هام – الدكتور علي الناشري لمحة موجزة عن الوحدة اليمنية لليمن قديمًا، شاشوف:
مما لاشك فيه أن الوحدة السياسية لليمن القديم هي السمة المميزة لمعظم عصوره التاريخية ، ولم ترتبط بعهود حكام بعينهم كما هو الشائع بعهد كرب إيل وتر أو شمر يهرعش لأن هذا يتناقض مع المعطيات والأدلة التاريخية التي ذكرناها سابقاً.
أضف إلى ذلك فإن اليمن تميز بوحدته الحضارية الممتدة والمتواصلة منذ فجر التاريخ حتى ظهور الإسلام ، وقد تمثلت عناصر تلك الوحدة في عدة جوانب لعل أهمها : الجانب الاقتصادي حيث اعتمد أهل اليمن في اقتصادهم على الزراعة والتجارة مستفيدين من أرضيهم الخصبة ومناخها الملائم بالإضافة إلى أهمية الموقع تجارياً ، فقد أعطاهم إمكانية السيطرة الكاملة على الطريق التجاري الذي يربط بين عالم المحيط الهندي وعالم البحر المتوسط ، وهو المعروف بطريق البخور أو اللبان ، وقد تكاملت الأدوار بين مناطق زراعة البخور وعواصم ومواني تجارته البرية والبحرية في الأرض اليمنية في نسق رائع يدل على التكامل الاقتصادي الذي كان قائم في اليمن القديم ، وقد أدت عوائده الجمة إلى رخاء سكان شعوب تلك الحضارات والتي تعد نموذجاً لأصالة النزعة الجماعية وجوهرها التعاوني في الأعمال الزراعية وتشييد المنشآت العامة في المجتمع اليمني.
حيث تميزت بالتنوع ضمن إطار واحد من الحضارة اليمنية القديمة أما الجانب الديني فقد أشترك اليمنيين في عبادة الثالوث الكوكبي ( القمر ، والشمس ، والنجم ) مع تنوع إقليمي في الأسماء واعتباراً من النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي بدأت مؤشرات وتعاليم الموحدين اليهود والمسيحيين تنتشر في أواسط المجتمع اليمني الذين نبذو عبادة الألهة الوثنية واعتنقوا الديانة التوحيدية.
وفيما يخص الجانب الثقافي : نجد أن أهل اليمن القديم قد كتبوا بخط واحد هو خط المسند ولغة واحدة هي اللغة السبئية أو ما نسميها اليوم باللغة اليمنية القديمة وكان لها لهجات خاصة كأي لغة لعل أهما : ( السبئية ، والمعينية ، والقتبانية والحضرمية ) ، والجدير بالملاحظة أن التوحيد اللغوي لليمن القديم كان يتجه بموازة ذلك التوحيد السياسي فظهور تلك الهجات مرتبط بظهور كيانها السياسي أو احتفائه بإستثناء السبئية التي تعد اللغة الأم ولغة الكتابة الرسمية للدولة المركزية السبئية ثم خليفتها الحميرية.
وأخيراً يتضح لنا بأن اليمن القديم توفرت له كل مظاهر الأمة الواحدة تحت سلطة مركزية واحدة ولغة واحدة هي السبئية وكتابة واحدة بخط المسند و تعبير فني مشترك ودين سائد وثني ثم توحيدي وهذا يؤكد ثبات الوحدة اليمنية فكرياً واجتماعياً وحضاريا”.
المصدر
الدكتور علي الناشري / البحث اليمن موحد تحت راية سبأ /2010 – اليمن