إعلان


وزير المالية السوداني، الدكتور جبريل إبراهيم، قدم رؤيته لمستقبل السودان، مؤكداً على أهمية إنهاء الحرب وإجراء حوار شامل. استعرض مسيرته من قرية نائية إلى مجالات الإستراتيجية والمالية، معترفاً بصعوبة الأوضاع الماليةية بسبب الحرب، لكنه نفى وجود مجاعة شاملة. وطرح رؤيته لإعادة بناء المالية عبر المنظومة التعليمية والخدمات الصحية والبنية التحتية. شدد على أهمية الحوار السوداني-السوداني بعد الحرب وانتقاد الدعم السياسي الغربي. كما نوّه على قومية حركة العدل والمساواة وأهمية تحقيق العدالة. اختتم بالإشارة إلى تفاؤله بمستقبل السودان على الرغم من التحديات الجسيمة.

استعرض وزير المالية السوداني، الدكتور جبريل إبراهيم، رؤيته لمستقبل بلاده، مؤكدا أن الأولوية الأساسية تكمن في إنهاء الحرب، تليها مرحلة حوار شامل بين السودانيين يمهد لإدارة الشعب لمقدراته بنفسه.

آخر تحديثات الأخبار تيليجرامع

إعلان

بانر اثير - ذوو الشأن

وفي حلقة جديدة من بودكاست “ذوو الشأن”، استعرض الدكتور جبريل إبراهيم، الذي يقود حركة العدل والمساواة، مسيرته المليئة بالتغييرات، من قرية طينية نائية على النطاق الجغرافي التشادية وصولا إلى أروقة الإستراتيجية والمالية في السودان، مرورا بتجربة تعليمية وعملية غنية في اليابان والسعودية ولندن.

وتحدث الوزير السوداني عن الأوضاع الماليةية الحالية، معترفا بتحدياتها بسبب الحرب، لكنه نفى وجود مجاعة شاملة، مشيرا إلى وفرة الإنتاج الزراعي ومشكلة رئيسية تتعلق بعملية إيصال الغذاء للمتضررين. كما تناول جذور المواجهة في دارفور، وتاريخ تأسيس حركة العدل والمساواة، وموقفه تجاه حمل السلاح.

بدأ الدكتور جبريل إبراهيم حديثه بالتذكر طفولته في قرية صغيرة قرب الطينة، المحاذية لتشاد، حيث الحياة كانت صعبة. وقال “الناس تسير نصف اليوم للوصول إلى مصادر المياه، وتعود نصف اليوم الآخر”، موضحا كيف جذبه مظهر أخيه الأكبر الأنيق للالتحاق بالمدرسة.

روى كيف تنقل بين المدارس من الطينة إلى الفاشر، ثم إلى جامعة الخرطوم، قبل أن ينتقل “انزياحا شرقا” إلى اليابان، التي يعرفها البعض بـ”بلاد الوقواق”، موضحا أن اسمها الحقيقي “واكوكو” يعني “بلاد السلام”.

أمضى إبراهيم 7 سنوات في اليابان، حيث درس المالية وأتقن اللغة اليابانية، التي بدأت تتلاشى بمرور الزمن، على حد قوله. وذكر كيف كان الأفارقة يُعتبرون منظرا غريبا لليابانيين، خاصة في القرى، حيث كان الأطفال يتجمعون حولهم.

تكوين ورؤى اقتصادية

بعد اليابان، انتقل وزير المالية للعمل في السعودية لمدة 4 سنوات، مدرسا للاقتصاد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قبل أن يعود إلى السودان حيث كُلف بتأسيس شركة “عزة” للنقل الجوي، وهو الاسم الذي يُطلق على السودان في فترة الاستعمار.

ثم انتقل إلى تشاد ثم إلى الإمارات، واستقر في لندن كلاجئ بعد أن طلبت السلطة التنفيذية السودانية تسليمه، موضحا أن اتهامه بدعم الثورة في دارفور كان السبب وراء ذلك.

وعن الأوضاع الماليةية الحالية، اعترف إبراهيم بتحدياتها، موضحا أن معظم النشاط الماليةي ومصادر إيرادات الدولة كانت مركزة في الخرطوم التي تضررت بشدة، ونوّه أن الدولة لم تصل إلى الصفر في إيراداتها، وتعتمد حاليا على مواردها الذاتية من الضرائب والجمارك وعوائد الذهب.

ونفى الوزير وجود مجاعة شاملة، مؤكدا أن الإنتاج الزراعي في السودان يفوق الحاجة، وأن برنامج الغذاء العالمي يشتري الذرة من السودان لتصديرها. وأرجع شح الغذاء في بعض المناطق إلى ممارسات المليشيات المتمردة التي تمنع وصوله، بالإضافة إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطنين النازحين.

رؤية لإعادة البناء

وناقش الدكتور جبريل إبراهيم رؤيته لإعادة بناء المالية السوداني، والتي تقوم على محورين: الأول هو التنمية الاقتصادية في “رأس المال البشري” من خلال المنظومة التعليمية الجيد والخدمات الصحية، والثاني هو تطوير البنية التحتية بما في ذلك الطرق والجسور والسكك الحديدية والموانئ وشبكات الخدمات.

ولفت إلى أن وزارته كانت تهدف قبل الحرب إلى رفع نصيب القطاعين المنظومة التعليميةي والصحي في الميزانية إلى 40%. ولتمويل البنية التحتية، دعا إلى شراكات استراتيجية بنظام “البناء والتشغيل ثم التحويل الملكية” (BOT)، مع التأكيد على ضرورة تهيئة البيئة التشريعية لذلك.

وفيما يتعلق بالمساعدات الخارجية، أوضح أن الأموال من الغرب “مُسيّسة”، وأن الدعم حاليا يأتي من طرف ثالث، وغالبا ما تكون وكالات الأمم المتحدة، بعد تصنيف التغيير في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 انقلابا، وأشاد بالدعم الإغاثي من الدول العربية والخليجية وإيران وتركيا.

الحرب والإستراتيجية والمستقبل

وتحدث وزير المالية عن الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع، واعتبرها “مشروعا إقليميا ودوليا عظيما”، واعتبر أن الدعم السريع “أداة تُستخدم مرحليا”، مشبها المواجهة بمصالح تتعلق بسواحل البحر الأحمر وموارد السودان المائية والزراعية والمعدنية، ربما مع محاولة “تغليف الموضوع بمحاربة الإسلام السياسي”.

وبشأن الأحداث في الفاشر، نوّه على صمود المدينة أمام هجمات الدعم السريع المتكررة، قائلا “لن تسقط بإذن الله”، مشيرا إلى رمزيتها التاريخية كعاصمة لإقليم دارفور.

وعن موقفه من الحكم العسكري، أعرب إبراهيم عن دعمه الكامل للحكم المدني، موضحا أن الظروف الحالية قد فرضت وجودا عسكريا في السلطة، وقد مددته الحرب.

وأعرب عن ثقته في قدرة الشعب السوداني على تغيير الأنظمة العسكرية عبر الثورات، متوقعا حوارا سودانيا-سودانيا شاملا بعد انتهاء الحرب لوضع خارطة طريق نحو انتخابات حرة.

ردا على تصريحات الفريق البرهان حول أداء بعض الوزراء، نفى الدكتور جبريل أن يكون من المقصودين، مؤكدا أن التعيينات في الدولة تخضع لإجراءات وقوانين تُقيد صلاحيات الوزير، وأن صلاحياته في التعيين المباشر تقتصر على 3 أشخاص.

جذور المواجهة في دارفور

وتطرق إبراهيم إلى نشأة حركة العدل والمساواة، مشيرا إلى أنها حركة قومية تعنى بتحقيق العدالة والتنمية المتوازنة في جميع أقاليم السودان. وذكر أن فكرة الحركة بدأت تتبلور منذ عام 1995 كنتيجة إحساس بالظلم والتهميش.

وكشف الوزير أنه كان “الوحيد الذي اعترض على حمل السلاح” في الاجتماع الذي تقرر فيه ذلك في ألمانيا، مفضلا الحوار، لكن أغلبية الأعضاء كانت تظن أن السلطة التنفيذية آنذاك “لا تستمع إلا لأصوات المدافع”. ورغم ذلك، نوّه أنه ليس نادما على خيار التمرد المسلح الذي فرضته الظروف.

وأرجع أسباب المواجهة في دارفور إلى الشعور بالظلم الذي سببه المركز في توزيع الفرص والمشاريع التنموية، بالإضافة إلى دور السلطة التنفيذية أحيانا في “اللعب على التناقضات القبلية وتفضيل بعض المكونات على الأخرى”، مما أدى إلى النزاع الكبير.

واختتم الدكتور جبريل إبراهيم حديثه بالتأكيد على أن إنهاء الحرب هو الأولوية، وأن الشعب السوداني بعد ذلك “سيحكم نفسه بنفسه”، معربا عن تفاؤله بمستقبل السودان رغم التحديات الكبيرة.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا