من المقرر أن ينعقد اجتماع سنوي لمنظمة الرعاية الطبية العالمية في جنيف، حيث يناقش المسؤولون والدبلوماسيون كيفية مواجهة الأزمات الصحية، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة. يركز الاجتماع على تقليص حجم المنظمة بسبب هذه الفجوة المالية، حيث كان ترامب قد صرح عن الانسحاب في يناير 2021. يأتي الاجتماع في ظل زيادة مساهمة الصين كممول رئيسي للمنظمة، ما قد يغير ديناميكيات التمويل. تسعى المنظمة للحفاظ على برامجها الأساسية، رغم تخفيضات الميزانية الكبيرة، مع التأكيد على أهمية التعاون المتعدد الأطراف في مواجهة الجائحات المستقبلية.
يجتمع المئات من المسؤولين بمنظمة الرعاية الطبية العالمية والمانحين والدبلوماسيين في جنيف اعتبارًا من غدٍ الاثنين، في حدث يتركز حول سؤال رئيسي: كيف يمكن التعامل مع الأزمات – ابتدءًا من تفشي مرض الجدري وصولاً إلى الكوليرا – بدون الممول القائد، الولايات المتحدة.
سيمتد الاجتماع السنوي لأسبوع يتضمن جلسات مناقشة وتصويت واتخاذ قرارات، ويُظهر عادةً حجم قدرات المنظمة التابعة للأمم المتحدة التي أُنشئت للتصدي لتفشي الأمراض، واعتماد اللقاحات، ودعم الأنظمة الصحية حول العالم.
وفي هذا السنة، يتركز النقاش حول تقليص دور المنظمة، وذلك بسبب بدء القائد الأميركي دونالد ترامب إجراءات استغرق عامًا للخروج من منظمة الرعاية الطبية العالمية، وفقًا لأمر تنفيذي أصدره في يومه الأول في المنصب في شهر يناير/كانون الثاني الماضي.
في هذا السياق، لفت مدير تنسيق تعبئة الموارد في منظمة الرعاية الطبية العالمية، دانييل ثورنتون، لوكالة رويترز، قائلًا: “هدفنا هو التركيز على العناصر ذات القيمة العالية”.
وسيُعقد النقاش لتحديد هذه “العناصر القيمة العالية”.
ونوّه مسؤولو الرعاية الطبية أن الأولوية ستظل لعمل منظمة الرعاية الطبية العالمية في تقديم الإرشادات للدول حول اللقاحات والعلاجات الجديدة لمختلف الحالات المرضية، من السمنة إلى فيروس نقص المناعة البشرية.
في أحد العروض التقديمية للاجتماع، الذي تم مشاركته مع جهات مانحة واطلعت عليه رويترز، تشير منظمة الرعاية الطبية العالمية إلى أن مهام الموافقة على الأدوية الجديدة والتصدي لتفشي الأمراض ستبقى دون المساس بها، في حين قد يتم إغلاق برامج التدريب والمكاتب في الدول الأكثر ثراءً.
كانت الولايات المتحدة تقدم حوالي 18% من تمويل منظمة الرعاية الطبية العالمية. وذكر دبلوماسي غربي -طلب عدم الكشف عن هويته- أنه ينبغي علينا “التعامل مع ما لدينا”.
تقليص
بدأ السنةلون في تقليص عدد المديرين وحجم الميزانيات منذ إعلان ترامب في شهر يناير/كانون الثاني، والذي جاء في وقت كانت الأوامر والتخفيضات تمس سلسلة من الاتفاقيات والمبادرات متعددة الأطراف.
يُشير تأجيل الانسحاب لمدة عام، بموجب القانون الأميركي، إلى أن الولايات المتحدة لا تزال عضوًا في منظمة الرعاية الطبية العالمية، وسيبقى علمها معلقًا بمقر المنظمة في جنيف حتى تاريخ مغادرتها الرسمي في 21 يناير/كانون الثاني 2026.
بعد أيام من تصريح ترامب، أدخل حالة من الغموض بقوله إنه قد يفكر في العودة إلى المنظمة إذا “نظفها” موظفوها.
لكن القائمين على الرعاية الطبية العالمية نوّهوا عدم وجود أي علامات على تغيير موقفه منذ ذلك الوقت. وبالتالي، تخطط منظمة الرعاية الطبية العالمية للمضي قدماً مع وجود فجوة في ميزانية هذا السنة تبلغ 600 مليون دولار، وتخفيضات بنسبة 21% على مدى السنةين المقبلين.
كان ترامب قد اتهم منظمة الرعاية الطبية العالمية بسوء التعامل مع جائحة كوفيد-19، وهو الأمر الذي تنفيه المنظمة.
الصين تأخذ زمام المبادرة
بينما تستعد الولايات المتحدة للخروج من المنظمة، من المتوقع أن تصبح الصين أكبر الجهات المانحة للرسوم الحكومية، والتي تُعد أحد المصادر القائدية لتمويل منظمة الرعاية الطبية العالمية بالإضافة إلى التبرعات.
سترتفع مساهمة الصين من نحو 15% إلى 20% من إجمالي الرسوم الحكومية بموجب إصلاح شامل لنظام التمويل تم الاتفاق عليه عام 2022.
وصرح تشن شو، سفير الصين في جنيف، للصحفيين الفترة الحالية الماضي قائلاً: “علينا الاستمرار في التعايش مع المنظمات متعددة الأطراف من دون الأميركيين. الحياة ستستمر”.
ولفت آخرون إلى أن هذا الوقت يمكن أن يكون فرصة جيدة لإجراء إصلاح شامل، بدلاً من الاستمرار في إطار تسلسل هرمي جديد للداعمين.
من جانبه، تساءل أنيل سوني، القائد التنفيذي لـ “هو فاونديشن”، وهي مؤسسة مستقلة لجمع التبرعات لمنظمة الرعاية الطبية العالمية، “هل تحتاج المنظمة إلى جميع لجانها؟ هل تحتاج إلى نشر آلاف المطبوعات كل عام؟”.
وقال إن التغييرات أدت إلى إعادة النظر في عمل الوكالة، ومنها ما إذا كان ينبغي أن تركز على تفاصيل مثل شراء الوقود في أثناء حالات الطوارئ.
كان هناك قدراً كبيراً من الإلحاح لضمان عدم انهيار المشاريع الأساسية خلال أزمة نقص التمويل الحالية. وأفاد سوني بأن هذا يعني التوجه نحو الجهات المانحة ذات الاهتمامات المحددة في تلك المجالات، مثل شركات الأدوية والمنظمات الخيرية.
وأضاف أن “إي إل إم إيه فاونديشن”، التي تركز على صحة الأطفال في أفريقيا ولها مكاتب في الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا وأوغندا، قدمت مؤخراً مليوني دولار للشبكة العالمية لمختبرات الحصبة والحصبة الألمانية، والتي تضم أكثر من 700 مختبر تتتبع تهديدات الأمراض المعدية.
تتضمن الأعمال الأخرى في منظمة الرعاية الطبية العالمية المصادقة على اتفاق تاريخي حول كيفية التعامل مع الأوبئة في المستقبل وجمع المزيد من الأموال من الجهات المانحة خلال جولة استثمارية.
لكن التركيز سيبقى على التمويل في ظل النظام الحاكم العالمي الجديد. وفي الفترة التي تسبق الحدث، أرسل مدير منظمة الرعاية الطبية العالمية رسالة بريد إلكتروني إلى الموظفين يدعوهم للتطوع ليكونوا مرشدين، وذلك بدون أجر إضافي.