إعلان


أسدل الستار على الدورة الـ36 لمعرض طهران الدولي للكتاب، التي شهدت مشاركة 1620 ناشراً، بينهم 90 ناشراً أجنبياً من 24 دولة، تحت شعار “لنقرأ من أجل إيران”. العراق كان ضيف الشرف، بينما تأسفت العديد من دور النشر العربية عن غيابها. الأسعار المرتفعة للكتب كانت ملحوظة، مع دعوة إيران للسعودية كضيف شرف للعام المقبل. رغم الدعم المالي المقدم، واجه الزوار صعوبة في العثور على عناوين جديدة عربية، حيث اتجهت دور النشر نحو النشر الرقمي. المعرض شهد إقبالاً كبيراً في أقسام كتب الأطفال، لكن تراجع الدعم العربي والأجنبي كان ملحوظاً، ويعود لعدة أسباب سياسية واقتصادية.

طهران- تحت شعار “لنقرأ من أجل إيران”، اختتمت فعاليات معرض طهران الدولي للكتاب في دورته الـ36 مساء السبت، بعد عرض أكثر من 1620 ناشرا، منهم 90 ناشرا دوليا من 24 دولة، لأحدث إصداراتهم على مدار عشرة أيام.

إعلان

وقد كانت العراق ضيف الشرف في المعرض، الذي أقيم هذا السنة على مساحة 75 ألف متر مربع وسط طهران، وصرح وزير الثقافة الإيراني عباس صالحي عن دعوة بلاده للسعودية لتكون ضيفة الشرف في السنة المقبل.

خلال جولة قامت بها الجزيرة نت بين مختلف أجنحة المعرض، كان لافتاً غياب عدد كبير من دور النشر العربية والأجنبية، حيث كانت المشاركة رمزية لبعض الدول العربية، كلبنان التي طغت عناوينها الدينية والمقاومة الإسلامية.

الهدوء يهيمن على جناح الكتب العربية بمعرض طهران للكتاب (الجزيرة)
الهدوء يخيّم على جناح الكتب العربية بمعرض طهران للكتاب (الجزيرة)

واجهة عربية

العراق، الذي يتصدر واجهة جناح الكتب الأجنبية، يمثل الثقافة العربية في أحسن حالاتها، بينما اقتصرت المشاركة العربية والخليجية على حضور رسمي من بعض الدول مثل اليمن وسلطنة عمان وقطر، بالإضافة إلى مشاركة خجولة من دول مثل تركيا وروسيا وأفغانستان.

بينما يبدو أن المشاركة المغاربية والأوروبية في معرض طهران للكتاب بالدورة الـ36 معدومة، يتذكر زوار الجناح العربي كيف كانت هذه الفعالية منصة للحوار الإيراني-العربي منذ عقدين مضت، حيث كانت قاعة “ميلاد” مليئة بالكتب الخليجية والشامية والمغاربية، مما أتاح بيئة ملائمة لتبادل الأفكار بين الثقافتين الفارسية والعربية.

من جانبه، أعرب أستاذ اللغة العربية علي رضا خواجة، عن سعادته لاختيار العراق لتمثيل الثقافة العربية هذا السنة، إلا أنه أبدى امتعاضه من عدم العثور على كتاب واحد لتعليم اللهجة العراقية لغير الناطقين بها، ناهيك عن قائمة من عناوين كتب اللغة واللسانيات التي لم تُجدِ نفعًا في البحث عنها.

وفي حديثه للجزيرة نت، لفت خواجة إلى أنه رغم دعم وزارة الثقافة الإيرانية بمبلغ 10 ملايين ريال لأساتذة الجامعات وخمسة ملايين ريال للطلبة، إلا أن أسعار الكتب كانت مرتفعة هذا السنة بسبب ارتفاع تكاليف الورق والطباعة وانخفاض الدعم الحكومي لدور النشر.

العتبة العراقية المقدسة تسجل حضورا كثيفا في معرض طهران للكتاب (الجزيرة)
العتبة العراقية المقدسة تسجل حضورا كثيفا في معرض طهران للكتاب (الجزيرة)

غياب عربي

الشاب العربي مصطفى (36 عامًا)، الذي جاء من مدينة الأهواز جنوب غربي البلاد بحثًا عن عناوين عربية حديثة لترجمتها إلى الفارسية، يقول إن غياب الناشرين السعوديين منذ عام 2016 دفع آخرين من الخليج والدول العربية لعدم المشاركة في معرض طهران لأسباب سياسية، بالإضافة إلى الصعوبات التي تواجه الناشرين من لبنان وسوريا والمغرب العربي في شحن الكتب وتحويل الأموال إلى إيران.

أضاف مصطفى في حديثه للجزيرة نت، أنه كان يجد كتبًا قيمة في المعرض قبل ست سنوات، بينما يبدو جناح العربية هذا السنة وكأنه معرض لكتب الدين والتراث، حيث يمتنع بعض الناشرين عن بيع الكتب لأنهم مشاركون فقط لعرض عناوين معينة.

من جهته، محمود (52 عامًا) الذي يعمل كعضو في اللجنة التنظيمية للمعرض، يرى أن تراجع مشاركة دور النشر العربية في المعرض يعود إلى توجه هذه الدور نحو النشر الرقمي وبيع الكتب عبر الشبكة العنكبوتية، بسبب ارتفاع تكاليف الشحن والنقل.

رواية الشوك والقرنفل في معرض طهران للكتاب (الجزيرة)
رواية الشوك والقرنفل في معرض طهران للكتاب (الجزيرة)

أرقام وإحصاءات

يقول محمود للجزيرة نت إنه بالإضافة إلى دور النشر التي حضرت بشكل فعلي، هناك حوالي 740 ناشرا آخر يشاركون في القسم الرقمي، وقد بلغت مبيعات هذا القسم 364 مليار و959 مليون تومان (الدولار الأمريكي يقابل 82 ألف و400 تومان) حتى قبيل انتهاء المعرض، بينما لم تتجاوز مبيعات الأجنحة التي تواجدت فعليًّا 291 مليار تومان منذ البداية.

وأضاف أنه وفقًا للبيانات المتاحة لديه، تجاوزت مبيعات المعرض هذا السنة مليون و422 ألف و163 مجلدا حتى ظهر اليوم الأخير، ومن المتوقع ارتفاع هذا العدد خلال الساعات القادمة، مشيرًا إلى أن المبيعات ارتفعت بنسبة 38% مقارنة بالسنة الماضي، وأن أكثر من ستة ملايين شخص زاروا الأجنحة قبل الختام.

وعلى عكس الهدوء الملحوظ في جناح الكتب الأجنبية، تشهد أجنحة كتب الأطفال والناشئة إقبالًا شديدًا جدًا مقارنة بالناشرين الأكاديميين وجناح الكتب السنةة، حيث تبدو أكثر جذبًا للزوار.

تشهد أجنحة كتب الأطفال واليافعين إقبالا كثيفا جدا في معرض طهران للكتاب (الجزيرة)
تشهد أجنحة كتب الأطفال واليافعين إقبالا كثيفا جدا في معرض طهران للكتاب (الجزيرة)

مبادرات جذب الزوار

يوافق الصحفي المتخصص في الشؤون الثقافية رحمت رمضاني مع ما تم الإشارة إليه، موضحًا أن زيادة المبيعات وزيادة عدد الزوار في السنوات الأخيرة تعود إلى زيادة السكان في البلاد، خصوصًا في طهران، إلى جانب البرامج الرسمية التي تشجع المواطنون على القراءة والدعم المالي المقدم من قبل المؤسسات الحكومية للطلبة والأساتذة لسهولة اقتناء الكتب.

وذكر رمضاني للجزيرة نت أن العديد من الكتاب والباحثين وبعض المسؤولين الإيرانيين والمؤثرين يخصصون أوقاتًا لتوقيع مؤلفاتهم في معرض طهران، مما يزيد من عدد الزوار، إلا أنه لا توجد تناسب بين الأجنحة الفارسية والكتب الأجنبية، التي تشهد تراجعًا كبيرًا مقارنة بالعقود الماضية.

ويشير المختص في الشأن الثقافي إلى أن أسباب تراجع المشاركة العربية والغربية تعود إلى عوامل سياسية والحرب النفسية المستهدفة لإيران بسبب توتر العلاقات مع بعض الدول العربية والأوروبية في السنوات الأخيرة، مع الاعتراف بتأثير العقوبات الأمريكية السلبي على الفعاليات الثقافية داخل البلاد.

بينما يبدو أن السلطات المنظمة للمعرض تسعى لتحسين المشاركة عبر مبادرات تبادل ثقافي ودعوات للدول الصديقة لتكون ضيف شرف، يظل السؤال: هل تكفي هذه الخطوات لاستعادة بريق المعرض كعادته؟


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا