كورونا في اليمن،ماذا بعد..!
(من العايدين السالمين وكل عام وأنتم بخير)
عبارة تقليدية نرددها في كل عيد احيانا نكون مستحضرين معناها وأحيانا فقط مجرد جملة محفوظة نستدعيها من الذاكرة ونرددها كالببغاوات لزوم المجاملات الاجتماعية.. لكن في هذا العيد كان لها وقع مختلف تماما..الجملة الروتينية المعهودة كانت تنطلق من بين شفاه مرتعشة وتصدر عن قلوب واجفة يساورها الشك تماما في مصداقيتها..
لم يعد بالإمكان تجاهل رائحة الموت التي نشرها كوفيد١٩ في كل مكان باليمن.؛
الكارثة التي حذر منها الجميع أصبحت واقعا معاشا..
الحريق الكبير وحفل الشواء الضخم بدأ بالفعل.؛
الأرقام والأخبار التي تصلنا من الزملاء في اليمن مروعة تماما..
رغم عدم توفر إحصائيات دقيقة نتيجة إنكار لاأخلاقي وغير مسئول يبدو واضحا أننا تجاوزنا آحاد الألوف وانتقلنا لخانة عشرات الألوف في زمن قياسي .. بكل أسف خسرنا أحبابا، معارف وزملاء أعزاء في الجولة الأولى مع كورونا..
بداية سيئة حتى ليبدوا معها ان عدد ضحايا الحرب الدائرة رحاها منذ خمس سنوات ستغدوا نكتة سمجة أمام هذا القادم الجديد..
لم يعد مفيدا التوقف كثيرا لجلد الذات والبكاء على اللبن المسكوب، سندفن شهداؤنا وندعوا لهم بالرحمة ولمرضانا بالشفاء وسننهض كيمانيين أشداء ونفكر بالخطوة التالية..
كيف يمكننا تدارك مايمكن تداركه..
كيف نستطيع أن نوقف هذا الوباء الذي ينتشر في البلاد انتشار النار في الهشيم..
في الواقع عزيزي المواطن اليمني، يامن طحنتك نوائب الدهر ، أنت جوادنا الأسود الرابح الذي سنراهن عليه لنخرج من المعركة بأقل الخسائر.،نعم أنت مرة أخرى مجبر أن تلعب دور البطولة بالإضافة لدورك المعتاد والمتعارف عليه كضحية،أعلم جيدا أنك في المرات القليلة التي حاولت أن تلعب فيها دور البطولة لتغيير واقعك المزري لم توفق كثيرا،كانت هناك نموس كثيرة تراقبك أنت والحالمين مثلك بالتغيير من وراء التلال بعيون خبيثة لامعة كما كانت الخفافيش تستكمل مغادرة كهوفها حاملة كل الشرور..
لست محتاجا لتذكيري أنك تعرضت لألف مكيدة ومكيدة، وتجرعت العذاب أصنافا وألوانا ، الكل يعرف ذلك جيدا..
هذه المرة دور البطولة مختلف والخيارات أمامك محدودة بالفعل.، الجيد ان الدور لايحتاج شجاعة نادرة كما في السابق ولا يتطلب قدرات خارقة وعضلات مفتولة كما في أفلام هوليود.. المطلوب منك فقط الإلتزم بالإجراءات الوقائية البسيطة والمعروفة وهي على بساطتها كفيلة بحمايتك أنت وأسرتك وأحبابك ومجتمعك من كوفيد ١٩ وعواقبه الوخيمة..
كان جيدا أن أعرف من خلال التواصل المباشر أن الغالبية العظمى من الناس يعرفون أساليب الوقاية من كورونا، ولكن مع الأسف الكثير منهم لايطبقها ومعظمهم يطبق بعضها ويكفر ببعضها الآخر، والحقيقة أن مربط الفرس هو في تطبيق المعرفة وهنا يتجلى الفرق بين المعرفة والحكمة فالحكمة تقتضي العمل بموجب المعرفة..
واضح أن أصعب مافي الموضوع هو التزام البيت لكاسب الأسرة فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا بأس لكن ضمن ضوابط وقائية معينة.
أكاد أسمع البعض يهمس وأين دوركم كأطباء ونخبة أكثر إدراكا من غيرهم بحجم الواقعة.. زملاؤنا في الداخل واجهوا الوباء بفدائية منقطعة النظير وكاميكازية غير صحيحة بالمطلق من الناحية العلمية.. لايمكن حماية المجتمع من الوباء بدون حماية خط دفاعه الأول..كان يفترض مواجهة الفيروس بعلومهم وخبراتهم فقط ..تركهم بدون حماية مناسبة جعلهم قربانا سهلا لكوفيد أجسادا وأرواحا.،
من ناحيتنا كأطباء يمنيون في الخارج لانملك ترف البعد عن أوجاعكم وعذاباتكم في هذه الظروف وعليه فقد قمنا بتأسيس مبادرة أطباء يمنيون في المهجر التي أتشرف بعضوية لجنتها العلمية والإعلامية، ودشنا العمل فيها فعليا ضمن منهاج عملي أبرز ملامحه في المرحلة الحالية التوعية والتثقيف عبر كافة المنابر الإعلامية المتاحة بالإضافة لتقديم كل جهد إغاثي ممكن مع الإلتزام بالمهنية والحيادية التامة.،ضمن برنامجنا أيضا التواصل مع مختلف الجهات و المنظمات المعنية لدعم الكادر الطبي والقطاع الصحي في اليمن .،كما أننا شكلنا مجموعات علمية للتواصل مع أطباء الداخل للتنسيق معهم ومعرفة إحتياجاتهم ونعمل حاليا على وضع بروتوكول علاجي يتناسب مع وضع البلد .،التواصل المباشر مع المواطن البسيط حظي بإهتمام خاص وتم تخصيص قنوات اتصال مباشر مثل الواتس اب وغيرها حيث سيقوم كادر طبي عالي الإختصاص بالإجابة عن كافة الإستفسارات وتوفير الاستشارات الطبية المناسبة ..
تجنبت في المقال الخوض في التفاصيل العلمية فقد أصبح لنا منابرنا الخاصة لذلك وتجنبا للإطالة يمكنني التوقف هنا على أمل لقياكم ومعي كل زملائي من أطباء المهجر الموزعين في أكثر من عشرين دولة في قنواتنا الإعلامية المخصصة لخدمتكم ، و سأرفق رابطنا على الفيس بوك ويوتيوب أسفل المقال
دمتم بعافية..
د/أنور المنيفي
المصدر: أطباء اليمن في المهجر Facebook