طبيعي ان نعيش في ضنك وتعب!!!!!
اولا: لو نظرنا لحياتنا كمسلمين في منطقنا لوجدناها حياة ضنك وتعب. لا نحن نعيش حياة الكفار الممتعة في الدنيا كما يقول الكل، ولا حياة الصالحين العابدين، الذين سوف ينتقلون للجنة برحمة الله وصبرهم وعملهم، فهل من المنطق ان نخسر في الجانبين بقلة عقلنا وطيشنا؟ ذلك يظهر بشكل واضح حولنا، تنم عن استغلال ضعف الاخر وحاجته اينما نظرنا حولنا. نمارس الظلم والتسلط والابتزاز وأخذ المال بغير حق، و طبعا نجد لذلك حجج مختلفة اقلها نفسر ذلك شطارة وفهلوة واحمر عين.
والسؤال، لماذا يجب ان تخسر الدنيا والاخرة؟ اقلها يجب ان نعرف ان النهاية محسومة لنا، بمعنى ميت عنما قريب وسوف تختفي من المشهد مهما سرقت وظلمت وتجبرت. قد يقول من اجل مستقبل اولادي واسرتي؟
هنا يمكن ان نقول لك، اولادك لايحتاجون الا تعليم وتربية وعاطفة وليس بالضرورة مال حرام وسرقة وبطش بعباد الله ونهب، او البسط على حقوق الناس او استغلال احتياجتهم وقلة فرصهم. هنا عليك ان تطرح سؤال ماذا يهمك بجشعك ان كان اولادك واسرتك معهم ما يكفيكم، حيث المفهوم الرباني واضح ويقول لنا انهم لن يقفوا سد منيع امام ذنوبك ولو تركت لهم ما تركت من تجيير الوظائف لهم والعقود المسيسة من الدولة، فقوله تعالى “ولا تزر وازرة وزر أخرى” واضحة كمنهج ، بمعنى نفس مثقلة بذنوبها لن ينجدها ولد ولا بنت ولو تركت لهم ما تركت، وايضا قوله “وكلهم آتيه يوم القيامة فردا” بمعنى الفردية، فلا ناصر ولا مجير، هنا تنته الاسرة والجاه والصفة والوظيفة والاهمية، بمعنى تقف لحالك ولوحدك أمام ربك ودخلت لميزان العدل بعملك وكنت في جهنم وانت تفتكر انك احسنت عملا، وهنا انت باختيارك من هدم حياته في المكان الاخر، ولم تتوازن بعقلانية حسب قوله تعالي “اني جاعل في الأرض خليفة” بمعنى الاستخلاف والقيام بدور رباني.
ثانيا: قد تقول ياخي انا موظف كحيان لم اسرق وانما كان اختصاصي المع والف وادور من اجل استمر،او المتاجرة بوظائف اوازاحة اشخاص محسوبين على طرف واتهام البعض انهم مع العدوان او مع الحوثة او تميع الجرائم في الحرب في الاعلام ، فهل ذلك ذنب؟. والاجابة ذلك ليس ذنب واحد وانما قنبلة عنقودية لذنوب تتوسع اثارها بعملك ولايكفي لذلك ان تتعلق حتى بستار الكعبة وقد هدمت حياة غيرك بشكل مباشر او غير مباشر كون كنت في الامتحان واخفقت ايضا، فعندما ازحت فلان من وظيفة او خلقت وظيفة لقريبك او ساهمت بطمس حقيقة او غيرها، كنت فاجر، لم تكن عادل متزن انجمت اضرار لم تشاهد اثرها وقتها. هنا كنت في اختبار اخفقت فيه دون ان تشعر، فانت استغليت قوتك لفرمتت، الذي امامك واستغليت امكانياتك لتسترزق لنفسك واهلك وجماعتك على حساب غيرك ومجتمعك وبلدك واستغليت موهبتك لطمس حقائق وكنت لا تشعر ان لكل شيء كتاب وان عبادتك ليست لها قيمة ولو دفنت حتى داخل الكعبة.
لم تتذكر جوهر الدين ولا قولة رسوله ” لن يزال المؤمن في فسحَة من دينه مالم يصيب دما حراما’ . والاصابة هنا بمفهومها الشامل كل شيء يضر الاخرين او يغير مجرى الحق، فكيف ان كنا نعيش الاضطهاد و الصراع والحرب واستغلال حاجة الاخر وخوفه.
ثالثا: عندما يكون الانسان المسؤول في موضع قرار يحدد مصائر الناس و حياتهم فقد وقع عليه الاختبار امام الله لاسيما وسر وجود الانسان في هذه الحياة وتعامله بها هو سر الاستخلاف اي السلوك بمنهجية ربانية في حفظ حق الحياة لكل شيء حوله وصيانتها. حق الحياة فهمها للمسؤول يقتضي فهم معايير العدل والمساواة وحفظ كرامة الاخرين وعدم استغلالهم بحكم الامكانيات، التي صارت تحت يده من معرفة وقرارات ومعلومات في الاستحواذ على الفائدة له ولاهله واصحابه، لانه وقتها يكون قد سقط في الامتحان كإنسان طبيعي وسقط امام الله وبشكل فج وسقط امام المجتمع و امام من كان يحترمه. وانطلاقا من المفهوم الديني فالانسان الطبيعي بشكل عام خليفة بحكم خطاب الله لداود، والذي هو خطاب خاص بمفهوم خطاب لمن يريد طريق الله “يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض، فاحكم بين الناس بالحقّ” وبحكم قوله تعالى ” اني جاعل في الارض خليفة “، والتي لن افسر الاخيرة فقط بمفهوم قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن و جيلا بعد جيل كما درسنا، وانما افسرها بمفهوم الاستخلاف لفلان وهنا الاستخلاف لله في الارض بممارسة معايير عادلة واضحة دون اقصاء او انتقاء لما يناسبه وبما يخدمه هو او استمرار جماعته.
رابعا: الاستخلاف لا يعني فقط عند المسؤول او الحاكم وانما انت بحد ذاتك تقع في الامتحان بما تحت يديك اي خليفة لما تحت يديك اي راعي كما ورد في باب درجات المسؤولية في الحديث الذي رواه عبدالله بن عمر “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”.
فمدرس المدرسة مستخلف في العمل من الله في الامانة، التي تحت يده و هم هنا الاطفال، يبني في فكرهم من دون تقصير ومستخلف في اهله في نفس الوقت من الله. فاذا لم يقوم بعمله كما يريد الله وباتقان وكان مدرك ذلك فقد وقع عليه الاثم لان طريق الله كانت واضحة ولكن طريق الشيطان تغلبت متمثلة بالكسل او الامبالاة او الانشغال باشياء ليست في صميم الامر. والدكتور الجامعي، والطبيب والمهندس والطباخ وغيرهم ينطبق عليهم نفس الطرح. وكذلك قائد المقاومة او الجيش، الذي يرسل الناس للموت وهو يعلم انه لن ينتصر وانما من باب انا هنا هذا وقع علية الاثم، لان الله اعطاه العلم بامكانيات من يقاتل وكان له ان يفهم انه لن ينتصر و لكن طريق الشيطان كانت اقوى وصورت له ان الانتصار يقتضي ان نرهق العدو وليس هناك ضرر ان نضحي “بشوية علشان الباقى يعيش” متناسيا ان كل شخص يموت هو بحد ذاته حياة كان الاجدر الحفاظ عليه.
وكذلك الاعلامي، الذي يعرف الحقيقة او يعرف ان صاحبه او ابن منطقته او جماعته مسؤول فاشل وفاسد، ورغم ذلك هلكنا منشورات يفسر ويعلل ويمدح، ذلك يزرع الكذب وينشر اخبار خاطئة او يبحث عن تبريرات رخيصة برغم ان الله اعطاه قدرة على تنسيق الكلام والتلاعب في العبارات، فهذا وقع عليه الاثم ولم يمثل الاستخلاف. والمستشار الذي يتهم الاخرين بقصد الاقصاء وكذلك الوزير الذي لم ينظر الا الى قريبه وصاحبه في المنصب واصدر قرار لصالح ذلك فكان خليفة فاسد واثم احدث خلل في قوانين ربانية حتى لو يعيش ويصلي داخل الحرم. الشيطان يدخل هنا من باب التعليل ان المرحلة تقتضي ناس منا نثق بهم او هولاء افضل من جماعة فلان او ليس هناك اختيار وغير ذلك. اخيرا عجلة الرحيل من المناصب والمواقع في الدولة ومن الدنيا تدور بشكل سريع لا يمكن لك بعدها اصلاح اي خطأ.
بقلم البرفيسور أيوب الحمادي