أظهرت مقابلات مع إسرائيليين التأثيرات الكارثية للحرب على المالية الإسرائيلي، حيث اعتبرت البلاد في أسوأ حالاتها تاريخياً. ارتفعت الأسعار بشكل كبير، وأُغلقت أكثر من 46 ألف شركة، وزادت نسبة البطالة إلى 8%. القطاع السياحي انهار تماماً، بينما فقد قطاع البناء قوة العمل بسبب منع العمال الفلسطينيين. تشهد إسرائيل موجة هجرة جماعية، إذ يغادر مئات الآلاف بحثاً عن الأمان. أثيرت مخاوف بشأن التداعيات الماليةية والسياسية، خاصة بعد خفض وكالة فيتش تصنيفها الائتماني. يستمر القلق حول قدرة البلاد على التعافي وتداعيات الحرب على مستقبلها.
أظهرت مقابلات مع إسرائيليين الأثر المدمر للحرب على المالية الإسرائيلي، حيث نوّه أحد الخبراء الماليةيين أن إسرائيل تعيش أسوأ أوقاتها في تاريخها، ولا يوجد وضع أسوأ مما كان عليه في بداية هذه “الأزمة”.
ولفت إلى الزيادة الكبيرة في الأسعار، مشيرًا إلى أن ما كان يُدفع له 5 شواكل أصبح الآن 12 شيكل، ومن المتوقع أن يصل إلى 15 أو حتى 80 شيكل، مضيفًا أن المشكلة ليست في أسعار الحرب فقط، بل مع استمرار الحروب، يزداد تأثيرها على المالية الإسرائيلي والمواطنون.
وحسب ما ورد في الفيلم “الوطن الأخير” ضمن سلسلة “الحرب على إسرائيل” المتاح هنا، فإن تكلفة الحرب تُقدر بعشرات الملايين من الدولارات يوميًا، بينما يذكر بعض الخبراء خسائر تصل إلى 135 مليار شيكل.
وتم إغلاق أكثر من 46 ألف شركة منذ انطلاق الحرب، كما ارتفعت نسبة البطالة إلى أكثر من 8% مقارنة بالسنوات السابقة.
وفي ذات السياق، تأثرت القطاعات الماليةية الحيوية بشكل كبير، خاصة قطاع البناء الذي فقد جزءًا كبيرًا من قوة العمل بعد منع دخول العمال الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
كما توقف قطاع السياحة تمامًا، حيث لم يعد السياح يزورون إسرائيل، مما ألحق ضررًا جسيمًا بجميع مجالات السياحة مثل الفنادق والمطاعم وغيرها.
ونوّه أحد المختصين أن أكثر من 300 ألف عامل إسرائيلي تم استدعاؤهم للجيش، مما أثر على قدرة البلاد على الحفاظ على تشغيل المالية.
إلى جانب الانهيار الماليةي، تواجه إسرائيل أزمة نزوح داخلي حادة، حيث أُجبر نحو 140 ألف إسرائيلي على مغادرة منازلهم بسبب الحرب، منهم 75 ألف في الجنوب و65 ألف في الشمال بسبب حزب الله.
وحسب أحد سكان “الكيبوتس”، فإن الكيبوتس الذي كان يسكنه 600 شخص مغلق بالكامل، وأصبح خاليًا ولا يقطنه أحد سوى فريق الحماية.
وأضاف أن المكان ليس آمنًا للأطفال وحتى للبالغين، مؤكدًا أن الحصول على الأمان في الكيبوتس أصبح أمرًا صعبًا للغاية في هذه الأيام.
الهجرة الجماعية
في ظل هذه الظروف المتدهورة، يشهد المواطنون الإسرائيلي زيادة في موجة الهجرة، حيث نوّه أحد الخبراء أن مئات الآلاف من الإسرائيليين يغادرون البلاد ويعملون في الخارج بسبب الحرب وزيادة انعدام الاستقرار.
وأنذر الخبير من “الهجرة الاستراتيجية” التي ترتبط بمستقبل دولة إسرائيل، مضيفًا أن هذه الهجرة قد تضعف إسرائيل من الداخل حيث ستكون هجرة دائمة تُعتبر التخلي عن المشروع الصهيوني.
وفي هذا السياق، عبّر الإسرائيليون عن إحساسهم بفقدان الأمان، حيث ذكر أحد السكان: أعتقد أن مجتمع إسرائيل هو أقل مكان آمن لليهود في العالم، وهذا لا يعود فقط لوجود إسرائيل ولكن بسبب سياسات السلطة التنفيذية.
وأضاف آخر: يصعب أن أصدق أنه بعد السابع من أكتوبر يمكن أن نتجاوز هذا الوضع بسلام، فهو حدث “لا يمكن التخلص منه بسهولة”.
تحذيرات دولية
من جهة أخرى، انعكست آثار الحرب على تصنيف إسرائيل الائتماني، حيث أوضح تقرير أن إسرائيل لم تعد بيئة استثمارية مستقرة نتيجة تداعيات الحرب، كما يظهر تقرير جديد من وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني الذي خفض تصنيف إسرائيل إلى مستوى سلبي.
وعلى الصعيد الداخلي، تظاهر الآلاف للمدعاة بصفقة لتبادل الأسرى وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، حيث تجاوز النقاش النطاق الجغرافي التقليدية وأصبح يتناول انتقادات من داخل الائتلاف الحاكم.
كما أفادت هيئة البث الإسرائيلية أن عددًا من جنود الاحتياط في الوحدة الطبية في القوات المسلحة الإسرائيلي صرحوا أنهم غير مستعدين للعودة إلى القتال في قطاع غزة.
في ضوء هذه التطورات المتسارعة، أنذر خبراء من أن استمرار إسرائيل في الحرب بنفس الطريقة سيؤدي إلى خسائر أكبر، مؤكدين أن الكثير من الإسرائيليين لن يعودوا إلى إسرائيل بعد انتهاء الحرب.
وتوقع أحدهم أن “30% أو 40% من النازحين فلن يعودوا”، معبرًا عن قناعته بأن من سيبقى سيكونون من المتدينين والمتطرفين، وليس الأشخاص الذين تحتاجهم إسرائيل للتقدم والنمو الماليةي.
30/5/2025