متابعات محلية | شاشوف
عادت أزمة انقطاع التيار الكهربائي لتضرب بقوة مناطق وادي حضرموت، مع إعلان المؤسسة العامة للكهرباء بالوادي عن زيادة مرتقبة في ساعات الانطفاء، وذلك عقب توقف إحدى شركات الطاقة المشتراة عن تزويد الشبكة بالتيار.
هذه الواقعة، التي تأتي في ذروة فصل الصيف، لا تسلط الضوء فقط على الهشاشة المستمرة لقطاع الكهرباء في حضرموت، بل تعكس بشكل أوسع نطاقاً الانهيار المتفاقم في الخدمات الأساسية والأوضاع المعيشية والاقتصادية في عموم المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
وفي تعميم رسمي صدر اليوم الثلاثاء، اطلع عليه مرصد شاشوف، أوضحت مؤسسة كهرباء وادي حضرموت أنها تلقت خطاباً من شركة “الأمانة للطاقة المشتراة” يفيد بتوقف وتعليق تشغيل مولداتها بقدرة 10 ميغاواط، العاملة بوقود الديزل في محطة بدرة، وذلك اعتباراً من مساء يوم الأحد الموافق 04 مايو 2025. وأكد التعميم أن هذا التوقف “أدى إلى تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي، خاصةً في مناطق غرب الوادي، وإضافة عجز جديد لمنظومة كهرباء وادي حضرموت”.
وأشارت المؤسسة إلى أنها عملت على تغطية جزء من هذا العجز الطارئ من خلال تشغيل حوالي 2 إلى 4 ميغاواط من مولدات محطة بدرة التابعة للمنطقة، وهي قدرة ضئيلة لا تفي بالاحتياج الفعلي.
أزمة الكهرباء في عدن والمحافظات الجنوبية: انهيار متواصل
ما يحدث في وادي حضرموت ليس حادثاً معزولاً، بل هو عرض من أعراض أزمة كهرباء شاملة ومستفحلة تعصف بعدن وغالبية المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة. وكما وثق المرصد الاقتصادي شاشوف في تقارير متتابعة، يعيش المواطنون في هذه المناطق تحت وطأة انقطاعات يومية للتيار الكهربائي تمتد لساعات طويلة، تتجاوز في كثير من الأحيان 18 ساعة يومياً، خاصة خلال أشهر الصيف الحارة.
هذه الانقطاعات لا تؤثر فقط على الحياة اليومية للمواطنين، بل تشل أيضاً القطاعات الخدمية الحيوية كالمستشفيات ومضخات المياه، وتلحق أضراراً بالغة بالقطاع الخاص والأنشطة التجارية.
يزيد من تعقيد أزمة الكهرباء والخدمات بشكل عام الانهيار الكارثي والمستمر لقيمة العملة الوطنية في مناطق سيطرة الحكومة. فقد أشار المرصد الاقتصادي شاشوف إلى أن سعر صرف الدولار الأمريكي قد وصل مؤخراً إلى 2600 ريال يمني في أسواق عدن، وهو أدنى مستوى تاريخي للريال.
هذا الانهيار يجعل تكلفة استيراد الوقود (الديزل والمازوت) اللازم لتشغيل محطات الكهرباء باهظة للغاية وتفوق القدرة المالية للحكومة والمؤسسات المحلية، مما يؤدي إلى نقص حاد في إمدادات الوقود وبالتالي توقف المحطات عن العمل بشكل متكرر.
اعتماد قاتل على الطاقة المشتراة والوقود المستورد
تعتمد منظومة الكهرباء في معظم مناطق حكومة عدن بشكل كبير على “الطاقة المشتراة” من شركات خاصة، وعلى الوقود المستورد لتشغيل محطات التوليد الحكومية والخاصة على حد سواء. وقد حذرت تحليلات المرصد الاقتصادي شاشوف مراراً من مخاطر هذا النموذج، الذي يرهن قطاعاً حيوياً كالكهرباء لتقلبات أسعار الوقود العالمية، ولتوفر العملة الصعبة، وللعلاقة التعاقدية غير المستقرة أحياناً مع شركات الطاقة الخاصة التي قد توقف عملياتها عند تأخر سداد مستحقاتها من قبل الحكومة، وهو ما يبدو أنه السبب المرجح وراء توقف شركة الأمانة في حضرموت. وغياب الاستثمارات الحكومية في مصادر طاقة مستدامة ومحلية يجعل البلاد تحت رحمة هذه العوامل الخارجية والمحلية المعقدة.
وتتفاقم أزمة انهيار العملة مع انهيار الخدمات، وخاصة الكهرباء، ما أدى إلى تدهور شامل في الأوضاع المعيشية للمواطنين في عدن ومحافظات الجنوب. فارتفاع تكاليف الوقود الخاص بالمولدات، وتوقف الأعمال، وتلف المواد الغذائية، وصعوبة الحصول على المياه، كلها عوامل فاقمت من معاناة السكان الذين يواجهون أصلاً ارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع الأساسية.