أقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، رئيس جهاز الاستقرار الداخلي لطفي الحراري وعين العميد مصطفى الوحيشي خلفًا له، بعد مقتل عبد الغني الككلي المعروف بغنيوة. يُعزى هذا القرار لتدهور الوضع الاستقراري في طرابلس وتدخلات غنيوة المستمرة في المؤسسات السيادية، مما أثر سلبًا على عمل السلطة التنفيذية. غنيوة، الذي اغتيل في اشتباكات، كان شخصية مثيرة للجدل ذات تاريخ إجرامي، حيث توسع نفوذه في ظل الفوضى الاستقرارية والسياسية. الأوضاع لا تزال متوترة، مع اشتباكات مستمرة وحالة من الاضطراب في العاصمة.
طرابلس- صرح رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، عن إقالة لطفي الحراري، رئيس جهاز الاستقرار الداخلي، وتعيين العميد مصطفى الوحيشي، ضابط جهاز المخابرات الليبية، ليحل محله، وذلك يوم الثلاثاء الماضي.
يأتي هذا القرار في سياق التدهور الاستقراري الذي شهدته العاصمة طرابلس، يوم الاثنين، عقب مقتل عبد الغني الككلي المعروف بـ “غنيوة”، رئيس جهاز دعم الاستقرار والاستقرار.
في محاولة لفهم أبعاد هذا القرار والوضع الاستقراري المتقلب في طرابلس وأسباب مقتل “غنيوة”، تستعرض الجزيرة نت أهم التطورات من خلال الإجابة عن أبرز الأسئلة التي يطرحها هذا المشهد المتسارع.
ما الذي دفع حكومة الوحدة للتخلي عن غنيوة وتفكيك نفوذه؟
يعتبر الحراري من المقربين لغنيوة، مما أتاح للأخير فرض سيطرته على جهاز المخابرات الليبية، مما أعاق حكومة الوحدة عن تنفيذ مهامها.
يواجه غنيوة اتهامات بالتدخلات المستمرة في المؤسسات السيادية، حيث كان يهيمن على جهاز الرقابة الإدارية، وأحدث انقسامات داخل ديوان المحاسبة الليبي، وسعى مؤخرًا للسيطرة على المؤسسة الوطنية للنفط، مما أوقف عمل السلطة التنفيذية بشكل كبير.
لكن هذه التدخلات ليست جديدة، بل جاءت نتيجة اتفاق غير معلن بين حكومة الوحدة والككلي، حيث تم بموجبه تثبيت نفوذهم في مؤسسات حساسة مقابل توفير الحماية الاستقرارية للعاصمة.
من هو عبد الغني الككلي..
رئيس جهاد دعم الاستقرار في طرابلس..
الملقب بغنيوة..
والذي اغتيل في اشتباكات مسلحة بالعاصمة الليبية.. pic.twitter.com/O7yB67Cvu6
— ATLibya (@libya_at) May 12, 2025
من عبد الغني الككلي؟ وما مصادر قوته ونفوذه؟
تمت الإشارة إلى عبد الغني الككلي بتورطه في نشاطات إجرامية، وقد قضى أكثر من 10 سنوات في السجن بعد إدانته بالقتل. أُطلق سراحه بعد ثورة 17 فبراير، حيث انضم إلى صفوف “الثوار”.
استفاد الككلي من الفراغ الاستقراري والسياسي لاحقًا، واكتسب نفوذه من خلال المناصب الاستقرارية العديدة التي شغلها، وكان أبرزها رئاسة “جهاز دعم الاستقرار”، الذي حصل عليه ضمن جهود الدولة لإدماج المليشيات في المؤسسات الرسمية خلال فترة حكومة الوفاق في 2021.
من خلال هذا المنصب، اكتسب غنيوة وكتيبته غطاءً رسميًا ساعده على توسيع نفوذه خارج طرابلس، وبناء علاقات ضخمة داخل دوائر السلطة، مما فتح له الأبواب نحو عالم المال والأعمال من خلال النفط الليبي.
بالإضافة إلى ذلك، أسس “كتيبة أبو سليم”، واحدة من أقوى الكتائب في طرابلس، والتي قامت بحفظ الاستقرار ومكافحة الجريمة المنظمة، لكنها وُجهت إليها اتهامات بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك سوء إدارة السجون والاعتقالات العشوائية.
وثق النشطاء هذه الاتهامات من خلال مقاطع فيديو، حيث قاموا بنشر لقطات من داخل سجون غنيوة التي تشبه المقابر تحت الأرض في “سوق بوسليم”، وهو أحد أكثر الأماكن حيوية في طرابلس.
تحت أقدام المتسوقين وضوضاء المدينة، لم تُسمع صرخات السجناء في الأسفل، ولكن أكياس الجثث المتناثرة وظروف الاحتجاز القاسية تروي قصص انتهاكات الككلي.
أُحيي وزارتي الداخلية والدفاع، وجميع منتسبي القوات المسلحة والشرطة، على ما حققوه من إنجاز كبير في بسط الاستقرار وفرض سلطة الدولة في العاصمة.
إن ما تحقق اليوم يؤكد أن المؤسسات النظام الحاكمية قادرة على حماية الوطن وحفظ كرامة المواطنين، ويُشكل خطوة حاسمة نحو إنهاء المجموعات غير النظام الحاكمية، وترسيخ مبدأ…
— عبدالحميد الدبيبة Abdulhamid AlDabaiba (@Dabaibahamid) May 13, 2025
ما الذي يحدث في طرابلس؟
تجري اشتباكات دامية في أجزاء من العاصمة طرابلس منذ يوم الاثنين الماضي، أسفرت عن مقتل غنيوة. جاءت هذه الاشتباكات نتيجة تصاعد التوتر بين الجماعات المسلحة وجهاز دعم الاستقرار الذي كان يقوده الككلي.
ما الدور الذي تلعبه حكومة الوحدة الوطنية في المشهد الاستقراري الراهن؟
صرحت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية عن “فرض السيطرة” على منطقة بوسليم وجميع الأجهزة التابعة لجهاز دعم الاستقرار والاستقرار. ونوّهت الوزارة في بيان أن العملية العسكرية انتهت بنجاح، لكنها تعمل على ضمان الاستقرار الاستقراري بجميع أحياء طرابلس.
من جانبه، وجه رئيس السلطة التنفيذية عبد الحميد الدبيبة تحية لوزارتي الداخلية والدفاع وجميع الأجهزة الاستقرارية عبر حسابه على منصة “إكس”، قائلاً “ما تحقق اليوم يُظهر قدرة المؤسسات النظام الحاكمية على حماية الوطن وكفالة كرامة المواطنين”، مشيرًا إلى أن ما تحقق هو خطوة حاسمة نحو انتهاء الوجود الفوضوي لحفظ الاستقرار في البلاد.
كيف تفاعلت الأطراف الدولية مع التطورات الاستقرارية في العاصمة الليبية؟
قدم وزير الخارجية الليبي المكلّف، الطاهر الباعور، إحاطة شاملة حول المستجدات الاستقرارية والسياسية في طرابلس خلال اجتماع موسع عُقد يوم الثلاثاء، مع رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين ونائبة المبعوثة الأممية، ستيفاني خوري.
كما نوّه وزير الخارجية المصري بدري عبد العاطي ونظيره التركي هاكان فيدان على أهمية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت خلال لقائهما لمناقشة التطورات الاستقرارية في ليبيا.
من ناحية أخرى، أنذرت بريطانيا رعاياها من السفر إلى طرابلس بسبب التمركزات العسكرية الكبيرة، وحثت السفارات مواطنيها على عدم الخروج أو التجول أثناء الاشتباكات.
كيف تبدو طرابلس بعد مقتل غنيوة؟
تستمر الاشتباكات في مختلف أنحاء العاصمة طرابلس بين قوات حكومة الوحدة من جهة، وقوات جهاز الردع ومنطقة الغرب الداعمة لها من جهة أخرى. بينما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق، دعت السفارة الفرنسية في ليبيا إلى ضرورة وقف إطلاق النار الفوري.
في سياق متصل، قررت أربع بلديات في العاصمة تعليق العمل والدراسة بسبب الاشتباكات. كما تم تحويل جميع الرحلات القادمة إلى مطار معيتيقة الدولي (شرقي طرابلس) إلى مطار مصراتة الدولي.
يعاني الوضع الاستقراري في ليبيا من مشاكل مستمرة وسط انقسام سياسي منذ عام 2022، حيث تتنافس حكومتان على السلطة: حكومة الوحدة المعترف بها دولياً برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها طرابلس، وكذلك حكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب ومقرها في الشرق وتدير أيضاً مناطق في الجنوب.