عبر الحاج ماهر السقا (61 عامًا) عن سعادته بالانطلاق في رحلة الحج من مطار دمشق مباشرة، لأول مرة منذ 12 عامًا. لفت إلى أن الوضع تغير الآن، مما أتاح للمؤمنين التصرف بحريّة. انطلقت أولى قوافل الحجاج من العاصمة، شاملة سوريين من جميع المحافظات. أحدثت الترتيبات الجديدة من “اللجنة العليا للحج” تغييرًا جذريًا في التنظيم، مع 65% من المقاعد مُخصصًا عبر القرعة، مما زاد من نسبة الفئة الناشئة بين الحجاج. نوّه المسؤولون أن التحضيرات في مطار دمشق كانت استثنائية لتوفير الراحة والأمان، مع عدد الحجاج هذا السنة يبلغ 22,500 حاج.
دمشق- “أشعر بسعادة شديدة لأن هذه هي المرة الأولى التي أخرج فيها من مطار دمشق مباشرة لأداء فريضة الحج، مما سهل عليَّ الأمور وقلل من معاناة التنقل على كبار السن.”
بهذه الكلمات عبّر الحاج ماهر السقا (61 عاماً) عن فرحته بوجوده في أولى رحلات الحج التي تنطلق من دمشق مباشرة إلى المملكة العربية السعودية بعد سقوط نظام بشار الأسد المخلوع في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وأضاف الحاج ماهر في حديثه للجزيرة نت: “هذه هي المرة الأولى أيضاً التي أشعر فيها بأن المؤمن في سوريا يمكنه التصرف بحريته دون عوائق أو ضغوط.”
كانت أولى قوافل الحجاج قد انطلقت من العاصمة دمشق قبل يومين متجهة إلى مطار جدة السعودي، وضمت الحجاج من جميع المحافظات لأول مرة منذ 12 عاماً، حيث كان الحجاج من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام الحاكم يتوجهون إلى دول الجوار للسفر.

حضور الفئة الناشئة
لفت محمد منصور، الموجه الديني والمسؤول التنظيمي في مجموعة حجاج “حرة الشام”، أن رحلة الحج تبدو مختلفة هذا السنة، لافتاً إلى “التغييرات الكبيرة” في طريقة تنظيم الحج هذه السنة.
كان من أبرز هذه التغييرات التحضير المسبق للرحلات، الذي بدأ قبل ثلاثة أشهر داخل سوريا وفي السعودية، مما أدى إلى إنشاء فرق متخصصة لاستقبال الحجاج في مطار جدة وتسهيل انتقالهم إلى المدينة المقدسة.
ونوّه المسؤول التنظيمي أن هذه الترتيبات لم تكن موجودة في عهد النظام الحاكم السابق، حيث كان يتم تحميل الأعباء على فوج الحجاج، بينما تم إنشاء “اللجنة العليا للحج” لضمان تنظيم الخدمات المقدمة، مما أحدث نقلة نوعية في مستوى الرعاية.

بالإضافة إلى التعديلات على معايير القبول، حيث أصبح 65% من المقاعد تُمنح عبر قرعة، و35% فقط لكبار السن، مما ساعد في زيادة عدد الفئة الناشئة في وفود الحجاج “مما أعطى روحاً خاصة للموسم هذا السنة.”
أما عن إقبال السوريين على الحج، قال منصور إنه مرتفع رغم الظروف الماليةية الراهنة، واختتم بالتعبير عن أمله في أن تسهل التحسينات الماليةية المقبلة رحلة الحج في الأعوام القادمة.

فرحة كبيرة
وعبر حجاج في مطار دمشق الدولي، الذين تحدثوا مع الجزيرة نت، عن فرحتهم وشعورهم بالأمان مع بداية رحلتهم إلى مدينة جدة.
قالت الحاجة فاطمة عطية خضر، إنها تشعر بفرح مزدوج؛ لأنها ستؤدي مناسك الحج ولأنها تغادر اليوم عبر مطار دمشق الدولي، مما يجعلها تشعر بأنها على قدم المساواة مع الآخرين وفخورة بـ”تحرير سوريا”.

من جانبه، وصف الحاج محمد علي رمضان (67 عاماً) شعوره في هذا الحج بأنه “يكاد لا يصدق”، وأضاف في حديثه للجزيرة نت: “سقوط النظام الحاكم البائد غيّر كل شيء، فنشعر فرحاً عميقاً في نفوسنا، فالتغيير شمل الحج والعبادة وكل جوانب الحياة.”
وتحدث الحاج محمد عن التغيير الذي لاحظه في رحلة هذا السنة، قائلاً: “اليوم أصبح هناك نظام وتنظيم، وأصبحت كل رحلات الحج منظمة ضمن مجموعات، ولكل مجموعة مشرف ومعاون، وهذا لم يكن موجوداً على عهد النظام الحاكم السابق.”
مختمماً حديثه بالقول: “وعموماً، فإن شعور من يسافر من بلده يختلف كثيراً عن من يسافر من دول الجوار.”

استعدادات استثنائية
فيما يتعلق بالاستعدادات في مطار دمشق الدولي لموسم الحج، يقول مصطفى كاج، المسؤول الإعلامي في الهيئة السنةة للطيران المدني والنقل الجوي في سوريا، إنه كانت تحضيرات استثنائية هذا السنة، خصوصاً لأنها تمثل انطلاقة حقيقية لموسم الحج بعد التحرير.
ويشير الكاج في حديثه للجزيرة نت إلى تجهيز صالات جديدة بمساحات واسعة، مع كافة المتطلبات مثل أجهزة التكييف المناسبة لكبار السن والبنية التحتية الحديثة مثل أنظمة المراقبة والتفتيش المتطورة لضمان راحة وسلامة الحجاج.
وبحسب المسؤول، تم تشكيل فريق خدمي مكون من أكثر من 100 شخص من الجنسين، مهمتهم هي تسهيل إجراءات الحجاج ومساعدتهم في التنقل ونقل أمتعتهم وتقديم الإرشادات منذ وصولهم وحتى مغادرتهم.
“كان الحج بحد ذاته حلما”.. انطلاق أول رحلة حج مباشرة منذ نحو 14 عاما من مطار دمشق الدولي إلى المملكة العربية السعودية#الجزيرة_مباشر #سوريا #السعودية #الحج #دمشق pic.twitter.com/NOYou5cx5u
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 18, 2025
قال وزير الأوقاف السوري محمد أبو الخير شكري، خلال جولة تفقدية في مطار دمشق الدولي، إن عدد الحجاج السوريين لهذا السنة بلغ 22,500 حاج؛ سيغادرون من سوريا وبلدان أخرى، في أول موسم حج يُنظَّم بعد “التحرر من النظام الحاكم البائد”.
ولفت الوزير إلى أن بعثات الحج السورية هذا السنة تتضمن ثلاث بعثات رئيسية: بعثة دينية لمراقبة أداء المناسك وتقديم المحاضرات، وبعثة إدارية لشؤون الإقامة والنقل، وبعثة صحية تضم أطباء لمتابعة الحالة الصحية للحجاج طوال فترة الرحلة.
نوّه شكري أن جميع الجهات الرسمية عملت بروح الفريق الواحد لإنجاح موسم الحج، مشدداً على كون التعامل مع المهمة كان اعتباره “عبادة قبل أن تكون وظيفة”، وأنهم مستعدون لتقديم كل ما يلزم لخدمة الحجاج.