متابعات | شاشوف
مثَّل الاتفاق بين الولايات المتحدة والسلطات في صنعاء الذي أعلنت عنه سلطنة عمان، مشكلة لإسرائيل التي تدعمها واشنطن في حرب الإبادة على قطاع غزة، فإلى جانب أن مسؤولين إسرائيليين قالوا إن واشنطن لم تُبلغ تل أبيب بقرار وقف إطلاق النار على اليمن، استاء الإسرائيليون من أن الولايات المتحدة تراعي مصالحها على حساب الأمن الإسرائيلي.
وذكرت مجلة إيبوك اليمينية الإسرائيلية (وهي مجلة خاصة) أن قرار الرئيس الأمريكي ترامب جاء لتجنب التورط العميق في اليمن، ومحاولة للخروج من الصراع في البحر الأحمر، حتى لو كان ذلك على حساب أمن إسرائيل.
توقيت سيء لإسرائيل وضربة قاسية
هذا القرار يمثّل المبدأ الذي يوجه السياسة الخارجية لترامب الرامية إلى تحقيق الحد الأدنى من التعقيدات، والحد الأقصى من الفوائد المباشرة لأمريكا وفقاً للمجلة التي اطلع شاشوف على تقريرها. وأضافت أن إعلان ترامب “المفاجئ” جاء في توقيت سيء بالنسبة لإسرائيل، إذ تم مباشرةً بعد إطلاق الحوثيين للصاروخ على مطار بن غوريون، البوابة الرئيسة لإسرائيل على العالم.
وبينما اندهشت إسرائيل من ذلك، اعتبر مسؤولون سياسيون إسرائيليون أن خطوة واشنطن “خروج استراتيجي من المستنقع اليمني”، خصوصاً قبل زيارة ترامب إلى دول الخليج (السعودية، الإمارات وقطر). وهذا الأمر يترجم مبدأ “أمريكا أولاً” بـ”شكل متطرف”، إذ تهتم الولايات المتحدة بمصالحها أولاً، حتى لو أضر ذلك بإسرائيل، حليفتها، تقول المجلة.
وفي المقابل يعتبر البعض في إسرائيل أن هذه خطوة مؤقتة، لتخفيف التوترات قبل زيارة ترامب للشرق الأوسط، وتمهد أيضاً لاستئناف المفاوضات مع إيران بخصوص الاتفاق النووي، لكنه قد يكون أيضاً وفاءً بوعد ترامب الانتخابي بعدم خوض حروب إضافية، بينما “يحاول (ترامب) خلق انطباع خاطئ في عيون الأمريكيين بأنه هزم الحوثيين، حتى لو كان ذلك انتصاراً وهمياً، حيث حرص ترامب على التأكيد في إعلانه عن وقف إطلاق النار مع الحوثيين على أنهم استسلموا”.
الخطوة عموماً تمثل “ضربة قاسية” لإسرائيل وفق المجلة، فإسرائيل قد تجد نفسها الآن تواجه الحوثيين في اليمن وحدها، دون الدعم من أمريكا، التي أدركت أن “القصف لم يكسر القوة العسكرية أو الإرادة السياسية للنظام في صنعاء، وثانياً الفشل في تشكيل تحالف عربي لغزو بري حيث رفضت مصر والسعودية والإمارات الانضمام إلى الخطوة الأمريكية التي تخدم مصالح إسرائيل بالمقام الأول” كما تقول المجلة.
كما أن الدعم الذي حصلوا عليه (الحوثيون) بمساندة غزة، أعطاهم شرعية إقليمية، وجعلهم رمزاً للوقوف في وجه الغرب وإسرائيل. وإلى جانب ذلك، تمكنوا من إسقاط 22 طائرة مسيرة متطورة من طراز MQ-9، وتسببوا في خسارة ثلاث طائرات، والآن تسود مخاوف بين القيادة الأمريكية من تعرض حاملة طائرات لضربة مباشرة، وهو السيناريو الذي من شأنه أن يعتبر “عاراً أبدياً” للبحرية الأمريكية، حد تعبير المجلة الإسرائيلية.
وواجه ترامب خيارين صعبين، فإما التصعيد -وقد يشمل غزواً برياً مكلفاً وخطيراً- أو استمرار الضربات الجوية التي أثبتت عدم جدواها، وخشية التورط العميق في “الوحل اليمني” اختار ترامب خياراً ثالثاً وهو “الانسحاب من الصراع دون إنهائه”.
مجلة أمريكية: هكذا تفوق الحوثيون
في السياق نفسه، تحدثت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، الصادرة شهرياً عن مجلس العلاقات الخارجية، عن “تفوق الحوثيين” وقالت إن ترامب أعلن “بكل بساطة” عن وقف إطلاق النار، رغم أن “الحوثيين” ما زالوا قادرين على تعريض الاقتصاد العالمي للخطر، إذ إن هجماتهم “فعالة للغاية” ضد الشحن الدولي في البحر الأحمر، وخاصة ضد إسرائيل، وهذا الاتفاق لا يقيد صراحة أعمال الحوثيين ضد أي دولة أخرى غير الولايات المتحدة.
المثير للحيرة، كما تقول المجلة، هو غياب إسرائيل والسفن المرتبطة بها عن الاتفاق، وأن هذا الاتفاق جاء رغم أن موقف الحوثيين لم يتغير جوهرياً منذ أن بدأت إدارة ترامب حملتها الجوية المصعدة في 15 مارس.
وبعد العملية العسكرية الأمريكية التي كلفت أكثر من (2 مليار دولار) وكان من المفترض أن تؤثر على قدرات الحوثيين العسكرية، لم يسهم وقف إطلاق النار إلا في “ترسيخ موقف الجماعة الأصلي”، مع وصفها الاتفاق بأنه “انتصار لليمن”، رغم ادعاء ترامب أن الحوثيين “استسلموا”.
وفي العموم، وفّر وقف إطلاق النار لإدارة ترامب “نهايةً سريعة لحملة كانت تزداد صعوبة”، لأن القصف لم يكن باهظ التكلفة فحسب، بل يثير مخاوف من احتمال انزلاق الولايات المتحدة إلى حرب أخرى لا تنتهي في الشرق الأوسط.
ومن جهة أخرى، بإمكان واشنطن أن تحد من مشاركتها العسكرية وأن تدعم مساراً للتسوية في اليمن، من خلال العمل مع حلفائها في المنطقة لممارسة ضغوط عسكرية واقتصادية وسياسية. وتوضح المجلة بأنه لضمان بعض التوازن في اليمن يجب على واشنطن منح الدول الخليجية التي تدعم حكومة عدن، السعودية والإمارات، الضمانات الأمنية اللازمة لمواصلة دعم الحكومة سياسياً وعسكرياً، رغم أنهما أعلنتا أنهما غير مهتمتين بإعادة إشعال الحرب.
تم نسخ الرابط