فصيلة “O-” رصيدها صفر وغالب المتبرعين يعانون الجوع والسير مسافات طويلة من أجل الوصول
وصل عمر جريحاً إلى مجمع “ناصر” الطبي في مدينة خان يونس، جنوب غزة، وكان ينزف دماً من منطقة الفخذ، وبحسب الطبيب المشرف على حاله فإن شظية تسببت في بتر قدمه، ونتيجة النزف فقد كمية كبيرة من دمه.
بعد الفحوصات المخبرية تبين أن منسوب دم عمر منخفض، إذ وصل إلى أربع درجات، لكن فصيلة دمه “O-” لا تتوفر منها أية وحدات، وقد فارق الحياة بعد أقل من ساعة على وصوله إلى المستشفى.
تبرع محدود
حال عمر هذه تكررت كثيراً بين الجرحى الذين نزفوا كميات كبيرة من دمائهم قبل وصولهم المستشفيات، كما أن هناك جرحى يحتاجون إلى عملية نقل دم، لكن ذلك غير متاح حالياً في غزة، وبدورهم باتوا عرضة للوفاة في أية لحظة.
في اليوم الـ21 من الحرب الضروس بين حركة “حماس” وإسرائيل، أبلغت وزارة الصحة شركاءها أنها تعاني نقصاً حاداً في وحدات الدم نتيجة تزايد أعداد الإصابات بشكل سريع وتوقف بنك الدم في مستشفى “الشفاء” عن العمل بسبب القصف المتواصل ونفاد الوقود.
لكن في اليوم الـ41 للحرب أصبح الوضع أكثر صعوبة، إذ نفدت غالب كميات الدم التي كان يحتفظ بها بنك الدم، وأصبح المتوفر منها محدوداً جداً، وبات رصيد وحدات الدم من فصيلة “O-” صفراً.
وفي ظل نقص وحدات الدم طلبت وزارة الصحة من سكان غزة التبرع. يقول نائب مدير بنك الدم أنور المليحي، “نواجه تحديات كبيرة في توفير الدم، إذ كان يتوفر لدينا نحو ثمانية آلاف وحدة من جميع أنواع الفصائل، لكن جميعها نفد”.
ووصل إلى مستشفيات غزة أكثر من 31 ألف جريح، وهو ما تسبب في نفاد جميع وحدات الدم لدى البنك المتخصص. ويضيف المليحي “نحو 40 في المئة من المصابين كانوا في حاجة إلى نقل دم، وهناك 10 في المئة احتاجوا إلى نقل وحدات أكثر من أربع مرات”.
وطلبت وزارة الصحة من سكان غزة الإسراع في التبرع بالدم، ولكن استجاب عدد محدود، وبحسب المليحي فقد جرى تجميع نحو ثلاثة آلاف وحدة دم منذ بدء الحرب، لكنه يشير إلى أن هذه الكمية قليلة جداً ولا تكفي لسد العجز، إذ يصل يومياً مئات الجرحى فيما هناك آلاف المصابين في حاجة إلى نقل دم.
لا إنقاذ خارجياً
وفقاً لبيانات بنك الدم، فإن المتوفر في ثلاجات الحفظ 1500 وحدة دم من جميع الفصائل، أما “o ” فرصيدها صفر. ويؤكد المليحي أن هذه الفئة الأكثر طلباً لأنها تعطي لجميع الجرحى ولا تأخذ إلا من نفسها فقط، لذلك نفدت بسرعة، وعدم وجودها يعوق عمل أطباء الجراحة، بخاصة أن غالب الإصابات تحتاج إلى أكثر من خمس وحدات دم لإنقاذها.
ووفقاً للمليحي فإن جميع المتبرعين الذين وصلوا إلى بنك الدم لا يمكنهم التبرع بدمهم إلا كل 4 أو 6 أشهر، وهذا ما يجعل فكرة استمرار استقبال المتبرعين أمراً صعباً، والحل هو السماح بدخول وحدات الدم من الخارج.
ويصل معظم المتبرعين بدمهم إلى بنك الدم مرهقين، إذ يسيرون على أقدامهم مسافات طويلة حتى يتمكنوا من الوصول، وهو ما حدث مع صدام الذي يقول، “كنت مرهقاً، وطلب مني الأطباء قضاء فترة راحة، لكن عندما بدأوا في سحب الدم أغمى عليَّ، لقد كنت جائعاً ولم أشرب ماءً منذ يومين في الأقل”.
إلى جانب نقص وحدات الدم، فإن هناك مشكلة أخرى تواجه العاملين الصحيين. تقول وزيرة الصحة الفلسطينية مي كيلة، “لا يوجد في غزة أكياس دم ولا وأدوات فحص نوعية وحتى محاليل نقل الدم للمصابين بها عجز”.
قبل بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، كانت مستشفيات القطاع تعاني نقصاً حاداً في الأدوية وصلت نسبته إلى 44 في المئة، وهناك عجز بقيمة 32 في المئة بالمستهلكات الطبية، و60 في المئة بلوازم المختبرات وبنوك الدم.
وبحسب كيلة، فقد أدى التدفق الكبير للضحايا الذين وصلوا إلى المستشفيات لنقص شديد في الضمادات ومواد التخدير والمستهلكات التي تستخدم لمرة واحدة في بنك الدم، وأصبحت المختبرات المركزية تواجه نقصاً شديداً في المستلزمات والكهرباء، وعجزت عن الاستمرار في تقديم الخدمة للمصابين.
المصدر :إندبندنت