إعلان


تحت إدارة ترامب، قامت الولايات المتحدة بإعادة توجيه سياستها في تصدير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مفتحة الأبواب لدول خليجية مثل السعودية والإمارات للحصول على رقائق متطورة من شركات أمريكية. الخطوة تهدف لتعزيز النفوذ الأمريكي وضمان متابعة تطورات الذكاء الاصطناعي في العالم. بينما تم إلغاء قيود سابقة، تواجه العملية تحديات داخلية بسبب المخاوف من العلاقات مع الصين. الولايات المتحدة تطمح لاستخدام هذه الشراكات للاستفادة اقتصادياً وإستراتيجياً، حيث تعتبر التكنولوجيا الأمريكية وسيلة للنفوذ والدفاع عن مصالحها، موجهة نحو استغلال الموارد المالية الكبيرة للدول الخليجية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.

الاقتصاد العربي | شاشوف

أسعار السوق

مؤشرات الأسهم
العملات
الذهب
المؤشر القيمة التغيير النسبة %
جاري تحميل البيانات...
الزوج السعر التغيير النسبة %
جاري تحميل البيانات...
النوع السعر (أونصة) السعر (جرام) التغيير
جاري تحميل البيانات...

إعلان

في خطوة استراتيجية بارزة، أعادت إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” توجيه سياساتها بشأن تصدير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ما جعلها تفتح الأبواب أمام الدول الخليجية القوية اقتصاديًا، مثل السعودية والإمارات، للحصول على أحدث الرقائق الإلكترونية من عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين مثل “إنفيديا” و”أدفانسد مايكرو ديفايسز”.

هذه المبادرة تأتي في إطار رؤية أوسع تهدف إلى إبرام اتفاقيات تكنولوجية منفصلة، وتسعى إلى تعزيز المصالح التجارية الأمريكية، بالإضافة إلى ضمان قدرة الولايات المتحدة على متابعة وتوجيه البنى التحتية للذكاء الاصطناعي المعتمدة على منتجاتها في الخارج.

كانت القيود السابقة على تصدير التكنولوجيا المتقدمة، التي أُقرت خلال الإدارة السابقة، تهدف إلى منع انتشار التقنيات الأمريكية الحساسة، وخاصة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وذلك ضمن اعتبارات الأمن القومي، خصوصًا لمنع وصول هذه القدرات المتطورة إلى الصين.

ومع ذلك، أعلنت إدارة ترامب، عبر وزارة التجارة في 13 مايو الجاري، عن إلغاء ما يُعرف بقاعدة “نشر الذكاء الاصطناعي” التي وضعها الرئيس السابق جو بايدن، والتي كانت ستدخل حيز التنفيذ في منتصف مايو. بدلًا من ذلك، تعمل الإدارة الحالية على تطوير مقاربة جديدة تتضمن اتفاقيات ثنائية مصممة خصيصًا لكل دولة، وفقًا لمصادر مطلعة على شبكة بلومبيرغ.

وبينما تُسهل واشنطن وصول حلفائها إلى تقنياتها، حذرت وزارة التجارة من استخدام رقائق الذكاء الاصطناعي من نوع “أسيند” التي تنتجها شركة “هواوي تكنولوجيز” الصينية “في أي مكان في العالم”، مؤكدة ذلك كونه انتهاكًا لضوابط التصدير الأمريكية.

كما حذرت الإدارة من مغبة استخدام “رقائق الذكاء الاصطناعي الأمريكية في تدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية”، مما يرسم حدودًا واضحة في هذه المنافسة التكنولوجية المثيرة.

بصمة واشنطن: استراتيجية النفوذ عبر التكنولوجيا

تتمحور الاستراتيجية الأمريكية الجديدة حول إدراك عميق لأهمية السيطرة التكنولوجية في العصر الرقمي، حيث تضمن الولايات المتحدة من خلال زيادة اعتماد الدول الأخرى على المكونات والبرمجيات الأمريكية في بناء بنيتها التحتية للذكاء الاصطناعي، فرصة متابعة تطور هذه القدرات بشكل دقيق.

هذا “الاطلاع” لا يعني فقط التجسس التجاري، بل يوفر أيضًا فهماً أعمق لمدى التقدم التكنولوجي لدى تلك الدول، وأنماط استخدامها للذكاء الاصطناعي، ونقاط قوتها وضعفها المحتملة.

علاوة على ذلك، يمنح هذا الاعتماد واشنطن نفوذًا استراتيجيًا طويل الأمد، حيث يمكن استخدام التحكم في توريد الرقائق المتقدمة، والتحديثات البرمجية، والترخيصات، وقطع الغيار أساسية كأداة ضغط دبلوماسية أو أمنية في المستقبل.

هذا النهج يهدف أيضًا إلى احتواء نفوذ المنافسين، وعلى رأسهم الصين، من خلال إغراق الأسواق العالمية بالبدائل الأمريكية المتفوقة، ما يقوض جهود بكين لترسيخ معاييرها التكنولوجية. الحجة الأساسية التي تقدمها واشنطن، وخاصة شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “إنفيديا”، هي أن تقييد الصادرات الأمريكية يفتح الباب أمام المنافسين لملء الفراغ، مما يضر بالإيرادات الأمريكية ويضعف قدرتها على الحفاظ على تفوقها، وفي الوقت ذاته يسمح بتطوير تقنيات خارج المدار الأمريكي.

في هذا السياق، ترى الولايات المتحدة أن السماح لدول مثل السعودية والإمارات ببناء طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي باستخدام التكنولوجيا الأمريكية يخدم مصالحها بصورة مباشرة.

بدلاً من أن تلجأ هذه الدول، بما تمتلكه من قدرات مالية هائلة، إلى بدائل قد تكون أقل مصداقية أو تتأثر بدول منافسة، فإن ارتباطها بالمنظومة التكنولوجية الأمريكية يجعلها تحت دائرة التأثير والنفوذ الأمريكي، ويضمن أن تكون هذه القدرات المتنامية متوافقة إلى حد ما مع الأجندة الأمريكية الأوسع.

وعلى الرغم من عدم إعلان إدارة ترامب رسميًا عن منح إذن تصدير لهذه الشحنات الكبيرة، إلا أن مشاركة الرئيس شخصيًا في الإعلان عن هذه الصفقات تعكس منح الضوء الأخضر مبدئيًا.

كما تخطط شركة “غلوبال إيه آي” الأمريكية للتعاون مع “هيوماين” في صفقة يُتوقع أن تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث أعلنت شركة “أمازون” بالتعاون مع “هيوماين” عن استثمار 5 مليارات دولار لإنشاء “منطقة للذكاء الاصطناعي” في السعودية، بينما تدخل شركة “سيسكو سيستمز” الأمريكية في شراكات مماثلة مع “هيوماين” وكذلك مع شركة الذكاء الاصطناعي “جي 42” (G42) التي تتخذ من أبوظبي مقرًا لها.

وفي الإمارات، تدرس إدارة ترامب اتفاقًا يسمح للدولة الخليجية باستيراد أكثر من مليون رقاقة متقدمة من “إنفيديا”. وفقًا لمصادر مطلعة نقلت عنها وكالة “بلومبيرغ”، ستُسمح الإمارات باستيراد 500 ألف رقاقة متقدمة للغاية سنويًا حتى عام 2027، على أن يُخصص خُمس هذه الكمية لشركة “جي 42″، بينما يُخصص الباقي لشركات أمريكية تقوم ببناء مراكز بيانات متطورة في الدولة. تُعتبر رقائق “إنفيديا”، وبدرجة أقل رقائق “أدفانسد مايكرو ديفايسز”، الأبرز عالميًا في معالجة كميات هائلة من البيانات وتحويلها إلى برمجيات وخدمات ذكاء اصطناعي متطورة.

مخاوف وتحديات في أفق “الذكاء الاصطناعي السيادي”

لا يحظى هذا التوسع في وصول السعودية والإمارات إلى التقنيات الأمريكية المتطورة بالإجماع داخل الولايات المتحدة. فقد عبر النائب الجمهوري جون مولينار، وهو عضو بارز في لجنة خاصة بالصين في مجلس النواب، عن قلقه إزاء هذه الاتجاهات، محذرًا من العلاقات التي تربط شركة “جي 42” الإماراتية بشركة “هواوي” وشركات صينية أخرى.

وشدد مولينار في منشور على منصة “إكس” على ضرورة “الحصول على ضمانات قبل المضي قدمًا في مزيد من الاتفاقيات”.

إذ أن توفر البنية التحتية اللازمة لما يُعرف بـ”الذكاء الاصطناعي السيادي” — وهو مصطلح يشير إلى جهود الحكومات لضمان وجود مراكز بيانات قوية داخل حدودها الوطنية قادرة على تشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتطورة — أصبح يمثل الجبهة التنافسية التالية لشركات التكنولوجيا.

وبالنسبة لمصنعي الرقائق، تُعد هذه فرصة لتقليل الاعتماد على إنفاق عدد محدود من الشركات الأمريكية العملاقة في مجال الحوسبة السحابية، مثل “مايكروسوفت” و”أمازون”، اللتين تهيمنان حاليًا على استثمارات مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، بل وتقوم أيضًا بتطوير رقائق خاصة بها قد تنافس منتجات “إنفيديا” و”أدفانسد مايكرو ديفايسز” في المستقبل.

تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه السعودية والإمارات بنشاط لتقليل اعتمادهما التاريخي على صادرات النفط، حيث تعتبران أن الذكاء الاصطناعي يُشكل محركًا رئيسيًا لتسريع جهود تنويع اقتصاداتهما.

إن الدولتين تتمتعان بقدرات مالية ضخمة واستعداد للاستثمار السريع، وهو أمر حاسم نظرًا للتكاليف المرتفعة للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن تصل تكلفة الرقاقة الواحدة من “إنفيديا” إلى عشرات الآلاف من الدولارات. وبناء نظام تنافسي يتطلب ربط عشرات الآلاف من هذه الرقائق بتقنيات شبكات وتبريد باهظة الثمن، فضلاً عن استهلاك كميات هائلة من الكهرباء.

في المحصلة، تعتبر مبادرات الذكاء الاصطناعي هذه جزءًا من حزمة واسعة من الصفقات التي أُعلنت خلال زيارة الرئيس ترامب إلى المنطقة، والتي تعود بالفائدة على الشركات الأمريكية في مجالات متنوعة.

فبينما أعلن ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن اتفاقيات بقيمة تريليون دولار، تشير التقديرات إلى أن الرقم الفعلي أقرب إلى 300 مليار دولار، تشمل مبيعات دفاعية بقيمة 142 مليار دولار، وصفقة لشركة “أفيليس” السعودية لشراء طائرات ركاب من “بوينغ” بقيمة 4.8 مليار دولار، بالإضافة إلى موافقة المملكة على ترخيص خدمة “ستارلينك” التابعة لشركة إيلون ماسك في مجالي الطيران والملاحة البحرية، ومبيعات أسلحة أمريكية للإمارات بقيمة تقارب 1.4 مليار دولار. كل ذلك يرسم صورة معقدة لمشهد تتداخل فيه المصالح الاقتصادية بالتطلعات التكنولوجية والأبعاد الاستراتيجية العالمية.


تم نسخ الرابط

(function(d, s, id){
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id;
js.src = ‘//connect.facebook.net/ar/sdk.js#xfbml=1&version=v3.2’;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(document, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا