تشهد شوارع لوس أنجلوس احتجاجات متزايدة ضد السياسات الفدرالية المتعلقة بالهجرة والعمل والحقوق المدنية، بمشاركة آلاف المتظاهرين من خلفيات عرقية وسياسية متنوعة. يحمل المتظاهرون أعلاماً مكسيكية كرمز للهوية، مما يعكس تأثير اللاتينيين الذين يشكلون 30% من سكان كاليفورنيا. تشمل الاحتجاجات مشاركين من المواطنون الأسود والجالية الآسيوية، رغم قلة عدد الآسيويين. تركز المدعا على إلغاء أوامر الترحيل وتحسين ظروف العمل وحماية الحقوق. كما تعارض النقابات دخول الحرس الوطني، معتبرة أنه محاولة لقمع الاحتجاجات. تمثل الاحتجاجات حركة تقدمية منسقة من قبل منظمات ونقابات محلية.
واشنطن- تواصل شوارع مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا استقطاب موجة احتجاجات متزايدة ضد السياسات الفدرالية المتعلقة بالهجرة والعمل والحقوق المدنية، حيث انضم إليها آلاف المتظاهرين وسط تصعيد غير مسبوق بين مسؤولي الولاية والإدارة الأميركية.
ورغم اختلاف دوافع المتظاهرين، تعكس طبيعة الحشود تنوعا بارزًا في الخلفيات العرقية والسياسية، مع مشاركة منظمات نقابية ومدنية، بالإضافة إلى فئات عمرية مختلفة من شتى الأجناس والطبقات الاجتماعية.
قوة اللاتين
ظهر العلم المكسيكي بشكل بارز في الاحتجاجات التي شهدتها مدينة لوس أنجلوس، حيث رفعه العديد من المشاركين كرمز للهوية والمقاومة. ويكتسب هذا الحضور رمزيته من الواقع الديموغرافي لولاية كاليفورنيا، التي يشكل المتحدرون من أصول مكسيكية حوالي 30% من سكانها، ما يجعلهم القوة اللاتينية الأكثر تأثيرًا في الحركة الاحتجاجية، خصوصًا من أبناء الجيل الثاني من المهاجرين.
لفتت تغطيات الصحف الأميركية إلى مشاركة كبيرة من السود الأميركيين، حيث وصفت مجلة “ذا نيويوركر” الحشود التي تجمع حول المبنى الفدرالي بأنها “شابة ومتنوعة”، وأوضحت أن المتظاهرين رفعوا أعلامًا تعكس فخرهم بتعدد أعراقهم في لوس أنجلوس التي يشكل فيها السود واللاتينيون القاعدة السكانية الأكبر.
في المقابل، شارك عدد أقل من الآسيويين الأميركيين، لكن دورهم كان ملحوظًا عبر منظمات مدنية مثل “آسيويون أميركيون من أجل النهوض بالعدالة” التي وفرت استشارات قانونية ودعمًا منظمًا للمحتجين.
تشير تقديرات محلية إلى أن هذه المشاركة – رغم محدوديتها العددية – تعكس وعيًا متزايدًا لدى الجالية الآسيوية بأهمية الحضور في قضايا العدالة الاجتماعية، خاصة بعد تزايد جرائم الكراهية ضدهم في السنوات الأخيرة.

حضور اليسار
على الرغم من التنوع العرقي والاجتماعي في الحراك الاحتجاجي في كاليفورنيا، فإن توجهه السياسي يميل إلى الطابع التقدمي والليبرالي، حيث هناك حضور ملموس لتيارات اليسار الراديكالي، ويعتبر حزب الاشتراكية والتحرير من أبرز الجهات المنظمة.
شارك الحزب في تنسيق مظاهرة ضخمة يوم 8 يونيو/حزيران المنصرم وسط لوس أنجلوس، ضمت نحو 9 آلاف متظاهر وفق تقديرات وسائل الإعلام، كما قام بتنظيم إضرابات طلابية بالتعاون مع منظمات شبابية وحقوقية محلية.
إلى جانب الحركات اليسارية، ظهرت النقابات العمالية كقوة تنظيمية رئيسية قدمت الدعم اللوجستي خلال الاحتجاجات، وأبرزها اتحاد موظفي الخدمات السنةة الذي يضم أكثر من 700 ألف عضو في كاليفورنيا فقط، حيث قدم دعمًا لوجستيًا للمتظاهرين، وأطلق حملات ميدانية ضد السياسات الفدرالية التي تهدد ظروف العمل وحقوق المهاجرين.
كان هناك حضور واسع لمنظمات المواطنون المدني، ومنها منظمة “شيرلا” (CHIRLA) التي تعنى بحقوق المهاجرين، بجانب مبادرات محلية مثل “يونيون دل باريو” (Unión del Barrio) التي تختص بالدفاع عن حقوق المهاجرين من أصول لاتينية، وحركة “فيث إن أكشن” (Faith in Action) التي تركّز على العدالة الاجتماعية من منظور ديني، وتتبنى خطابا مناهضا للعنصرية وسياسات الترحيل.
مدعا واحدة
تتلاشى مدعا المحتجين -رغم اختلاف خلفياتهم- حول رفض السياسات الفدرالية التي يرونها استهدافًا مباشرًا للمجتمعات المهمشة، حيث تصدرت قضية الهجرة المشهد، حيث رفع المحتجون شعارات تدعا بوقف مداهمات وكالة الهجرة والجمارك وإلغاء أوامر الترحيل للمقيمين غير النظام الحاكميين، خصوصًا أولئك الذين لديهم روابط عائلية ومجتمعية داخل الولاية.
أدى اعتقال القيادي النقابي، رئيس اتحاد موظفي الخدمات السنةة في كاليفورنيا، أحمد ديفيد هويرتا، إلى تصعيد كبير، مما دفع العديد من النقابات للانضمام للاحتجاجات مدعاين بالإفراج الفوري عنه، مؤكدين أن اعتقاله يمثل “اعتداء على الحريات النقابية والدستورية”.
رفعت الهيئات النقابية المشاركة مدعا تتعلق بتحسين ظروف العمل، وضمان الأجور العادلة، وحماية العمال المهاجرين من المضايقات القانونية، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تراجع الحماية النقابية وتقليص الميزانيات الاجتماعية.
علاوة على ذلك، رفض المتظاهرون نشر عناصر الحرس الوطني، معتبرين أن تلك الخطوة محاولة لـ”عسكرة الحياة المدنية وقمع الاحتجاجات السلمية”، وهو ما تجلى في هتافات ولافتات تنتقد إدارة دونالد ترامب وشعارات تدعا بـ”إخراج القوات المسلحة من لوس أنجلوس”.