تَبَنَّت مجموعة مسلحة تُدعى “كتائب الشهيد محمد الضيف” قصف القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان السوري المحتل، مما أثار تساؤلات حول عواقب هذه الخطوة. يُشير خبير إسرائيلي إلى أن هذه الجماعات تعكس فقدان السيطرة الإسرائيلية الاستقرارية. تأتي هذه الأحداث بعد استشهاد قائد كتائب القسام، مما يعكس دوافع للرد على ما يُعتبر اعتداءات على غزة. يُعتقد أن هذا التصعيد يُعزى أيضًا إلى تأثيرات إقليمية وخصوصًا من إيران، بينما يُأنذر محللون من أن هذه الأعمال قد تعود بالضرر على السلطة التنفيذية السورية. الوزير الإسرائيلي يؤكد على ضرورة الرد بينما تُعتبر الهجمات مجرد “طلقات سياسية”.
6/4/2025–|آخر تحديث: 00:18 (توقيت مكة)
أثارت مجموعة مسلحة تدعو نفسها “كتائب الشهيد محمد الضيف” تساؤلات عديدة بعد قصفها للقوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان السوري المحتل، وذلك حول دلالات هذا الظهور وتأثيراته على الأوضاع الإقليمية.
وذكر الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن هناك تاريخًا طويلًا لإسرائيل تخللته ظهور مجموعات عسكرية تتحدى السيطرة الاستقرارية الإسرائيلية، ولفت إلى أن هذه الكتائب “جديدة” في ظل استشهاد قائد الجناح العسكري لحركة حماس.
وعبر مصطفى عن اعتقاده بأن إسرائيل فقدت السيطرة الاستقرارية بعد تحقيق تل أبيب لإنجازات على جبهات لبنان وسوريا، موضحًا أن هذه الإنجازات لم يقابلها أي مقاربة سياسية.
كما لفت مصطفى إلى أن هناك مخاوف إسرائيلية من فقدان السيطرة الاستقرارية غيابًا لأي مقاربة سياسية، وهو ما قد يؤثر على إسرائيل ليس من الناحية الاستقرارية فحسب، بل استراتيجيًا أيضًا.
وبناءً على ذلك، فإن فكرة تغيير الشرق الأوسط قد لا تأتي لصالح إسرائيل، مشدداً على أهمية الاتفاقات بين الولايات المتحدة وجماعة “أنصار الله” (الحوثيين) ومفاوضاتها المستمرة مع إيران حول برنامجها النووي.
إذاعة القوات المسلحة الإسرائيلي تقول إن صاروخين أُطلقا من #سوريا وسقطا في منطقة مفتوحة بمرتفعات الجولان تزامنا مع رصد إطلاق صاروخ من #اليمن.. التفاصيل على الخريطة التفاعلية#الأخبار pic.twitter.com/4oFv0pXSK3
— قناة الجزيرة (@AJArabic) 3 يونيو 2025
وقد أوردت إذاعة القوات المسلحة الإسرائيلي أن صاروخي غراد أُطلقا من منطقة درعا في سوريا وسقطا في منطقة مفتوحة بمرتفعات الجولان المحتل.
كما صرح أحد قادة مجموعة “كتائب الشهيد محمد الضيف” لوسائل الإعلام أن عملياتهم تستهدف الاحتلال الإسرائيلي كإجراء ردٍ على المجازر في غزة، مؤكدين أنها لن تتوقف حتى يتوقف قصف الضعفاء في القطاع.
وفي أواخر يناير الماضي، صرح أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام عن استشهاد قائد هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف و”عدد من المجاهدين الكبار” من أعضاء المجلس العسكري للقسام.
استخدام “رخيص”
وعقب ذلك، وصف كمال عبدو، عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال بإدلب، ما حدث بأنه “استخدام رخيص لاسم الشهيد محمد الضيف”، موضحًا أن ذلك “لا يرتبط به أو بفصائل المقاومة الفلسطينية”.
ويرى عبدو أن القضية مرتبطة بأجهزة استخبارات إقليمية خاصة إيران، التي تعبر عن انزعاجها من الانفتاح السوري على الولايات المتحدة.
ودعا عبدو إلى تدخل القوى المعنية لإعادة ترتيب الأوضاع في الجنوب السوري، مشيرًا إلى أن إسرائيل تتعامل بتساهل مع الملف السوري، بحكم المفاوضات غير المباشرة التي أُجريت بينها وبين السلطة التنفيذية السورية.
واستدرك عبدو، أن إسرائيل تسعى لتطبيق رؤيتها بعيدًا عن الجميع، وتخلط الأوراق مجددًا رغم التفاهمات مع السلطة التنفيذية السورية، مأنذراً من أن الوضع مفاجئ للحكومة السورية وخطر جداً حتى على إسرائيل نفسها.
وبالتزامن مع ذلك، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن القائد السوري أحمد الشرع “مسؤول بشكل مباشر عن أي تهديد أو إطلاق نار نحو إسرائيل وسنرد عليه بشكل حازم في أقرب وقت”.
فيما نوّهت وسائل إعلام إسرائيلية أن القوات المسلحة الإسرائيلي رد على مصادر إطلاق النيران من سوريا، وأن الطائرات الحربية الإسرائيلية اخترقت حاجز الصوت في الأجواء السورية.
طلقات سياسية
من جهته، نوّه الخبير العسكري العميد إلياس حنا على أهمية التريث؛ إذ يشير تكرار هذا القصف إلى “وجود استراتيجية لمستفيد معين، والمتضرر منها هو السلطة التنفيذية السورية”، في ظل عودة سوريا للانفتاح العربي ورفع العقوبات عنها.
وصف حنا هذه الأحداث بأنها “طلقات سياسية أكثر منها عسكرية” حيث إنها “لن تقضي على الوجود الإسرائيلي في مرتفعات الجولان المحتل”.
ويشير الخبير العسكري إلى أن السلطة التنفيذية السورية هي المتضرر الأكبر، إذ لا تمنح القوات الإسرائيلية لنظيرتها السورية حرية التدخل في بعض المناطق الجنوبية مثل محافظة السويداء.
واختتم قائلاً إن نظرة إسرائيل إلى سوريا تتجاوز النطاق الجغرافي، حيث تراها جزءًا من النزاعات الإقليمية التي تشمل تركيا، وتعتبرها “تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي”.
في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، تمكنت فصائل المعارضة السورية المسلحة من السيطرة على البلاد، منهيةً 61 عامًا من نظام حزب البعث و53 عامًا من حكم عائلة الأسد.
ومنذ عام 1967، احتلت إسرائيل الجزء الأكبر من مرتفعات الجولان، مستفيدةً من الوضع الحالي في سوريا بعد انهيار نظام بشار الأسد، حيث احتلت المنطقة الفاصلة وصرحت انهيار اتفاقية فض الاشتباك الموقعة بين الجانبين عام 1974.