إعلان

الاقتصاد العالمي | شاشوف

بعد أيام من التصعيد العسكري الأخطر، أُعلن عن وقف إطلاق نار بمفعول فوري بين الهند وباكستان، بوساطة أمريكية وفق إعلان الرئيس دونالد ترامب، وهو ما أعاد، على سبيل المثال لا الحصر، فتحَ مجال باكستان الجوي أمام جميع الرحلات. وكانت القوتان النوويتان تبادلتا القصف منذ الأربعاء، على خلفية هجوم استهدف سياحاً في الشطر الذي تديره الهند من إقليم كشمير أواخر أبريل الماضي.

إعلان

ولعلّ المواجهات التي استُخدمت فيها الصواريخ والمسيرات على طول الحدود القائمة بحكم الأمر الواقع في إقليم كشمير المتنازع عليه، هي الأسوأ منذ عقود وأودت بحياة أكثر من 60 مدنياً. وقد تدخلت في التحركات الدبلوماسية أكثر من 30 دولة، وقال وزير الخارجية الأمريكي “ماركو روبيو” إن الاتفاق جاء بعد “مفاوضات مكثفة” أجراها هو ونائب ترامب “جيه دي فانس” مع رئيسي الوزراء الهندي ناريندرا مودي والباكستاني شهباز شريف ومسؤولين كبار آخرين. ورغم ذلك، لا تعتزم الدولتان حالياً البحث في أيٍّ من المواضيع الخلافية بينهما باستثناء وقف إطلاق النار.

الحرب في ميدان الاقتصاد

كانت التقارير أشارت إلى أن الحرب بين الهند وباكستان تؤثر على الاقتصادين المحليين، وتمتد تأثيراتها إلى الخارج، وخاصة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشرق أفريقيا.

وربما لا يقل الصراع في ميدان الاقتصاد عنه في العسكري، إذ تُظهر البيانات التي تتبعها شاشوف أن باكستان خسرت معركة صامتة أمام جارتها. فهناك فجوة في البيانات تشير إلى بلوغ الناتج المحلي للهند بلغ 3.9 تريليون دولار في 2024، أي ما يعادل عشرة أضعاف الناتج المحلي لباكستان، ويعكس هذا الرقم تراكمات طويلة من السياسات الاقتصادية والاستراتيجيات التنموية التي ساعدت الهند على الصعود، في مقابل تحديات مزمنة أضعفت قدرة باكستان على اللحاق بالركب.

ووفق أرقام صندوق النقد الدولي التي اطلع عليها شاشوف، فإن حجم الاقتصاد الهندي في 2024 بلغ 3,909 مليار دولار، مقابل حجم الاقتصاد الباكستاني البالغ 373 مليار دولار، وجاء نصيب الفرد من الاقتصاد الهندي العام الماضي 2.71 ألف دولار، مقابل 1.58 ألف دولار نصيب الفرد من الاقتصاد الباكستاني. في حين توقع الصندوق نمو الاقتصاد الهندي هذا العام بنسبة 6.2%، مقابل نمو للاقتصاد الباكستاني بنسبة 2.6%.

لكن رغم أن الهند تكسب المعركة اقتصادياً أمام باكستان، إلا أن الحرب لم تعف البلدين من التداعيات السلبية، وسط التهديدات التي طاولت سلسلة الإمدادات الدولية.

وقد أكدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن التوترات بين الهند وباكستان تهدد قدرة الأخيرة على الوصول إلى التمويل وتضغط على احتياطياتها من النقد الأجنبي. وتبقى احتياطيات النقد الأجنبي في باكستان أقل مما هو مطلوب لتلبية احتياجات سداد الديون الخارجية خلال السنوات القليلة المقبلة.

وقد بلغت ديون باكستان للمقرضين الأجانب أكثر من 131 مليار دولار بنهاية 2024، حسب بيانات اطلع عليها شاشوف من مركز معلومات الاستثمار (CEIC)، واقترضت الحكومة أكثر من 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في السنتين الماليتين الماضيتين، لتتجاوز الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وفي المقابل تُقلق الأحداث المستثمرين العالميين في الهند، خامس أكبر اقتصاد في العالم، بوصفها قوة اقتصادية ناشئة تجذب مليارات الدولارات من الاستثمار الأجنبي المباشر وتدفقات المحافظ الاستثمارية. وتهدد التوترات بتعطيل خطط الهند للاستثمار في البنية التحتية وتعطيل سلاسل التوريد وزعزعة ثقة قطاع الأعمال.

صندوق النقد يصرف مليار دولار لباكستان

أقر صندوق النقد الدولي أمس الجمعة صرف تمويل بقيمة مليار دولار لصالح باكستان لتوفير بعض الدعم لمالية البلاد الهشة وسط الصراع مع الهند. وهذا المبلغ جزء من برنامج تمويلي أوسع بقيمة 7 مليارات دولار جرى الاتفاق عليه في 2024.

وكان الهنود اعترضوا على منح هذا القرض، وانتقدوا اعتماد باكستان المتكرر على برامج صندوق النقد، إلا أن إسلام آباد لا تولي اهتماماً لذلك، حيث ترى أن هذه الأموال تعزز احتياطي العملات الأجنبية لديها وتوفر دعامة لاقتصادها الذي يواجه تحديات إضافية منها الرسوم الجمركية الأمريكية.

وتشير المعلومات التي قرأها شاشوف إلى أن باكستان نجحت في تجنب التخلف عن السداد عام 2023، لكنها ما زالت تواجه أعباء ضخمة من مدفوعات الفوائد، وستحتاج أكثر من 100 مليار دولار في تمويل خارجي حتى عام 2029.

وأبقى الإعلان عن “وقف النار” فقط باب الصراع مفتوحاً، وهو ما يضع المخاوف من تجدده نظراً للملفات العالقة التي لم يتم حلها حتى الآن، بما فيها ملف نهر السند الذي تتهم باكستانُ الهند بإعاقة تدفق مياهه إليها، كما يُنظر إلى أن خفض التصعيد التاريخي مرهون بإنقاذ معاهدة مياه السند المبرمة عام 1960.


تم نسخ الرابط


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا