الكاتب: محمد الخامري، أخبار اليمن اليوم، مواقف الشيخ الزنداني رحمه الله
كتبتُ عام 1999 مقالاً مطولاً بعنوان (ماهكذا تورد الإبل يا شيخ مقبل) وأرسلته لصحيفة الثقافية التي نشرته في الصفحة الاخيرة، وفيه ردود قاسية جداً (من شاب صغير متحمس وممتلئ حبا واحتراماً للعلماء والدعاة من كل الاتجاهات) على الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله الذي نشر حينها كتابه (البركان لنسف جامعة الإيمان)، وفيه يهاجم الشيخ عبد المجيد الزنداني والدكتور يوسف القرضاوي رحمهم الله جميعا فقد افضوا إلى ماقدموا..
تم الترويج لذلك المقال بطريقة مبالغ فيها جداً، وتم نسخه وبيعه بورق مطبوع امام المساجد بعد صلاة الجمعة، وفي الجولات واشارات المرور، حتى اني تلقيت بعض التهديدات من بعض السلفيين الغيورين على شيخهم رحمه الله، ولازلت اتذكر احدهم اسمه الباركي وكان سلفي مجنون، وجدني في جامع علي بشارع تعز وقال انه ينتظر فتوى فقط كي يتخذ قراره بي، ورغم انه تهديد صريح لكن نزق الشباب انذاك غلب خوف المآل بفتوىٰ تبيح الدم، ربما لأني كنت اثق بأن هذا توجه المجنون الباركي وليس توجه السلفيين الذين يعلمون حرمة الدم وقيمة النفس عند الله جل وعلا..
استدعاني الشيخ عبدالمجيد الزنداني رحمه الله وذهبت انا والدكتور احمد هجوان، وسألني ماالذي حملك على ذلك المقال، ومن أذن لك بكتابته ونشره، فقلت له لست موظف لديك حتى اطلب الإذن، وذكرت له قصة الباركي، واني مستاء جداً من الوضع الذي انا فيه وقلت له: السلفيون ينتظرون الفتوىٰ لقتلي، وانتم تعاتبوني على النشر وكأني فعلت جريمة..
ضحك رحمه الله وقال لم تفعل جريمة لكن الشيخ مقبل أعلم مني ولايصح ان أرد عليه مهما قال، وارجو الا يتوهم انني من دفعتك للرد عليه.. كانت اجابتي حاضرة، هو اعلم منك بالعلم ولاتستطيع ان ترد عليه في العلم، لكن الكتاب بعيد عن العلم، وانما هجوم وأباطيل ذكرها عنك شخصياً لايمكن لعاقل ان يصدقها..!!
دار حوار طويل حول الموضوع واذكر انه كان بوجود شقيقه شاكر عزيز الزنداني والشيخ محمد عجلان والدكتور احمد هجوان اطال الله في اعمارهم وغيرهم كثير، وخرجنا باتفاق الا أكتب أي ردود على الشيخ مقبل الوادعي او غيره من الذين يهاجمونه، وان لديه مكتب خاص هو يتولى هذه المسألة..
وعندما التقيته في ابوظبي عام 2002 ذكر لي انه كان مصيبا في عتابه لي فقد بلغه ان الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ذكرني ضمن من جندهم الشيخ للرد عليه والنيل منه..!!!
الشاهد في القصة سعة صدر الشيخ الزنداني وإجلاله للعلماء رغم انه لو رفع قضية على الشيخ الوادعي رحمهم الله لكسبها لانه كان مليئ بمغالطات وممارسات نسبها للزنداني في جامعة الإيمان، وكلها مبنية على حديث جلسائه فقط، وجلسائه الذين كانوا يزودونه بتلك المعلومات ويوغرون صدره على العلماء معروفين مثل هاني بن بريك وجماعته اليوم..
رحم الله الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني، تتلمذت على يديه وانا طفل مع والدي رحمه الله في جامع العباس بالطائف، وأحببته وتشبعت بأفكاره الدينية يافعاً، واتبعته شابا كعالم ملء السمع والبصر، واختلفت معه في العديد من ممارساته السياسية بعد 2011 وحتى خروجه للسعودية ودعمه لأجندتها رغم تراجعه عن ذلك لاحقاً، وبوفاته اليوم تزول كل الخلافات ولايبقى إلا اذكروا محاسن موتاكم فقد افضوا إلى ماقدموا رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته..