إعلان

عقد التوظيف ليس عقداً إدارياً
بقلم أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

▪️العقد الذي تبرمه جهة الإدارة مع الموظف للعمل لديها كموظف لا يكون عقداً إدارياً ينطبق عليه مفهوم العقد الإداري، فلا يخضع هذا العقد لأحكام العقود الإدارية، وتبعاً لذلك لا تختص المحكمة الإدارية بنظر النزاع بشأن هذا العقد ، لانه ينطبق عليه مفهوم العقد الإداري، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-9-2013م في الطعن رقم (52680)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والدائرة تجد من خلال الثابت في الأوراق أن الطاعنة المدعى عليها قد دفعت أمام المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها النوعي بنظر القضية على أساس أن المدعي ليس موظفاً عاماً، والتعاقد الذي تم معه ليس عقداً إدارياً، غير أن المحكمة الإدارية قررت : بأنه طالما أن المدعي كان يعمل لدى جهة الإدارة فإن عقده معها يكون عقداً إدارياً، وقد اخطأت المحكمة الإدارية في ذلك، لأن العقد الإداري هو العقد الذي يكون أحد طرفيه شخصاً من أشخاص القانون العام وأن يتصل العقد بمرفق عام بقصد تنظيمه أو تسييره، وأن تستخدم فيه الإدارة وسائل القانون العام، وقد كان الواجب على محكمة الاستئناف أن تلغي حكم المحكمة الإدارية وتحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

إعلان

الوجه الأول : مفهوم العقد الإداري :

▪️ يمكن تعريف العقد الإداري بأنه : العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام بمناسبة تسييره وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص،كما عرفه الدكتور سليمان محمد الطماوي، بأنه: العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد تسيير مرفق عام أو تنظيمه، وتظهر في نية الإدارة في الأخذ بأحكام القانون العام، وعلامة ذلك أن يتضمن العقد شروطاً استثنائية وغير مألوفة في القانون الخاص أو يخول المتعاقد مع الإدارة الاشتراك مباشرة في تسيير المرفق العام. لكن ليس كل عقد تبرمه الإدارة مع فرد أو هيئة خاصة يعتبر حتماً عقداً إدارياً، مع أن الأصل العام في عقود الإدارة العامة أنها عقود إدارية تخضع بهذه الصفة لأحكام القانون الإداري التي تختلف عن القانون المدني والقواعد التي تضمنها بالنسبة لعقود الأفراد فيما بينهم، لأنه هناك إلى جانب العقود الإدارية قد تبرم السلطات الإدارية عقوداً مدنية خاصة أي غير عادية، تماماً مثلها في ذلك مثل أي عقد مدني أو تجاري بين فرد وفرد آخر، فقد تستأجر جهة الإدارة أحد العقارات أو الشقق بعقد إيجار مدني عادى أي قد تبيع بعض محاصيل مزرعة خاصة تابعة للدولة ( من أموال الدولة الخاصة ). وهذه العقود المدنية أو الخاصة للإدارة لا تعتبر عقوداً إدارية بالمعنى الدقيق ولا ينطبق عليها كأصل عام النظام القانوني للعقد الإداري طبقاً للقانون الإداري وإنما ينطبق عليها القانون

المدني.( أنواع العقود الإدارية “دراسة وصفية تحليلية”ص6 ).
يذهب أغلب الفقهاء في فر نسا إلى أن مفهوم العقد واحد في مختلف فروع القانون ، ولكن النظام القانوني يختلف من عقد إلى آخر ، حيث عرف دي لوبادير العقد بأنه : (إرادات تنشأ عنها التزامات ) ، وفي فرنسا باعتبارها أول الدول التي أخذت بنظام القضاء المزدوج ، فان عقود الإدارة فيها لا تخضع لنظام قانوني واحد ، فمن عقودها ما يحكمها القانون الخاص ، ومنها ما يحكمها القانون العام ، وهي ما تعرف بالعقود الإدارية، أما في مصر فان اغلب الفقه استقر على أن المفهوم العام للعقــد هــــو : ( توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهاؤه )، ويعرف الدكتور محمود حلمي العقد الإداري بأنه : ( العقد الذي يتم إبرامه بين شخص من أشخاص القانون العام وآخر من أشخاص القانون الخاص ويكون هدفه تسيير مرفق عام أو تنظيمه ) ، وان كل عقد أداري شأنه شأن عقود القانون الخاص يولد التزامات وحقوقاً ولكنها تختلف بصورة جوهرية عن الالتزامات التي تنشأ عن العقود المدنية ، حيث أن العقود الإدارية تتسم بصفة خاصة هي احتياج المرفق العام الذي يستهدف العقد تسييره وعلو المصلحة العامة على مصالح الأفراد.

إن العقود الإدارية التي تبرم من قبل الإدارة تكون عادة في شكل إجراءات معينة تحددها القوانين أو الأنظمة أو بشكل عملية مركبة تتمثل في كيفية التعبير عن إرادة الإدارة التي تكون طرفاً في العقد ، حيث أن هذا التعبير أو التصرف الذي يتم بموجبه إبرام العقد الإداري تسبقه إجراءات تحضيرية ودراسات واستشارات سابقة على التعاقد، وهكذا فقد تلجأ الإدارة إلى صيغة التعاقد مع الأشخاص الطبيعية والمعنوية لغرض إدارة المرفق العام أو لتحقيق أهداف هذا المرفق بإشباع الحاجات العامة للمواطنين، أما موقف القضاء المصري فإن المحكمة الإدارية العليا ذهبت إلى تعريف العقد الإداري بأنه : ( …. مناط العقد الإداري أن تكون الإدارة أحد أطرافه ، وأن يتصل بنشاط المرفق العام ، وان يأخذ بأسلوب القانون العام وما ينطوي عليه من شروط استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص ….(، (. مفهوم العقد الإداري، بدر حمادة صالح، ص 19).

الوجه الثاني:أركان العقد الإداري :

▪️ ليس كل عقود الإدارة لها صفة العقود الإدارية حيث أن الإدارة يمكنها أن تبرم عقوداً مدنية تخضع للقانون المدني، وتبرز أهمية التفرقة بين العقود الإدارية وعقود الإدارة المدنية في أن عقود الإدارة المدنية تخضع لقواعد القانون الخاص ويختص بنظرها القضاء العادي والقانون الخاص، في حين تخضع العقود الإدارية لأحكام القانون الإداري وتخضع عند حدوث منازعات بشأنها لاختصاص القضاء الإداري.

pexels photo 5668858

نجد أن المعيار المستقر للعقد الإداري هو معيار يتضمن شروطاً ثلاثة يجب توافرها جميعاً، بحيث إذا تخلف واحد منها فقط لا يصبح العقد إدارياً بل عقدا مدنياً من عقود القانون الخاص، وهذه الشروط الثلاثة هي على التوالي، أن يكون أحد طرفي العقد شخصاً معنوياً عامة وأن يتعلق العقد بإدارة مرفق عام – وأخيراً أن يتضمن العقد شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص، وهذه الأركان الثلاثة التي تكون في مجموعها معيار العقد الإداري، ولم يستقر على معيار واحد منها للتمييـز بـين العقد الإداري وغيره من عقود القانون الخاص، وإنما استند القضاء الإداري في ذلك إلى الثلاثة الأركان، فإذا توافرت هذه الاركان مجتمعة كان العقد إدارياً وإذا تخلفت كان العقد مدنياً، ويمكن القول بأن أركان العقد الإداري هي عناصر التمييز بين العقد الإداري وغيره من العقود.

وأركان للعقد الإداري هي :

أولاً: أن يكون أحد طرفي العقد شخصاً من أشخاص القانون العام.
ثانيا: أن يتعلق العقد بإدارة مرفق عام.
ثالثا: أن يتضمن العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص.

وبيان هذه الأركان كما يأتي :

▪️أولاً: أن يكون أحد طرفي العقد شخصاً من أشخاص القانون العام:
أمر طبيعي أن تكون الإدارة أحد أطراف العقد ويعتبر هذا العنصر من البديهيات، ذلك أنه لا يجوز أن يوصف عقـد بأنه إداري، إلا إذا كان أحد أطرافه على الأقل جهة إداريـة، وإذا كـان مـن الجائز والمقبول أن تكون الإدارة طرفاً في عقد مدني غير إداري، فإنه ليس من المقبول أن يوصف عقد بأنه إداري، حالة أن جميع أطرافه من أشخاص القانون الخاص، فالعقد الذي لا يكون أحد أطرافه من أشخاص القانون العام، لا يجوز اعتباره عقداً إدارياً على الإطلاق.

وينتج عن هذا الشرط الأول أن العقود التي يكون أطرافها جميعاً من أشخاص القانون الخاص ( أفراد-شركات-جمعيات-نوادي- نقابات-مؤسسات خاصة) ، فإن هذه العقود لا تكتسب أبداً صفة العقود الإدارية حتى ولو تصورنا أن موضوع العقد تعلق بمرفق عام وحتى لو كان أحد طرفيه هيئة خاصة تخضع لرقابة قوية من الدولة.

وإدارياً هناك حالة استثنائية واحدة فقط يمكن أن يكون العقد المبرم بين شخصين من أشخاص القانون الخاص عقداً إدارياً، وهي حالة ما إذا كان أحد طرفي هذا العقد قد أبرم العقد ليس لحسابه الخاص وإنما لحساب شخص معنوي عام، فهنا يعتبر العقد إدارياُ على أساس أن المتقاعد الخاص كان بمثابة وكيل عن الشخص العام والأمر، والواقع أن الأمر ليس استثناء حقيقياً، لأن العقد في النهاية لن يترتب آثاره في ذمة المتقاعد وإنما سيرتبه إيجابياً أو سلبياً في ذمة الشخص العام الذي أبرم العقد لحسابه.

independent insurance agency employee benefits insurance brokers

▪️ثانيا: أن يتعلق العقد بإدارة مرفق عام:
ويتحصل هذا الشرط في أن موضوع العقد يجب أن يتصل بمرفق عام، وحكمة هذا الشرط أن ضرورات أو مقتضيات المرافق العامة وسيرها بانتظام وباضطراد هي التي تبرر النظام القانوني الاستثنائي أي أن المتغير للعقود الإدارية ذلك النظام الذي يختلف عن القانون الخاص في كثير من نواحيه سواء في حقوق الإدارة المتعاقدة أم في حقوق والتزامات المتعاقد معها، والمرفق العام الذي يجب أن يتصل به العقد يأخذ التعريف أو المعنى المحدد له في القانون الإداري كنشاط تتولاه الإدارة إدارته ويستهدف تحقيق النفع العام مباشرة، لكن اتصال العقد الإداري بالمرفق العام ليس له صورة بذاتها: فقد يتصل العقد بتنظيم المرفق واستغلاله أو تسييره أو بالمعاونة في تسييره وإدارته عن طريق توريد مواد أو خدمات أو غير ذلك من صور الاتصال، ويعتبر عنصر تعلق العقد بمرفق عام من أهم العناصر المميزة للعقـد الإداري عن غيره مما تعقده الإدارة من عقود.

▪️ثالثاً: أن يتضمن العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص:
رأينا أن عنصر كون الدولة أحد أطراف العقد لا يكفي وحده للقول بأن العقد إداري، وذلك لأن الدولة أو الإدارة قد تتعاقد بأساليب القـانون الخاص وتخضع نفسها وعقدها لقواعد وأحكام القانون الخاص ورأينا كذلك أن اتصال العقد بمرفق عام، لا يصلح وحده كذلك للقـول بأن العقد إداري، وذلك للتطور الكبير الذي تعرض له القانون الإداري، والذي أدى إلى العدول عن الفكرة التي اتخذت من المرفق العام، أساساً لكل علاقـات ومبادئ وأفكار ونظريات القانون الإداري، وذلك بعد أن دخل في عداد المرافق العامة التقليدية، مرافق عامة اقتصادية، فرضت طبيعتها على الإدارة أن تديرها بأحكام ومبادئ القانون الخاص المدني، وهكذا لم يعد عنصر اتصال العقد بمرفق عام عنصراً مميزاً للعقد الإداري. ولهذآ استقر القضاء الإداري في كل من مصر وفرنسا، واتفـق الفقـه كذلك، على أن العنصر المميز الرئيسي، من بين العناصر الثلاثة المميزة للعقد الإداري، هو العنصر المتمثل في أخذ الإدارة في العقد بوسائل القـانون العـام وأساليبه، وهو ما يعني تضمن العقد لشروط استثنائية، غير مألوفة في مجـال عقود القانون الخاص، وقد المح الحكم محل تعليقنا إلى هذه المسألة،وهذه الشروط الاستثنائية غير مألوفة هي عبارة عن شروط يحتويها العقد المبرم بين الإدارة والمتعاقد معها والتي لا يجوز قانوناً للأفراد في القانون الخاص ارتضاها وقبولها أي حتى إذا لم تكن محرمة في القانون الخاص ” وغير مألوفة” لديهم فهذه الشروط الاستثنائية هي إذن بإيجاز إما شروط غير جائزة في القانون الخاص أو جائزة ولكنها غير مألوفة ونادرة في عقود الأفراد الخاصة.

ومن أمثلة هذه الشروط الاستثنائية أو الغير مألوفة: أن تعطي الإدارة نفسها الحق في تعديل العقد وشروطه في أي وقت أو الحق في فرض جزاءات على المتعاقد معها في بعض الحالات أو الحق في إلغاء العقد في أي وقت وبدون إنذار أو حتى بدون تعويض.

وحكمة اشتراط القضاء الإداري لشرط تضمين العقد شروطاً استثنائية أو غير مألوفة حتى يكتسب العقد الطابع الإداري هي أن صلة العقد بالمرفق العام- وإن كان ضرورية- إلا أنها غير كافية لكي تجعل من عقود الإدارة عقوداً إدارياً، فاشتراط وجود شروط استثنائية في العقد الإداري غير مألوفة ضروري من حيث أنه العقد يعبر عن إراداتها في استعمال وسائل القانون العام بما تتضمنه من امتيازات السلطة العامة،غير أنه ليس من الضروري أن يتضمن العقد عدة شروط غير مألوفة أو استثنائية، إذ انه من الممكن أن يكفى وجود شرط واحد غير مألوف.

وأخيراً الشروط غير مألوفة وإن كان غالباً ما يتضمنها العقد نفسه إلا أنه من الممكن أن تكون موجودة خارج العقد كقانون أو لائحة، إذ كان العقد يحيل إلى ذلك القانون أو تلك اللائحة، ومثال ذلك أن يحيل العقد إلى أحكام قانون المناقصات والمزايدات أو لائحته التنفيذية.

وينبغي توفر أركان العقد الثلاثة جميعاً حتى يعتبر عقداً من العقود عقداً إدارياً بما يترتب على ذلك من آثار ومن أهمها خضوع العقد لنظام العقد الإداري المختلفة عن القانون الخاص وخضوع منازعاته للقضاء الإداري ( وليس القضاء العادي).

ولكن يجب التنويه إلى انه ليس كل عقد تبرمه جهة إدارية عقدا إداريا حتماً فكثيراً ما تلجأ جهة الإدارة وهي في سبيل استغلال أموالها الخاصة إلى إبرام عقود بينها وبين جهة إدارية أخرى أو بينها من جهة وبين بعض الأشخاص من جهة أخرى في ظل قواعد القانون الخاص، فيختص بها قاضى القانون الخاص ولا تعنى بأمرها مبادئ القانون الإداري.

وإنما تتميز العقود الإدارية عن العقود المدنية بطابع معين مناطه احتياجات المرفق العام الذي يستهدف العقد الإداري تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة عن مصلحة الأفراد الفردية الخاصة. ( مفهوم العقد الإداري، بدر حمادة صالح، ص 19).

الوجه الثالث : أنواع العقود الإدارية:

▪️هناك “العقود الإدارية المسماة، والعقود الإدارية بطبيعتها”، فللعقود الإدارية تقسيمات عدة تتنـوع وتـصنف حـسب الزاويـة المنظور منها.
وأشهر هذه التقسيمات، تقسيم العقود الإدارية إلى عقود إدارية مسماة وعقود إدارية غير مسماة أو العقود الإدارية بطبيعتها.

ويقصد بالعقود الإدارية المسماة، تلك العقود الإدارية التي نظم القـانون أحكامها، ووضع لها نظاماً قانونياً محدداً، وجعل لها اسماً ، هذه العقود توصف بأنها إدارية لأن القانون وصفها بهذه الصفة، ووضع أحكامها على هذا الأساس ولأن القانون سماها وحدد أحكامها، فلا يجوز البحث في صفتها، فهي عقـود إدارية بلا خلاف، وبغير حاجة إلى بحث، فهي لذلك عقود إدارية مسماة، إشارة إلى أن القانون سماها ووصفها بأنها إدارية، فهي عقود إدارية بقوة القانون، فلا خلاف حول صفتها، ولا مجال للجدال في هذه الصفة، ومن أمثلة العقود الإدارية المسماة، ما جاء ذكره بقانون مجلس الدولـة المصري رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ ، وهي عقد امتياز المرافق العامـة، وعقـد الأشغال العامة وعقد التوريد، ومنها ما أضافه قانون مجلس الدولة الفرنسي وهي عقد النقل وعقد تقديم المساعدة أو المساهمة وعقد القرض العام ثم عقـد إيجار الخدمات.

وعلى ما هو معروف، فإن النصوص متناهيـة وأن الحادثـات غيـر متناهية. فمهما كان بعد نظر المشرع واتساع رؤيته، فإنه لا يستطيع أن يـأتي بنصوص تحكم كل ما سيقع أو يكون، ومن ناحية أخرى فإنـه لا يتـصور أن تقف الإدارة مكتوفة الأيدي، إزاء ما تواجهه من أمور تحتاج إلى عقود مما لا يندرج تحت أي من العقود التي نظمها المشرع وسماها، من هنا كان لـلإدارة سلطة إبرام عقود لا تدخل تحت أي عقد من العقود المسماة، وهذه عقود إدارية متى استوفت شرائط العقود الإدارية، على النحو الذي شـرحناه فيما سبق ، ولقد أطلق على هذه العقود تسمية العقود الإدارية غير المسماة، وسميت كذلك بالعقود الإدارية بطبيعتها.

وبديهي أن لا تقع العقود الإدارية غير المسماة تحـت حـصر، فإنهـا متجددة متغيرة بتجدد الحاجات وتغير الظروف، في حين أن العقـود الإداريـة المسماة، عقود محددة وعلى سبيل الحصر، فالعقود الإدارية كثيرة ومتنوعة ، فكل عقد تبرمه سلطة إدارية عامة طبقاً لشروط المعيار العقد الإداري يعتبر عقداً إدارياً.(انواع العقود الإدارية، محمد مصطفى حرارة،ص8 ).

الوجه الرابع : الوضعية القانونية للموظف المتعاقد مع جهة الإدارة :

▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأن الموظف المتعاقد مع جهة الإدارة ليس موظفاً عاما يسري عليه القانون الإداري( قانون الخدمة المدنية) وإنما يحدد العقد المبرم فيما بينه وبين جهة الإدارة حقوقه وواجباته والتزاماته، ومن جانب آخر فإن العقد المبرم فيما بين جهة الإدارة والموظف عقد مؤقت لايتضمن تسيير المرفق والقيام بأمره، كما أن هذا العقد لايتضمن شروط استثنائية تضعها جهة الإدارة إضافة إلى أن هذا العقد ليس من العقود الكبيرة التي تتعلق بها مصالح المرفق وتسييره والأهم من هذا وذاك أن الأركان الثلاثة للعقد الإداري لاتتحقق في عقد التوظيف الذي تبرمه جهة الإدارة مع الموظف ، غير ان القضاء الإداري في بعض الدول يذهب إلى أن عقد الموظف مع جهة الإدارة عقداً إداريا، لان جهة الإدارة طرفا فيه، والله اعلم.

شكر خاص أ. اكرم الردماني

إعلان

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك