إعلان

متابعات | شاشوف

انتقلت المواجهة في الأجواء الإسرائيلية إلى مستوى جديد من التحدي المباشر، حيث وجه مركز تنسيق العمليات الإنسانية “HOCC” في صنعاء، اليوم الثلاثاء، إخطاراً رسمياً ومباشراً إلى شركات الطيران العالمية، محذراً إياها من “مخاطر كبيرة ومستمرة” تهدد سلامة الملاحة الجوية في مطارات إسرائيل، وذلك في أعقاب إعلان قوات صنعاء (أنصار الله الحوثيين) فرض حظر جوي شامل عليها، ومستنداً إلى القدرة العسكرية التي تم إثباتها مؤخراً عبر الهجوم الصاروخي على محيط مطار بن غوريون الدولي.

إعلان

يأتي هذا الإخطار المباشر لشركات الطيران، بعد يومين من إخطار مماثل تم توجيهه إلى الهيئات الدولية المنظمة للطيران (إيكاو وإياتا)، ليشكل تصعيداً في الضغط ووضوحاً في الرسالة الموجهة لصناعة الطيران العالمية بضرورة وقف رحلاتها فوراً إلى إسرائيل.

مضمون الإخطار: تحذير ومسؤولية ورسالة إنسانية

أوضح مركز تنسيق العمليات الإنسانية في بيان تفصيلي مضمون الإخطار الموجه لشركات الطيران، مؤكداً وفق اطلاع شاشوف أنه يهدف لإبلاغها رسمياً بقرار القوات المسلحة اليمنية بفرض “حظر شامل للملاحة من وإلى مطارات العدو الإسرائيلي الغاصب… ابتداءً من 04 مايو 2025، الساعة 19:42 بالتوقيت العالمي (UTC)، إلى أجل غير محدد”.

وربط البيان هذا القرار بشكل مباشر بـ”الرد على التصعيد الإسرائيلي بقرار توسيع العمليات العدوانية على غزة”، ووضعه في إطار “المسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم وما يتعرض له من حصار ظالم واستمرار المجازر المروعة والبشعة وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وقتل الأطفال والنساء ومنع دخول الدواء والغذاء منذ أكثر من عام”. وحثت الرسالة شركات الطيران على “أخذ هذا الإعلان بعين الاعتبار… وإلغاء كافة رحلاتها… حفاظاً على سلامة طائراتها والمسافرين”.

لم يقتصر الإخطار على التحذير، بل حاول تأطيره ضمن قواعد السلامة الجوية الدولية، وأشار المركز إلى أنه بمخاطبته لشركات الطيران، يكون قد أبلغها رسمياً بوجود “مخاطر كبيرة ومستمرة” على سلامة الملاحة في المطارات الإسرائيلية.

وأضاف البيان أنه “بناءً عليه، ووفقاً لما ورد في ملاحق منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، ومن أهمها الملحق (Annex 6) والملحق (Annex 19)، فإن من واجبكم القانوني كمشغّل جوي الامتناع عن تسيير رحلات إلى مطارات الكيان الإسرائيلي نظراً لوجود مخاطر أمنية واضحة تشمل الاستهداف المستمر بالصواريخ، حفاظًا على سلامة الطائرات والركاب والطاقم”.

واعتبر المركز أن تسيير أي رحلات، خاصة إلى مطار بن غوريون، مع العلم بوجود “تهديد صاروخي مباشر”، يمثل “خرقاً صريحاً لمتطلبات السلامة الدولية ولوثائق وملاحق منظمة الطيران المدني الدولي ويعرض الأرواح والممتلكات للخطر”، وحمّل المركز شركات الطيران العالمية “كامل المسؤولية” عن أي حوادث قد تنجم عن تجاهل هذا التحذير والاستمرار في تسيير الرحلات.

اكتسب هذا التحذير المباشر لشركات الطيران مصداقية وخطورة استثنائية بسبب الهجوم الصاروخي الذي استهدف محيط مطار بن غوريون قبل يومين فقط. وكما حلل المرصد الاقتصادي شاشوف في أعقاب الهجوم، فإن نجاح الصاروخ في تجاوز الدفاعات الجوية الإسرائيلية المتقدمة والسقوط قرب المطار الرئيسي لم يعد مجرد استعراض للقوة، بل تحول إلى دليل مادي على قدرة صنعاء على تنفيذ تهديداتها بفعالية.

وقد غيرت تلك الضربة حسابات المخاطر بشكل جذري لدى شركات الطيران وسلطات الطيران المدني العالمية، ولم يعد بالإمكان التعامل مع تحذيرات صنعاء على أنها مجرد تصريحات سياسية.

تداعيات الضربة: تأمين باهظ وقرارات صعبة لشركات الطيران

أظهرت الساعات التي تلت ضربة مطار بن غوريون التأثير الفوري على قطاع الطيران، وأشار المرصد الاقتصادي شاشوف إلى أن أولى التداعيات المتوقعة، إضافة إلى الإلغاءات الفورية (مثل مجموعة لوفتهانزا)، ستكون ارتفاعاً حاداً في أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب على الطائرات المتجهة إلى إسرائيل، مما يجعل هذه الرحلات باهظة التكلفة وغير مجدية تجارياً للعديد من الشركات.

هذا الوضع يضع شركات الطيران أمام قرارات صعبة، حيث توازن بين الاعتبارات التجارية والسياسية من جهة، وبين مخاطر السلامة والتكاليف الباهظة للتأمين من جهة أخرى، وهو ما قد يدفع المزيد من الشركات لتعليق رحلاتها طواعية حتى استيضاح الموقف.

في حال استجابت شركات الطيران الرئيسية لتحذير صنعاء، سواء بسبب المخاطر الأمنية أو التكاليف التأمينية، فإن ذلك سيفرض عزلة جوية شبه كاملة على إسرائيل، مما يفاقم من أزمتها الاقتصادية الحالية.

وكان المرصد الاقتصادي شاشوف قد حلل سابقاً معاناة الاقتصاد الإسرائيلي أصلاً من تداعيات حرب غزة، بما في ذلك انهيار قطاع السياحة، وتأثر قطاع التكنولوجيا، وتعطل حركة التجارة جزئياً بسبب أزمة البحر الأحمر. وإضافة عزلة جوية إلى هذه التحديات ستمثل ضربة قاصمة للاقتصاد الإسرائيلي، وستزيد من الضغوط الداخلية على الحكومة لتغيير مسارها في غزة.

اختتم مركز تنسيق العمليات الإنسانية إخطاره بالتأكيد مجدداً على أن الإجراء يُتخذ كـ”إجراء إنساني وأخلاقي”، معرباً عن الأمل في أن “يقف الجميع للضغط على الكيان الإسرائيلي الغاصب لإيقاف جرائم الإبادة الجماعية وأن يوقف التجويع والحصار للشعب الفلسطيني في غزة”.

هذا الربط المباشر بين سلامة الطيران المدني العالمي وبين إنهاء الأزمة الإنسانية في غزة يضع المجتمع الدولي وشركات الطيران أمام مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، ويؤكد أن مفتاح وقف هذا التصعيد الإقليمي الخطير يكمن في معالجة جذوره في فلسطين.




رابط المصدر

إعلان

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك