صنعاء، أخبار اليمن – الكفالة التجارية ( الضمانة ) لا تنتهي الا في الاحوال المحددة في القانون
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
▪️الكفالة التجارية (الضمانة) تصرف لازم ونافذ وملزم للكفيل يجب عليه الوفاء بما ورد في كفالته، وقد حدد القانون التجاري حالات إنتهاء الكفالة التجارية ، وليس من بين حالات إنتهاء الكفالة التجارية تغيير بعض بيانات أطراف الكفالة مثل عنوان الكفيل أو اسم المكان أو الشخص الذي ترسل إليه البضاعة التي كفل الكفيل إرسالها إليه، لأن موضوع الإلتزام بالكفالة هو قيام المكفول عليه بإرسال البضاعة وهو مالم يحصل، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-12-2017م في الطعن رقم (59449)، الذي ورد ضمن أسبابه ((فالبين أن ما اثاره الطاعن في أسباب طعنه لا يقوم على أي سند من القانون، بل أن ذلك ضرب من التكلف وتكرار الإحتجاج بما لا حجة فيه، إذ أنه من المعلوم أن الطاعن لا يجحد صحة حصول الضمانة منه بأنه يضمن المكفول عليه فلان بن فلان بتوريد البضاعة من الخارج إلى المكفول له، فالكفيل لا يجحد الكفالة ولكنه يتعلل بإنتهاء كفالته بتعديل اسم المكفول له وعنوانه، وهذا التعديل لا ينهي الكفالة على النحو الذي ذكره الطاعن في طعنه، لأن الضمان موجب لما ضمن به الضامن أو الكفيل، وهو حصول الوفاء بالإلتزام وتوريد البضاعة موضوع الضمان، فلا تأثير لقيام المطعون ضده المكفول له بالتعديل في الفاتورتين لاسم العنوان الذي سوف ترسل إليه البضاعة من الخارج التي قام المطعون ضده بتسديد قيمتها مقدما إلى المكفول عليه، فالكفال موجب لإعادة الثمن من قبل المكفول عليه أو كفيله، فلا يترتب على تغيير اسم المرسل إليه في الفاتورة إنتهاء كفالة الطاعن، ولذلك فإن الحكم الاستئنافي صائب وموافق للشرع والقانون))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: مفهوم الكفالة التجارية:
▪️الكفالة بصفة عامة: هي ضم ذمة إلى ذمة حتى يستطيع المكفول له الرجوع على الكفيل والمكفول عليه معاً أو كل واحد منهما على إنفراد، والكفالة عبارة عن ضمانة لوفاء المكفول عليه بإلتزامه، ولذلك يطلق عليها في اليمن( الضمانة) مع ان الفقه الإسلامي والقانون التجاري اليمني والقانون المدني يطلق عليها مصطلح (الكفالة )، وقد عرّف القانون التجاري اليمني الكفالة التجارية في المادة (230) بأنها: (الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة بتنفيذ إلتزام وتنعقد بإيجاب وقبول من الكفيل والدائن)، وتكون الكفالة تجارية إذا كان الكفيل يضمن ديناً تجارياً، حسبما ورد في المادة (231) تجاري التي نصت على أن (تكون الكفالة تجارية إذا كان الكفيل يضمن ديناً تجارياً بالنسبة للمدين)، ووفقاً لهذا النص فإن مسمى (الضمانة التجارية) الذي تشترطه بعض الجهات ضمن مسوغات تعيين العمال والموظفين لا ينطبق على هذا المسمى مفهوم الضمانة التجارية المنصوص عليها في القانون التجاري اليمني، لأن الضمانة التجارية المنصوص عليها في القانون التجاري يكون محلها ديناً تجارياً متعلقا بذمة المدين ومحققا اي موجودا بالفعل ، والموظف أو العامل حينما يتقدم لوظيفة أو لعمل لا يكون مديناً بدين ، فالكفالة التجارية المقررة في القانون التجاري اليمني تتناول الدين التجاري الموجود بالفعل وليس الأضرار المدنية التي قد تلحق مستقبلاً بالجهات الإدارية أو جهات العمل، لأن هذه الأضرار المترتبة عن أفعال العمال أو الموظفين تندرج ضمن التعويض المدني، ولذلك تقوم بعض جهات العمل في اليمن التي تمتلك خبرات قانونية متمرسة بتضمين كفالة العمل أو الوظيفة النص المقرر في القانون المدني بشأن الضمانة المستقبلية حتى تستطيع الرجوع على الكفيل التجاري بموجب النص الوارد في القانون المدني لأن أحكام الكفالة التجارية المنصوص عليها في القانون التجاري لا تنطبق على ضمانة العمل أو الوظيفة حسبما سبق بيانه، حيث تطلب يعض جهات العمل في اليمن عند تشغيل العمال صدور الضمانة من تاجر فيكون اسمها ضمانة تجارية عل غ اساس انها صادرة من تاجرالا يتم تضمينها نص القانون المدني بشأن الضمانة المستقبلية الاتي ذكره لأن الكفالة المستقبلية هي تلك التي تضمن الأضرار التي قد تلحق بجهات العمل مستقبلاً بسبب أفعال وجنايات العمال أو الموظفين في المستقبل، فالقانون المدني اليمني اجاز (الضمانة المستقبلية) حسبما ورد في المادة (1039) من القانون المدني اليمني التي نصت على أن (تصح الكفالة بما سيثبت مستقبلاً، وللكفيل الرجوع فيما سيثبت بالمعاملة قبل ثبوته وإذا ثبت قبل الرجوع لزمت الكفالة).
الوجه الثاني: حالات إنتهاء الكفالة التجارية:
▪️تنتهي الكفالة التجارية بقيام المدين المكفول عليه أو الكفيل أو غيرهما بالوفاء بالدين محل الكفالة، وكذا تنتهي الكفالة بإبراء المكفول له الدائن للمدين المكفول عليه، كما تنتهي الكفالة إذا لم يطالب الدائن المدين بالدين المكفول عليه رغم إخطار الكفيل للدائن بذلك، فإذا لم يطالب الدائن المدين خلال شهر من تاريخ الاخطار المشار اليه سقطت الكفالة، حسبما هو مقرر في المواد (244 و 248 و 249) من القانون التجاري، وعلى هذا الأساس فإن الكفالة التجارية لا تنتهي إلا في الحالات المحددة في القانون التجاري، ولذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن قيام المكفول له في الفاتورة بتغيير عنوانه الذي كانت سترسل له البضاعة من الخارج لا تنتهي بهذا التغيير الكفالة ، إذ أن موضوع الكفالة هو إلتزام الكفيل بأن يقوم المنتج خارج اليمن بإرسال البضاعة إلى التاجر اليمني المكفول له بحسب العنوان الذي يختاره التاجر المكفول له، فالعنوان ليس محل الكفالة، والله اعلم .