحن نخدوها سراعاً حتى فتناهم ) وقال راجز من المسلمين وهو يحدوها :
أبي أبو القاسم: أن تعربي (14) في حضِلٍ نَبَاتُهُ مُغْلَوْلِبٍ (15) صُفْرٍ أَعَالِيهِ كَلَوْنِ المُذْهَبِ قال ابن هشام : ويروى : (كلون الذهب ) . فَقَدَمَ غالب بن عبد الله وسريته بالنصر والغنائم إلى النبي ﷺ بالمدينة المنورة، وأسلم الحرث بن البرصاء، ثم ما لبث إن أسلم بنو الملوّح بعد ذلك بأمد يسير، وهم من عشائر قضاعة اليمانية بتلك الجهات .
سرية غالب بن عبد الله .. إلى فَدَكَ
بعد رجوع غالب بن عبد الله الكلبي من سريته إلى الكديد – في صفر سنة هـ – بعثه رسول الله ﷺ على رأس مائتي فارس من الأنصار والمهاجرين لفتح فدك وضواحيها. وفدك قرية بينها وبين المدينة يومان أو ثلاثة. وقد ذكرت
سرية غالب بن عبد الله .. إلى فَدَكَ
بعد رجوع غالب بن عبد الله الكلبي من سريته إلى الكديد – في صفر سنة هـ – بعثه رسول الله ﷺ على رأس مائتي فارس من الأنصار والمهاجرين لفتح فدك وضواحيها. وفدك قرية بينها وبين المدينة يومان أو ثلاثة. وقد ذكرت كتب التاريخ والسيرة النبوية والتفاسير إن فدك أفأها الله على النبي ﷺ صلحاً في سنة 7 هجرية ولكن ما حدث في شعبان هـ يتيح إدراك أن أهل فدك لم يلتزموا بذلك الصلح أو نقضوه. وفي ذلك جاء في عيون الأثر أنه: «بعث رسول الله ﷺ بشير بن سعد الأنصاري في ثلاثين رجلاً إلى فدك في شعبان سنة سبع، فلقى بشير بن سعد رعاء الشاء، فسأل عن الناس، فقيل في بواديهم، فاستاق النَّعَم وانحدر إلى المدينة، فخرج الصريخ فأخبر أهل فدك، فأدركه الدهم – أي العدد الكثير – منهم عند الليل، فباتوا يرمونهم بالنبل حتى فنيت نبل أصحاب بشير . وقاتل بشير حتى ارتث وضرب كعبه وقيل قد مات، ورجعوا – أي أهل فدك – بنعمهم وشائهم، وقدم علبة بن زيد الحارثي بخبرهم على رسول الله ﷺ، ثم قدم من بعده بشير بن سعد. ، وذلك لأن بشير بن سعد لم يقتل وإنما ارتث : أي جرح ونقل من المعركة وهو ضعيف ومصاب بجروح بالغة كما أصيب بقية الذين كانوا معه. وبذلك أصبحت فدك دار حرب، وقد كانت هناك أمور كثيرة أهم من فدك وأهلها، فرؤي تأجيل أمر فدك، ربما إلى ما بعد أداء عُمرة القضاء حيث سار النبي ﷺ والذين معه إلى مكة وأدوا العمرة بموجب اتفاق صلح الحديبية ورجعوا (16) إلى المدينة في ذي القعدة أو ذي الحجة 7هـ .ولما بعث رسول الله ﷺ غالب بن عبد الله الكلبي إلى الكديد – في صفر ستة ٨هـ – قام رسول الله ﷺ بتهيئة سرية لغزو وفتح فدك. وفي ذلك جاء في عيون الأثر أنه : هيأ رسول الله له الزبير بن العوام وقال له : سر حتى تنتهي إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد – بفدك – فإن ظفرك الله بهم فلا تبق فيهم، وهي معه مائتي رجل، وعقد له لواء .
فقدم غالب بن عبد الله من الكديد من سرية قد ظفره الله عليهم ، فقال رسول الله ﷺ للزبير : اجلس وبعث غالب بن عبد الله في مائتي رجل – إلى فدك – وهي سرية غالب بن عبد الله إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك في صفر سنة ثمان (17) . وكذلك جاء في ترجمة ( غالب بن عبد الله الكلبي) بكتاب الجامع إنه بعثه النبي سنة ٨ هجرية، ومعه مئتي مقاتل إلى فدك .. (18) . وكان المئتا مقاتل من الصحابة وقد ذكر ابن سيد الناس أنه خرج مع غالب في هذه السرية : عقبة بن عمرو أبو مسعود، وكعب بن عجرة، وأسامة بن زيد بن حارثة، وعلبة بن زيد الحارثي، وأبو سعيد الخدري . فهجم غالب بن عبد الله وسريته على أهل فدك الكفار، قال ابن سيد الناس : فأصابوا منهم نعماً، وقتلوا منهم قتلى وقال ابن عباس : ( فأخذها غالب عنوة) أي فتح فدك عنوة . وجاء في كتاب الإصابة للعسقلاني : قال ابن عباس في قوله تعالى : ما أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ﴾ [الحشر : ٧] أن القرى قريظة والنضير وفدك وخيبر وقرى عرينة. قال : أما قريظة والنظير فإنهما بالمدينة، وأما فدك فإنها على رأس ثلاثة أميال منهم، فبعث إليهم النبي ﷺ جيشاً عليهم غالب – بن عبد الله ـ بن فضالة فأخذها عنوة (19) .وكان فتح غالب لفدك وضواحيها في آخر صفر – أو في ربيع أول – سنة ٨ هجرية .
سرية غالب إلى بني مرة وذكر ابن هشام في السيرة النبوية بعد غزوة مؤته التي استشهد فيها أميرها زيد بن حارثة الكلبي، وكانت مؤته في جمادى الأول سنة ٨ هجرية؛ ذكر ابن هشام بعدها «غزوة غالب بن عبد الله أرض بني مرة . وفي ذلك قال ابن هشام ما يلي نصه : «قال ابن إسحاق : وعزوة غالب بن عبد الله الكلبي . كلب ليث، أرض بني مرة، فأصاب بها مرداس بن نهيك حليفاً لهم من الحرقة من جهينة، قتله أسامة بن زيد ورجل من الأنصار . قال ابن هشام : الحرقة – بفتح الراء – فيما حدثني أبو عبيدة . . قال ابن إسحاق : وكان من حديثه عن أسامة بن زيد قال : أدركته أنا ورجل من الأنصار، فلما شَهَرْنَا عليه السلاح قال : أشهد أن لا إله إلا الله، فلم ينزع عنه حتى قتلناه، فلما قدمنا على رسول الله ﷺ أخبرناه خبره، فقال : يَا أَسَامَهُ مَنْ لَكَ بلا إله إلا الله . قُلتُ : يا رسول الله إنه إنما قالها تعوذاً بها من القتل . قال : (فَمَنْ لك بها يا أسامة ) . قال أسامة : فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى لوددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن، وأني كنت أسلمتُ يومئذ، وأني لم أقتله . قال : قلت : أنظرني يا رسول الله إني أعاهد الله أن لا أقتل رجلاً يقول لا إله إلا الله أبداً. قال : تقولُ بعدي يا أسامة. قال : قُلتُ بعدك يا رسول الله (20) . قال البغوي : « ثم أن رسول الله ﷺ استغفر بعد لأسامة ثلاث مرات وقال له : أعتق رقبة (21) وكان مع غالب بن عبد الله في تلك السرية إلى بني مرة : أسامة بن زيد، وعقبة بن عمرو الأنصاري أبو مسعود، وكعب بن عجرة، وعلبة بن زيد بن حارثة الأنصاري، وحويصة أبو إبراهيم. قال ابن سيد الناس : أنبأنا محمد بن عمر، قال : حدثني شبل بن العلاء بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن حويصة عن أبيه قال : بعثني رسول الله ﷺ في سرية مع غالب بن عبد الله إلى بني مرة، فأغرنا عليهم من الصبح. وقد أوعز إلينا أميرنا – غالب – أن لا نفترق ، وَوَاحَى بيننا، وقال : لا تعصوني فإن رسول الله ﷺ قال : ( من أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني ) وإنكم متى ما تعصوني فإنكم تعصون نبيكم. قال حويصة : فأخى بيني وبين أبي سعيد الخدري . قال : فأصبنا القوم (21) .وعاد غالب بن عبد الله من تلك الغزوة بالنصر والظفر والغنائم، كما هو الحال في كل السرايا التي كان غالب أميرها – منذ سنة ٥ هجرية – ولذلك اختاره رسول الله ﷺ أميراً لسرية فتح فدك بدلاً عن الزبير بن العوام – في صفر سنة ٨هـ ـ فافتتح فدك وعاد بالنصر، وكذلك في سريته إلى بني مرة وهي من آخر السرايا التي بعثها النبي ﷺ قبل فتح مكة .
غالب .. وفرسان كلب .. في فتح مكة وكان غالب بن عبد الله الكلبي قائد طليعة جيش رسول الله ﷺ يوم سار من المدينة لفتح مكة في ۱۰ رمضان ۸ هجرية . وفي ذلك قال القرطبي في ترجمة غالب بن عبد الله بكتاب الاستيعاب : وهو الذي بعثه رسول الله ﷺ عام الفتح ليسهل له الطريق» (22). وجاء في ترجمة غالب بن عبد الله الكلبي بكتاب الجامع : بعثه رسول الله ﷺ عام الفتح ليسهل له الطريق إلى مكة، ويكون عيناً له (22). فسار غالب والفرسان الذين معه، فوجد في الطريق إبلاً ومواشي كثيرة . ربما العشائر من حلفاء قريش، فسيطر عليها حتى يشرب من لبنها المسلمون. وفي ذلك قال ابن حجر العسقلاني في ترجمة غالب بكتاب الإصابة: أخرج البخاري في تاريخه والبغوي من طريق عمار بن سعد عن قطن بن عبد الله الليثي عن غالب بن عبد الله، قال : بعثني النبي ﷺ عام الفتح بين يديه لأسهل له الطريق ولأكون له عيناً، فلقيني على الطريق لقاح بني كنانة، وكانت نحواً من ستة آلاف لقحه. وإن النبي ﷺنزل، فَحُلِبَتْ له، فجعل يدعو الناس إلى الشراب، فَمَنْ قال : إني صائم، قال : هؤلاء العاصون» (23) ثم تقدم رسول الله ﷺ لفتح مكة، وقد كان الأوس والخزرج – الأنصار – يمثلون القوة الرئيسية الأولى في جيش الفتح، وكانت قبيلة خزاعة اليمانية هي القوة الرئيسية الثانية وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح عمران بن حصين الخزاعي رضي الله عنه، بينما كان فرسان كلب وغيرهم من عشائر وقبائل قضاعة الحميرية هم القوة الرئيسية الثالثة، وذلك أن الكثير من قبائل كلب وجرم ونهد القضاعية . بلواء صعداء – كانوا قد أسلموا وقدموا مهاجرين إلى النبي ﷺ بالمدينة سنة 7هـ ، وكذلك أسلمت قبائل كلب وجهينة وبلي وبهراء القضاعية الحميرية التي كانت تسكن في غرب الحجاز وشمالها من ينبع إلى وادي القرى ودومة الجندل، وقد سلف تبيين ذلك في المبحث الخاص بالصحابي دخية بن خليفة الكلبي والصحابي المقداد بن عمرو البهراني، فلما سار رسول الله ﷺ لفتح مكة كان فرسان کلب وغيرهم من قبائل قضاعة لا يقل عددهم عن ألف رجل في جيش الفتح من بينهم أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، وحمل بن سعد إنه الكلبي، ودخية بن خليفة الكلبي، والمقداد بن عمرو البهراني، وعقبة بن عامر الجهني قال ابن خلدون : ومن بلي جماعة من مشاهير الصحابة منهم : كعب بن عجرة، وخديج بن سلامة، وسهل بن رافع، وأبو بردة بن نيار. ومن بهراء جماعة من الصحابة أيضاً منهم المقداد بن عمرو (24) ومن كلب أيضاً : قطن بن حارثة الكلبي، وعمرو بن جبلة الكلبي، وبكير بن عبد الله الليثي، وأمثالهم من الصحابة رضي الله عنهم، وقد كان أسامة بن زيد بن حارثة رديف رسول الله ﷺ يوم فتح مكة) بينما كان غالب بن عبد الله قائد فرسان كلب وقضاعة وقائد مقدمة جيش رسول الله ﷺ وفي ذلك ذكر العسقلاني عن أحمد بن سيار قال : كان غالب بن عبد الله الكلبي على مقدمة النبي ﷺ يوم الفتح (25) . وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان للهجرة. ولم يزل غالب بن عبد الله من الصحابة المجاهدين مع رسول الله ﷺ حتى غزوة تبوك – في رجب 9 هـ – ثم رجع إلى منطقته باليمن فأقام بها حتى انطلق مع الصحابة والفرسان الذين انطلقوا لجهاد الإمبراطورية الفارسية بالعراق .
غالب بن عبد الله .. في فتوح العراق
في أوائل شعبان ١٣ هـ تعرض المسلمون الذين كانوا قد دخلوا العراق إلى هجوم فارسي كبير بمنطقة جسر بانقيا في الحيرة، فأصيب عدد كبير من المسلمين في موقعة الجسر – جسر بانقيا – وكان مجموع عدد المسلمين سبعة آلاف فاستشهد من المسلمين فيما ذكر الطبري أربعة آلاف ما بين قتيل وغريق، وهرب منهم بشر كثير على وجوههم .. وهرب فلهم إلى المدينة .. وجزع الناس من الفرار، فقال عمر : لا تجزعوا أنا فئتكم إنما انجزتم إلي ..) قال البلاذري : (ثم إن عمر ندب الناس إلى العراق فجعلوا يتحامونه ويتناقلون عنه . ) (26) .وعندئذ أقبل من اليمن الصحابي جرير بن عبد الله البجلي في عدة آلاف من فرسان ورجال قبيلة بجيلة، والصحابي غالب بن عبد الله الكلبي في عدة مئات من كلب وغيرهم من عشائر قضاعة والصحابي عرفجة بن هرثمة البارقي في عدة مئات من فرسان بارق وأزد السراة. وكان أولئك جميعاً من منطقة واحدة ومتقاربة إذ أن قبيلة بجيلة كانت تسكن في السراة – سراة أعالي اليمن – ما بين (تبالة) شمالاً وتخوم صعدة جنوباً وكذلك كانت بارق وغيرها من عشائر أزد السراة يسكنون منطقة السراة وتجاورهم قبائل وعشائر قضاعة في صعدة والسراة ومنهم كلب ونهد وجرم، فأقبل جرير وغالب وعرفجة وفرسان ورجال قبائلهم إلى عمر بن الخطاب بالمدينة المنورة في أعقاب موقعة الجسر مباشرة . (27) قال الطبري: لما انتهت إلى عمر بن الخطاب مصيبة أهل الجسر – بالعراق – قدم عليه جرير بن عبد الله من اليمن في قبيلة بجيلة، وعرفجة بن هرثمة البارقي … قال : وقدم على عمر غزاة من بني كنانة – من قضاعة – والأزد في سبعمائة جميعاً قال الطبري : فكلهم عمر فقال : إنكم قد علمتم ما كان من المصيبة في إخوانكم بالعراق فسيروا إليهم وقال البلاذري : … ندب عمر الناس إلى العراق – بعد موقعة الجسر – فجعلوا يتحامونه ويتثاقلون عنه .. فقدم عليه خلق من الأزد يريدون غزو الشام فدعاهم إلى العراق ورغبهم فيه، فردوا الاختيار إليه. وقدم جرير بن عبد الله من السراة في بجيلة . فقال له عمر : هل لك في العراق وأنفلكم الثلث بعد الخمس ؟ قال : نعم (28)قال الطبري: «فأمر عمر على بجيلة جرير بن عبد الله البجلي .. وأمر عمر على بني كنانة – من قضاعة – غالب بن عبد الله الكلبي، وأمر على الأزد عرفجة بن هرثمة، وعامتهم من بارق. فخرج جرير في قومه إلى العراق، وخرج غالب في قومه، وعرفجة في قومه حتى قدما العراق، حتى قال ابن كثير : أرسل عمر جرير بن عبد الله في أربعة آلاف إلى العراق (29) وكان الأربعة آلاف من قبيلة بجيلة، وسار معه عرفجة بن هرثمة في سبعمائة من الأزد وغالب بن عبد الله الكلبي في سبعمائة من قضاعة، وقد عقد عمر لواء الإمارة على فرسان قضاعة لغالب بن عبد الله ولواء الإمارة على فرسان الأزد العرفجة بن هرثمة، ولواء الإمارة على بجيلة لجرير بن عبد الله البجلي، وكذلك لواء القيادة العامة حيث كان جرير البجلي هو الأمير والقائد العام للجيش،فانطلقوا جميعاً إلى العراق في أواسط شعبان ۱۳هـ (وسلكوا طريق فيد وثعلبة إلى العذيب) – كما ذكر البلاذري – وكانت تسكن منطقة فيد وثعلبة قبيلة طيء اليمانية فاجتمعت طيء إلى هناك بقيادة عروة بن زيد الخيل الطائي وعدي بن حاتم الطائي، وانضموا إلى جرير بن عبد الله البجلي وغالب وعرفجة، وساروا جميعاً فدخلوا العراق، وانضم إليهم المثنى بن حارثة الشيباني مع فلول المنهزمين في موقعة الجسر وكانوا مع المثنى فأقبلوا على النخيلة، وكان جيش المسلمين زهاء عشرة آلاف بقيادة الأمير جرير بن عبد الله البجلي، فسار إليهم الجيش الفارسي بقيادة مهران، وفي ذلك قال المسعودي : سار جرير بن عبد الله فاجتمع معه المثنى بن حارثة الشيباني في النخيلة فأقبل إليهما مهران في جيوشه (30)، وقال ابن إسحاق : أقبل جرير – إلى العراق – ثم سار نحو الجسر، فلقيه مهران وجيشه عند النخيلة (31)، وذكر البلاذري إنه كان جيش الفرس وأميرهم مهران في (البويب) وكان (عسكر المسلمين بالنخيلة وبين البويب والنخيلة جسر، فاجتمع إلى مهران جيوش الفرس الذين كانوا في أرجاء إقليم الحيرة، فبلغ الفرس أكثر من مائة ألف، بينما اجتمع المسلمون بالنخيلة وكانوا زهاء عشرة آلاف بقيادة جرير وانضم إليه المثنى بن حارثة في زهاء ثلاثة آلاف، فبلغ المسلمون زهاء ثلاثة عشر ألفاً، بينهم عشرة من مشاهير الصحابة والقادة، وهم : جرير بن عبد الله البجلي، وغالب بن عبد الله الكلبي، وعرفجة بن هرثمة البارقي، وبشير بن سعد الأنصاري، والمثنى بن حارثة، وشرحبيل بن السمط الكندي، وعروة بن زيد الخيل وعدي بن حاتم، وعبد الله بن ذي السهمين الخثعمي، والمنذر بن حسان. فهزموا جيش الفرس هزيمة ساحقة في موقعة النخيلة. قال البلاذري: «التقى المسلمون وعدوهم، فأبلى شرحبيل بن السمط الكندي يومئذ بلاء حسناً .. وحمل المسلمون حملة رجل واحد محققين صابرين، فقتل الله مهران وهزم الكفرة .. وكان الذي قتل مهران جرير بن عبد الله والمنذر بن حسان (32)، وقال المسعودي : … التقوا، وصبر الفريقان جميعاً، حتى قتل مهران قتله جرير بن عبد الله البجلي وحسان بن المنذر، ضربه البجلي – بالسيف – وطعنه الآخر (30) وقال الحافظ ابن كثير : واقع جرير بن عبد الله الفرس وَقَتل قائدهم، وهزمهم عند النخيلة، وقد قتل من الفرس يومئذ وغرق قريب من مائة ألف، وكانت هذه الوقعة بالعراق نظيراليرموك بالشام (33) . وقال ابن خلدون : انهزم الفرس .. فهربوا مصعدين ومنحدرين، واستلحمتهم خيول المسلمين، وقتل فيها مائة ألف أو يزيدون، وأحصي مائة رجل من المسلمين قَتَلَ كُل واحد منهم عشرة …. وكان من الصحابة والقادة الذين قتل كل واحد منهم عشرة من الفرس غالب بن عبد الله الكلبي، وبشير بن سعد الأنصاري، وشرحبيل بن السمط الكندي، وعرفجة البارقي، وعروة بن زيد الخيل. وكانت موقعة النخيلة في يوم السبت من شهر رمضان سنة ١٣ هـ . قال البلاذري : يقال إن ما بين يوم النخيلة والقادسية ثمانية عشر شهراً (34). وهو قول قريب من الصواب، فقد كانت موقعة النخيلة في رمضان ۱۳ هـ والقادسية في محرم ١٥ هجرية. وقد شهد غالب بن عبد الله الكلبي ما بعد يوم النخيلة من فتوح مناطق إقليم الحيرة إلى تخوم دجلة بقيادة جرير بن عبد الله البجلي سنة ١٤هـ، ثم بعث الفرس جيشاً كبيراً بقيادة رستم، وبعث عمر بن الخطاب الإمدادات والمستفزين إلى العراق وأسند قيادة المسلمين إلى سعد بن أبي وقاص، فالتقى المسلمون والفرس في موقعة القادسية حيث كان غالب بن عبد الله الكلبي من الصحابة والقادة الكبار في موقعة القادسية . قال العسقلاني في كتاب الإصابة : وغالب بن عبد الله الكلبي له ذكر في فتح القادسية (35). وجاء في ترجمته بكتاب الجامع أنه «شهد القادسية (36) وكان انتصار وفتح القادسية في شهر محرم سنة ١٥ هجرية . مشاركة غالب في فتح أرمينية
وباب الأبواب ثم كان غالب بن عبد الله الكلبي من الصحابة الذين شهدوا فتح منطقة الجزيرة الفراتية وأذربيجان وأرمينية وصولاً إلى فتح مدينة الباب والأبواب – القوقازية – التي سقط ملكها قتيلاً بسيف غالب بن عبد الله الكلبي، وفي ذلك قال ابن حجر العسقلاني في ترجمة غالب بكتاب الإصابة : وهو الذي قتل هرمز ملك الباب (35) . وكذلك جاء في ترجمة غالب بكتاب الجامع أنه : قتل هرمز ملك الباب من البلاد الأعجمية (36) .ويدل ذلك على أنه شهد الفتوح التي في سياقها كان فتح الباب والأبواب وكان من أنباء ومعالم ذلك أنه : – بعد شهرين من موقعة القادسية، وكما ذكر الحافظ ابن كثير : كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص أن يجهز جيشاً إلى أهل الجزيرة الذين مالأوا الروم على حصار أبي عبيدة بن الجراح – في الشام – ويكون أمير الجيش إلى الجزيرة عياض بن غنم الأشعري، فسار إليها عياض وفي صحبته أبو موسى الأشعري. وقال الحافظ الذهبي : وجه أبو عبيدة عياض بن غنم – من الشام – إلى الجزيرة فوافق بها أبو موسى الأشعري (37) ، ، وكان في ذلك الجيش الذي سار من القادسية إلى إقليم الجزيرة الفراتية : غالب بن عبد الله الكلبي، وبكير بن عبد الله الليثي الكلبي، وصفوان بن المعطل، وحبيب بن مسلمة الفهري، فبدأوا بفتح بعض نواحي منطقة الرها بقيادة أبي موسى، ثم أقبل عياض بن غنم الأشعري في جيش من الشام – في شوال ١٥هـ – فاشتركوا جميعاً في فتح مدينة الرها ومنطقة سميساط في أواخر سنة ١٥ هـ ـ ثم افتتحوا منطقة حران ونصيبين وطائفة من إقليم الجزيرة سنة ١٦هـ . قال الطبري في ختام أنباء سنة ١٦ هـ ـ كان الأمير – على الجزيرة عياض بن غنم الأشعري . [ ص ١٨٨ – جـ ٤] ثم سار عياض إلى أبي عبيدة في الشام، ثم رجع إلى إقليم الجزيرة بجيش كثيف – في شوال سنة ١٧ هـ ـ فتم استكمال فتح إقليم الجزيرة الفراتية وديار بكر إلى تخوم أرمينية في جمادى الأول سنة ١٨ هـ كما ذكر ذلك الإمام الواقدي في فتوح البلدان . – وفي سنة ١٨ هـ تقدم المسلمون إلى أذربيجان وأرمينية، وكان قائد الجيش الذي دخل أذربيجان بكير بن عبد الله الليثي الكلبي، وقائد الجيش الذي دخل أرمينية عياض بن غنم الأشعري، وقد ذكر الواقدي أسماء الصحابة الذي كانوا مع عياض بن غنم الأشعري في فتح مناطق أرمينية الأولى وصولاً إلى فتح (بدليس) في شعبان ۱۸ هـ – وكان منهم المقداد بن عمرو، وسعيد بن زيد، وعمرو بن معدي كرب الزبيدي، وقيس بن مكشوح المرادي والمسيب بن نجبه، وميسرة بن مسروق العبسي ..) ولم يذكر بينهم غالب بن عبد الله الكلبي، ومؤدي ذلك أنه لم يكن معهم، وكان مع بكير بن عبد الله الليثي الكلبي الذي سار في ذات الوقت إلى أذربيجان، وكان بكير بن عبد الله من الصحابة والقادة الأمراء قال الطبري: «سار بكير بن عبد الله الليثي إلى أذربيجان حتى إذا طلع بحيال جرميدان طلع عليهم (إسفندياذ بن الفرخزاد) فاقتتلوا، فهزم الله جندهم، وأخذ بكير بن عبد الله إسفندياذ أسيراً. فقال له إسفندياذ: الصلح أحب إليك أم الحرب؟ قال: بل الصلح، قال: فأمسكني عندك فإن أهل أذربيجان إن لم أصالح عليهم أو أجيء لم يقيموا لك وجلوا إلى الجبال التي حولها من القبج والروم، فأمسكه عنده، فأقام وهو في يده، وصارت البلاد إلى بكير بن عبد الله .. وبعث عمر بن الخطاب سماك بن خرشة الأنصاري ممداً لبكير بن عبد الله بأذربيجان، وقدم سماك على بكير وإسفندياذ في إسارة وقد افتتح ما يليه .. وكذلك أتى إليه عتبة بن فرقد … فاستعفى بكير عمر بن الخطاب – من إمرة أذربيجان والبقاء فيها – فكتب إليه عمر بالإذن على أن يتقدم نحو الباب وأن يستخلف على عمله، فاستخلف بكير عتبة بن فرقد على الذي افتتح من أذربيجان .. وصالح بكير وعتبة أهل أذربيجان والإسفندياذ – وجاء في خاتمة كتاب الصلح أنه كتب جندب، وشهد بكير بن عبد الله الليثي، وسماك بن خرشة الأنصاري .. وكتب في سنة ١٨ هجرية) (38) ، ومضى بكير بن عبد الله ومعه غالب بن عبد الله إلى بلاد الباب والأبواب. وكان عياض بن غنم الأشعري والجيش الذي معه في أرمينية قد مضى من (بدليس) إلى إقليم (أخلاط) – في حوالي شهر شوال ۱۸ هـ – فافتتحوا إقليم (أخلاط) ثم بلاد اللان (أرزن) في أوائل سنة ١٩هـ بينما تقدم بكير بن عبد الله الكلبي والذين معه – وفيهم غالب بن عبد الله – إلى الباب والأبواب . – ومن المفيد هنا تبيين أن الباب والأبواب كانت مدينة وعاصمة كبيرة في إقليم شروان وجبال القوقاز الأذربيجانية والداغستانية التي يذكرها المؤرخ المسعودي باسم (جبل القبخ وأنه جبل عظيم ذو شعاب وأودية، ومدينة الباب والأبواب على شعب من شعابة بناها كسرى أنوشروان وجعلها بينه وبين الخزر وجعل لها – أي لمدينة الباب والأبواب – سور من جوف البحر على مقدار ميل منه ماداً إلى البحر، ثم على جبل القبخ ماداً في أعاليه ومنخفضاته وشعابه نحواً من أربعين فرسخاً، إلى أن ينتهي ذلك إلى قلعة يقال لها طبرستان) وجعل على كل ثلاثة أميال من هذا السور – أو أقل أو أكثر على حسب الطريق الذي جعل الباب من أجله – باباً من حديد، وأسكن فيه على كل باب من داخله أمة تراعي ذلك الباب وما يليه من السور، كل ذلك ليدفع أذى الأمم المتصلة بذلك الجبل من الخزر واللان – والروس – وغيرهم. وجبل القبخ يكون في المسافة علواً وطولاً وعرضاً نحواً من شهرين. بل وأكثر، وحوله أمم لا يحصيهم إلا الخالق عز وجل. وذكر البلاذري أن كسرى أنوشروان – ومن قبله أبوه الملك قباذ – غزا بلاد أران وشروان وأرمينية، وكانت بيد الروم، فأخذ ما كان في أيدي الروم. (ثم بنى كسرى أنوشروان مدينة الباب والأبواب، وإنما سميت أبواباً لأنها بنيت على طريق في الجبل .. وبنى بأرض أران أبواب شكن والقميران وأبواب الدودانية، وهي اثنا عشر باباً كل باب منها قصر من حجارة. وبنى بأرض جرزان مدينة يقال لها سغدبيل، وأنزلها قوماً من السغد وأبناء فارس وجعلها مسلحة . قال المسعودي : وكانت مملكة شروان يقال لكل من يملكها شروانشاه وتكون مملكته نحواً من شهر، ومنها مدينة الباب والأبواب، وساحل النفاطة من (39) مملكة شروان المعروفة بباكة. وساحل النفاطة المعروفة بباكة هي مدينة باكو عاصمة جمهورية أذربيجان القوقازية حالياً، ومدينة الباب والأبواب هي (دربند) حالياً. وفي ذلك قال د. ناجي حسن في كتاب القبائل العربية في المشرق: باب الأبواب : هي تسمية العرب لميناء دربند الواقع على بحر قزوين . (40)ويستفاد من تلك المعلومات الجغرافية أن بكير بن عبد الله افتتح إقليم شروان – الأذربيجاني القوقازي المطل على بحر قزوين – حتى بلغ الباب والأبواب (دربند) في شمال وأعالي إقليم شروان، وذلك سنة ١٩ – ٢٠ هـ – فقاتلهم ملك الباب والأبواب وهو شروانشاه هرمز فبارزه وقتله غالب بن عبد الله الكلبي، وفي ذلك جاء في كتاب الإصابة وكتاب الجامع : أن غالب بن عبد الله الكلبي (هو الذي قتل هرمز ملك الباب فيكون ذلك سنة ١٩ – ٢٠ هجرية . وقال الطبري في أحداث سنة ۲۲ هجرية وفي هذه السنة كان فتح الباب . ويبدو من ذلك أن الباب والأبواب انتقضت بعد فتحها الأول بقيادة بكير بن عبد الله ومعه غالب بن عبد الله سنة ۱۹ – ۲۰ هـ ؛ لأن بكير بن عبد الله سار بعد ذلك الفتح إلى بلاد موقان وافتتحها وصالح أهلها سنة ٢١ هـ ثم رجع إلى الباب والأبواب (دربند) التي ذكر الطبري فتحها سنة ٢٢ هـ قائلاً : بعث عمر بن الخطاب سراقة بن عمرو إلى الباب وجعل على مقدمته عبد الرحمن بن ربيعة .. وكان بكير بن عبد الله الليثي بإزاء الباب قبل قدوم سراقة بن عمرو عليه، وكتب إليه – أن يلحق به، وجعل على المقاسم سلمان بن ربيعة، فَقَدَم سراقة عبد الرحمن بن ربيعة، وخرج في الأثر حتى إذا خرج من أذربيجان نحو الباب قدم على بكير بن عبد الله في أداني الباب، فسار مع بكير ودخل بلاد الباب، وأمده عمر بحبيب بن مسلمة صرفه إليه من الجزيرة». وكان الملك بالباب يومئذ شهر براز وهو رجل من أهل فارس، فكاتبهم واستأمن على أن يأتي سراقة، فسار إلى سراقة، فكتب له سراقة كتاب الصلح وشهد فيه بكير بن عبد الله وسلمان بن ربيعة وآخرون (41). وبذلك تم فتح – أو إعادة فتح الباب والأبواب صلحاً سنة ٢٢هـ وكان غالب بن عبد الله مع بكير في ذلك الفتح، وكذلك في فتح إقليم موقان من جبال القبخ في أرمينية . قال الطبري : فض بكير بن عبد الله موقان ثم تراجعوا على الجزية فكتب لهم : بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى بكير بن عبد الله أهل موقان من جبال القبخ، أعطاهم الأمان على أموالهم وأنفسهم وملتهم وشرائعهم على الجزية دينار عن كل حالم أو قيمته، والنصح ودلالة المسلم .. فلهم الأمان ما أقروا ونصحوا، وعلينا الوفاء، والله المستعان .. وكتب سنة إحدى وعشرين (41). ولم يزل غالب بن عبد الله يجاهد في جبال القبج وأرمينية والقوقاز في خلافة عثمان بن عفان، وكانت تلك البلاد تنتقض وتفتح، ثم استتب فتح أغلبها منذ عهد خلافة معاوية بن أبي سفيان في العصر الأموي.
ولاية غالب بن عبد الله لبلاد خراسان وكان غالب بن عبد الله الكلبي من الصحابة الذين تولوا إقليم خراسان، وفي ذلك جاء في ترجمته بكتاب الجامع أنه : تولى خراسان في زمن معاوية سنة ٤٨ هجرية، وكذلك جاء في ترجمة غالب بكتاب الإصابة أنه ذكره أحمد بن سيار في تاریخ مرو، فقال إنه قدمها، وأنه ولى خراسان زمن معاوية .. وكذا ذكر ابن حبان: إن زياداً ولاه على بعض خراسان زمن معاوية. وذكر الحاكم: إن غالب بن عبد الله قدم ،مرو، وكان ولي خراسان زمن معاوية ولاه زياد. وقال الطبري : استعمله زياد بن أبي سفيان على خراسان سنة ٤٨ هجرية. وكان غالب قد بلغ من الكبر عتياً، فمات – رضي الله عنه – بعد عام ٤٨ هـ بأمد يسير، ويبدو أنه مات في خراسان . وبهذا نختم قصة أحد العظماء الحميريين رضي الله عنه .
المصادر
(1) الاستيعاب في معرفة الأصحاب – لابن عبد البر القرطبي – ص ٣/١٨٣.
( ۲) الإصابة في تمييز الصحابة – لابن حجر العسقلاني – ص ١٨٤ جـ ٣.
(۳) الجامع لأعلام المهاجرين المنتسبين إلى اليمن – لمحمد بامطرف – ص ٤٣١
(4) اليمن في تاريخ ابن خلدون – لمحمد الفرح – ص ١١٥ .
(5) الإكليل – للحسن الهمداني – ص ١٣٦ جـ ١٠.
(6) البداية والنهاية – لابن كثير – ص ٤٧ جه.
(7) عيون الأثر – لابن سيد الناس – ص ٣٦٤ جـ١
(8)السيرة النبوية – لابن هشام – ص ٤٢٩ جا – والفلجات مواضع مياه تؤدي إلى الشام. والمخاض : الإبل الحوامل والأوراك: شجر الأراك وهو السواك .
(9) الجامع – لبا مطرف – ص ٤٣١ والاستيعاب – للقرطبي – ٣/١٨٣.
(10) عيون الأثر – لابن سيد الناس – ص ۱۲۳ جـ ۲.
(11)) السيرة النبوية – لابن هشام – ص ۲۸۱ جـ ٤.
(12)عيون الأثر – لابن سيد اناس – ص ٢/١٩٥.
(13) السيرة النبوية – لابن هشام – ص ۲۸۱ ج ٤ .
(14) تعز بي : أي تقيمي في المرعى. تقول : تعذب في المرعى. إذا أقام فيه ولم يرجع لأهله .
(15) الخضل : النبات الأخضر المبتل والمغلولب: الكثير الذي يغلب الماشية. وهذا الرجز خطاب للنعم – الماشية – التي استاقوها .
(16) عيون الأثر – لابن سيد الناس – ص ١٩٦ جـ ٢.
(17) عيون الأثر – لابن سيد الناس – ص ١٩٦ جـ ٢.
(18) الجامع – لبامطرف – ص ٤٣١ .
(19) الإصابة – للعسقلاني – ص ١٨٤ جـ ٣
(20)السيرة النبوية – لابن هشام – ص ٢٩٨ جـ ٤.
(21) عيون الأثر – لابن سيد الناس – ص ١٩١ و ١٩٦ جـ ٢.
(22)الإستيعاب – ص ١٨٣ / ٣ – والجامع – ص ٤٣١ .
(23) الإصابة في تمييز الصحابة – ص ١٨٤ جـ ٣.
(24) اليمن في تاريخ ابن خلدون – ص ۱۱۱.
(25) الإصابة في تمييز الصحابة – ص ١٨٤ جـ ٣.
( 26) تاريخ الأمم والملوك – للطبري – ص ٦٨ جـ ٤ .
(27) تاريخ الأمم والملوك – للطبري – ص ٦٨ جـ ٤ .
(28) فتوح البلدان – للبلاذري – ص ٢٥٣.
(29) البداية والنهاية – لابن كثير – ص ٢٦ جـ ٧.
(30) مروج الذهب – للمسعودي – ص ٣١٩ جـ ٢.
(31) تاريخ الأمم والملوك – للطبري – ص ٦٨ جـ ٤ .
(32) فتوح البلدان – للبلاذري – ص ٢٥٣.
(33) البداية والنهاية – لابن كثير – ص ٢٦ جـ ٧.
(34) فتوح البلدان – للبلاذري – ص ٢٥٣ .
(35) الإصابة – ترجمة غالب بن عبد الله الكلبي ص ١٨٤ جـ ٣.
(36) الجامع – ترجمة غالب بن عبد الله الكلبي – ص ٤٣١ .
(37) البداية والنهاية – لابن كثير – ص ٧٦ جـ ٤ .
(38) تاريخ الأمم والملوك – للطبري – ص ٢٥٥ – ٢٥٦ جـ ٤ .
(39) مروج الذهب – للمسعودي – ص ١٧٦ جـا.
(40) القبائل العربية في المشرق – ص ١٧٤.
(41) تاريخ الطبري – ص ٢٥٦ – ٢٥٧ جـ ٤ .
_
تجميع
يمانيون في موكب الرسول عظماء الصحابة والفاتحين اليمانيين في فجر الإسلام
المجلد الثاني
محمد حسين الفرح رحمه الله
__
ابو صالح العوذلي 2024