إعلان

بقاؤها بات على المحك بعد أزمات الديون والموازنة والتمويل وتأثير حرب أوكرانيا ثم جاء حصار غزة ليفاقم المعاناة

“أونروا تتشابه مع سفينة تغرق” – بهذه العبارة وصف فيليب لازارين، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الوضع الحالي للوكالة الأممية التي تأسست منذ أكثر من سبعة عقود. وأكد لازارين ضرورة التعامل مع أزمة التمويل الكبرى التي تواجهها أونروا في إطار مؤتمر إعلان التعهدات لعام 2023. وأضاف أنها تواجه خطر الانهيار، حيث أشار بعض المانحين الملتزمين إلى نية تخفيض تبرعاتهم للوكالة بشكل كبير.

إعلان

مراحل التأسيس

تعود الخطوة الأولى في تأسيس “أونروا” إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 1948، بإعلان الأمم المتحدة منظمة (جديدة) تسمى “هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين”، بالتزامن مع نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين جراء الصراع مع إسرائيل في أعقاب حرب 1948، بهدف تقديم مساعدات إنسانية لهم لتلافي حدوث مجاعة بعد تهجيرهم من قراهم.

بعد نحو عام من هذا الإعلان، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 1949 القرار رقم (302) الذي أسس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لتعمل بشكل موقت، لكن نتيجة عدم الوصول إلى حل نهائي لأزمة اللاجئين الفلسطينيين، فإن ولايتها تتجدد بانتظام كل ثلاث سنوات. وبدأ عمل الوكالة الفعلي في مايو (أيار) 1950 بتقديمها خدمات لنحو 750 ألف لاجئ، وزاد عدد المستفيدين تدريجاً حتى وصل إلى 5.9 مليون فلسطيني.

وفي أثناء انطلاقتها تسلمت وكالة “أونروا” سجلات اللاجئين الفلسطينيين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وكان شرط استحقاق الدعم أن يكون المستفيدون عاشوا في فلسطين خلال الفترة من يونيو (حزيران) 1946 حتى مايو (أيار) 1948، وفقدوا منازلهم وسبل معيشتهم نتيجة الصراع العربي – الإسرائيلي عام 1948. وبمرور الوقت استغني عن هذا الشرط لتشمل الفلسطينيين الذين نزحوا عام 1967، ومواطني غزة الذين يتأثرون بالهجمات العسكرية الإسرائيلية.

وتغطي وكالة “أونروا” خدمات لاجئي فلسطين في مناطق عملياتها الخمس بقطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا، لكنها في السنوات السنوات الـ10 الأخيرة اصطدمت بأزمات كان أصعبها وأشدها نقص التمويل مما دفعها إلى تقليل نفقاتها، لدرجة جعلتها غير قادرة على دفع رواتب موظفيها بشكل منتظم، وعملت على تبني سياسة “ترحيل الديون”. فوفق آخر تحديث لها في هذا الشأن فإنها بدأت هذا العام بديون تصل قيمتها إلى 75 مليون دولار مرحلة من 2022.

ويعمل لدى “أونروا” ما يزيد على 30 ألف موظف وموظفة، معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين إضافة إلى عدد قليل من الموظفين الدوليين. أما خدماتها المقدمة للاجئين فتقتصر على الصحة والتعليم وتوفير مساعدات غذائية وإغاثية للاجئين الفلسطينيين، كما تخصص نصف موازنتها لبند التعليم.

مصادر التمويل

على صفحتها الرسمية تكشف المنظمة الأممية بشكل مفصل عن مصادر تمويلها، موضحة أنها تعتمد بشكل كبير على التبرعات الطوعية من الدول المانحة أهمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربي، أما الاستثناء الوحيد فهو إعانة محدودة من الموازنة العادية للأمم المتحدة تستخدم لتغطية الكلف الإدارية.

وتدخل “أونروا” أيضاً في شراكات مع المؤسسات والشركات التجارية، التي تتراوح بين شركات تقنية محلية صغيرة وحتى شركات كبيرة متعددة الجنسيات، كما تعمل أيضاً مع منظمات المجتمع المحلي الصغيرة ومع المنظمات الدولية غير الحكومية.

ووفق موازنة 2022، جاء 44,3 في المئة من إجمالي تعهدات الوكالة البالغة 1,17 مليار دولار من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي تبرعت بمبلغ 520,3 مليون دولار، بما في ذلك المقدمة من المفوضية الأوروبية. وكانت الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي والسويد أكبر المانحين بعد التبرع بنسبة تراكمية بلغت 61,4 في المئة من إجمالي تمويل الوكالة.

ومنذ نشأتها كانت الولايات المتحدة أكبر ممول للوكالة بنسبة متوسطة تصل إلى 30 في المئة من إجمالي الموازنة، ويؤكد المتحدث باسم “أونروا” عدنان أبو حسنة لـ”اندبندنت عربية” أن الوكالة تتأثر بالمتغيرات السياسية.

وفي يوليو (تموز) 2019 أكدت “أونروا” أنه “خلال الأشهر الـ18 الأخيرة، واجهت ضغوطاً مالية وسياسية لكن فريق عملها تحمل ذلك وتمكن من تقديم خدمات لأكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني خلال أزمة مالية كبرى غير مسبوقة في تاريخها”.

قفزة تاريخية للبيتكوين: هل تعود أمريكا كمركز للعملات الرقمية؟

البيتكوين يتجاوز 97 ألف دولار: آمال جديدة في سوق العملات المشفرة

0
البيتكوين تسجل مستوى تاريخياً جديداً سجلت عملة البيتكوين مستوى تاريخياً جديداً، متجاوزةً 97 ألف دولار للوحدة لأول مرة على الإطلاق. هذا الارتفاع الكبير يعكس حالة...

جدول المحتويات

وفي أغسطس (آب) 2018 أوقفت الولايات المتحدة كل التمويل الذي كانت تقدمه لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الذي بلغ 368 مليون دولار، مما زاد من حدة التوتر بين القيادة الفلسطينية وإدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، قبل أن تعيدها إدارة بايدن.

وفي أعقاب تلك الأزمة سلط تقرير لمجلة “فورين بوليسي” الأميركية الضوء على قرار ترمب، مرجحة أن يكون الهدف من ورائه عدم تمكين الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين من ممارسة حق العودة لوطنهم، مستعيدة تصريحات السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي بأن هؤلاء اللاجئين ليس لهم حق في العودة.

عملت الوكالة على سد النقص الذي خلفه قرار ترمب بالحصول على تمويل إضافي من دول أخرى، لكنها اصطدمت بتأثيرات جائحة كورونا الاقتصادية وتضاؤل الدعم المالي لها، كما أعلنت “أونروا” أيضاً أنها تأثرت بالأزمة الروسية – الأوكرانية، متهمة كل المانحين بتوجيه أنظارهم إلى أوكرانيا.

أزمات خانقة

يقول متحدث “أونروا” عدنان أبو حسنة، “هناك إشكالات عديدة منها تأثير الأزمة الأوكرانية وتركيز الدول المانحة على كييف، إضافة إلى التضخم الذي عانته بعض الدول في السنوات الأخيرة”.

ويضيف لـ”اندبندنت عربية” أن “أونروا” أصبحت أكثر عرضة للتغيرات السياسية في عدد من الدول، فبعض الأحزاب يمكنها أن تقطع الدعم في أي وقت، نظراً إلى أن البيئة لم تعد كما كانت في الماضي.

ويؤكد أن “العجز كبير جداً، والوكالة في موازنتها المنتظمة ليس لديها تمويل لبرامجها ورواتب موظفيها في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، ويزداد حجم المشكلة في ظل هذه الأحداث المتصاعدة في غزة ونتائجها الخطرة”.

وبحسب بيانات “أونروا”، فإنها لم تتلق سوى أقل من 25 في المئة من متطلباتها المالية حتى نهاية مايو (أيار) الماضي، وهو ما يعادل 364 مليون دولار أميركي. ويؤكد المفوض العام لـ”أونروا” أن “الشركاء القدامى قللوا من تمويلها في السنوات الماضية، مما أثر بشكل كبير في قدرتنا على الحفاظ على خدمات ذات جودة عالية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية”.

في يوليو (تموز) 2019 كشف تقرير لمكتب الأخلاقيات التابع للأمم المتحدة عن سوء إدارة واستغلال سلطة من مسؤولين على أعلى المستويات في “أونروا” التي تواجه أزمة مالية في أعقاب قطع التمويل الأميركي عنها، وفي أثناء التحقيق أعلن المفوض العام بيير كرينبول استقالته من الوكالة.

وحول مدى التزام الدول العربية بتقديم الدعم لها يقول متحدث “أونروا”، إنه “وفق قرارات الجامعة العربية كان يجب على هذه الدول أن تسدد 7.5 في المئة من موازنات الوكالة المنتظمة، لكن الحقيقة أن الدول العربية لا تلتزم بهذه النسبة”.

وفي ظل الديون المتراكمة عليها والتزاماتها المتزايدة، طلبت الوكالة الحصول على 1.6 مليار دولار أميركي خلال عام 2023 بحيث تشمل توزيعاتها 311 مليون دولار لقطاع غزة، و33 مليوناً للضفة الغربية، و274 مليوناً لسوريا، و160 مليوناً للبنان، و29 مليوناً للأردن، إضافة إلى 848 مليوناً لتقديم الخدمات الأساسية في برامجها.

ويعاني العاملون في وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين ظروفاً صعبة في غزة، مما دفع المنظمة إلى نقل مركز عملياتها المركزية وموظفيها الدوليين إلى جنوب غزة لمواصلة عملياتها الإنسانية، إذ وصل عدد القتلى في صفوف موظفيها خلال الحرب الدائرة بين الجيش الإسرائيلي وحركة “حماس” إلى 12 شخصاً، كما أصيب 33 نازحاً ممن كانوا يحتمون في مدارسها. ووفق تصريحات متلفزة لمديرة العلاقات الخارجية والإعلام بها تمارا الرفاعي، فإن معظم موظفي الوكالة هم من الفلسطينيين الذين ينتمون لسكان غزة، مبدية قلقها على سلامتهم وعدم قدرتهم على الإخلاء أو الخروج من مكان إلى آخر.

وتؤكد “أونروا” التي يعمل لديها نحو 5300 شخص من الموظفين في قطاع غزة، أن عدد النازحين داخل 12 مدرسة تابعة لها في جنوب قطاع غزة يفوق 375 ألف شخص، مشيرة إلى أنها باتت مكتظة، كما أبدت تخوفها من تفشي الأوبئة بسبب النقص الحاد في المياه.

المصدر :إندبندنت

إعلان

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك