الأركان شجرة نادرة للغاية موطنها الصحراء الكبرى والأطلس الصغير وجبال الأطلس الكبير في جنوب المغرب. من الناحية اللغوية، تعني كلمة “أركان” المشتقة من “الراكنة” التي تعني باللهجة الأمازيغية “البقاء محبوساً” في مكان محدود، وترمز أيضاً إلى شجرة الحياة لأنها تمنح الحياة للأرض وللسكان المحليين.
التكيف مع المناخ الجاف
يمكن أن تصل شجرة الأركان إلى ارتفاع 10 أمتار وتعيش لمدة 200 عام تقريباً وتتمتع هذه الشجرة بقدرة كبيرة على التكيف مع مناخ جنوب غربي المغرب. تتساقط أوراقها خلال فترات الجفاف الشديدة ويمكن أن تستمر لأعوام عدة على الشكل نفسه، وعندما تشعر بالرطوبة في الهواء تنمو من جديد.
تلعب شجرة الأركان دوراً حيوياً في الحفاظ على التوازن البيئي، إذ تنمو جذورها في عمق كبير بحثاً عن الماء، بالتالي تحمي التربة من التلف والتعرية وتحد من التصحر، بحسب الباحث روبرت وين أوين.
تسهم الشجرة في الحفاظ على التنوع البيولوجي، بحيث توفر العلف للحيوانات وتساعد على نمو نباتات من حولها، كما تؤمن للسكان المحليين علف الماشية وأيضاً زيت الطعام الذي يستخرج من البذور، كما أنها تستخدم لتجميل البشرة والشعر وأيضاً لأغراض طبية.
مكافحة الشيخوخة
ويضيف الباحث وين أوين “زيت أركان يستخدم لمكافحة الشيخوخة ولتعزيز نعومة الشعر وتقويته ولتقوية الأظافر غير الصحية، ويستعمل الزيت في علاج بثور الأطفال، بخاصة حب الشباب عند المراهقين، وله أيضاً منافع ضد الروماتيزم”.
يعتمد إنتاج زيت أركان في المغرب على خبرات النساء الأمازيغيات اللواتي ورثن هذه الصناعة عن جداتهن، لكن بسبب توجه الفلاحة المغربية صوب التصدير والاهتمام بزراعة الخضراوات والفواكه، كادت أن تنقرض شجرة أركان.
ارتفاع الطلب الدولي على زيت أركان واكتشاف فوائده الطبية والجمالية والغذائية، أعاد الاعتبار إلى هذه الشجرة النادرة، “في الأعوام الأخيرة أدرك السكان أهمية الحفاظ على زراعة هذه الشجرة وأدركوا أنها من الأشجار النادرة وزيتها مطلوب في السوق”، تقول خديجة التي تعمل في تعاونية لاستخراج زيت أركان في نواحي مدينة أكادير جنوب المغرب.
خديجة مطلقة وتبلغ من العمر 40 سنة، فشجرة أركان بالنسبة إليها مورد رزق، وتردف “نحن نعمل في جو عائلي ونتمنى أن يتزايد الاهتمام بهذه الشجرة من قبل المغاربة”.
عام 2014 أدرجت شجرة أركان والخبرات التقليدية في القائمة التمثيلية لـ”يونسكو” للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
وفي 2018، اعترفت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو” بالنظام الزراعي القائم على أركان في منطقة آيت صواب-آيت منصور في المغرب، باعتباره نظام تراث زراعياً ذا أهمية عالمية. على مدى قرون، استعمل السكان المحليون في جنوب المغرب تقنيات “الحراجة” في الزراعة، وهي زرع محاصيل القمح والشعير والعدس تحت ظلال أشجار أركان، مما يمنع تآكل التربة والتصحر.
كما أن جذور الشجرة العميقة تساعد على استقرار التربة ومنع تعرضها للتعرية بفعل الرياح، وهو أمر مهم في المناطق القاحلة وشبه القاحلة لأنه يحمي التربة من التصحر.
وبحسب تقرير لـ”فاو”، “حفر الرعاة الزراعيون في الصخور تحت باطن الأرض خزانات كبيرة لتجميع مياه الأمطار تسمى المطفية، وتجمع هذه الكهوف الجوفية الكبيرة مياه الأراضي الموجودة فوقها وتصفيتها، وهي تتميز بمستوى كبير من الفاعلية في جمع المياه، بحيث يمكن للسكان المحليين مواصلة سبل عيشهم على رغم فترات الجفاف الطويلة”.
وتعد زراعة شجرة الأركان وسيلة فاعلة لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ، لا سيما التصحر باعتبار أنها تتكيف بشكل جيد مع مناخ المناطق القاحلة وشبه القاحلة، مما يجعلها مورداً مهماً للاستخدام المستدام للأراضي في هذه المناطق.
إضافة إلى ذلك، فإن الجذور العميقة لشجرة الأركان تمكنها من الوصول إلى المياه الجوفية في المناطق القاحلة.
المصدر : اندبندنت