متابعات |شاشوف
في خطوة تعكس عمق الأزمة التي تلقي بظلالها على قطاع الطيران المتجه إلى إسرائيل، أعلنت عملاقتا الطيران الأمريكيتين، يونايتد إيرلاينز ودلتا إيرلاينز، عن تمديد إضافي لتعليق رحلاتهما اليومية إلى تل أبيب.
يأتي هذا القرار ليصب الزيت على نار المخاوف الأمنية المتصاعدة، خاصة في أعقاب استهداف صاروخي من اليمن لمحيط مطار بن غوريون الدولي يوم الأحد الماضي، وما تلاه من إعلان صنعاء فرض حظر جوي على الملاحة من وإلى إسرائيل، الأمر الذي أدخل المنطقة في دوامة جديدة من التوتر وعدم اليقين.
فقد أكدت شركة يونايتد إيرلاينز في بيان رسمي لموقع “PassportNews” الإسرائيلي أمس الثلاثاء، أن جميع رحلاتها على خط نيوآرك – تل أبيب ستبقى معلقة حتى الثامن عشر من مايو الجاري على أقل تقدير.
ويمثل هذا الإلغاء الأطول أمداً الذي تفرضه الشركة منذ بدء تعليق الرحلات إثر الانخراط اليمني المباشر في استهداف مصالح مرتبطة بإسرائيل. وكانت يونايتد إيرلاينز قد استأنفت رحلاتها إلى إسرائيل في 16 مارس 2025، كأول شركة طيران أمريكية تعاود تسيير رحلاتها إلى مطار بن غوريون من نيوآرك، ووصلت مؤخراً إلى تشغيل رحلتين يومياً قبل أن تجبر على وقف عملياتها مجدداً.
من جانبها، حذت شركة دلتا إيرلاينز حذو يونايتد، معلنةً في بيان مماثل أن رحلاتها المباشرة اليومية بين نيويورك (مطار جون كينيدي) وتل أبيب ستبقى معلقة حتى التاسع عشر من مايو، مع توقع استئناف الخدمة في العشرين من الشهر ذاته، “استجابة للوضع الأمني المستمر في المنطقة”.
صنعاء تفرض حظراً جوياً: الخلفيات والتداعيات الاقتصادية
لم يأتِ قرار الشركتين الأمريكيتين من فراغ، بل يتزامن مع تطورات ميدانية بالغة الخطورة. ففي الرابع من مايو 2025، وبعد الإعلان عن استهداف ناجح لمحيط مطار بن غوريون بصاروخ وُصف بالدقيق والمتطور، أعلنت السلطات في صنعاء رسمياً فرض “حصار جوي شامل” على الكيان الإسرائيلي، محذرةً كافة شركات الطيران العالمية من مغبة تسيير رحلات إلى المطارات الإسرائيلية، للضعط من أجل وقف حرب الإبادة في قطاع غزة.
ووفقاً لتقارير وتحليلات “مرصد شاشوف الاقتصادي”، فإن هذا الإعلان اليمني لا يمثل مجرد تهديد عابر، بل خطوة مدروسة تهدف إلى ممارسة ضغط اقتصادي ونفسي كبير على إسرائيل، وعزلها عن محيطها الجوي.
وأشار المرصد في تقاريره الأخيرة إلى أن صنعاء خاطبت شركات الطيران العالمية مباشرة، محذرة إياها من المخاطر المترتبة على تجاهل هذا الحظر. ويعتبر مراقبون أن هذا التحرك يأتي في سياق الردود اليمنية على الأوضاع في غزة، وتأكيداً على قدرة صنعاء على التأثير في مسارات حيوية لإسرائيل.
وتشير تحليلات “شاشوف” إلى أن تداعيات هذا الحظر، مقترناً بالاستهدافات الفعلية، بدأت تظهر جلياً في عزوف متزايد لشركات الطيران الأجنبية، مما يلحق أضراراً بالغة بالاقتصاد الإسرائيلي المأزوم أصلاً في قطاعي السياحة والنقل الجوي والبحري.
كما حذر خبراء اقتصاديون من أن الردود الإسرائيلية، التي أفادت تقارير “شاشوف” بأنها طالت منشآت مدنية وبنية تحتية حيوية في اليمن، بما في ذلك مطار صنعاء الدولي، قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد وتوسيع دائرة المخاطر التي تهدد الملاحة الإقليمية.
قائمة متزايدة من شركات الطيران تعلق رحلاتها إلى إسرائيل
لم تقتصر تداعيات التوتر الأخير على الشركتين الأمريكيتين، بل امتدت لتشمل قائمة واسعة من شركات الطيران الدولية التي آثرت السلامة وألغت أو أجلت رحلاتها إلى إسرائيل منذ حادثة استهداف مطار بن غوريون وحتى تاريخ اليوم، السابع من مايو 2025. وتشمل هذه القائمة، على سبيل المثال لا الحصر:
- إيجة إيرلاينز (Aegean Airlines): ألغت رحلاتها حتى 13 مايو، بما في ذلك رحلة الصباح الباكر ليوم 14 مايو.
- إير بالتيك (Air Baltic): ألغت رحلاتها من وإلى تل أبيب حتى 11 مايو.
- طيران أوروبا (Air Europa): ألغت رحلاتها حتى 7 مايو.
- مجموعة إير فرانس-كيه إل إم (Air France-KLM):
1- كيه إل إم (KLM): أوقفت رحلاتها حتى 30 مايو.
2- إير فرانس (Air France): ألغت رحلاتها في 4 مايو، وتراقب الوضع عن كثب.
- إير إنديا (Air India): مددت تعليق الرحلات حتى 8 مايو.
- مجموعة الخطوط الجوية الدولية (IAG) (الشركة الأم للخطوط الجوية البريطانية):
1- الخطوط الجوية البريطانية (British Airways): أوقفت رحلاتها إلى تل أبيب حتى 8 مايو.
2- إيتا إيروايز (ITA Airways): علقت رحلاتها حتى 11 مايو، بالإضافة إلى رحلتين مقررتين في 12 مايو.
- مجموعة لوفتهانزا (Lufthansa Group) (وتشمل لوفتهانزا، الخطوط الجوية السويسرية، والخطوط النمساوية): قررت تعليق الرحلات حتى 11 مايو.
- رايان إير (Ryanair): ألغت رحلاتها من وإلى تل أبيب، مع تضارب الأنباء حول تاريخ الاستئناف بين 6 و11 مايو.
- ويز إير (Wizz Air) “الخطوط الجوية الهنغارية” : علقت رحلاتها حتى 11 مايو.
سلامة الركاب والطواقم أولوية قصوى
في بياناتهما المنفصلة، أكدت كل من يونايتد إيرلاينز ودلتا إيرلاينز على أن “سلامة الركاب وأطقم الطائرات” هي الدافع الرئيسي وراء قرارات التعليق. وأشارتا إلى أنهما “تواصلان مراقبة التطورات عن كثب واتخاذ القرارات بشأن استئناف الخدمة” بناءً على تقييمات الوضع الأمني المستمرة والتقارير الاستخباراتية.
ونصحت الشركتان العملاء المتأثرين بإلغاء الرحلات بمراجعة الإشعارات التي تصلهم عبر تطبيقاتهما أو من خلال تفاصيل الاتصال المدرجة في حجوزاتهم، والتواصل مع خدمة العملاء أو وكلاء السفر للحصول على خيارات إعادة الحجز. كما أشارت دلتا إلى إمكانية حجز المقاعد على رحلات شركائها العالميين، حسب التوافر.
يبقى المشهد ضبابياً، وتستمر الأجواء فوق المنطقة مشحونة بالتوتر، مما يجعل قرار العودة إلى تسيير رحلات طبيعية إلى إسرائيل محفوفاً بالمخاطر ومعلقاً حتى إشعار آخر بالنسبة للعديد من كبريات شركات الطيران العالمية.
تم نسخ الرابط