امام العلماء حربي الحِميّري السبأي القحطاني اليماني
افضل علماء الرياضيات والكيمياء والفلسفة ومازال علمه للان العالم حربي الحِميّري احد أهم معلمي جابر بن حيان في محاولة للكشف عن ما هو محجوب من سير العلماء، يتطرق هذا المقال إلى محاولة لتسليط الضوء على بعض الزوايا المظلمة من سيرة حربي الحميري، وقل ما تطرق إليها الباحثون.
فممن تطرق لذكره:
– البروفيسور فؤاد سزكين. – الدكتور ارك جون هولميارد يقول سزكين عن حربي الحميري: “من أهم معلمي جابر بن حيان ذكر تلميذه أنه ولد في الجاهلية وامتد به العمر حتى القرن الثاني في الإسلام، وقد ذكر جابر الذي اعتاد أن يسميه في كتبه «الشيخ الكبير» أنه تلقى عنه الكثير من علومه واللغة الحميرية وروى جابر عنه في كتابه (كتاب الذهب) وصفا لتركيب في الصنعة كما خصص كتابا مستقلا لتصحيح وتمحيص آراء حربي، سماه (كتاب مصححات حربي) يترتب على ذلك أنه كان بين يدي جابر شيء مكتوب يرجع لأستاذه”.
ويقول هولميارد عنه في سياق حديثه عن جابر بن حيان في مقتبل عمره ما ترجمته: “خلال فترة إقامته في بلاد العرب، درس القرآن، الرياضيات، وموضوعات أخرى على عالم يسمى حربي الحميري”.
ويعد قولهما عن المترجم له من أجمع الأقوال التي تلخص لنا ما توصل إليه الباحثون – على ما وقع بأيدينا من المصادر وحربي الحميري هو من قبيلة حمير التي قال عنها ابن منظور: وحمير: أبو قبيلة، ذكر ابن الكلبي أنه كان يلبس حللا حمرا، وليس ذلك بقوي الجوهري: حمير أبو قبيلة من اليمن، وهو حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، ومنهم كانت الملوك في الدهر الأول، واسم حمير العرنجج وقوله أنشده ابن الأعرابي: أريتك مولاي الذي لست شاتما ولا حارما، ما باله يتحمر فسره فقال: يذهب بنفسه حتى كأنه ملك من ملوك حمير.
التهذيب: حمير اسم، وهو قيل أبو ملوك اليمن وإليه تنتمي القبيلة، ومدينة ظفار كانت لحمير” ولا يعرف من نسبه سوى اسمه وقبيلته. عاش في الكوفة في الفترة التي تتلمذ جابر بن حيان فيها على يديه، وقد ذكر الجلدكي – وهو شارح كتاب نهاية الطلب وأقصى غايات الارب – عن المؤلف: “الكتاب الأول من الجزء الثالث من كتاب البرهان في اسرار علم الميزان من شرح كتاب نهاية الطلب وأقصى غايات الارب للأستاذ الكبير جابر بن حيان بن عبدالله الكوفي مولدا الاسدي قبيلة الطوسي منشأ الصوفي مذهبا، آخذ عن حربي الحميري اليمني الذي كان من المعمرين، وترجمه جابر بأنه بلغ من العمر عتيا حتى انه عاصر أيام هارون الرشيد بعد مائة وسبعين سنة من الهجرة رحمة الله عليه، ولما تمهر جابر على علم حربي من صغره وبلغ في العلوم إلى مقام كبير هاجر إلى الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين عليهم السلام، فصار به جابر إماما”.
فالظاهر هو تعلم جابر الكوفي مولدا على يد الحميري، ومن ثم انتقل إلى مرحلة جديدة من مسيرته العلمية وعلى ما يظهر من حديث تلميذه عنه وحفظ علومه ومصنفاته، أن له تدبيرات خاصة في الكيمياء، كما أشار إلى ذلك سزكين ومن الواضح من قول هولميارد، أنه كان عالما بالقرآن والرياضيات، مضافا إلى الكيمياء واللغات، فلا يصح أن يكون المرئ أستاذا قبل أن يتقن باب العلم الذي يدرسه.
أما معرفته باللغات، فقد أشار إليها سزكين، ويقول جابر حول إستخراجه للسان الحميري: ولقد تعبت في استخراج الحميري تعبا ليس بالسهل، لأني لم أر أحدا يقول: إنه سمع من يقرأ به، فضلا عن أن أرى من يقرأ به إلى أن رأيت رجلا له أربعمائة سنة وثلاث وستين سنة، فكنت أقصده، وعلمني الحميري وعلمني علوما كثيرة ما رأيت بعده من ذكرها، ولا يحسن شيئا منها. قد أودعتها كتبي في المواضع التي تصلح أن أذكرها فيها، وذلك إذا سمعتنا نقول: قال الشيخ الكبير، فهو هذا الشيخ وإذا قرأت كتابنا المعروف بالتصريف فحينئذ تعرف فضل هذا الشيخ وفضلك أيها القارئ، والله أعلم إنك أنت هو” ومن الجدير بالذكر أنه لا يعرف لحربي الحميري تلميذا غير جابر بن حيان، ولا آثارا إلا ما حفظه جابر عن أستاذه في تراثه، ولم نعثر إلى الآن ذكرا مستقلا للحميري دون ابن حيان.
ونلاحظ من قول جابر في المصدر السابق، أن “الشيخ الكبير” قد عمر إلى عمر يناهز ال٤٦٣ سنة، وهذا يعني أنه ولد – على أقل تقدير – سنة ٢٩٣ قبل الهجرة، لأن الجلدكي أشار فيما سبق إلى وفاته أيام هارون الرشيد سنة ١٧٠ للهجرة إن حربي الحميري كان عالما موسوعيا، فله على ما ظهر لنا من الدلالات، علم القرآن، الرياضيات، اللسانيات والكيمياء ومازالت بعض آثار علومه واقعة بأيدينا ببركة تلميذه جابر بن حيان، كوجود تركيب له في كتاب الذهب وبعض آرائه المصححة في مصححاته. نأمل في المستقبل أن ييسر الله تعالى لنا ولجميع الباحثين دراسة هذه الشخصية بعمق.