تقرير خاص | شاشوف
سلط الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة وحكومة صنعاء الضوء على وضع جديد تلتقط فيه السفن الأمريكية أنفاسها في البحر الأحمر، إلا أن التوترات ستستمر، حيث لا يشمل الاتفاق إسرائيل التي تنوي قوات صنعاء مواصلة استهداف ملاحتها البحرية نظراً لاستمرار الحرب والحصار على قطاع غزة.
العديد من الدول العربية رحبت بنجاح وساطة سلطنة عمان في وقف إطلاق النار، إذ أعلنت السلطنة عن التوصل إلى اتفاق “بين الولايات المتحدة والسلطات المعنية في صنعاء بالجمهورية اليمنية”، وقالت: “في المستقبل لن يستهدف أي منهما الآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب، وبما يؤدي لضمان حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي”.
وكان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قال أمس الثلاثاء إن الحوثيين سيوقفون الهجمات مما دفعه لإعطاء أوامر للجيش الأمريكي بإيقاف الضرب في اليمن فوراً، فيما قال رئيس وفد صنعاء المفاوض “محمد عبدالسلام إن واشنطن هي التي طلبت وقفت إطلاق النار، مضيفاً أن “الحضور اليمني الكبير في كل الميادين أقوى ضمانة لتطبيق الاتفاق، والحقيقة هي ما نقولها وما جاء في بيان الخارجية العمانية”.
ورحبت السعودية بالإعلان العماني بغرض حماية الملاحة والتجارة الدولية التي أوقفت نشاط ميناء جدة السعودي على البحر الأحمر، وجددت المملكة دعمها للتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن. كما رحبت قطر والكويت ومصر والأردن والعراق بالإعلان العماني مثمّنةً جهود السلطنة للتوصل إلى وقف إطلاق النار.
واعتبر محللون أن هذا الإعلان عبر عن تمسك أنصار الله الحوثيين بالموقف الداعم لغزة، إذ قال عبدالسلام لوكالة رويترز إن الاتفاق لا يشمل إسرائيل بأي شكل من الأشكال، والذي حصل هو مع الجانب الأمريكي بوساطة عمانية، والتوقف سيكون عن استهداف السفن الأمريكية، وطالما أعلنوا التوقف والتزموا فعلاً فموقفنا دفاعي وسيتوقف الرد، وفق تصريح رئيس وفد صنعاء المفاوض.
ما وراء الاتفاق
قبل الاتفاق الجديد المعلن، كانت التحليلات تقول إن الرئيس الأمريكي ترامب وصل إلى طريق مسدود مع أنصار الله الحوثيين الذين تم تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية وإدخال حيز العقوبات عليهم مطلع أبريل الماضي. ومع انسداد الطرق التجارية، وانسداد طرق الحلول أيضاً، رأت التحليلات أن ترامب قد يلجأ في النهاية إلى “التهدئة” نظراً لفشل الخيارات العسكرية مهما بلغت شدة وطأتها إذ لم تستهدف في النهاية سوى المدنيين في اليمن.
كما ذهبت تحليلات إلى أن ترامب خشي أن يتفاقم سيناريو الأزمة البحرية وتشتد الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة وتجارتها في المضيق الذي يعد من أبرز وأكبر بوابات التجارة العالمية أهميةً. واعتبرت التحليلات في شهر أبريل الماضي أن ترامب قد يلجأ إلى إيقاف الحملة العسكرية على اليمن، والتي كلّفت واشنطن أكثر من 3 مليارات دولار خلال أقل من شهرين، منذ بدء الحرب على البلاد في منتصف مارس 2025.
بالعودة إلى التسلسل الزمني لأزمة البحر الأحمر، تركزت العمليات العسكرية ضد السفن المرتبطة بإسرائيل، ثم شملت السفن الأمريكية والبريطانية، بسبب حرب الإبادة على غزة.
وبمراجعة مرصد “شاشوف”، يعود أول هجوم شنته قوات صنعاء في البحر الأحمر إلى تاريخ 19 أكتوبر 2023، عندما اعترضت المدمرة الأمريكية “يو إس إس كارني” عدة صواريخ وفقاً للبيت الأبيض. وفي 19 نوفمبر 2023، احتجزت قوات صنعاء سفينة نقل السيارات الإسرائيلية “غالاكسي ليدر”.
ووفق شركة الأمن البحري البريطانية “أمبري”، فقد تم تسجيل أكثر من 300 هجوم على السفن في البحر الأحمر، خلال العام 2024، وقال ترامب إن هذه الهجمات تسببت في خسائر للولايات المتحدة الأمريكية بمليارات الدولارات.
هذا فضلاً عن الكُلَف العسكرية التي يتكبدها الجيش الأمريكي، فوفقاً لوكالة أسوشيتد برس، تتجاوز قيمة سبع مسيّرات أمريكية جرى إسقاطها الـ200 مليون دولار، وهذه الخسارة المستمرة في المسيّرات الأمريكية جعلت من الصعب على القيادة الأمريكية تحديد مدى دقة تضرّر مخزونات الأسلحة التابعة للحوثيين. ويضاف ذلك إلى كُلف الصواريخ الاعتراضية المتطورة بأكثر من نصف مليار دولار تقريباً في عهد إدارة بايدن السابقة، إلى جانب كُلَف طائرات F-18 الباهظة للغاية، التي تصل قيمة المقاتلة الواحدة منها إلى أكثر من 60 مليون دولار.
هذا وتشير تقارير المرصد الاقتصادي شاشوف إلى أن الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط تستلزم التهدئة، إذ يصعب قدوم الرئيس الأمريكي على وقع إطلاق الصواريخ في الجولة التي ينوي أن تكون في السعودية والإمارات وقطر، ويتخللها إبرام صفقات تجارية ضخمة بمئات المليارات من الدولارات تتناولها التقارير بأنها تستهدف إرضاء إدارة ترامب خلال الحرب التجارية الراهنة.
تم نسخ الرابط