إعلان

تحليل | شاشوف

في توقعات جريئة قد تعيد تشكيل نظرة المستثمرين العالميين، قدّر محللون في عملاق الخدمات المالية “جيه بي مورغان” أن سعر أوقية الذهب مرشح للوصول إلى مستوى 6000 دولار بحلول عام 2029.

إعلان

يأتي هذا التقدير الصادم، الذي يمثل ارتفاعاً بنحو 80% عن السعر الحالي البالغ حوالي 3300 دولار، بناءً على فرضية إعادة تخصيص نسبة ضئيلة لا تتجاوز 0.5% فقط من الأصول الأمريكية الضخمة التي يملكها مستثمرون أجانب نحو المعدن النفيس، وذلك في ظل بيئة اقتصادية عالمية معقدة تتأثر بشكل متزايد بالسياسات التجارية والتوترات الجيوسياسية.

في مذكرة بحثية صدرت يوم الأربعاء الماضي، 07 مايو، اطلع عليها شاشوف، أوضح خبراء “جيه بي مورغان” أن محدودية المعروض من الذهب عالمياً تعني أن أي زيادة، حتى لو كانت طفيفة نسبياً في الطلب، يمكن أن تُحدث تقلبات سعرية كبيرة تدفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

وأكد المحللون: “على الرغم من أن هذا السيناريو افتراضي، فإنه يوضح سبب استمرارنا في التفاؤل الهيكلي تجاه الذهب، واعتقادنا أن الأسعار لا تزال بحاجة إلى مزيد من الارتفاع”. ويأتي هذا التحليل في وقت يشهد فيه المعدن الأصفر أداءً استثنائياً، حيث قفز بأكثر من 20% منذ بداية العام الجاري، وتضاعفت أسعاره مقارنة بما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، مسجلاً ارتفاعاً إجمالياً بنسبة 109% منذ عام 2020.

سياسات ترامب التجارية والجيوسياسية: محفز رئيسي لأهم المعادن

يلعب السياق السياسي والاقتصادي الذي أرسته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دوراً محورياً في هذه النظرة المتفائلة للذهب، فمنذ عودته إلى البيت الأبيض، أدت حربه التجارية المتجددة، التي يصفها محللو “جيه بي مورغان” بأنها “أغرقت الأصول الأمريكية”، وهجومه المتكرر على سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول، إلى تسريع الاتجاه نحو الملاذات الآمنة.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تؤثر فيها سياسات ترامب على أسواق الذهب؛ فخلال ولايته الأولى، أسهمت سياساته الحمائية، والنزاع التجاري الواسع مع الصين، والنهج غير التقليدي في إدارة العلاقات الدولية، في خلق حالة من عدم اليقين العالمي دفعت المستثمرين بقوة نحو الذهب.

ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن هذه السياسات، سواء في السابق أو حالياً، تعمل على عدة مستويات لتعزيز جاذبية الذهب.

أولاً، تؤدي الحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية إلى تآكل ثقة المستثمرين في الأصول الخطرة وتشجع على التحوط بالذهب، ثانياً، تساهم السياسات المالية التوسعية، مثل التخفيضات الضريبية وزيادة الإنفاق الحكومي التي غالباً ما تصاحب إدارات ترامب، في تفاقم عجز الموازنة الأمريكية وارتفاع الدين العام، مما يثير مخاوف بشأن قيمة الدولار على المدى الطويل ويدعم الذهب كأداة للحفاظ على القيمة.

وثالثاً، فإن التشكيك في المؤسسات الدولية والنهج الأحادي في السياسة الخارجية قد يدفع بعض الدول إلى تسريع جهود تنويع احتياطياتها بعيداً عن الدولار، وهو ما يصب مباشرة في صالح الذهب.

وتشمل تداعيات هذه البيئة زيادة ملحوظة في مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب، وهو اتجاه تفاقم بشكل خاص بعد تجميد الأصول الروسية المقومة بالدولار واليورو عقب غزو أوكرانيا في عام 2022، مما دفع العديد من الدول إلى إعادة تقييم أمان حيازاتها من العملات الغربية.

كما أدت حالة عدم اليقين وارتفاع معدلات التضخم إلى تعزيز اهتمام المستثمرين الأفراد والمؤسسات بالذهب كجزء أساسي من محافظهم الاستثمارية.

تحولات الطلب وتوقعات الأسعار

وفقاً لحسابات “جيه بي مورغان”، فإن إعادة تخصيص مجرد 0.5% من إجمالي الحيازات الأجنبية من الأصول الأمريكية إلى الذهب تُترجم إلى ضخّ نحو 273.6 مليار دولار في سوق المعدن النفيس على مدى أربع سنوات، أي ما يعادل شراء حوالي 2500 طن متري حسب قراءة شاشوف. ورغم أن هذه الكمية قد لا تبدو ضخمة للوهلة الأولى، إذ لا تمثل سوى 3% من إجمالي حيازات الذهب العالمية، إلا أن “الدفعة الإضافية للطلب على أساس ربع سنوي تُعتبر هائلة” وقادرة على إحداث تحول كبير في الأسعار، وفق ما ورد في المذكرة.

ويُضاف هذا السيناريو الصعودي إلى توقعات البنك المرتفعة بالفعل بشأن الذهب. ففي الشهر الماضي (أبريل 2025)، توقع “جيه بي مورغان” أن يصل سعر الذهب إلى 3675 دولاراً للأوقية بحلول الربع الأخير من العام الجاري (2025)، ثم يتجاوز حاجز 4000 دولار بحلول الربع الثاني من عام 2026، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 20% عن سعره الحالي.

تبدو النظرة المستقبلية لسوق الذهب إيجابية بشكل لافت، مدعومة بمزيج من العوامل الهيكلية المتعلقة بمحدودية العرض، والتحولات السلوكية لدى البنوك المركزية، وتزايد إقبال المستثمرين، وكل ذلك يتأثر بشكل كبير بالتوجهات السياسية والاقتصادية للقوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس ترامب، مما يجعل المعدن الأصفر في قلب استراتيجيات التحوط والاستثمار العالمية خلال السنوات القادمة.


تم نسخ الرابط


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا