فشلت الدبابات والمدرعات الروسية، التي لعبت دوراً رئيسياً في التوتر الأوكراني-الروسي، في اجتياز اختبار أوكرانيا. وشهد اليوم الأول بقاء البعض منها على الطرق بسبب نفاد الوقود، وبعضها تعطل، والبعض الآخر علق بالوحل ولم يتمكن من الخروج. فيما لم يصمد العديد من تلك التي نجحت في الوصول أمام الأنظمة المضادة للدروع التي استخدمها الأوكرانيون بفاعلية منذ بدء الغزو قبل 7 أيام.
وبينما كانت الدبابات والمدرعات الروسية السلاح الأبرز في الحشود العسكرية الضخمة التي حشدتها روسيا على الحدود الأوكرانية طوال الأشهر الماضية، كان من المتوقع أن تصل الدبابات المتجمعة في أجزاء مختلفة من الحدود إلى المراكز والمهام المخصصة لها بسرعة كبيرة خلال العملية المخطط لها.
وكشفت الصور التي تم تصويرها عن قرب نقطة أخرى مدهشة، حيث لوحظ وجود بعض الإضافات على المركبات المدرعة الروسية، التي حاولت تقوية محيطها بألواح سميكة وغطت أجزائها العلوية بقفص يشبه عش الطائر.
ما الحاجة إلى هذه الإضافات؟
بطبيعة الحال، جلبت هذه الصور معها سؤالين مختلفين. لماذا عانت المدرعات الروسية أكثر من المتوقع؟ وما مدى فعالية الألواح الإضافية على الجوانب، فضلاً عن الأقفاص الحديدية في الأعلى؟
والجواب على هذه الأسئلة يكمن في التجربة السورية التي أرادت موسكو نقلها معها إلى أوكرانيا. إذ يقول الباحث في الصناعات الدفاعية فاتح محمد كوتشوك إن “روسيا تواصل تعزيز وتحديث دباباتها بعد تجاربها في سوريا”. مشيراً إلى أن دبابات T-72B3 وT-90، وهي أحدث سلسلة من دبابات T-72، تستخدم حالياً في أوكرانيا، كما أن بعضاً منها يملك أقفاصاً معدنية تشبه أعشاش الطيور المدمجة في الجزء العلوي من أبراجها.
ويلفت كوتشوك، الذي تحدث لموقع (TRT Haber)، إلى أن صواريخ جافلين الأمريكية المضادة للدروع، تتمتع بميزة “الهجوم من الأعلى”. فبعد أن يقترب الصاروخ من الدبابة، يرتفع ويضرب الهدف مباشرة فوق الدبابة. ويضيف قائلاً: “بصرف النظر عن جافلين، فإن أهم سبب لمثل هذا الإجراء هو ذخائر المركبات الجوية المسيّرة التي يمكنها أن تقصف من الجو”.
صيد سهل
بالتزامن مع قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باجتياح الأراضي الأوكرانية، بدأت تنتشر صور مثيرة للاهتمام تُظهر فشل المدرعات الروسية في اكمال مهامها بنجاح. وفيما تعطل البعض، كان البعض الآخر صيداً سهلاً أمام الأسلحة الأوكرانية.
من جانبه يرى كوتشوك أن السبب الآخر الذي ساعد على فشل الدبابات والمدرعات الروسية، هو أن أوكرانيا هاجمت القوات الروسية “مثل صياد مختبئ”، ولم تتبنى مبدأ المواجهة التقليدية.
وطوال الأيام السابقة، دافعت القوات الأوكرانية إما بالتوغل في المدن لحمايتها وإما بنصب الكمائن في نقاط معينة بين المدن. ويشير كوتشوك أيضاً إلى أن الدعم الاستخباراتي المكثف من بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا ربما يكون قد أسهم في ظهور صورة فشل الغزو الروسي حتى اللحظة، وفشلت معه دباباته ومدرعاته في اجتياز امتحان أوكرانيا.
أسلحة فعالة في مواجهة المدرعات الروسية
إلى جانب الأسلحة التي تمتلكها أوكرانيا منذ الحقبة السوفييتية فضلاً عن الأسلحة الأخرى التي تطوّرها بإمكانيات محلية وتكنولوجيا روسية، أرسلت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة مجموعة من أنظمة الصواريخ الدفاعية المضادة للدروع، وأبرزها “جافلين” الأمريكية و”إنلاو” البريطانية.
ومنذ اليوم الأول لبدء الغزو الروسي، أثبتت مضادات الدروع الغربية التي تسّلح بها الأوكرانيون في مواجهة الدبابات والمدرعات الروسية تفوقاً ملحوظاً. فبالإضافة إلى الدبابات وناقلات الجنود المحترقة على الطرقات، شاهدنا أيضاً أنظمة دفاع جوي مهجور بعد أن تعرضت للقصف والتدمير.
وتُعد هذه المشاهد مدهشة للغاية وغريبة أيضاً حسب المراقبين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجيش الروسي، ثاني أقوى جيش بالعالم بعد الأمريكي. وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات حول مدى كفاءة الدبابات الروسية في خوض حروب من هذا النوع، ومدى قدرتها على الصمود أمام أسلحة الناتو، ولا ننسى بالطبع المسيّرات التي أذاقت روسيا طعم الهزيمة فوق أكثر من ساحة صراع في الأعوام الأخيرة.