إعلان

كشف النقاب عن هوية مخترع “بيتكوين” الحقيقية: الادعاءات والجدل المستمر

في ظل اندلاع الأزمة المالية العالمية قبل عقد ونصف تقريبًا، نشر شخص أو مجموعة من الأشخاص تحت اسم مستعار يُعرف باسم ساتوشي ناكاموتو وثيقة تعرف بـ”الورقة البيضاء” على الإنترنت المفتوح. تم استخدام هذه الورقة كأساس لإطلاق العملة المشفرة الأولى في العالم، بيتكوين، للاستخدام العام في جميع أنحاء العالم. كانت هذه الخطوة الأولى في إنشاء نظام مالي عالمي جديد يستخدم العملات المشفرة، والتي تم من خلالها إطلاق عملات مشفرة أخرى بجانب البيتكوين.

إعلان

وقد أرست هذه الورقة البيضاء أيضًا أساسًا لاستخدام تكنولوجيا البلوكشين المؤمنة، ليس فقط في مجال التعدين وتداول العملات المشفرة، ولكن أيضًا في مجالات مالية وغير مالية أخرى لضمان الأمان والسرية.

https://www.etoro.com/ar/trading/platforms/

منذ عام 2008 وحتى عام 2011، كانت هناك حسابات نشطة ترتبط بساتوشي ناكاموتو على الإنترنت، ثم اختفى المخترع المزعوم (أو المجموعة المشتبه بها إذا كانت مجموعة من المطورين وليس فردًا واحدًا). ومنذ ذلك الحين، زعم العديد من رواد العملات المشفرة أنهم هم المخترع الحقيقي لبيتكوين. أحد أشهر هؤلاء الأشخاص هو الكمبيوتري الأسترالي كريغ رايت، الذي لا يزال يحاول إثبات هويته كناكاموتو الحقيقي ومخترع بيتكوين من خلال القضايا المرفوعة في المحاكم في الولايات المتحدة والنرويج وبريطانيا.

منذ عام 2008 وحتى اليوم، تثار قضية هوية مخترع بيتكوين والمناقشات حول هويته الحقيقية بشكل مستمر. وعلى الرغم من وجود تغطية كبيرة وتحليلات وقضايا قضائية، لا يعرف حقًا من هو المخترع الحقيقي.

أهمية هوية ناكاموتو تكمن في عوامل رئيسية، بالإضافة إلى المكاسب غير المباشرة لأي شخص يثبت أنه ناكاموتو الحقيقي. أولًا، هناكعدة مبررات تتعلق بالمكاسب المالية، حيث يُقدر أن ناكاموتو يمتلك ملايين البيتكوينات التي تم إنشاؤها في الفترة الأولى من وجود العملة، وبالتالي فإن الكشف عن هويته سيتيح له الوصول إلى هذه الأموال.

ثانيًا، الشهرة والاعتراف العالمي. يشتهر بيتكوين والتكنولوجيا البلوكشين بشكل واسع، والاعتراف بأن ناكاموتو هو المخترع الحقيقي سيجلب له شهرة لا تقدر بثمن وتقدير من المجتمع العالمي.

ثالثًا، السلطة والتأثير. يمتلك المخترع الحقيقي لبيتكوين قوة كبيرة في القرارات المتعلقة بتطوير العملة وتوجيهها، وهو أمر يمكن أن يؤثر بشكل كبير على سوق العملات المشفرة والتكنولوجيا البلوكشين بشكل عام.

على الرغم من الجدل المستمر حول هوية ناكاموتو، فإن العديد من الخبراء والمحللين يشككون في أنه سيتم الكشف عن هويته الحقيقية في المستقبل القريب. قد يكون من الممكن أن يبقى ساتوشي ناكاموتو هو اسم مستعار يُستخدم بواسطة فرد أو مجموعة من المطورين الذين قاموا بإطلاق بيتكوين ويفضلون أن يظلوا مجهولين.

بشكل عام، يبقى الكشف عن هوية ناكاموتو الحقيقية موضوعًا مثيرًا للجدل وسيظل يستحوذ على اهتمام وسائل الإعلام والمجتمع العالمي في المستقبل.

“الويب المظلم”

ربما من المفيد التذكير بأن العملات المشفرة موجود قبل 2008، لكنها كانت للتعامل على الإنترنت المخفي أو ما يسمى “الويب المظلم” الذي يستخدمه المجرمون من العصابات المنظمة والقتلة المأجورين وتجار الدعارة والمخدرات.

كانت تلك الشيفرات الإلكترونية يتم تحويلها إلى ذهب أو نقد رسمي، لكن إطلاق أول عملة مشفرة على الإنترنت العام الذي نستخدمه جميعاً جاء مع الأزمة المالية العالمية في محاولة من مؤلف (أو مؤلفي) الورقة البيضاء لتقديم نظام نقدي بديل مطلق الحرية، إذ لا توجد خوادم كمبيوتر محددة تخزن “البلوكتشين”، وليس هناك بنك مركزي يدعم العملة وينظمها، وليست هناك حتى أي أصول مادية مقابلة لتلك العملات.

ولأنه بحسب ورقة ساتوشي ناكاموتو فهناك عدد محدود من عملات “بيتكوين” في النهاية، فكلما انتشرت وزاد عدد من ينقبون عنها كلما أصبحت عملية الوصول إلى تكوين عملة واحدة تتطلب جهداً ووقتاً وكلفة عالية جداً، وهذا ما يقف وراء ارتفاع سعر “بيتكوين”، إذ يحتاج التنقيب إلى أجهزة كمبيوتر قوية عدة، من ثم يستهلك كميات هائلة من الطاقة ويحتاج إلى وقت أطول.

هناك قضية مرفوعة في المحاكم بكاليفورنيا يدعي فيها كريغ رايت أنه صاحب الاسم المستعار لمخترع “بيتكوين” محاولاً الاستيلاء على ثروة متعاون سابق معه. ولم تحسم المحكمة الأمر للشكوك في أن رايت هو ناكاموتو، إذ لم يستطع تقديم أي إثباتات تدعم ادعاءه، وهناك قضايا أخرى في بريطانيا رفضتها المحاكم. وتظل هناك قضية مؤجلة حتى العام المقبل 2024 تتعلق باتهامات تشهير من قبل كريغ رايت ضد من وصوفوه بأنه “خدعة”، وأنه ليس مخترع “بيتكوين” الحقيقي.

لماذا الآن؟

يقول معظم متخصصي العملات المشفرة على الإنترنت إن كريغ رايت يحاول باستمرار استخدام القانون والمحاكم كوسيلة يحصل بها على أي إثبات أنه ساتوشي ناكاموتو، إلا أن ذلك زاد من عدد المتشككين في أمره، بل وانفض عنه عدد من مستثمري المشفرات الذين كانوا يدعمونه عبر شركات وشراكات، ومنهم الكندي كالفين آير الذي يدير عمليات مقامرة “أونلاين” من خلال مجموعته “آير غروب”، وكان من أكبر المتعاونين مع كريغ رايت، لكن أخيراً نشرت رسائل إلكترونية مسربة بين الإثنين تظهر تشكيك آير في أن رايت يملك مفاتيح الشيفرات البرمجية الأساسية لـ”بيتكوين”.

بحسب مجموعات الدردشة على الإنترنت المخصصة لـ”بيتكوين” والمشفرات ومدونات المتخصصين في هذا الشأن، ظل كريغ رايت يستخدم حساب ساتوشي ناكاموتو على موقع التواصل “تويتر” على رغم تقدير الغالبية أن مخترع “بيتكوين” الحقيقي اختفى تماماً عن الإنترنت محتفظاً بالسرية التامة لهويته الحقيقية. وفي 2018 أوقفت منصة “تويتر” حساب ساتوشي، الذي يقال إن رايت كان يستخدمه، إلا أن المنصة، التي أصبح اسمها “إكس” بعد شراء إيلون ماسك لها، أعادت فتح الحساب أخيراً. وأثار ذلك جدلاً واسعاً بين المبرمجين والمطورين ومنتديات المشفرات وغيرها من المنصات حول ادعاءات كريغ رايت. يضاف إلى ذلك الشائعة القوية التي سرت أخيراً بين أوساط المتعاملين والمعنيين بالعملات المشفرة أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على وشك اتخاذ إجراء يفضي إلى “تقسيم” عملات “بيتكوين” أي مضاعفة العدد النهائي الذي يمكن التنقيب عنه، وهي عملية تشبه تقسيم السهم للشركات حين ترتفع أسعار إلى مستويات عالية، من ثم يصبح من يملك سهماً يستحوذ على سهمين في الشركة. إلا أن تلك الشائعة المنتشرة بقوة على منتديات المشفرات ليس لها ما يدعمها في الواقع، فعلى رغم عمل السلطات الأميركية وغيرها حول العالم على تنظيم العملات المشفرة ووضع قواعد لتعاملاتها وغير ذلك من اللوائح المالية التقليدية، فإن ذلك لم يحدث حتى الآن.

وإن كانت هناك قوانين تنظم تعاملات منصات التداول وشركات السمسرة في العملات المشفرة، لكنها قوانين مرتبطة بالقواعد التقليدية للسوق فيما يخص التعامل في المشتقات الاستثمارية على اعتبار العملات المشفرة مشتقات رقمية.

كل ذلك الجدل أعاد للواجهة الحديث عن مخترع “بيتكوين” وهويته الحقيقية، التي لا يعرف عنها حتى الآن سوى الاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو، ولا يعرف حتى إن كان شخصاً واحداً أم مبرمجين ومطورين عدة. أما الحديث عن كريغ رايت على رغم أنه ليس الوحيد الذي ادعى أنه ناكاموتو الحقيقي، فلأنه الأكثر بروزاً وحديثاً للإعلام وظهوراً في المحاكم في دول عدة بقضايا لها علاقة بالملكية الفكرية للورقة البيضاء.

إعلان

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك