ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة تنوي تقديم “ورقة شروط” لإيران تشمل وقف تخصيب اليورانيوم. يأتي ذلك وسط توترات متزايدة بين واشنطن وإسرائيل، حيث تخشى الأخيرة من اتفاق يسمح لطهران ببعض القدرات النووية. رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنذر من أن أي اتفاق سيئ سيكون أسوأ من عدم الاتفاق. في الوقت نفسه، حذّر القائد ترامب نتنياهو من أي عمل عسكري قد يعرقل المفاوضات. ومع تسريع إيران لخطواتها نحو القدرة النووية، يتزايد الضغط على كلا البلدين للتوصل لقرار بشأن استخدام القوة أو توقيع اتفاق.
أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن الولايات المتحدة تستعد لتقديم “ورقة شروط” لإيران، تدعا فيها بوقف شامل لتخصيب اليورانيوم، في سياق المفاوضات الممتدة منذ أكثر من 7 أسابيع.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي رفيع قوله “إذا لم تقبل إيران بهذه الشروط، فلن يكون يوما جيدًا لها”، في إشارة إلى خيارات بديلة قد تشمل تصعيدًا عسكريًا.
تأتي هذه المستجدات في وقت يتصاعد فيه التوتر بين واشنطن وتل أبيب بشأن التعامل مع الملف النووي الإيراني، حيث أعرب مسؤولون أميركيون عن أملهم في أن تعالج الإطار الجاري المخاوف الإسرائيلية، وتُقنع القيادة الإسرائيلية بتأجيل أي هجوم وشيك على المنشآت الإيرانية.
قلق إسرائيلي
وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل تُعبر عن قلق متزايد حيال أن إدارة القائد الأميركي دونالد ترامب تتجه نحو اتفاق يتيح لطهران الاحتفاظ ببعض قدراتها النووية، خاصة في مجال التخصيب، مقابل ضمانات ليست بالضرورة متوافقة مع موقفها المعلن بخصوص “صفر تخصيب”.
هذا الاتفاق المحتمل -إن تم توقيعه- قد يقيد قدرة إسرائيل على شن ضربة عسكرية ضد إيران، مما يضعها في موقف معقد مع حلفائها المقربين.
وعبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن هذه المخاوف علنًا، مأنذرًا من أن التوصل إلى اتفاق سيئ سيكون أسوأ من عدم التوصل إلى أي اتفاق على الإطلاق.
بالمقابل، أفادت الصحيفة بأن مسؤولًا أميركيًا لفت إلى أن البيت الأبيض يشعر بالإحباط حيال محاولات إسرائيل للتأثير على موقف واشنطن التفاوضي، مضيفًا “لدينا بعض الاختلافات مع إسرائيل حول كيفية التعامل مع إيران في الوقت الراهن”.
تهديدات متبادلة وسيناريوهات التصعيد
وفي هذا السياق، أنذر ترامب نتنياهو من اتخاذ أي خطوات عسكرية أحادية قد تعرقل المحادثات، قائلاً “أخبرته أن هذا سيساهم في تعقيد الأمور بشكل كبير في الوقت الحالي، إذ أننا قريبون جدًا من التوصل إلى حل”.
وأضاف مسؤول أميركي “قد يتغير نهجنا إذا كانت إيران غير راغبة في الوصول إلى اتفاق”.
من جانبها، كانت إسرائيل قد خططت مسبقًا لشن هجوم على إيران في هذا السنة، لكن تم تأجيل هذه الخطط بناءً على طلب مباشر من إدارة ترامب، وفقًا لمصدر مطلع على تلك الخطط.
ويوجد بين بعض أعضاء المؤسسة الاستقرارية الإسرائيلية شعور بأن هذه الفرصة قد لا تتكرر، مما يستدعي إتخاذ خطوات عسكرية، حتى دون دعم من الولايات المتحدة، رغم إدراكهم أن مثل هذه العمليات ستأتي بتكلفة أكبر وأنها ستكون أقل فعالية بدون الدعم اللوجيستي والعسكري الأميركي.
كل هذا يحدث في وقت تسرع فيه إيران خطواتها نحو امتلاك القدرة على تصنيع سلاح نووي، حيث زادت بشكل ملحوظ من إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، وأقامت أنفاقًا عميقة في منشأة نطنز، مما يسمح لها بالاستمرار في إنتاج الوقود النووي سرًا إذا تعرضت لهجوم.
وفقًا لوكالة الطاقة الذرية الدولية، فإن إيران أصبحت على بُعد أشهر فقط من امتلاك قدرات نووية أولية، ويعتقد المحللون أن هذه التطورات قد تدفع واشنطن وتل أبيب لتسريع قراراتهما بشأن استخدام القوة أو التوصل إلى تسوية.
يتزامن تصاعد التوتر بشأن إيران مع تدهور العلاقات بين ترامب ونتنياهو، نتيجة خلافات حول ملفات أخرى، أبرزها المواجهة الإسرائيلية في غزة، حيث تجاهل ترامب إسرائيل خلال جولته الأخيرة في الخليج، ووقع اتفاقًا لوقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن، بالرغم من استمرار استهدافهم لإسرائيل، كما تفاوض مع حركة حماس لتأمين إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي-الأميركي عيدان ألكسندر دون إشراك السلطة التنفيذية الإسرائيلية.
تسعى الولايات المتحدة لإنهاء الجولة الحالية من المفاوضات مع إيران، ضمن إطار عمل يحفظ مصالحها ويخفف المخاوف الإسرائيلية، مع الاحتفاظ بالخيار العسكري كوسيلة ضغط، حسب الصحيفة.
لكن إسرائيل، التي قامت سابقًا بتنفيذ عمليات فردية ضد برامج نووية في العراق وسوريا، تشير إلى أنها قد تضطر للقيام بذلك مرة أخرى إذا اعتبرت أن الاتفاق لا يلبي مستوى التهديد.
وقال المستشار السابق للأمن القومي الإسرائيلي، يعقوب أميدرور “إذا كان الاتفاق غير جيد، فعلى إسرائيل استخدام القوة لتدمير البرنامج النووي الإيراني، حتى لو عارضت الولايات المتحدة”.