فادي صقر، قائد في مليشيات النظام الحاكم السوري، ظهر كوسيط للإفراج عن المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. في فبراير 2025، صرح اللواء محمد الشعار استسلامه، مُنفياً مسؤوليته عن الانتهاكات، مما عكس ظاهرة مقلقة بشأن الإفلات من العقاب في سياق التحول السياسي في سوريا. مبدأ مسؤولية القيادة، كما نص عليه نظام روما الأساسي، يلزم القادة المدنيين بالمساءلة عن الجرائم. يتناول النص أهمية العدالة الانتقالية في تحقيق الاستقرار، موضحًا أن غياب المحاسبة يعزز مناخ العنف. نجاح محاكمة الشعار سيؤكد عزم النظام الحاكم الانتقالي على كسر حلقة الإفلات من العقاب، لكن الفشل قد يُعزز مناعة الجناة.
قبل أيام، ظهر فادي صقر، القيادي في مليشيات الدفاع الوطني التابعة لنظام الأسد، في فيديو كوسيط لإطلاق سراح متورطين في انتهاكات قد ارتكبت. في الرابع من شباط/فبراير 2025، شهدت دمشق حدثًا بارزًا تمثل في خروج اللواء محمد الشعار، وزير الداخلية السابق ومهندس القمع، من مختبئه ليُعلن عن تسليم نفسه طوعًا لمديرية الاستقرار السنة.
ثم أجرى مقابلة تلفزيونية أبدى فيها عدم مسؤوليته عن الانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد. كان هذا الظهور الإعلامي ظاهرة مثيرة للقلق في سياق التحول السياسي السوري، حيث أثار هذا الإنكار الصريح تساؤلات عميقة حول مظاهر الإفلات من العقاب في ظل التغيرات السياسية. فما هي البنى التي تُمكّن المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية من التفاوض على استسلامهم بدلاً من مواجهة المحاسبة الفورية؟
فهم الإفلات من العقاب وتطور مبدأ مسؤولية القيادة
يعتبر مبدأ مسؤولية القيادة واحدًا من الإسهامات البارزة في القانون الجنائي الدولي لمواجهة الإفلات من العقاب، حيث تطوّر هذا المفهوم من الإطار العسكري إلى المدني، مشكلاً الأساس القانوني لمحاسبة الوزراء وكبار المسؤولين عن الجرائم الممنهجة.
نظّم نظام روما الأساسي هذا التطور، موضحًا الفروقات بين المسؤوليات العسكرية والمدنية، حيث نصت المادة 28 (ب) على تحميل القادة المدنيين المسؤولية إذا كانوا على علم، أو تجاهلوا عمدًا معلومات تشير بوضوح إلى ارتكاب مرؤوسيهم جرائم.
على الرغم من أن هذا المعيار يبدو أكثر تقييدًا مقارنةً بما يُطلب من القيادة العسكرية، فإنه يعكس الواقع المتدفق للمعلومات في البيروقراطيات المدنية. وتبرز أهمية معيار “التجاهل الواعي” في المسائل الوزارية، حيث يمكن للمسؤولين عزل أنفسهم عن تفاصيل التنفيذ، مع الاحتفاظ بالسيطرة على السياسات السنةة.
يقدم مفهوم العنف الهيكلي، كما صاغه يوهان غالتونغ، إطارًا نظريًا لفهم كيفية تسلل الإفلات من العقاب إلى مؤسسات الدولة. إذ يعمل العنف الهيكلي من خلال الهياكل الاجتماعية التي تمنع الأفراد من تلبية احتياجاتهم الأساسية، في مقابل العنف المباشر، الذي يتمثل في الأفعال المادية الواضحة.
عند تطبيق هذا المفهوم على أجهزة الاستقرار، يتبين أن الإفلات من العقاب ليس فقط غيابًا للعدالة، بل هو نظام فعال لإدامة العنف عبر آليات بيروقراطية.
وفقًا لغالتونغ، تنتج أجهزة الاستقرار ما يسمى بـ “السلام السلبي”، أي غياب العنف المباشر من خلال القمع المنهجي بدلاً من معالجة أسباب النزاع. يعتمد هذا النظام الحاكم على توقع عدم محاسبة موظفي الدولة الذين يرتكبون الانتهاكات، مما يُنتج بيئة تحفيزية تُكافئ العنف وتعاقب على ضبط النفس.
تجلى هذا الديناميكية بوضوح في عهد الشعار، حيث حصل الضباط الذين مارسوا التعذيب أو أطلقوا النار على المتظاهرين على حصانة، بينما تعرض من أبدى تساهلاً لمخاطر الاتهام بالولاء للمعارضة.
ويعد تطبيع الفظائع من خلال الممارسات البيروقراطية آلية مركزية تدعم العنف الهيكلي. فالأنظمة الرسمية، والبروتوكولات الإدارية، وإجراءات التشغيل تتحول إلى أدوات تنفيذ لجرائم القتل والتعذيب والإخفاء القسري، مما يجعلها تبدو وكأنها مهام إدارية روتينية.
وتظهر الممارسات الموثقة لوزارة الداخلية السورية- مثل تسجيل المختفين قسريًا كمتوفين، أو تنفيذ مصادرات الممتلكات عبر المحاكم المدنية، أو فرض حظر السفر من خلال مكاتب الجوازات – كيف يمكن إعادة تسويق الفظائع من خلال طابع إداري بيروقراطي، يضفي عليها مظهرًا من الشرعية المضللة.
العدالة الانتقالية والسلم الأهلي – نموذج فادي صقر
برز مجال العدالة الانتقالية كمسار مستقل بعد التحولات الديمقراطية في أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية، حيث قدم أطرًا للتعامل مع إرث الأنظمة الاستبدادية أو النزاعات المسلحة.
تتفاعل التوترات النظرية في هذا المجال؛ بين السلم الأهلي والعدالة الانتقالية، وبين النهج المتمحور حول الضحية والجرائم.
تعتبر معضلة “السلام مقابل العدالة” جوهر هذا الجدل. يرى باحثون مثل جاك سنايدر وليزلي فينجاموري أن الملاحقات القضائية المبكرة قد تُزعزع استقرار التحولات الهشة وتعيد إشعال المواجهة، ويدعون إلى تبني نهج “السلام أولاً”، الذي يُفضي إلى تحقيق الاستقرار قبل المضي نحو المساءلة، بينما تحاجج كاثرين سيكينك بأن تأجيل العدالة يمنح الجناة فرصة لتدمير الأدلة وترهيب الشهود وترسيخ الإفلات من العقاب.
تشير نظرية “تسلسل العدالة” إلى أن المساءلة القضائية المبكرة قد تُحدث تأثيرًا رادعًا وتعزز من سيادة القانون. يأخذ السياق السوري هذه المعضلة إلى أعلى مداها: فهل يمكن تحقيق استقرار حقيقي في ظل بقاء شخصيات مثل فادي صقر خارج دائرة المحاسبة، أم أن هذا الإفلات بنفسه يُقوض فرص السلام المستدام؟
يسلط التباين بين النهجين المتمحورين حول الضحية والجاني الضوء على تناقض نظري إضافي. تنطلق العدالة الانتقالية المتمحورة حول الضحية من فرضية أن الضحايا يسعون إلى الاعتراف ومنع تكرار الجرائم أكثر من سعيهم للانتقام. وتُعطي الأولوية لكشف الحقيقة والاعتراف والتعويض، كما يتجلى في عمل لجان الحقيقة التي تقدم العفو مقابل الشهادات.
بالمقابل، يركز النهج المتمحور حول الجناة على المساءلة الجنائية كوسيلة لتحقيق العدالة ومنع الإفلات من العقاب. تظهر محدودية النهج الأول عند التعامل مع كبار المسؤولين، إذ بينما يمكن استقطاب الجنود للمشاركة مقابل عفو، فإن شخصيات مثل الشعار تمتلك معلومات تُدين النظام الحاكم بأكمله، مما يجعل انخراطهم غير مرجح ما لم يواجهوا ضغوطًا جدية بالملاحقة القضائية.
المسؤولية القانونية للشعار
تتجلى أوضح مؤشرات مسؤولية محمد الشعار المباشرة في عضويته ضمن “خلية الأزمة”، التي أُنشئت في مارس/آذار 2011 كأعلى هيئة لاتخاذ القرار الاستقراري في سوريا.
تكشف شهادات منشقين ووثائق موثقة أن هذه الخلية كانت تعقد اجتماعات منتظمة لتنسيق الرد الاستقراري على الاحتجاجات، برئاسة بشار الأسد شخصيًا. كوزير للداخلية وعضو فاعل في هذه الخلية، ساهم الشعار في صياغة سياسات تُجيز بوضوح استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين.
تظهر محاضر الاجتماعات التي حصلت عليها الشبكة السورية لحقوق الإنسان إشارات صريحة إلى “حلول أمنية حاسمة” و”القضاء على التجمعات التطرفية” – وهما تعبيران مستتران عن أوامر تنفيذ مجازر.
إن حضور الشعار لهذه الاجتماعات، وتزامنها مع تنفيذ وزارة الداخلية لاحقًا عمليات قتل جماعي، يُثبت وجود علاقة سببية واضحة بين تخطيط السياسات وتنفيذ الجرائم.
يُعزز هذا الترابط الزمني بين قرارات خلية الأزمة وتصاعد أنماط العنف من قِبل وزارة الداخلية. تُظهر بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الضحايا المدنيين بعد اجتماعات بعينها، خاصة تلك التي ناقشت مظاهرات الجمعة.
كما يشير التوزيع الجغرافي المنسق لعمليات القتل عبر محافظات متعددة إلى وجود تخطيط مركزي ممنهج، لا إلى عنف عشوائي. وقد مكّن الموقع المزدوج للشعار، كوزير للداخلية وعضو في خلية الأزمة، من تحويل الخطط الاستقرارية إلى أوامر تنفيذية مباشرة.
تتضمن الوثائق المسربة من وزارة الداخلية خلال عامي 2011 و2012 تعليمات مُوقّعة باسم الشعار، أو تُشير إلى أوامره الشفهية، موجهة إلى فروع الاستقرار السياسي وإدارات الهجرة والجوازات والسجلات المدنية. تشمل هذه التوجيهات تحديد “حصص اعتقال”، ومتابعة مؤيدي المعارضة، والوفاة للمختفين قسريًا.
تُظهر هذه الوثائق – من خلال الترويسات الرسمية والأختام وقوائم التوزيع- الطابع البيروقراطي المنهجي لتطبيق السياسات، لا مجرد أوامر فردية أو عشوائية. ويبرز خطر هذه الوثائق في التعميمات التي تُجيز “الضغط الأقصى” على المتظاهرين وعائلاتهم، مما يشير ضمنيًا إلى التعذيب والعقاب الجماعي.
تسليح وظائف وزارة الداخلية
يُعتبر تحول وزارة الداخلية السورية من جهاز إداري مدني إلى أداة للقمع المنهجي نموذجًا صارخًا على ظاهرة “تسليح المؤسسات”. ففي عهد محمد الشعار، بين أبريل/نيسان 2011 وأكتوبر/تشرين الأول 2018، شهدت الوزارة انتقالًا من أداء وظائفها التقليدية إلى دور أمني شامل يخدم سلطة استبدادية.
شكّل دمج الوظائف الإدارية والاستقرارية تحت قيادة الشعار تحولًا نوعيًا في ممارسات الحكم الأسدي. بينما تُبقي الأنظمة الاستبدادية التقليدية على فصل رمزي بين الشرطة السرية والإدارات المدنية، حققت سوريا الأسد تكاملاً بين الجانبين.
تحوّلت إدارة الهجرة والجوازات، المُكلفة نظريًا بإصدار الوثائق، إلى جهاز أمني اعتقل 1608 مدنيين؛ من بينهم 73 حصلوا على “تسويات أمنية” رسمية، وفقاً لتوثيقات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
كما تورطت مكاتب السجل المدني، التي يُفترض أنها مختصة بتسجيل المواليد والوفيات، في تزوير السجلات لإخفاء المعتقلين قسريًا. أدى هذا الاندماج بين الإداري والاستقراري إلى تقويض أي شعور بالأمان داخل بيروقراطية الدولة، بحيث أصبح من الصعب على المواطنين التمييز بين الإجراءات الإدارية والفخاخ الاستقرارية.
واتسع نطاق عمل مديرية الاستقرار السياسي، المسؤولة اسمياً عن مراقبة الأنشطة السياسية، حتى أصبحت حاضرة في جميع الدوائر الحكومية. كما مُنحت فروع الاستقرار الجنائي، التي كانت تقليديًا تُعنى بالجرائم العادية، صلاحيات جديدة للتحقيق في “التطرف”، وهو توصيف يُستخدم غالبًا لوصم أي نشاط معارض.
الأكثر خطورة أنه تم إعادة تنظيم تدفقات المعلومات بحيث طُلب من جميع الوزارات تزويد وزارة الداخلية ببيانات المواطنين، مما أنشأ بنية مراقبة واسعة تُتيح الاعتقال بناءً على مؤشرات إدارية حول تعاطف مفترض مع المعارضة.
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما مجموعه 256,364 انتهاكًا نُسبت مباشرة إلى أجهزة وزارة الداخلية- وهو رقم مرجح أن يكون أقل من الواقع نظرًا لصعوبات التوثيق تحت الحكم الاستبدادي.
يعكس عدد القتلى المدنيين في المظاهرات -10,542 قتيلًا- تبني سياسات إطلاق النار بقصد القتل، بدلًا من مجرد الفشل في السيطرة على الحشود. أما الانتشار الجغرافي لهذه العمليات – الذي لم يقتصر على معاقل المعارضة – فيشير إلى تخطيط مركزي، لا انحرافات محلية.
وقد شكل “الاضطهاد الإداري” إسهامًا مبتكرًا من وزارة الداخلية في منهجية القمع، إذ مارسوا عنفًا مؤسسيًا مقننًا من خلال أدوات قانونية. فعمليات مصادرة الممتلكات، التي بلغت 11,267 حالة، جرت بإجراءات قضائية صورية، محوّلةً المحاكم إلى أدوات للاضطهاد.
أما قرارات حظر السفر، التي طالت 115,836 شخصًا، فقد مكنت من الاعتقال على المعابر النطاق الجغرافيية. كما أُصدرت 112,000 مذكرة تفتيش، سُخّرت لتنفيذ مداهمات منهجية تحت غطاء قانوني. أثبت هذا الشكل من العنف الإداري استدامته وفاعليته، إذ واجه إدانة دولية محدودة، بينما أسهم في تحسين السيطرة على السكان.
الشعار كحالة اختبار للعدالة الانتقالية السورية
يكشف ظهور الشعار من مختبئه – بادّعاء “الاستسلام” دون أي اعتقال فوري، ثم ظهوره الإعلامي نافياً مسؤوليته – عن كيفية استغلال الجناة لحالة الغموض والفراغ في المرحلة الانتقالية. إن السماح له بتسليم نفسه دون محاسبة فورية يُرسل رسائل بالغة الخطورة:
- أولًا، يُظهر أن مصالح الجاني قد تُقدَّم على حقوق الضحايا، إذ اختار توقيت ظهوره، وصاغ روايته الخاصة، وتجنّب الإهانة التي واجهها ضحاياه خلال اعتقالهم القسري.
هذا السلوك يتعارض تمامًا مع مبادئ العدالة الانتقالية التي تُعلي من كرامة الضحايا.
- ثانيًا، يُشير إلى إمكانية التفاوض مع الجناة الممنهجين، سواء عبر تبادل المعلومات أو الأصول مقابل المعاملة المُيسَّرة. مثل هذه السوابق تُشجّع على سلوك إستراتيجي خطير: حيث يمتنع الجناة عن التعاون إلا بشروطهم.
سيُشكل رد السلطات السورية على قضيتي الشعار وفادي صقر سابقة لها تبعات بعيدة المدى في مسار العدالة الانتقالية. فالتوازن بين ضرورات الاستقرار ومتطلبات المحاسبة يستلزم تحليلًا دقيقًا يتجاوز ثنائية “العدالة أو السلم”. إن الاستقرار الحقيقي لا يتحقق دون محاسبة تؤسس للشرعية.
يُطرح الآن السؤال عن التوقيت والتدرّج: هل ينبغي محاكمة الشعار على الفور استنادًا إلى الأدلة الموثقة، بالتوازي مع استمرارية التحقيقات؟ وكيف يمكن استخلاص المعرفة المؤسسية منه دون منحه حصانة؟ تتطلب هذه المقاربات وجود مؤسسات راسخة تُمكنها من إنجاز المهمة ببراعة.
الخاتمة: ثمن الإفلات من العقاب
يُقوّض إفلات كبار المسؤولين من المحاسبة البنية الأخلاقية التي تُعد شرطًا أساسيًا لترسيخ السلم الأهلي والاستقرار. تُظهر دراسات العدالة الانتقالية أن المواطنونات الخارجة من سياقات عنف ممنهج تحتاج إلى “اعتراف سردي”؛ أي اتفاق جمعي حول ما حدث، ومن يتحمل المسؤولية، ولماذا يجب ألّا يتكرر.
عندما ينجح مدبّرو الجرائم، كالشعار، في التلاعب بالسردية السنةة والتنصل من أدوارهم عبر الإعلام، فإنهم يعوقون هذا الاعتراف الضروري. ويُملأ الفراغ السردي الناتج بخطابات إنكار وأساطير متنافسة، تُقوّض فرص المصالحة وتُسمم النقاش الديمقراطي.
تضم سوريا آلاف المتورطين في الانتهاكات من المؤسسات العسكرية والاستقرارية والقضائية والإدارية، الذين يتابعون بدقة مسار قضية الشعار. نجاح محاكمته سيُثبت عزم السلطة التنفيذية الانتقالية على كسر حلقة الإفلات من العقاب. أما فشله، فسيُرسل رسالة بأن التوافق السياسي يمكن أن يُستخدم كدرع للحماية من المساءلة، مما سيُعزز مناعة الجناة ويُشجع على التحصّن والمقاومة.
إن كسر حلقة الإفلات من العقاب ضرورة إستراتيجية لضمان استقرار طويل الأمد. فالمواطنونات التي تتجاهل محاسبة الجرائم الممنهجة تُواجه احتمالات حقيقية لتجدد العنف.
تُهدد شبكات الجناة، التي لا تزال تمتلك النفوذ والموارد، استقرار الدولة ومؤسساتها الناشئة. أما الضحايا، المحرومون من الاعتراف الرسمي، فيميلون نحو أشكال عدالة بديلة، بما في ذلك الانتقام. ينتج عن هذا المناخ هشاشة قد تؤدي إلى عودة الاستبداد أو تجدّد النزاع.
إن قضية الشعار تتجاوز المحاسبة الفردية. فهو، بصفته وزيرًا للداخلية في الفترة الأكثر دموية من تاريخ سوريا الحديث، يُجسّد الإجرام المؤسسي. مواجهة هذا الإرث تتطلب أكثر من محاكمات رمزية؛ بل تتطلب مقاربات شاملة تُعالج الثقافة المؤسسية، والذاكرة الجمعية، والعنف الهيكلي. وهذا ما تحتاجه سوريا – الآن، وبإلحاح.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.