بقلم البروفيسور اليمني أيوب الحمادي: مصر في الاتجاه الصحيح !!!!! لماذا ؟
بداية نحن نعرف ان احداث تنمية تقتضي معرفة الواقع والمشاكل وايجاد اصلاحات للوصول لحلول تدفع الى دوران عجلة التنمية كمحصلة. ذلك يشبه سيارة واقفة لا تعمل وتحتاج الى “دهف” ومحاولات “نتعها” ليدور المحرك وتنطلق في مسارها. العملية مصحوبة بجهد الدفع للسيارة وكلما كبرت السيارة زاد حجم الجهد وانقطع النفس في تكرار المحاولات, ولك ان تتصور ان مصر ليست سيارة وانما شاحنة كون سكانها تجاوز ٩٣ مليون نسمة. اكيد هناك معاناة اثناء الاصلاحات لكن طريق لابد منه وكون هناك مشاكل كثيرة تظهر دليل انها ليست وليدة لحظة وانما تراكم وهنا يبرز تيار الاحباط مستغل ان الناس لاتستطيع صبرا بما لاتدرك وخير مثال في اليمن خرجت الناس كلها ضد حكومة باسندوة ودعموا اسقاطها كونها طلبت برفع تسعيرة بسيطة ترفد الدولة بما ينقصها في الميزانية وهي ٣,٥ مليار دولار, فخسر الكل الدولة.
الان واحد بيقول, وهل المشاريع العمرانية مهمة والعاصمة الادارية او المدن, اليس افضل بناء الانسان؟
والاجابة على ذلك نجدها في لاغوس في نيجيريا غرب افريقيا وإحدى أكثر مدن أفريقيا اكتظاظا بالسكان اي مدينة سوف يتجاوز سكانها ٢٥ مليون نسمة خلال سنوات قليلة. مدينة كان يغلب عليها الفوضى باحياء فقيرة, تخطيط عشوائي, انتشار للبطالة فيها والعصابات, وانعدام الخدمات وصعوبتها, واهدار الوقت وانتشار الامراض بسبب الصرف الصحي والزبالة, مع تكدس السكان واهدار الفرص والتنمية. كان امام نيجيريا مشكلة معقدة ولازالت كقنبلة مؤقتة بملايين البشر. فبدأو بمشاريع اعادة التخطيط وبناء احياء جديدة, اي مدن ادارية اقتصادية في اطرافها مثل مشروع “اكو اتلنتك” و “لاغوس ميجا سيتي” وغيرها وقطعوا اشوط خلال العشر السنوات وبدأت عجلة التنمية تدور في بيئة جديدة تمتلك مقومات التنمية من بنية تحتية, وهذا حفز الدولة على اعادة التخطيط وهدم الاحياء السكانية, وكذلك الحال في مدن امريكا الجنوبية, ولذا قلت ان مشاريع مصر الان جيدة وخطوة صحيحة في طريق التنمية والنهضة هذه النقطة الاولى.
اما النقطة الثانية لكم لغة الارقام هنا, وهي تعتمد على تقارير البنك الدولي السابقة من ٢٠١٨ و ٢٠١٩. هنا توقعت تقارير البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة ٥,٨ في المائة في عام ٢٠١٩ بينما الحكومة المصرية تحدثت عن ٦ الى ٧ في المائة ومن هنا كانت الارقام كما توقع البنك الدولي, والتي عكست ان هناك نمو اقتصادي مستمر حيث لو نظرنا الى ٢٠١٨ فقد كان في نفس التقدير وهو ما يتوافق مع رقم الحكومة المصرية . التحسن في النمو الاقتصادي يعود الى تحسن التدفقات المالية واستقرار الحسابات الخارجية عند مستويات مواتية على نطاق واسع و بذلك فان البنك الدولي والتقارير تقول ان النمو سوف يرتفع إلى ٦٪ في السنة المالية ٢٠٢٠ وايضا ٢٠٢١ بشرط استمرار إصلاحات الاقتصاد الكلي وتحسين بيئة الأعمال. ولو نظرنا بشكل مفصل الى ماهو المحرك الاساسي للنمو فسوف نجد في كل التقارير ترتكز إن قطاعات الغاز والسياحة وتجارة الجملة والتجزئة والعقارات والبناء, مما انتج ارتفع صافي الصادرات من السلع والخدمات و ايضا زادت الاستثمارات الخاصة مثل قطاعات العقارات والتعليم والصحة, وهذا بدوره ادى الى انخفض البطالة بشكل طفيف عن السابق من ١٣ في المائة في ٢٠١٤ الى تحت مستوى ٩ في المائة في ٢٠١٩ وهذا في بلد يرتفع عدد السكان فيه اكثر من ٢ مليون شخص سنويا .
ورغم التحسن الا ان الدولة المصرية تدرك ضعف فرص العمل في القطاع الخاص نسبيا ولهذا فهي بمشاريع البنية التحتية تسعى الى تهيئة أرض الملعب بين القطاعين العام والخاص لا سيما عندما يتعلق الأمر بالحصول على الائتمان. ومن متابعتي لمشاريع مصر اجد ان مصر ادركت أهمية الحياد التنافسي كأداة لتحفيز تنمية حقيقية للقطاع الخاص.
الان شخص سوف يقول طيب والتضخم والتصدير والاحتياطات النقدية و الديون والبطالة وانتشار الفقر, لماذا لا تذكر ذلك؟ والاجابة نضعها في النقطة التالية, بما انك مصمم تفهم؟
النقطة الثالثة ابداها من التضخم, فلو نظرنا للارقام فسوف نجدها ارتفعت من ١٠ في المائة الى ان وصلت ٢٩ في المائة في ٢٠١٧ و لذلك اسباب متعدده, لكن ما يهم ان التضخم انخفض في عام ٢٠١٨ الى النصف و استمر في الانخفاض في ٢٠١٩ مما يعني ان الدولة تتعافى بشكل مستمر او اقلها في الاتجاه الصحيح. واذا نظرنا للتصدير فسوف نجد الارقام تشير الى التحسن المستمر حيث ارتفعت الصادرات من ١٨ مليار دولار عام ٢٠١٦ الى ٢٦ مليار دولار في ٢٠١٨ . وارتفعت الاحتياطيات من العملة الدولية من ١٧ مليار دولار تقريبا عام ٢٠١٤ الى حدود ٤٥ مليار دولار في ٢٠١٨ مما عزز العملة و خفض الديون إلى ما يقارب حدود ٨٥ في المائة من الدخل القومي في عام ٢٠١٩ حيث كان قبل سنوات في حدود ١٠٠ في المائة من إجمالي الدخل القومي. ومختصر الموضوع اجد ان حكومة مصر حققت نتائج مهمة في اطار الإصلاحات, التي يدعمها برنامج تمويل سياسات التنمية بقيمة ٣ مليار دولار وبرنامج الإصلاحات المحلية في مصر, و الذي يهدف إلى تعزيز الاقتصاد وخلق فرص العمل وتحقيق نمو مستدام -خاصة في قطاع الطاقة-. وتم تعزيز الإيرادات الحكومية من خلال قانون ضريبة الدخل وتمت السيطرة على النفقات الحكومية خاصة على الأجور والمرتبات من خلال تعليمات الميزانية السنوية وأتمتة مدفوعات الرواتب و تم إعانات بنود الطاقة من خلال تعديلات التعريفة السنوية للغاز والكهرباء وتم تعزيز البيئة للمستثمرين من خلال تعديل قانون الاستثمار وتنفيذ قانون المنافسة وتم إصلاح نظام الترخيص الصناعي, مما ساعد على تقليل الوقت المستغرق في توفير التراخيص للصناعات منخفضة المخاطر.
الان شخص بيقول ياخي هذه الاصلاحات نعرفها والتقارير موجودة امام الكل ولها اثار سلبية وليست مقتنع ان يستفيد منها الشعب المصري, فهل هناك استراتيجيات لتخيف الاثار وننتظر بعدها النتائج, هذا هو ما يجب ان يلمسه الفقراء ؟
وفي هذه النقطة و اقول النقطةالرابعة اتفق فقط بجزء معك وهو معالجة الاثار السلبية في الاصلاحات, والتي تدركها الحكومة المصرية. وهنا قام مثلا البنك الدولي بدعم الحكومة المصرية باستخدام مختلف الأدوات المالية لتعزيز برامج الحماية الاجتماعية ولدعم أنشطة خلق فرص العمل المستدامة وهنا بالضبط قام البنك بدعم الحكومة في توسيع نطاق برامج شبكة الأمان الاجتماعي بما في ذلك التحويلات النقدية للتكافل وتم التوقيع على تمويل إضافي بقيمة ٥٠٠ مليون دولار لدعم برنامج شبكة الأمان الاجتماعي في مصر في ٢٠١٩ وقد وصل البرنامج إلى حوالي ٢ مليون أسرة, اي الحديث عن ١٠ ملايين مواطن بإجمالي تمويل يصل إلى ٩٠٠ مليون دولار و ركز التمويل الإضافي على تعزيز الاندماج الاقتصادي. وهنا يعمل برنامج التنمية المحلية للنتائج في مصر بقيمة ٥٠٠ مليون دولار على تحسين قدرة الحكومة المحلية على تقديم خدمات أفضل للمواطنين و تحسين الظروف الاقتصادية المحلية في أفقر محافظات مصر وهي حسب التقارير قنا وسوهاج . وأشركت المحافظات والمقاطعات المواطنين والشركات في تطوير خطتي استثمار رأس المال السنويتين الأخيرتين, و التي هي الآن قيد التنفيذ.
وهناك مشروع توصيلات الغاز المنزلي ل ٢ مليون أسرة مقيمة في المناطق الريفية والعمل على توفير إمدادات موثوقة ومنخفضة التكلفة للشبكة من الغاز الطبيعي بحلول عام ٢٠٢١, وقد تم بالفعل وصول المشروع ل مليون أسرة حتى الآن حسب التقارير. وهناك برنامج خدمات الصرف الصحي الريفية المستدامة لما يقارب ٢ مليون شخص يعيشون في قرى شديدة التلوث ومناطق في دلتا النيل, والذي رصد له إجمالي ٨٥٠ مليون دولار, و يقوم البرنامج بتمكين شركات المياه والصرف الصحي المحلية لتقديم خدمات لامركزية فعالة وشاملة و خاضعة للمساءلة وقد وصلت إلى ٣٠ الف مستفيد حتى الآن حسب التقارير الاجنبية.
طيب دوختنا ياخي, فكيف عن الاسكان وانت تحدثت في منشور سابق عن ١١ الف مشروع وقلت حتى نصفها فذلك جيد ؟
في النقطة الخامسة سوف اتحدث بشكل موجز ولك البحث بعدها في تقارير الحكومة والبنك الدولي وتحلل بنفسك الباقي. هناك برنامج تمويل الإسكان الشامل بلغت تكلفته ٥٠٠ مليون دولار ويهدف إلى تحسين القدرة على تحمل تكلفة الإسكان المنخفض الدخل من خلال تعزيز قدرة صندوق الإسكان الاجتماعي على تصميم السياسات وتنسيق البرامج في قطاع الإسكان الاجتماعي. من بين ٨٣٠ الف أسرة ذات دخل منخفض يستهدفها البرنامج تم الوصول إلى ٢٤٣ الف من الملكية أو المساكن المستأجرة, اي هناك تحرك من الدولة. وفي المجال زيادة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية و القضاء على التهاب الكبد هناك مشروع تحسين جودة الرعاية الصحية بقيمة ٥٣٠ مليون دولار. تم حتى الآن منح أكثر من ٣ ملايين مواطن في أفقر قرى صعيد مصر الوصول إلى مجموعة أساسية من الخدمات الصحية و السكانية وخدمات التغذية. وتم فحص أكثر من ٥٠ مليون مواطن في جميع أنحاء مصر حتى الآن لفيروس التهاب الكبد الوبائي و الأمراض غير السارية. وهناك مشروع تشجيع الابتكار من أجل الوصول إلى التمويل الشامل الشامل, الذي تبلغ تكلفته ٣٠٠ مليون دولار على توسيع فرص الحصول على التمويل للمؤسسات الصغيرة و متناهية الصغر في المناطق المحرومة من الخدمات باستخدام آليات تمويل مبتكرة مع التركيز بشكل خاص على الشباب و النساء نتج عن هذا مايقارب من ٣٠٠ الف وظيفة جديدة.
ومختصر الموضوع من يتابع التقارير والارقام والمشاريع الاقتصادية المصرية بعيون الخارج والحكومة المصرية يستنتج ان مصر في الاتجاه الصحيح في هذا السياق والامور ليست “مكارحة” وانما اجد هناك مشاكل وهناك تفاعل دولة, ولا انتظر معجزات عيسى ولا عصا موسى تحل المشاكل المتراكمة بسرعة, وانما هناك جهود جيدة لدفع مصر للتحرك للامام ولتدور عجلات التنمية فيها, اما بقية الامور السياسية و الحريات فليست موضوع الطرح هنا.
المصدر: حساب البروفيسور أيوب الحمادي / وسائل التواصل الإجتماعي
“https://www.facebook.com/ayoub.alhamadi”