إعلان

متابعات | شاشوف

في تطور مفاجئ ومثير للجدل، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، أن الولايات المتحدة ستوقف “فوراً” عمليات القصف التي تشنها على اليمن، زاعماً أن الحوثيين أكدوا أنهم “لم يعودوا يريدون القتال” وطلبوا وقف الهجمات الأمريكية.

إعلان

وصرح ترامب بأنه بصدد إصدار “إعلان كبير للغاية” قبل زيارته المرتقبة إلى منطقة الشرق الأوسط، الخميس أو الجمعة، وجاءت هذه التصريحات بعد ساعات قليلة من غارات جوية إسرائيلية استهدفت “مطار صنعاء الدولي” ومنشآت مدنية حيوية أخرى في العاصمة اليمنية ومحافظة عمران.

جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي خلال استقباله رئيس الوزراء الكندي “مارك كارني” في البيت الأبيض، حيث قال للصحفيين: “الحوثيون قالوا البارحة إنهم لم يعودوا يريدون القتال، وهذه أخبار جيدة”، دون أن يقدم تفاصيل إضافية حول طبيعة هذا الإعلان أو مصدره من جانب الحوثيين. وتابع ترامب: “أقبل كلمة الحوثيين بأنهم سيوقفون هجماتهم، وقررنا وقف قصفنا بشكل فوري”.

ورغم إعلانه وقف القصف، أوضح ترامب أن الولايات المتحدة “لم تتوصل إلى اتفاق” رسمي مع الحوثيين، لكنه كرر ادعاءه بأنهم “طلبوا وقف القصف، وقالوا لنا: رجاء، توقفوا عن قصفنا ونحن سنتوقف من جانبنا عن استهداف السفن”.

غارات إسرائيلية تسبق تصريحات ترامب وتستهدف البنية التحتية

تكتسب تصريحات ترامب بعداً إضافياً من التعقيد بالنظر إلى توقيتها، حيث جاءت بعد ساعات قليلة فقط من سلسلة غارات جوية إسرائيلية عنيفة استهدفت مواقع في اليمن. هذه الغارات أدت إلى إخراج مطار صنعاء الدولي عن الخدمة بشكل كامل، بعد استهداف مباشر لمرافقه. ولم تقتصر الأهداف الإسرائيلية على المطار، بل امتدت لتشمل منشآت مدنية حيوية أخرى في العاصمة صنعاء ومحافظة عمران المجاورة.

ووفقاً لتقارير رصدها المرصد الاقتصادي شاشوف سابقاً حول تداعيات استهداف البنى التحتية، فإن مثل هذه الهجمات تلحق أضراراً بالغة بالقدرة التشغيلية للبلاد وتفاقم الأزمة الإنسانية. وقد أشارت مصادر إلى أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة طالت أيضاً محطات لتوليد الكهرباء، بالإضافة إلى استهداف مصنع أسمنت عمران، وهو منشأة صناعية رئيسية تسهم في الاقتصاد المحلي وتوفر فرص عمل.

ويأتي هذا الاستهداف للبنية التحتية المدنية في سياق تصعيد إقليمي مرتبط بالحرب الإسرائيلية على غزة والعمليات اليمنية في البحر الأحمر.

بدورها عبرت إسرائيل عن صدمتها من إعلان ترامب عن وقف قصف اليمن، إذ نقل موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي عن “مسؤول إسرائيلي رفيع” قوله إن واشنطن لم تُخطر إسرائيل مسبقاً بإعلان ترامب عن وقف القصف، ولم يكن لدى الإسرائيليين علم بقرار ترامب الذي فاجأهم.

“إعلان كبير للغاية” يسبق جولة شرق أوسطية

بالعودة إلى تصريحات ترامب، فقد أثار الرئيس الأمريكي التكهنات بإعلانه أنه “سيكون لدينا إعلان كبير للغاية قبل زيارة الشرق الأوسط”، دون أن يخوض في أي تفاصيل حول طبيعة هذا الإعلان أو محتواه. ومن المقرر أن يقوم ترامب بجولة في المنطقة تشمل المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة في الفترة من 13 إلى 16 مايو الجاري، وفق ما أعلنه البيت الأبيض مؤخراً.

تأتي مبادرة ترامب المعلنة بوقف القصف على اليمن في تناقض صارخ مع الحملة الجوية الكثيفة التي تشنها الولايات المتحدة على مواقع في اليمن منذ 15 مارس الماضي. وكان ترامب قد توعد في السابق بـ”القضاء على الحوثيين”، وحذر إيران من مغبة الاستمرار في دعمهم، مما يجعل هذا التحول الظاهري في الموقف مثيراً للتساؤل حول دوافعه الحقيقية. فهل يمثل هذا إيذاناً بتغيير استراتيجي في سياسة واشنطن تجاه اليمن، أم أنه مجرد مناورة تكتيكية تسبق إعلانه “الكبير” وجولته الإقليمية؟

يرى محللون أن تصريحات ترامب قد تكون مدفوعة بعدة عوامل. فمن جهة، قد تكون هناك رغبة أمريكية في تهدئة جبهة اليمن مؤقتاً لتسهيل مهمة جولته في الشرق الأوسط، والتي قد تحمل مبادرات دبلوماسية أو اقتصادية كبرى يسعى لعدم تعكير صفوها بتصعيد عسكري في المنطقة. من جهة أخرى، قد تكون هذه التصريحات محاولة لجس نبض الحوثيين أو لإظهار بادرة حسن نية تسبق مفاوضات محتملة، خاصة إذا كانت هناك بالفعل اتصالات خلف الكواليس كما لمح ترامب.

ومع ذلك، فإن ربط ترامب وقف القصف الأمريكي بادعاء أن الحوثيين “طلبوا ذلك” وأنهم “لم يعودوا يريدون القتال” يتناقض مع استمرار عمليات الحوثيين في البحر الأحمر وتصريحاتهم المتكررة التي تربط وقف عملياتهم بإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة ورفع الحصار عنها.

كما أن توقيت تصريحات ترامب بعد الغارات الإسرائيلية مباشرة يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هناك محاولة أمريكية للظهور بمظهر “صانع السلام” أو لامتصاص الغضب المحتمل من استهداف إسرائيل للبنية التحتية اليمنية.

فهل تسعى واشنطن من خلال هذه “الهدنة” أحادية الجانب إلى خلق بيئة مواتية لإعلاناتها المرتقبة، ربما المتعلقة بترتيبات أمنية أو اقتصادية جديدة في المنطقة، مع تجاهل الأسباب الجذرية للتصعيد اليمني المرتبطة بشكل مباشر بالحرب على غزة؟

يبقى المشهد اليمني والإقليمي محفوفاً بالغموض والترقب. فبينما يمثل إعلان ترامب وقف القصف تطوراً لافتاً، فإن استدامته وصدقيته ستكونان على المحك، خاصة في ظل غياب أي اتفاق رسمي مع صنعاء واستمرار الأسباب الجوهرية التي دفعت حكومة صنعاء لتصعيد عملياتها.

وسيكون “الإعلان الكبير للغاية” الذي وعد به ترامب، وجولته في الشرق الأوسط، محط أنظار العالم لمعرفة ما إذا كانت واشنطن تتجه نحو تهدئة حقيقية أم مجرد إعادة ترتيب لأوراق اللعبة في منطقة تشهد واحدة من أعقد أزماتها وأكثرها خطورة.


تم نسخ الرابط


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا