في إسطنبول، كان التحضير جارياً لمحادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا في موقعين مختلفين. التصريحات المفاجئة لكل من بوتين وزيلينسكي وترامب أثارت اهتمام القادة الأوروبيين للحضور. تنوّهت تركيا لاستضافة اللقاء بعد طلب بوتين، ولكن بوتين أصرّ على عدم الحضور بسبب اعتراضاته على الاجتماع. على الرغم من جهود ترامب للتوسط عبر أردوغان، واصل بوتين تأكيد موقفه القوي. بينما يسعى زيلينسكي لاستغلال هذه الفرصة، يستمر الغموض بشأن نتائج المحادثات. التحضيرات كانت في قصر فهد الدين، لكن بوتين قرر عدم المشاركة، مما جعل الأمور تتأزم.
15/5/2025
–
|
آخر تحديث: 16:34 (توقيت مكة)
في إسطنبول، وعلى ضفتي البوسفور، كانت هناك تحضيرات جارية في موقعين مختلفين لأحد أهم الاجتماعات في العالم.
أحدهما في الجانب الأوروبي، في مكتب العمل الرئاسي بجانب قصر دولما بهتشه، والآخر في الجانب الآسيوي في قصر فهد الدين، الذي يعد مكتب عمل رئاسي أيضًا.
كلا الموقعين كانا يُعدان لاستقبال محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا. لكن لماذا موقعان مختلفان؟
إذا حضر بوتين وترامب، فإن مراسم الاستقبال ستكون في قصر فهد الدين بالجانب الآسيوي. أما في حال غيابهما، فستُعقد المحادثات بين وفدين البلدين في مكتب دولما بهتشه، كما حدث سابقًا.
وكان الموظفون يشهدون نشاطًا كثيفًا لإنهاء الاستعدادات النهائية في كلا المكتبين.
تصريح زيلينسكي المفاجئ
كل شيء بدأ بعد تصريح بوتين الذي قال: “يمكننا إجراء محادثات السلام مع أوكرانيا في إسطنبول”.
وبعد ذلك، اتصل بالقائد أردوغان ليطلب منه استضافة المحادثات، فبشره أردوغان بأن تركيا ستقوم بذلك. وبذلك، كما حدث في عام 2023، أصبح إسطنبول هو الموقع المحدد لإنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا.
في الواقع، كانت المحادثات مخصصة بين وفدي البلدين فقط، لكن زيلينسكي فاجأ الجميع عندما صرح: “سأنتظر بوتين في إسطنبول للقاء”. أثار هذا التصريح دهشة المسؤولين في تركيا، لكن المفاجأة الكبرى كانت من الولايات المتحدة. ما جعل هذا الأمر استثنائيًا هو تصريح ترامب الذي قال: “إذا جاء بوتين إلى تركيا، فسآتي أنا أيضًا”، مما جذب الأنظار نحو الاجتماع في إسطنبول.
مع احتمال حضور ترامب، بدأ القادة الأوروبيون أيضًا بإعلان نيتهم في الحضور. حيث صرح القائد الفرنسي ماكرون، المعروف بتمسكه بمثل هذه اللقاءات، ورئيسا وزراء بريطانيا وألمانيا أنهما سيحضران إلى إسطنبول.
ما هي اعتراضات بوتين؟
بعد تصريحات ترامب والقادة الأوروبيين، تسارعت التحضيرات في قصر فهد الدين بعد مكتب دولما بهتشه. ومع ذلك، كان بوتين مصراً على عدم الحضور. حاول القائد أردوغان دعوته شخصيًا، لكن بوتين كان لديه اعتراضات.
في الاجتماع الذي عُقد مع القادة الأوروبيين وترامب، تم الاتفاق على هدنة لمدة 30 يومًا، وأراد ترامب أن يتم التوقيع على الاتفاقية في إسطنبول وعلى مستوى القادة، وبحضوره الشخصي.
لكن رؤى بوتين كانت مختلفة، حيث اعتبر أن التوقيع من قبل القادة يجب أن يكون في ظروف تؤدي إلى سلام دائم، وأن الوضع الحالي غير مناسب لذلك.
كان بوتين منزعجًا من موقف زيلينسكي الذي فرض اللقاء عليه بشكل غير متوقع.
لكن ترامب، المهتم بإنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية، أصر على ضرورة اللقاء في إسطنبول.
وأثناء زيارته للسعودية ومن ثم إلى قطر، استمر في التأكيد: “إذا جاء بوتين، فسآتي إلى إسطنبول”.
لوحظ أن ترامب يمارس ضغطًا على بوتين لإتمام سلام دائم، بينما بوتين كان على دراية بذلك وفضل عدم الحضور.
هذه المرة، كان الهدف من ترامب هو استخدام أصدقائه المقربين لبوتين، مثل أردوغان، لتحفيزه على المشاركة.
لكن في صباح 15 مايو، صرح المسؤولون في موسكو أن بوتين لن يحضر إلى إسطنبول، مما أدى إلى توقف التحضيرات في قصر فهد الدين.
بوتين يملك اليد الأقوى، وزيلينسكي يبحث عن فرصة
يدرك بوتين تمامًا أنه في موقف قوي أمام زيلينسكي، الذي تعرض للإذلال في البيت الأبيض من قبل القائد ونائبه.
بينما يتمنى ترامب أن يُسجل في التاريخ بوصفه الرجل الذي أنهى هذه الحرب ويطمح إلى الثروات الطبيعية في أوكرانيا، يدرك بوتين أيضًا أن هذه فرصة لا تعوض بالنسبة له.
على الأرض، ومع تراجع حماس الولايات المتحدة لدعم المساعدات العسكرية، وعجز أوروبا، التي أصبحت بلا قيادة، عن تقديم الدعم الكافي، تبقى أوراق اللعبة في صالح بوتين.
يدرك ترامب أنه إذا طبق عقوبات قاسية على بوتين وأغضبه، قد يتجه الأخير نحو الصين. لذا، بوتين لا يستعجل، وسيمضي على موقفه المعروف حتى يُحقق ما يريد.
أما زيلينسكي، حتى وإن لم يحقق نتيجة من مبادرته المفاجئة، فإنه يحاول إنقاذ الموقف من خلال ظهوره برفقة أردوغان في أنقرة.
بينما أكتب هذا المقال، كان مئات الصحفيين في مكتب دولما بهتشه ينتظرون وصول الوفود، لكن لا تزال الضبابية هي السيدة.
وعندما نظرت إلى شاشة التلفاز، كانت الأخبار العاجلة تنقل تصريح ترامب:
“إذا لزم الأمر، سأحضر إلى إسطنبول يوم الجمعة. قلت لكم، إن لم آتِ، فلن يأتي بوتين”.
وبذلك، تبقى الأجواء من حول البوسفور مشحونة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.