الجمعة, مايو 30, 2025
الرئيسية الأخبار لماذا قامت إدارة ترامب بنقل مواطنين من جنوب أفريقيا إلى أمريكا عبر...
لماذا نقل ترامب مواطنين بالطائرات من جنوب أفريقيا لأميركا؟

لماذا قامت إدارة ترامب بنقل مواطنين من جنوب أفريقيا إلى أمريكا عبر الطائرات؟

43
0
إعلان


بحلول 2025، أطلق ترامب برنامجًا لمساعدة الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا على الهجرة إلى الولايات المتحدة، مما يثير تساؤلات حول دوافعه. يشير بعض التحليلات إلى أن هذه الحملة مرتبطة بمزاعم إيلون ماسك عن “اضطهاد البيض”، رغم عدم وجود تجربة شخصية له تُظهر ذلك. في المقابل، تؤكد حكومة جنوب أفريقيا عدم صحة هذه الادعاءات، بينما تواصل الأبحاث عرض الحقائق حول العنف الزراعي. تتزايد العلاقات الدولية لجنوب أفريقيا، مع الاستعداد لاستضافة قمة مجموعة العشرين، بينما تسعى واشنطن لفرض نفوذها على المالية العالمي، داعمة للتوترات القائمة بين البلدين.

|

عند تولي دونالد ترامب رئاسة أمريكا، أطلق برنامجًا يهدف إلى مساعدة الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا على الانتقال إلى الولايات المتحدة. حيث تم تحويل مواطنين بيض (أفريكان) عبر طائرات مستأجرة، مما أثار الكثير من التساؤلات حول دوافع هذا البرنامج.

يتضح أن إحدى الأسباب التي تعزز خطاب إيلون ماسك حول “اضطهاد السود للأقلية البيضاء” تعود إلى أن هذه الأقلية، رغم كونها لا تتجاوز 7% من السكان، تسيطر على حوالي 70% من الأراضي الزراعية. الرسالة الضمنية هنا تُلقي باللوم على السود في إخفاق السياسات الماليةية التي أُقيمت بعد انتهاء نظام الفصل العنصري بعد ثلاثة عقود.

ومع ذلك، يبرز تساؤل: لماذا يتزعم إيلون ماسك هذه الحملة؟ فالرجل وُلد في جنوب أفريقيا عام 1971، ثم انتقل إلى كندا وأخيرًا إلى الولايات المتحدة، دون أن يواجه تجارب مباشرة مع المضايقات من السود في بلده الأصلي.

تُظهر الحملة أيضًا قلقًا متزايدًا لدى الأقلية البيضاء بشأن جهود الحكومات ذات الأغلبية السوداء في تعزيز التمكين الماليةي، والتي تهدد بمسح الثروة من أيديهم. هذا القلق يتزايد مع وجود قانون يتيح مصادرة الأراضي لأغراض اقتصادية. وفي سياق ذلك، توضح المؤشرات السياسية منذ عهد نيلسون مانديلا أن جنوب أفريقيا تسير نحو سياسات أكثر استقلالًا عن الغرب.

القائد الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا لم يفوت أي فرصة لدحض الادعاءات التي روج لها إيلون ماسك، وكذلك ترامب، حتى خلال الاجتماع الأخير بينهما في البيت الأبيض. حيث أصر ترامب على عرض فيديو يدعم الرواية الأمريكية حول “اضطهاد البيض” في جنوب أفريقيا، ويظهر مقاطع لجوليوس ماليما، السياسي اليساري، وهو يوجه هتافات من فترة الفصل العنصري ضد البيض.

وفي منتدى في أبيدجان بساحل العاج، علق رامافوزا على إعلان أمريكا بفتح أبواب الهجرة للأفارقة البيض بدعوى تعرضهم للاضطهاد، قائلًا: “هذا لا ينطبق عليهم، فهم لا يستوفون تعريف اللاجئ”، مشدّدًا على أن اللاجئ هو من يهرب من بلاده خوفًا من الاضطهاد السياسي أو الديني.

تشير إحصائيات من الشرطة إلى أن الفترة بين أبريل/نيسان 2020 و2024 شهدت مقتل 225 شخصًا في المزارع، بينهم 53 من المزارعين البيض فقط. ورغم ذلك، تبقى أمريكا مستمرة في تضخيم الحوادث التي تستهدف البيض، مما يطرح تساؤلاً: لماذا هذا التركيز الأمريكي على هذه المسألة تحديدًا؟

هناك جانب آخر مرتبط بظهور جنوب أفريقيا على الساحة العالمية؛ حيث تم إدراجها ضمن اقتصادات الأسواق الناشئة، وانضمت إلى مجموعة العشرين التي تمثل نحو 85% من المالية العالمي، رغم أن مساهمتها ضئيلة. والأكثر أهمية هو أنها ستستضيف قمة مجموعة العشرين هذا السنة، مما يعزز مكانتها الدولية.

لكن الأهمية لا تقتصر على هذا الحضور الدولي، بل إن هذه القمم تسهم في تعزيز الوعي الأفريقي بقيمة الثروات والموقع الجيوسياسي للقارة، مما يثير قلق الولايات المتحدة والشركات التي تسعى لتوسيع سيطرتها على المالية العالمي.

جنوب أفريقيا وروسيا

أعربت جنوب أفريقيا بوضوح عن تضامنها مع روسيا منذ بداية غزوها لأوكرانيا، لكن القائد بوتين لم يحضر قمة “البريكس” التي استضافتها البلاد في 2023، مشيرًا إلى أن غيابه قد يؤثر سلبًا على الاجتماع. وهذا يفتح مجالًا لتوقع عدم حضوره قمة مجموعة العشرين القادمة في جنوب أفريقيا.

التحدي الأكبر أمام الدولة المضيفة يتمثل في ضمان مشاركة القائد ترامب، حيث ستشكل مشاركته إنجازًا سياسيًا كبيرًا وتساهم في تعزيز العلاقات بين جنوب أفريقيا وأمريكا.

المالية يتحدث

هدد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على دول مجموعة “البريكس”، ردًا على دعوات إنشاء عملة احتياطية بديلة للدولار. تزداد المخاوف الأمريكية أيضًا من تعزيز جنوب أفريقيا للعلاقات مع شركاء “البريكس”، مثل الصين وروسيا وإيران، وهي علاقات شملت بعض التدريبات العسكرية المشتركة.

فيما يتعلق بموقف جنوب أفريقيا من الحرب على غزة، حيث قدمت دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة جرائم الإبادة، يصبح واضحًا تعدد نقاط التوتر بين بريتوريا وواشنطن. هذا التوتر يفسر ضعف شعبية جنوب أفريقيا داخل الأوساط الجمهورية في الكونغرس الأمريكي، حيث تم اقتراح إعادة تقييم العلاقات الثنائية منذ فبراير 2024.

قوة جنوب أفريقيا

تتسم جنوب أفريقيا بقوة استراتيجية من خلال معادنها النادرة مثل المنغنيز والبلاتين، التي تمثل حوالي 6.4 مليارات دولار من صادراتها إلى الولايات المتحدة، مما يشكل 7.4% من واردات واشنطن من المواد الأولية في عام 2022. من هنا، يدرك الطرفان أهمية هذه الصادرات في العلاقات الثنائية.

في هذا الإطار، سعى رامافوزا خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة – ثاني أكبر شريك تجاري لجنوب أفريقيا – للحصول على تأكيدات حول مستقبل العلاقات الماليةية، خاصة في ظل التهديدات بفرض تعريفات جمركية مرتفعة قد تعمق الأعباء على المالية المتعثر بالفعل.

إيلون ماسك

في خضم هذه التطورات، تمثل إيلون ماسك “صياد الفرص”، حيث سعى لتقديم خدمات شركته “ستارلينك” المتخصصة في بث الشبكة العنكبوتية عبر الأقمار الصناعية في جنوب أفريقيا. لكن هذه المساعي واجهت عائقًا يتمثل في قانون محلي يتطلب تخصيص نسبة من أسهم الشركة للمواطنين السود، وهو ما تم رفضه من قِبل ماسك وعدد من المستثمرين الأمريكيين.

بدلًا من ذلك، قدّمت حكومة جنوب أفريقيا بديلًا عبر ما يُعرف بـ”برنامج مكافئ الأسهم”، الذي يتيح للشركات الأجنبية التنمية الاقتصادية في مشاريع تنموية بدلًا من التنازل عن أسهمها. وقد تم تطبيق هذا النموذج بنجاح في قطاع السيارات، مما يمهد الطريق لمزيد من التنمية الاقتصاديةات من ماسك في القطاع التجاري الجنوب أفريقية.

وفي نهاية المطاف، يبقى السؤال: هل تمثل هذه الخطوة بداية لتطور إيجابي في العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة قبيل قمة العشرين المنتظرة في نهاية السنة؟

لا تعكس الآراء الواردة في المقال بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا