نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرًا عن المواجهات بين البحرية الأميركية وجماعة الحوثيين في اليمن، حيث تعرّضت القوات الأميركية لاختبارات صعبة من قِبَل الحوثيين، الذين استخدموا صواريخ وطائرات مسيرة رخيصة لاختراق دفاعات البحرية. رغم الخسائر الأميركية، منها سقوط طائرات حربية، فشلت الولايات المتحدة في تأمين الملاحة بالبحر الأحمر. هذا المواجهة يُعتبر أحد أعنف القتال مع الميلشيات منذ عقود. كما تجري وزارة الدفاع الأميركية تحقيقات حول الحوادث، مع مخاوف بشأن جاهزية القوات، وتأثير هذا الانتشار على جهود ردع الصين. الحوثيون، بدورهم، قدموا تحديًا مستمرًا مستفيدين من التقنية الحديثة.
نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرًا مفصلًا عن التصادمات العنيفة التي شهدها اليمن ومياه البحر الأحمر بين القوات البحرية الأميركية وجماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، قبل أن يتوصل الطرفان في بداية مايو/أيار الماضي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ولفتت الصحيفة إلى أن المسؤولين الأميركيين يعملون حاليًا على دراسة المواجهة لفهم كيف استطاع خصم “مشاكس” أن يتحدى ويختبر أفضل أسطول سطحي في العالم، في إشارة إلى حاملة الطائرات “يو إس إس هاري ترومان”.
في ذلك اليوم، كانت طائرة أميركية من طراز “إف/إيه-18 سوبر هورنيت” تحاول الهبوط على حاملة الطائرات ترومان في البحر الأحمر، غير أن آلية إبطاء السرعة تعثرت، مما أدى إلى انزلاق الطائرة -مرتفعة التكلفة 67 مليون دولار- عن مدرج الحاملة وسقوطها في البحر.
تعد هذه الطائرة هي الثالثة التي تفقدها ترومان خلال أقل من 5 أشهر، وحدثت الحادثة بعد ساعات من إعلان القائد ترامب التوصل إلى وقف لاطلاق النار مع الحوثيين في اليمن، مما أثار دهشة المسؤولين في وزارة الدفاع (البنتاغون).
أفادت الصحيفة في تقريرها الذي أعده اثنان من مراسليها بأن الحوثيين أثبتوا أنهم خصم قوي بشكل مدهش، حيث خاضوا أعنف المعارك التي خاضتها البحرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية “رغم أنهم كانوا يقاتلون من كهوف وأماكن تفتقر إلى أسس المرافق الأساسية في واحدة من أفقر دول العالم”.
ولفتت إلى أن الحوثيين قد استفادوا من توفّر تكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيرة منخفضة التكلفة التي حصلوا عليها من إيران، وقد أطلقوا صواريخ باليستية مضادة للسفن في أول استخدام قتالي لهذ الأسلحة التي تعود لحقبة الحرب الباردة، بالإضافة إلى ابتكارهم لطرق لنشر أسلحتهم.
كشف التقرير عن مشاركة حوالي 30 سفينة في العمليات القتالية في البحر الأحمر منذ أواخر عام 2023 حتى السنة الحالي، ما يمثل نحو 10% من إجمالي أسطول البحرية الأميركية السنةل. خلال تلك الفترة، قامت الولايات المتحدة بقصف الحوثيين بذخائر تتجاوز قيمتها 1.5 مليار دولار، حسب أحد المسؤولين الأميركيين.
على الرغم من أن البحرية الأميركية تمكنت من تدمير جزء كبير من ترسانة الحوثيين، إلا أنها لم تستطع -كما نوّهت الصحيفة- تحقيق هدفها الاستراتيجي المتمثل في استعادة الملاحة عبر البحر الأحمر، في الوقت الذي تواصل فيه الجماعة اليمنية إطلاق الصواريخ بشكل دوري على إسرائيل.
بدأ القادة في المؤسسة العسكرية والكونغرس في التحقيق بشأن الحملة في اليمن لاستخلاص الدروس المستفادة، وسط مخاوف من أن يُؤثّر مثل هذا الانتشار الكبير على جاهزية القوات الأميركية بشكل عام.
أطلق القادة في المؤسسة العسكرية والكونغرس تحركاتهم لتقصي الحقائق المتعلقة بالحملة في اليمن من أجل التعرف على الدروس المستفادة، حيث يشعرون بالقلق من تأثير هذا الانتشار الكبير على جاهزية القوات الأميركية بشكل عام.
من جهته، يجري البنتاغون تحقيقًا بشأن حوادث فقدان الطائرات وتصادمات حدثت في البحر الأحمر لحاملة الطائرات ترومان، ومن المنتظر صدور النتائج في الأشهر القادمة.

وفقًا للصحيفة، فقد أدى نشر القوات للقتال ضد الحوثيين إلى سحب الموارد والعتاد العسكري المخصصة لجهود الردع في آسيا تجاه الصين، وأدى إلى تأخير جداول صيانة حاملات الطائرات. من المتوقع أن تستمر آثار هذا الانتشار لسنوات قادمة.
على الرغم من هذا الاستنزاف والإرهاق، يعتقد مسؤولون في البحرية أن القتال ضد جماعة الحوثي قد منحهم خبرات قتالية لا تقدر بثمن، وينظر إلى المواجهة في البحر الأحمر من قبل البنتاغون كمرحلة تحضيرية لصراع قد يكون أشد تعقيدًا وتأثيرًا.
وفي المقابل، تمكن الحوثيون من تعزيز قدرتهم بشكل كبير منذ استيلائهم على معظم مناطق البلاد قبل نحو 10 سنوات. وأفادت وول ستريت جورنال بأن الجماعة اليمنية قامت منذ بدء الحرب في قطاع غزة بمهاجمة المدن الإسرائيلية وأيضًا السفن المارة في البحر الأحمر.
تشير التقارير إلى أنهم قد أطلقوا أول دفعة من الطائرات المسيرة والصواريخ في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على المدمرة الأميركية “يو يو إس إس كارني” في البحر الأحمر، مما أدى إلى اشتباك استمر 10 ساعات، فاجأ البحارة على متنها.
المعركة التي جرت بين الحوثيين والأميركيين يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وُصفت بأنها أعنف قتال تعرضت له سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية منذ حوالي قرن، حيث أسقط الحوثيون أكثر من 12 طائرة مسيرة و4 صواريخ كروز سريعة الطيران.
وصف التقرير تلك المعركة على أنها الأعنف التي تتعرض لها سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية منذ قرابة قرن، حيث أسقط الحوثيون أكثر من 12 طائرة مسيرة و4 صواريخ كروز سريعة الطيران.
مع توعد الحوثيين بتكثيف الهجمات، أسرع العسكريون الأميركيون إلى حل مشكلة لوجستية حيث لم تتمكن المدمرات -مثل كارني- من المشاركة في القتال لمدة قد تصل إلى أسبوعين بسبب قيامها برحلات مكوكية في البحر الأبيض المتوسط لإعادة التسليح، بينما كانت الدول المجاورة أنذرة من أن تصبح أهدافًا للحوثيين.
في النهاية، تمكنت وزارة الدفاع الأميركية من استخدام ميناء في البحر الأحمر، وقد وصفه أحد المسؤولين بأنه غيّر قواعد اللعبة، لأنه مكّن السفن البحرية الأميركية من إعادة التزود بالأسلحة دون مغادرة مسرح العمليات.

استمرت الصحيفة في تقريرها بالحديث عن تأثير وتيرة العمليات على البحارة، الذين ظلوا مضطرين للبقاء متيقظين على مدار الساعة بسبب تعرضهم المستمر لنيران الحوثيين. لذا، لم تقم حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت أيزنهاور” سوى برحلة قصيرة واحدة خلال 7 أشهر من القتال.
على الرغم من أن البحرية الأميركية معتادة على العمل في بيئات مشابهة في الخليج العربي، حيث يوجد الإيرانيون على مقربة، إلا أن ردع مجموعات مثل جماعة أنصار الله في اليمن يعتبر أكثر تحديًا من ردع الحكومات النظام الحاكمية، كما ذكرت الصحيفة، مدّعية أن هذه المجموعات أصبحت أكثر خطورة مع انتشار الصواريخ الباليستية الطراز المضادة للسفن والطائرات المسيرة الهجومية.