إعلان


يعاني العالم من أزمة هجرة مناخية متزايدة، حيث يُجبر الملايين على مغادرة منازلهم بسبب تغير المناخ، مثل ارتفاع منسوب البحار والجفاف والكوارث الطبيعية. تُقدر منظمة الهجرة الدولية أن 75.9 مليون شخص نُزحوا داخليًا في 2023، مع توقعات بارتفاع هذا العدد إلى 216 مليون بحلول عام 2050. تعاني هذه الفئة من نقص الحماية القانونية، حيث تفتقر الأطر الدولية قائمة مناسبة تعترف بالقضايا البيئية كأساس للنزوح. يتطلب الأمر استجابة عالمية تتضمن التعاون الدولي وإصلاحات قانونية لحماية النازحين بسبب تغير المناخ وتلبية احتياجاتهم الإنسانية.

بينما يواجه العالم تداعيات تغير المناخ المتصاعدة، تظهر أزمة صامتة تتمثل في هجرة ملايين البشر من أماكنهم، ليس بسبب الحروب أو الاضطهاد، بل نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحار، والجفاف الشديد، والظواهر الجوية القاسية. لم تعد الهجرة المناخية قضية يُمكن تأجيلها، بل أصبحت واقعًا مستعجلاً يستدعي استجابة دولية.

إعلان

تشير الهجرة المناخية إلى انتقال الأفراد أو المواطنونات من ديارهم نتيجة التغيرات البيئية الناجمة عن تغير المناخ أو الناجمة عنه. تشمل هذه التغيرات الكوارث المفاجئة، مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات، بالإضافة إلى الظواهر البطيئة مثل التصحر وارتفاع منسوب مياه البحر والجفاف المطوّل.

وعلى عكس المهاجرين الماليةيين، الذين يبحثون عن فرص أفضل، أو اللاجئين الفارين من الاضطهاد، فإن “مهاجري المناخ” مدفوعون بتأثيرات الانهيار البيئي المباشرة وغير المباشرة.

تشمل الهجرة الداخلية التنقل ضمن حدود الدولة نتيجة الضغوط البيئية، بينما تشير الهجرة عبر النطاق الجغرافي إلى التحركات عبر النطاق الجغرافي الوطنية بسبب عوامل المناخ.

يمكن أن يحدث النزوح المؤقت بسبب كوارث مفاجئة، مثل الأعاصير أو الفيضانات، بينما تحدث إعادة التوطين الدائم عندما تصبح المناطق غير صالحة للسكن نتيجة التغيرات البيئية طويلة الأمد، مما يجبر المواطنونات على الانتقال إلى مكان آخر بشكل دائم.

تحمل دوافع الهجرة المناخية جوانب متعددة ومترابطة. الكوارث المفاجئة، مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات، تُشرد ملايين الأشخاص سنويًا. وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، شهد العالم أكثر من 218 مليون حالة نزوح داخلي خلال العقد الماضي بسبب الكوارث المرتبطة بالطقس.

التغيرات البطيئة، مثل التصحر وارتفاع منسوب مياه البحر، تجبر المواطنونات على الهجرة عندما تصبح سبل عيشها غير مستدامة. كما أن ندرة الموارد المتأثرة بتغير المناخ تؤدي إلى التنافس على المياه والأراضي الزراعية، مما يُسبب صراعات تُعزز الهجرة.

غالبًا ما تدفع الآثار الماليةية الناتجة عن التدهور البيئي الناس إلى النزوح بحثًا عن فرص أفضل. وبلغ عدد النازحين داخليًا رقمًا قياسيًا بلغ 75.9 مليون شخص بحلول نهاية عام 2023. ومن بينهم، نزح 7.7 ملايين شخص بسبب الكوارث.

123456 1715703647

تزايد نطاق الهجرة المناخية

إن الهجرة المناخية ليست أزمة مستقبلية، بل تحدث حاليًا على نطاق واسع. ومع تزايد آثار تغير المناخ، من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يضطرون للهجرة بشكل كبير.

تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 170 مليون شخص قد يضطرون للنزوح داخليًا حول العالم بحلول عام 2050 بسبب الآثار البطيئة لتغير المناخ وفقًا لبيانات حديثة من موقع ستاتيستا.

يتوقع تقرير “الموجة العالمية” الصادر عن المؤسسة المالية الدولي في عام 2021 أنه بحلول منتصف القرن، قد يصبح ما يصل إلى 216 مليون شخص مهاجرين داخليين بسبب تغير المناخ في ست مناطق: أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وجنوب آسيا، وشرق آسيا والمحيط الهادي، وشمال إفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا الشرقية، وآسيا الوسطى، إذا استمر الاحتباس الحراري بلا هوادة.

من المتوقع أن تشهد أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أعلى عدد من المهاجرين الداخليين، يُقدّر بحوالي 86 مليون شخص بحلول عام 2050. وتُقدّر منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة أن أعداد مهاجري المناخ ستتجاوز حاجز المليار والنصف بحلول عام 2050.

تؤدي التأثيرات الإنسانية الناتجة عن زيادة الهجرة بسبب المناخ إلى الاكتظاظ في المناطق الحضرية وظروف سكنية غير ملائمة والبنية التحتية المتهالكة، مما يؤثر على الفئات الضعيفة، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن والشعوب الأصلية.

تظهر التوترات الجيوسياسية نتيجة لزيادة حركة الهجرة عبر النطاق الجغرافي نتيجة التدهور البيئي، حيث تواجه الدول تدفقات كبيرة من المهاجرين الباحثين عن ملاذ آمن هربًا من الظروف القاسية في بلادهم.

كما قد تؤدي الزيادة في الهجرة إلى تفاقم الفرق العالمية، حيث تقاوم الدول الأكثر غنى قبول النازحين من المناطق الأكثر فقراً، مما يزيد أيضًا من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، التي كانت تاريخيًا مسؤولة عن تلك التغيرات.

00 11 1720099336
الدول والمواطنونات الفقيرة تتحمل أعباءً ثقيلة نتيجة التغير المناخي الذي تسببت فيه الدول الصناعية الكبرى (الفرنسية)

الأطر القانونية الغائبة

يواجه الكثير من النازحين بسبب تغير المناخ نقصًا في الوضع القانوني الرسمي أو الحماية. هذه الفجوة القانونية تعرض ملايين الأشخاص للخطر وتعرضهم لعدم الحماية أمام تصاعد النزوح المرتبط بتغير المناخ.

على الرغم من اتساع نطاق النزوح الناتج عن تغير المناخ، لا يوجد إطار قانوني دولي شامل يتناول بشكل محدد حقوق وحماية المهاجرين بسبب تغير المناخ. الأطر الحالية مجزأة وغير كافية لمعالجة التحديات الفريدة التي تطرحها الهجرة بسبب تغير المناخ.

بينما توفر اتفاقية اللاجئين لعام 1951 الحماية القانونية للاجئين، إلا أنها لا تعترف بالعوامل البيئية كأساس لطلب اللجوء. وقد فشلت الجهود الرامية إلى إعادة تفسير الاتفاقية لتشمل النزوح الناجم عن تغير المناخ، بسبب مقاومة الدول لتوسيع التزاماتها.

وعلى النقيض من ذلك، يعترف الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والنظام الحاكمية (2018) بالعلاقة بين تغير المناخ والهجرة، ولكنه يفتقر إلى التزامات إلزامية تضمن حماية النازحين بسبب العوامل البيئية.

كما يؤمّن القانون الدولي لحقوق الإنسان بعض الحماية للمهاجرين من خلال ضمان حقوقهم الأساسية مثل الحصول على الغذاء والمأوى والرعاية الصحية. لكن هذه الحقوق غالبًا ما تكون غير متاحة بالكامل للمهاجرين بسبب تغير المناخ نظرًا لافتقارهم إلى الوضع القانوني.

تشمل الثغرات الأساسية في الأطر الحالية عدم الاعتراف القانوني بالمهاجرين بسبب المناخ بموجب القانون الدولي، وعدم وجود اتفاقيات كافية تعالج التحركات عبر النطاق الجغرافي الناتجة عن تغير المناخ، والتركيز على الاستجابة للكوارث القصيرة الأجل بدلًا من استراتيجيات طويلة الأمد للتكيف وإعادة التوطين.

يتطلب معالجة الهجرة المناخية اتباع نهج متعدد الجوانب يتضمن التعاون الدولي إلى جانب جهود الإصلاح القانوني القوية بالإضافة إلى حلول مبتكرة مصممة خصيصًا لمعالجة هذه القضية العاجلة.

ينبغي أن يتضمن التعاون الدولي إنشاء صندوق عالمي مخصص حصريًا لدعم الدول المتضررة من النزوح الناتج عن تغير المناخ، وتعزيز آليات التعاون الإقليمي والإصلاح القانوني لتوسيع نطاق التعريفات المتعلقة بوضع اللاجئ في الأطر الحالية، مثل اتفاقية اللاجئين لعام 1951، أو وضع تصنيفات جديدة تُعرّف بلاجئي المناخ.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا