إعلان


تعود جذور بدائل الحليب النباتي لآلاف السنين، حيث استخدمتها حضارات متعددة لأسباب دينية وصحية واستدامة بيئية. تشمل هذه البدائل حليب الصويا، الذي يعود تاريخه للصين في القرن الـ14، وحليب جوز الهند المرتبط بأطباق جنوب آسيا، بالإضافة لحليب اللوز المعروف في أوروبا خلال العصور الوسطى. مع تزايد الاهتمام بالرعاية الطبية والنمط النباتي، أصبحت هذه البدائل شائعة، حيث يقدر سوقها بنحو 32.38 مليار دولار في 2024. حديثًا، انطلقت بدائل مثل حليب الشوفان، الذي حقق انتشارًا سريعًا، ليصبح محبوبًا في العديد من البلدان.

بينما تتنوع خيارات القهوة الصباحية، بدءًا من حليب اللوز والشوفان ووصولًا إلى الصويا والبازلاء، قد يبدو الحليب النباتي كأنه صيحة حديثة ترتبط بأساليب الحياة العصرية. لكن الواقع أن بدائل الحليب ليست جديدة، بل تعود أصولها إلى آلاف السنين، فقد تم اكتشافها في حضارات متعددة وانتشرت عبر القارات لأسباب متنوعة، تشمل الضرورة والتقاليد الدينية، وصولًا إلى الاهتمام بالاستدامة البيئية وتقليل الأثر البيئي الناتج عن إنتاج الحليب الحيواني.

إعلان

البدائل النباتية تفرض حضورها

على الرغم من أن العديد من بدائل الحليب النباتي تُعرف باسم “حليب”، إلا أنها تختلف بشكل كبير عن الحليب الحيواني في قيمها الغذائية. تُصنع هذه البدائل من مصادر نباتية متنوعة، تتضمن الحبوب مثل الشوفان والكينوا، والبقوليات كفول الصويا والبازلاء، بالإضافة إلى المكسرات مثل اللوز وجوز الهند. هذا التنوع جعلها خيارًا مناسبًا لمن يعانون من حساسية تجاه الحليب، أو لأولئك الذين يختارون تجنب الألبان لأسباب صحية أو أخلاقية.

نظرًا لتزايد الطلب على “الحليب النباتي”، شهدت الصناعة نموًا ملحوظًا. فقد قدرت شركة “فورتشن بيزنس إنسايتس” حجم سوق بدائل الألبان بنحو 32.38 مليار دولار أميركي في عام 2024، مع توقعات بأنه سيتجاوز 37 مليار دولار بحلول عام 2025، ليصل إلى 91.15 مليار دولار بحلول عام 2032.

‎⁨أنواع الحليب النباتي⁩ 1747660827
حجم سوق بدائل الألبان بلغ نحو 32.38 مليار دولار أميركي في عام 2024 (بيكسلز)

الصويا.. أول حليب نباتي

تظهر منطقة آسيا والمحيط الهادئ كلاعب رئيسي في هذا القطاع التجاري، إذ استحوذت على حوالي 53% من الحصة القطاع التجاريية في عام 2024، مما يجعلها الأكبر عالميًا في هذا المجال. وهذا ليس غريبًا، خاصة عند معرفة أن أصل حليب الصويا يعود إلى الصين بعد اختراع طاحونة الحجر اليدوية. تشير أقدم السجلات المكتوبة إلى ظهوره في عام 1365، وتم توثيقه لأول مرة تحت اسم “دوفوجيانغ”، وفقًا لموقع “تودايز دايتيشين” المتخصص في التغذية.

في القرن السابع عشر، كان يُقدم حليب الصويا ساخنًا على الإفطار أو يُستخدم كأساس للحساء.

ومع أن حليب الصويا انتشر بسرعة في مناطق شرق آسيا، حيث دخل في عادات الطهي، لم تتعرف الثقافات الغربية عليه إلا بعد عدة قرون.

ذكر تقرير على موقع منظمة “ڤيڤا” المهتمة بترويج النظام الحاكم النباتي، أن فول الصويا انتقل إلى أوروبا وأميركا في القرن التاسع عشر، وظهر مصطلح “حليب الصويا” لأول مرة في أميركا عام 1897.

في عام 1910، أسس عالم الأحياء الصيني لي يو-ينغ أول مصنع قرب باريس وحصل على براءة اختراع لأول “حليب نباتي”، ثم أطلق رجل الأعمال الأميركي بوب ريتش “المنتج” في عام 1945.

مع انتقال الصناعة إلى أميركا، واجهت صراعات قانونية مع شركات الألبان، لكن ريتش أثبت أن منتجه هو بديل وليس تقليدًا.

في السبعينيات، تعرض المنتج لضغوط من لوبي الألبان لمنع تسميته بـ “حليب”، فأعيد تسميته بـ “غذاء سائل من أصل نباتي”، وبالإضافة إلى ذلك، أصبح اسمه “حليب الصويا النباتي”. وازدادت شعبيته في الثمانينيات في آسيا وأوروبا وأستراليا والولايات المتحدة، وساهم تطور التغليف في انتشاره حتى أصبح اليوم من أكثر بدائل الحليب شعبية.

GettyImages 171115183
فول الصويا انتقل إلى أوروبا وأميركا في القرن الـ19 وظهر مصطلح “حليب الصويا” لأول مرة في أميركا عام 1897 (غيتي إيميجز)

“جوز الهند”.. بديلاً عن “البقر”

كما هو الحال مع حليب الصويا، كانت آسيا رائدة أيضًا في اكتشاف حليب جوز الهند. يعود أصل حليب جوز الهند إلى الهند وجنوب شرق آسيا، حسب تقرير على موقع مؤسسة “نافيك ميلز” المتخصصة في إنتاج منتجات جوز الهند العضوية.

يرتبط حليب جوز الهند، وهو سائل يُستخرج من لب جوز الهند المبشور، بأطباق ومشروبات محلية في تلك المناطق، وفي بعض الثقافات استخدم أيضًا في الطقوس والقرابين الاحتفالية.

وفقًا لموقع “ڤيڤا”، يُعتبر حليب جوز الهند من أقدم أنواع الحليب النباتي استخدامًا، خاصة في المناطق التي لا يستهلك سكانها حليب البقر، مما جعله الحليب الأساسي في حياتهم اليومية.

حليب اللوز والصوم الكبير

تُعتبر أشجار اللوز من أقدم الأشجار التي وُجدت منذ حوالي 5 آلاف عام، وقد انتشرت عبر سواحل البحر الأبيض المتوسط القديمة إلى جنوب أوروبا وشمال أفريقيا والهند.

أما حليب اللوز نفسه، بحسب تقرير على موقع “سكند هيستوري”، فلا يمتلك جذورًا في المطبخ القديم، بل يُعتقد أنه تم ابتكاره في أوروبا خلال العصور الوسطى، حيث كان يُحضر بنقع اللوز المطحون في الماء ثم تصفيته.

حليب اللوز 1747660835
حليب اللوز نفسه ليس له جذور في المطبخ القديم بل يعتقد أنه ابتكر في أوروبا خلال العصور الوسطى (بيكسلز)

نال إعجاب الأوروبيين، وبدأ يظهر كمكون أساسي في كتب الطهي في تلك الفترة، حتى أصبح واحدًا من أهم المكونات في الطهي في أواخر العصور الوسطى، وتفوق على حليب البقر لسرعة فساد الأخير.

ارتبط انتشار حليب اللوز في أوروبا بالعقيدة المسيحية خلال فترة الصوم الكبير، حيث كان يُمنع تناول منتجات الألبان.

ومع تزايد الاهتمام بالتغذية النباتية ونمط الحياة الصحي، بدأت شعبية حليب اللوز تزداد خارج الأوساط الدينية، ليصبح أحد أكثر بدائل الحليب رواجًا، حيث تجاوزت مبيعاته حليب الصويا في الولايات المتحدة بحلول عام 2013، وفقًا لموقع “ڤيڤا”.

الشوفان.. حديث العهد

على الرغم من أن حليب الشوفان يُعتبر حديث العهد مقارنةً بحليب اللوز أو الصويا، إلا أنه حقق انتشارًا ملحوظًا في فترة زمنية قصيرة.

وفقًا لتقرير على موقع “بي بي سي”، تعود بداياته إلى أوائل التسعينيات، عندما كان عالم الأغذية السويدي ريكارد أوستي يقوم بأبحاث حول حساسية اللاكتوز، مما دفعه للتفكير في ابتكار نوع جديد من الحليب النباتي.

حليب نباتي 1747660845
حليب جوز الهند من أقدم أنواع الحليب النباتي استخداما (بيكسلز)

اعتمد أوستي على الشوفان، الذي يعتبر محصولًا وفيرًا في السويد، وقام باستخدام إنزيمات لتحويله إلى مشروب غني يشبه في قوامه وطعمه حليب البقر. ولتحقيق ملمس أكثر دهنية، أضاف زيوت نباتية، مما جعل المنتج أقرب إلى الحليب التقليدي في خصائصه.

أسس أوستي لاحقًا شركة “أوتلي”، التي أصبحت واحدة من الشركات الرائدة في تصنيع حليب الشوفان على مستوى العالم، ورغم أن هذا النوع لم يتجاوز عمره 30 عامًا، فإنه نجح في التفوق على حليب اللوز في المملكة المتحدة، ليصبح أكثر أنواع الحليب النباتي شعبية هناك.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا