الاقتصاد العالمي | شاشوف
يدق وقف رحلات شركات الطيران الأجنبية ناقوس الخطر في إسرائيل، إذ قد يبدو التأثير الاقتصادي المباشر صغيراً نسبياً، لكن الأضرار تطال سوق العمل الذي سيشعر بهذه الأضرار، وخاصة بين الفئات الأضعف.
هذا ما تؤكده صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية في تقرير جديد لها اطلع عليه مرصد “شاشوف”، قالت فيه أيضاً إن “الصاروخ الحوثي” الذي هاجم محيط مطار بن غوريون الدولي وسبب صدمة غير مسبوقة في الداخل الإسرائيلي، دفع إلى رفع أسهم شركات الطيران الإسرائيلية بشكل حاد بعد أن تجنبت الشركات الأجنبية الطيرانَ في هذا المناخ المتوتر.
ومع مؤشرات اشتداد الحرب على غزة صدرت عشرات الآلاف من الأوامر للجنود الاحتياطيين، وهو ما قد يكرر سيناريو انخفاض العرض الجوي في إسرائيل بالضبط كما حدث في نهاية عام 2023 حتى نهاية 2024.
الطيران على عاتق الشركات الإسرائيلية
كانت عواقب النقص في الإمدادات الجوية فورية، فوفقاً لدراسة أجراها قسم الأبحاث في بنك إسرائيل المركزي، قفز نشاط النقل الجوي بنسبة 12.2% في عام 2024 مقارنة بعام 2023، وهذه قفزة حقيقية لكن بدون زيادة الأسعار. وحسب التحليل نفسه، إذا بلغ هذا النشاط في عام 2023 نحو 9.7 مليارات شيكل، فإنه سيرتفع في عام 2024 إلى 10.9 مليارات شيكل، وتقول الصحيفة “وهذا ليس خطأ في الحسابات، بل هو نتيجة للظاهرة التي شهدناها العام الماضي”.
فقد توقفت شركات الطيران الأجنبية عن الوصول، وبالتالي وقع كل النشاط على عاتق الشركات الإسرائيلية، وخاصة شركة العال، وارتفع نشاط الشركات الإسرائيلية إلى حد لا يمكن التعرف عليه وزاد إنتاجها، رغم انخفاض الطلب بسبب الحرب.
وبعبارة أخرى، انخفض إجمالي نشاط الطيران، لكن نشاط الشركات الإسرائيلية ارتفع.
ومن الآثار الأخرى لتجنب الشركات الأجنبية، ارتفاع الأسعار، لكن مع ذلك، فإن فحص قسم السفر إلى الخارج على موقع المكتب المركزي للإحصاء يدحض هذه الأسطورة أيضاً، ففي المجمل زاد هذا القسم بنسبة 1.6% في عام 2024 ككل، ولم يساهم إلا بنحو 0.06% في التضخم السنوي البالغ 3.5%.
وتصف الصحيفة أن ما حدث العام الماضي مع أسعار الرحلات الجوية هو أن قسم الرحلات الجوية عانى من تقلبات غير عادية، ففي أغسطس كانت هناك زيادة بنسبة 22.1% في أسعار السفر إلى الخارج، مما ساهم بنسبة 0.41% في الزيادة الإجمالية في المؤشر في ذلك الشهر، ولكن في سبتمبر كان هناك انخفاض بنسبة 16.7%، مما ساهم في انخفاض بنسبة 0.37% في المؤشر الإجمالي.
ورغم أن الحرب بدأت في 07 أكتوبر 2023، إلا أن الأسعار ارتفعت منذ بداية ذلك العام، بسبب إزالة قيود كورونا التي زادت الطلب، وارتفاع أسعار الوقود، وانخفاض قيمة الشيكل.
خسائر فادحة لأهم القطاعات الاقتصادية
تقول الصحيفة في تقريرها إن الظاهر هو أن الطيران الإسرائيلي قد تقبّل أزمة الطيران، لكن هناك عواقب أوسع نطاقاً وأكثر تدميراً يصعب قياسها.
تناولت الدراسة التي أجراها بنك إسرائيل المركزي خسارة الناتج المحلي الإجمالي في قطاع السياحة بأكمله، فقد خسرت هذه الصناعة 13.5 مليار شيكل (أكثر من 3.7 مليارات دولار) في عام 2024 وحده، وهو انخفاض بنسبة تزيد عن 25% مقارنة بعام 2023.
وطالت الأضرار الفنادق الإسرائيلية لكن تم تخفيفها من خلال إقامات النازحين التي تم تمويلها من قبل الدولة الإسرائيلية، وهو أمر لن يحدث بعد الآن في عام 2025 كما تورد الصحيفة. ووفق قراءة شاشوف تضيف: “لا ينبغي مقارنة نشاط السياحة الواردة بنشاط عام 2024، حيث كانت الأرقام منخفضة تاريخياً في العام الماضي أيضاً: ففي الفترة من يناير إلى سبتمبر 2023، دخل 278 ألف سائح إلى إسرائيل كل شهر عن طريق الجو، مقارنة بـ74 ألفاً فقط في 2024، بانخفاض يفوق 73% على أساس سنوي.
وحول حجم الأضرار التي لحقت بالفنادق، انخفض إشغال الفنادق السياحية التي لم تستقبل النازحين، خلال الفترة السابقة للحرب (يناير – سبتمبر 2023)، لكن في 2024 انخفض الإشغال بنسبة 80%.
ورغم أن السياحة تمثل 2.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل حسب مراجعة مرصد شاشوف، إلا أنها توظف نحو 5% من القوى العاملة، كما أن هذه الوظيفة ضرورية لأنها توظف بشكل أساسي العمال غير المهرة، مثل السائقين ومندوبي المبيعات.
وبتراكم الأضرار، ثمة تأثير خطير على نشاط قطاع الأعمال في إسرائيل، إذ يواجه العديد من رجال الأعمال صعوبة في مغادرة البلاد ودخولها، وهو ما أدى لإلحاق أضرار بالغة بالعلاقات مع العملاء في الخارج، وخاصة في مجال الخدمات، إلا أنه يصعب قياس مدى هذه الأضرار.