إعلان


تشهد الحرب الإسرائيلية الإيرانية فترة حرجة مع تصاعد التوترات، خاصة بعد تهديدات ترامب لإيران. يزداد الحديث عن احتمالية تدخل عسكري أمريكي، مع تحريك القوات الاستراتيجية إلى المنطقة. الإيرانيون، رغم الضغوط، غير مستعدين للاستسلام، ولديهم حلفاء مثل الحوثيين وحزب الله والمليشيات العراقية، الذين يمكن أن يدخلوا الحرب دعماً لطهران. ومع ذلك، الحلفاء الدوليون مثل روسيا والصين لم يقدموا دعماً عسكرياً ملموساً. يتوقع أن يعتمد الإيرانيون على “أذرعهم” لدعمهم في مواجهة الهجمات الإسرائيلية والأمريكية، مما قد يؤدي إلى تصعيد أعلى في المنطقة.

الجبهة الإسرائيلية الإيرانية دخلت مرحلة حساسة وملتبسة، مما أثار تساؤلات حول دور الحلفاء الإقليميين والدوليين لإيران وإمكانية تدخلهم ردًا على التحركات الأميركية المحتملة، وفقًا لمحللين.

إعلان

رفع القائد الأميركي دونالد ترامب مستوى التهديد إلى حد غير مسبوق، مدعاًا إيران بالاستسلام دون شروط، مشيرًا إلى احتمال استهداف المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي زعم أن الولايات المتحدة تعرف مكان إقامته.

في نفس السياق، تزايدت الدلائل على أن ترامب يقترب من اتخاذ قرار بشأن تدخل مباشر في المواجهة بين إيران وإسرائيل، وبالتحديد لاستهداف منشأة فوردو النووية.

نقلت الولايات المتحدة عدة قطع عسكرية استراتيجية إلى المنطقة أو بالقرب منها، ووضعت قطعًا أخرى في حالة استعداد، بما في ذلك القاذفة الاستراتيجية “بي 52″، كما أفادت التقارير الأميركية.

خيارات متدرجة

إذا تدخلت أميركا بشكل مباشر، سيؤدي ذلك على الأرجح إلى رد إيراني يستهدف عدة مصالح أميركية في المنطقة، وخصوصًا قواعدها العسكرية في العراق والخليج العربي، كما يذكر الدكتور لقاء مكي، الباحث بمركز الجزيرة للدراسات.

لكن المستهدفات الأميركية لن تكون سهلة -وفق تصريحات مكي للجزيرة- حيث تتسم بمستوى عالٍ من الحماية الصاروخية، مما يعني أن فشل إيران في ذلك قد يضطرها إلى تحريك “أذرعها” لضرب مصالح واشنطن في المنطقة، مثل حقول النفط.

بناءً على ذلك، قد يستخدم الإيرانيون قدراتهم العسكرية بأنذر، لأنها بالأصل تعتبر محدودة مقارنة بالدعم الأميركي المفتوح لإسرائيل، كما لفت مكي، مؤكداً أن تدمير دولة تاريخية وسياسية كإيران لن يكون بالأمر اليسير.

من جهة أخرى، لا تعتقد الدكتورة فاطمة الصمادي، الخبيرة في العلاقات الإيرانية، أن إيران ضعيفة بدرجة تجعل قادتها يلبون مدعا ترامب بالاستسلام، مبررة ذلك بأن طهران قد رفضت باستمرار الرسائل الواردة إليها عبر وسطاء إقليميين وأوروبيين، والتي تضمنت دعوات للاستسلام في سياق المفاوضات.

الاستسلام ليس مطروحا

تشير الصمادي إلى أن الاستسلام غير مطروح لأن الإيرانيين لن يوافقوا على ما كانوا قد رفضوه سابقًا، والذي كان له ثمن باهظ من الأرواح والعلماء، كما أن طهران تمتلك حلفاء في المنطقة لن يتخلوا عنها.

من بين هؤلاء الحلفاء المليشيات الشيعية العراقية والأفغانية، بالإضافة إلى أنصار الله (الحوثيين) في اليمن الذين نوّهوا دخولهم الحرب دعمًا لإيران كما فعلوا في غزة دفاعًا عن الفلسطينيين، وكذلك حزب الله في لبنان، الذي تستبعد الصمادي خروجه النهائي من المعادلة.

حظي حزب الله باضطرابات كبيرة من إسرائيل، ردًا على دعمه للمقاومة الفلسطينية في غزة، وتمكنت إسرائيل من اغتيال العديد من كبار قادة الحزب، بما في ذلك الأمين السنة السابق حسن نصر الله، كما استهدفت عديد من مقاتلي الحزب خلال عملية البيجر.

اضطر الحزب بعد هذه الخسائر، وفي ظل الضغوط الدولية والإقليمية، إلى سحب قواته من المناطق النطاق الجغرافيية مع إسرائيل، بينما تقول السلطة التنفيذية اللبنانية إنها تمكنت من السيطرة على جزء كبير من أسلحته.

تؤكد الخبيرة في الشؤون الإيرانية أن حلفاء طهران في المنطقة تعرضوا لضغوط لكنهم لم يضعفوا كما يعتقد البعض، خاصة الحوثيين الذين تعتقد أنهم لم يستنفدوا طاقتهم بعد.

واصل الحوثيون استهداف إسرائيل بالصواريخ بهدف إجبارها على وقف هجومها على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما استهدفت صواريخهم عدة سفن متجهة لموانئ إسرائيل في البحر الأحمر.

عانى الحوثيون في اليمن من العديد من الهجمات الصاروخية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، غير أن الأخيرة توصلت إلى اتفاق مع الحوثيين يقضي بعدم استهدافها مقابل توقف الحوثيين عن استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر.

تشير الصمادي إلى أن المليشيات العراقية لم تدخل الحرب بعد، ولا يمكن اعتبار حزب الله خارج المعادلة بشكل كلي، مشيرة إلى أن تلك الأمور تشكل أوراق قوة بيد الإيرانيين.

خلصت الصمادي إلى أن المسألة “ليست بهذه السهولة لأن رفع تكلفة استهداف إيران لن يكون سهلاً على العالم وليس فقط على المنطقة، إذ قد يؤدي ذلك إلى فوضى في مسار الطاقة، وهو ما سيكون له تداعيات كبيرة على دول مثل الصين التي تعتمد على نفط المنطقة”.

حتى القواعد الأميركية في الخليج وآسيا الوسطى محيطة بإيران كالأسورة حول المعصم، وليست بعيدة عن الاستهداف رغم جاهزيتها الدفاعية، وقد أرسلت طهران رسالة بأنها قادرة على إحداث الأذى عندما استهدفت قاعدة عين الأسد في العراق، وفقًا للصمادي.

الدعم الدولي غير جاد

أما الحلفاء الدوليون مثل روسيا والصين وباكستان، فلم يظهروا بعد أي إشارة تدل على أنهم سيقدمون الدعم المتوقع منهم، كما يؤكد مكي، الذي يشير إلى أن الصين لم تعلن عن أي نية للدفاع عن مصالحها الماليةية حالياً ومستقبلاً مع طهران، والتي تتمثل في مشروع طريق الحرير.

نبه إلى أن القضاء على إيران وأذرعها في المنطقة -إذا تحقق- يعني أن طريق مومباي الهندي سيكون بديلاً عن طريق الحرير، الذي يعد مشروعًا اقتصاديًا مستقبليًا لبكين التي لم تقدم أي دعم لطهران حتى اللحظة.

كذلك الوضع بالنسبة لروسيا، التي اكتفت بالتنديد والدعوة للتفاوض، رغم أن إيران زودتها بالطائرات المسيّرة “شاهد” التي ساعدتها في الهجمات على أوكرانيا، وفقًا لمكي، الذي لفت إلى الثمن السياسي الذي دفعته طهران، خصوصًا مع علاقتها بأوروبا نتيجة دعمها لموسكو.

سجل مكي أن إيران حصلت على دعم كلامي وإعلامي من خلال إدانة العدوان الإسرائيلي، لكنها لم تحصل على دعم عسكري فعلي، حتى من باكستان التي قام مسؤولوها بإصدار تصريحات تضعف من موقف وزير الدفاع الذي قال إن “باكستان تقف مع إيران بما أوتيت من قوة”، مؤكدين أن ما قصده الوزير هو الدعم الدبلوماسي فقط.

بناءً على ذلك، يعتبر مكي أن “الأذرع” الخاضعة لإيران قد تتحرك لدعمها في الحرب التي تشن ضدها من قبل إسرائيل وأميركا، دون أن يتوقع ذلك من الحلفاء الدوليين.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا