رفضت هيئة قناة السويس المصرية طلب الرئيس الأمريكي ترامب بعبور السفن الأمريكية مجاناً، مؤكدة الالتزام بالقوانين المصرية وعدم وجود إعفاءات للرسوم. المشاركون أكدوا على أهمية القناة كمصدر رئيسي للإيرادات، حيث تساهم في حوالي 12% من التجارة العالمية. التصريحات أثارت ردود فعل غاضبة من الشارع المصري وأحزاب سياسية، مشددة على السيادة الوطنية. كما أعلنت الهيئة عن تخفيضات جديدة في الرسوم لجذب السفن الكبيرة في ظل تراجع العبور بسبب الظروف الحالية، حيث تم تسجيل انخفاض كبير في الإيرادات وعدد السفن المارة، وسط توقعات بتحسن في المستقبل القريب.
الاقتصاد العربي | شاشوف
في أول رد رسمي من مصر، رفضت هيئة قناة السويس طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن مرور السفن الأمريكية، التجارية والعسكرية، مجاناً من الممر المائي، مشددة على الالتزام بالقوانين المصرية، وأنه لا يمكن إعفاء أي سفينة من الرسوم، وأن القناة لم تتلق طلباً بذلك في الأساس.
الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، صرح في تصريحات تابعتها شاشوف، بأنه لا يوجد أي امتيازات لأي دولة وفقاً للقانون، وأن أي تخفيض في رسوم عبور السفن من قناة السويس سيكون حافزاً لزيادة الإيرادات، بحيث تستفيد منه جميع السفن من مختلف دول العالم وليس الولايات المتحدة فقط.
وأضاف: “مافيش سفن معفاة من رسوم العبور من الممر الملاحي لقناة السويس، ولا يوجد عبور مجاني”. مؤكداً: “حتى السفن المصرية لا تعبر مجاناً من القناة”، مشيراً إلى أن “اتفاقية القسطنطينية تمنع التمييز بين السفن.
كما تسير حركة عبور السفن الأمريكية بشكل طبيعي في قناة السويس وفقاً للرسوم والإجراءات المتبعة مع جميع السفن، حسبما صرح ربيع.
أما اتفاقية القسطنطينية، لعام 1888م، فهي تنص على أن تكون قناة السويس البحرية دائماً حرة ومفتوحة سواء في وقت الحرب أو السلم، لجميع السفن التجارية أو الحربية دون تمييز لجنسيتها، وفق مراجعة شاشوف.
الرسوم مقابل “الخدمات”.. وخطة لجذب السفن
بعد 17 يوماً من الصمت على تصريحات ترامب، التي أدلى بها في 27 أبريل الماضي، أعلنت القناة رفضها للعبور المجاني، “لأن هناك خدمات تُقدَّم، وإيرادات القناة يُنفق حوالي نصفها على تطوير المجرى الملاحي وتقديم خدمات ملاحية”. وفي سياق التنافس مع قناة السويس، قال ربيع: “الجميع يعمل لمصلحته، ونحن أيضاً نعمل لمصلحتنا”.
تستعد قناة السويس لتطبيق تخفيضات جديدة في رسوم عبور السفن بنسبة 15% يوم الخميس المقبل، وذلك لحاويات أكبر من 130 ألف طن، وهي الحاويات التي تتجنب العبور في القناة حالياً وتذهب إلى طريق رأس الرجاء الصالح. وقد اختارت قناة السويس هذا التوقيت لتطبيق التخفيضات على رسوم العبور بسبب التهدئة في البحر الأحمر، وذلك لجذب السفن المترددة في العودة إلى القناة. كما أوضح رئيس القناة أنه منذ ديسمبر الماضي لم يتم استهداف السفن، وهناك اتفاق حالياً بين الحوثيين والولايات المتحدة بعدم استهداف السفن في البحر الأحمر.
أضاف بقوله إن الاتجاه إلى رأس الرجاء الصالح يُحمّل السفن أعباءًا مالية وأمنية ولوجستية إضافية، بينما يتقلص ذلك في قناة السويس، التي تعتبر المسافة الأقصر والتكلفة الأقل، لذا قررت الهيئة تقديم حافز أكبر بخفض إضافي في التكاليف على السفن. وأكد على أن “السفن ستعود إلى العبور بالقناة في وقت ما، والهدف حالياً هو دفعها لاتخاذ قرار سريع”.
حالياً يتراوح عدد السفن العابرة في قناة السويس بين 35 إلى 40 سفينة يومياً، بعد أن كان العدد قبل الأزمة يتراوح بين 75 إلى 80 سفينة، مما يعني أن الانخفاض في العائدات بالدولار يصل إلى 62%.
جدل شعبي وصمت رئاسي
ترامب صدم المصريين بتصريحاته في 27 أبريل الماضي حيث قال إنه يجب السماح للسفن العسكرية والتجارية الأمريكية بالعبور عبر قناتي السويس وبنما مجاناً، دون دفع أي رسوم، وأشار إلى أنه طلب من وزير الخارجية “ماركو روبيو” تولي هذا الأمر على الفور. وزعم ترامب أن هاتين القناتين ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة.
أثار تصريح ترامب استنكار الشعب المصري، إذ يبدو أنه يتنصل من مستحقات للقناة التي بناها المصريون منذ عام 1859 حتى افتتاحها عام 1869 في عهد “الخديوي إسماعيل”. تُدر القناة عوائد هامة من النقد الأجنبي وتُعتبر واحدة من أهم خمس مصادر إيرادية للاقتصاد المصري، حيث يمر عبرها نحو 12% من التجارة العالمية و30% من حركة الحاويات العالمية التي تتجاوز قيمتها تريليون دولار سنوياً.
أكد خبراء ومختصون أن العبور بدون دفع الرسوم يُعتبر خرقاً للاتفاقيات الدولية وتعدياً على السيادة المصرية.
قبل إعلان قناة السويس عن رفضها، كان الرد المصري على ترامب ضمن نطاق الشارع ولم يرقَ للرد الرسمي من الرئاسة المصرية التي التزمت الصمت، بينما رد سياسيون وإعلاميون، مثل البرلماني مصطفى بكري، بالقول: “ترامب يقول لولا أمريكا ما كانت قناة السويس، بأمارة إيه ياعم الحاج؟ عندما حُفرت القناة كانت أمريكا يادوب في الحضّانة”.
كما صدرت بيانات من عدة أحزاب سياسية مصرية تدين تصريح ترامب، منها بيان لرئيس “حزب الوفد” عبد السند يمامة، الذي أكد أن قناة السويس “كانت وستظل ملكاً خالصاً للشعب المصري، وهي خاضعة للسيادة الوطنية الكاملة للدولة المصرية، ولا يجوز لأية جهة أو دولة التدخل في سياسات إدارتها أو تحديد رسوم عبورها، وتُفرض الرسوم وفقاً للاتفاقيات الدولية والمعايير الاقتصادية العادلة، مع الالتزام بمبادئ حرية الملاحة التي نصت عليها الاتفاقيات.”
تشير تقديرات “صندوق النقد الدولي” إلى أن عدد السفن الأمريكية العابرة في قناة السويس تصل إلى ما بين 1000 و2000 سفينة سنوياً، وهي تمثل ما بين 5% و10% من إجمالي السفن العابرة، مما يعني أن الرسوم التي تدفعها السفن الأمريكية تتراوح بين 500 مليون إلى مليار دولار من إجمالي إيرادات القناة السنوية. وإذا تم قبول مطالب ترامب بالعبور مجاناً ستتكبد مصر خسائر مالية كبيرة.
جاءت تصريحات ترامب في وقت تواجه فيه قناة السويس خسائر مالية يومية، وسط تراجع حركة السفن من البحر الأحمر، حيث سجلت إيرادات القناة في 2024 تراجعاً حاداً بنسبة 61% على أساس سنوي. وتُشير التوقعات إلى أن إيرادات القناة ستتزايد بحلول يونيو 2025، حيث يُتوقع عودة الملاحة إلى طبيعتها في القناة بنهاية العام.
تم نسخ الرابط
(function(d, s, id){
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id;
js.src = ‘//connect.facebook.net/ar/sdk.js#xfbml=1&version=v3.2’;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(document, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));