إعلان


صرح حذيفة أبو نوبة، رئيس المجلس الاستشاري لقوات الدعم السريع، انتهاء المعركة التقليدية ضد القوات المسلحة السوداني والتحول إلى مرحلة جديدة لبناء “الدولة السودانية الجديدة”. رغم تأكيدات مسؤولين عسكريين أن هذا الإعلان يهدف لتشتيت الانتباه عن هزائم قواته، اعتبر مستشار أبو نوبة أن القوات المسلحة السوداني لم يعد يمثل تهديدًا. يأتي هذا في ظل ضغط متزايد على قوات الدعم السريع، مما يشير إلى تحول نحو حرب استنزاف، وسط مخاوف من تأثيرات خطيرة على وحدة الدولة السودانية واستقرارها الإقليمي. الاحتياجات الحالية تحتم توافقًا بين العسكرية والقوى المدنية لتحقيق مشروع وطني جامع.

الخرطوم- أثار رئيس المجلس الاستشاري لقوات الدعم السريع، حذيفة أبو نوبة، دهشة الأوساط السودانية بإعلانه انتهاء المعركة العسكرية بشكلها التقليدي ضد القوات المسلحة السوداني، والتحول إلى مرحلة جديدة تهدف لتأسيس “الدولة السودانية الجديدة”.

آخر تحديثات الأخبار تيليجرام

إعلان

ونقل قادة عسكريون تصريحاتهم للجزيرة نت، مشيرين إلى أن إعلان أبو نوبة نهاية الحرب بالتزامن مع اكتمال سيطرة القوات المسلحة السوداني على جميع مناطق الخرطوم، بتاريخ أمس الأربعاء، يبدو محاولة لتشتيت الانتباه عن الإخفاقات المتكررة لـ”المليشيا”.

وفي المقابل، قال عمران عبد الله، مستشار قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” للجزيرة نت، إن هدف أبو نوبة هو التأكيد على انتهاء الحرب بانتصار قوات الدعم السريع وتقدمها في جميع الساحات.

لا تراجع

وأوضح عمران أن “حديث أبو نوبة يدل على أن المعركة الحالية هي معركة وعي وبناء دولة حديثة على نمط الدول المتقدمة، تقوم على المساواة واعتبار الكفاءة معياراً في التوظيف، وليس الجنس أو اللون كما كان سابقاً”.

كما لفت إلى الالتفاف الواسع من الشعب السوداني حول قوات الدعم السريع، واعتبر أن التحالفات السياسية والعسكرية، التي تضم الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، و所有 الحركات النضالية الأخرى تعتبر انتصاراً لطموحات الشعب في بناء دولة مدنية ديمقراطية تشمل الجميع.

وشدد عمران على أن الادعاء بإنهاء المعركة العسكرية بشكلها التقليدي ضد القوات المسلحة والانتقال إلى مرحلة جديدة لا يعني نهائياً وجود أي تراجع لقوات الدعم السريع.

وقد أثار حديث أبو نوبة ردود أفعال متعددة في هذا التوقيت، حيث اعتبره بعض المراقبين دليلاً على وجود أبعاد سياسية وعسكرية خطيرة.

القصر الرئاسي 1742536366
إعلان الدعم السريع عن انتهاء المعركة يُعتبر تشتيتاً للانتباه عن انتصارات القوات المسلحة السوداني حسب قول بعض المسؤولين (الصحافة السودانية)

مخاطر الإعلان

قال الخبير العسكري والاستراتيجي العميد جمال الشهيد للجزيرة نت، إن الحديث عن انتهاء المعركة التقليدية يلمح إلى اعتقاد قوات الدعم السريع بأنها لم تعد تعتمد على الحسم العسكري المباشر.

كما لم يستبعد أن تكون هذه الخطوة مؤشرًا على تغيير في الاستراتيجية نحو حرب استنزاف طويلة الأمد، تعتمد على السيطرة الإدارية والتشابك السياسي، وتهدف لزعزعة استقرار المؤسسة العسكرية عبر ضربات غير تقليدية، كما حدث في بورتسودان ومروي وعطبرة وكوستي.

ونوّه العميد الشهيد أن هذا التحول يأتي في ظل ضغط عسكري متزايد يعاني منه الدعم السريع في مناطق عدة، مثل دارفور وشمال كردفان، مع تزايد قدرة القوات المسلحة واستعادة زمام المبادرة في بعض النقاط الحيوية.

وأوضح العميد الشهيد أن ما يثير القلق في كلام أبو نوبة هو أنه يمثل تحولًا من خطاب “المظلومية وإعادة الديمقراطية” إلى مشروع سياسي بديل يتجاوز مفهوم الشراكة في الحكم، مما يشير إلى محاولة خلق سلطة موازية خارج إطار الدولة السودانية الموحدة.

كما أضاف أن هذا قد يؤدي إلى خطورة تفكك البلاد إلى سيناريوهات مشابهة لما جرى في ليبيا أو اليمن، حيث أن المليشيات استخدمت أدوات القتال كوسيلة للشرعية الموازية، وسعت لفرض أمر واقع إداري وسياسي على الأرض.

الصادق آدم القيادي بالمقاومة الشعبية
الصادق آدم القيادي بالمقاومة الشعبية قال إن التأثيرات السياسية للدعم السريع محدودة (الجزيرة)

نتاج الهزيمة

في هذا السياق، أوضح الصادق آدم عمر، رئيس لجنة الإعلام للمقاومة الشعبية بالإنابة في ولاية الجزيرة وسط السودان، أن تصريح أبو نوبة يسعى إلى “تغيير الانتباه وصرف النظر عن الهزائم المتتالية للمليشيا المتمردة”.

ولفت إلى أن الهزائم انتقلت إلى الأراضي التي يدعمهم فيها أهاليهم، حيث كانوا يزعمون التحكم بالأمور، لكن تكشفت الحقائق عندما امتدت المعارك إلى داخل أحيائهم وقراهم، وضللوا أبنائهم الذين خذلوا وطنهم.

وأكّد آدم عمر محدودية تأثيرات الدعم السريع سياسياً، حيث نوّه أنهم لا يمثلون وجوداً فاعلاً في الساحة، ولا يمكنهم العيش بين المواطنين، فكيف يسمح لهم بالمشاركة في حكم البلاد على أي مستوى.

وأوضح أن القرار النهائي في هذا الأمر يعود للشعب، وليس للقيادة، فالحرب هي بين “المليشيا” والمواطن، وبالتالي، فإن المواطن هو من يتخذ القرار بشأن دخول المليشيا في المجال السياسي.

فرض واقع جديد

وقد جاء حديث أبو نوبة في وقت يشهد فيه المواجهة تغييرات ميدانية غير معلنة، مع تصاعد المبادرات الدولية والإقليمية لإعادة إحياء مسار التسوية، ما ينعكس على ميزان القوى لمصلحة القوات المسلحة السوداني بحسب ما يراه المراقبون.

وأوضح العميد جمال الشهيد أن حديث أبو نوبة عن انتهاء المعركة العسكرية يظهر كمحاولة استباقية لخلق واقع تفاوضي جديد، أو كتعبير عن نوايا انفصالية مقننة تهدف لإقحام الأطراف في التعامل مع الدعم السريع كسلطة قائمة، وليس كمليشيا متمردة.

ورأى أن تصريحات أبو نوبة تعكس تطورًا ملحوظًا في الخطاب السياسي هذه القوة، مما يفتح الأبواب أمام احتمالات مثيرة للقلق بشأن وحدة الدولة السودانية واستقرارها الإقليمي، وهو بمثابة إعلان عن انتقال المعركة من ساحات القتال إلى ميدان المواجهة على الشرعية.

ولفت إلى أن هذا التطور يتطلب مستوى عالٍ من اليقظة الوطنية، وتوافق واضح بين القوات المسلحة والقوى المدنية على مشروع وطني شامل للمضي قدمًا ومنع أي مغامرات انفصالية أو تدخلات خارجية.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا