مع تصاعد الاحتجاجات ضد مداهمات الهجرة في لوس أنجلوس، أمر القائد ترامب بنشر 2000 جندي من الحرس الوطني. يعتبر هذا القرار نادر الاستخدام وفق القانون الفدرالي، حيث يستدعى الحرس في حالات معينة مثل خطر الغزو أو التمرد. ترامب وصف الاحتجاجات بأنها تمرد على السلطة، مشيراً إلى التوترات بين الديمقراطيين والرأي السنة حول سياسة الهجرة. رغم الدعم من بعض المسؤولين في إدارته، حاكم كاليفورنيا وبلدية لوس أنجلوس اعتبروا نشر الحرس الوطني غير ضروري، ورأوا فيه خطوة استعراضية ستزيد من تفاقم الوضع.
واشنطن- مع تزايد الاحتجاجات ضد عمليات الهجرة في ولاية كاليفورنيا، وبالتحديد في مدينة لوس أنجلوس وضواحيها، أصدر القائد دونالد ترامب توجيهًا لإرسال ألفين من جنود الحرس الوطني إلى المدينة لقمع هذه الاحتجاجات.
يأتي التوجيه الذي أصدره ترامب في إطار قانون فدرالي نادر الاستخدام، يتيح للرئيس استدعاء قوات الحرس الوطني في ظروف استثنائية معينة.
في هذه الحالة، استند ترامب إلى بند محدد من قانون القوات المسلحة المعروف بـ “يو إس سي. 12406 10” (10 U.S.C. 12406)، والذي ينص على ثلاث حالات يمكن للرئيس من خلالها إضفاء الطابع الفدرالي على قوات الحرس الوطني.
وفقًا لهذا القانون، يمكن استدعاء هذه القوات في الحالات التالية:
- إذا كانت الولايات المتحدة تتعرض لغزو أو خطر الغزو من قبل دولة أجنبية.
- إذا كان هناك تمرد أو خطر تمرد ضد السلطة التنفيذية.
- إذا كان القائد غير قادر مع القوات النظام الحاكمية على تنفيذ قوانين الولايات المتحدة.
انتشار وحدات من الحرس الوطني الأمريكي في مواقع فيدرالية وسط مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا في ظل تصاعد الاحتجاجات ضد سياسات الهجرة التي تنتهجها إدارة ترمب pic.twitter.com/fkEpeKSEzZ
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 8, 2025
تمرد ضد السلطة
قال ترامب في مذكرته إن الاحتجاجات في لوس أنجلوس “تمثل شكلاً من أشكال التمرد ضد سلطة حكومة الولايات المتحدة”.
يجدر بالذكر أن الحرس الوطني يعمل ككيان يجمع بين مصالح الدولة والفدرالية، وعادة ما يتم تفعيل قوة الحرس الوطني بناءً على طلب حاكم الولاية.
وفقًا للخبراء، هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تفعيل الحرس الوطني دون طلب من حاكم الولاية منذ عام 1965.
في عام 1992، اندلعت أعمال شغب بعد مقتل رودني كينغ بسبب استخدام الشرطة القوة المفرطة ضده، رغم أنه لم يكن مسلحًا.
سرعان ما خرجت أعمال الشغب عن السيطرة، مما أسفر عن مقتل 63 شخصًا، وإصابة أكثر من ألفي شخص، واعتقال أكثر من 10 آلاف، وتسببت الأضرار في الممتلكات بتكلفة لا تقل عن ملياري دولار.
في ذلك الوقت، أرسل القائد جورج بوش الأب قوات عسكرية بناءً على طلب حاكم كاليفورنيا حينها، بيت ويلسون.
أما في عام 2020، فقد تم نشر قوات الحرس الوطني في بعض الولايات عقب الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد على يد ضباط شرطة بيض.

كيف وصلنا إلى هنا؟
تشهد أعمال الشغب الحالية تدعيات من الجانبين، حيث تجاهل الديمقراطيون قضية ضبط النطاق الجغرافي الجنوبية، مما سمح بدخول ملايين المهاجرين غير النظام الحاكميين. وفي المقابل، تتبنى إدارة ترامب إجراءات صارمة ضد هؤلاء المهاجرين، لاسيما من يحملون أوامر ترحيل نهائية.
اعتمد ترامب في حملتيه الرئاسيتين على خطاب معادٍ للمهاجرين، مصورًا إياهم كغزاة سمحت إدارة بايدن بدخولهم لأسباب متعددة.
تجاوب ملايين الأميركيين الذين فقدوا وظائفهم في المصانع بالتزامن مع نقل المصانع إلى الخارج، واستجابةً لزيادة الرقمنة للعديد من الوظائف، مع دعوات ترامب.
يكرر ترامب أنه عاد إلى البيت الأبيض بتعهد من الناخبين بضرورة إغلاق النطاق الجغرافي الجنوبية وطرد ملايين المهاجرين.
لم تكن كاليفورنيا هي الحالة الأولى التي تشهد أحداث عنف عقب محاولة قوات تنفيذ قانون الهجرة ضبط المعتقلات، بل شهدت ولايات أخرى مثل نيوجيرسي ونيويورك وإلينوي أحداثًا مشابهة، رغم أنها كانت أقل شدة.
مداهمات واعتقالات
أثارت مداهمات المهاجرين واعتقالهم قلقًا بين جاليات المهاجرين في الولايات المتحدة، حيث انتشرت عمليات تفتيش ضباط الهجرة من أماكن العمل إلى منازل الأفراد ودور المحاكم.
شملت حملة الترحيل اعتقال المهاجرين وإرسالهم إلى خليج غوانتانامو، وهو مركز احتجاز عسكري أميركي معروف بادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، أو إلى دولهم الأصلية، أو إلى دول تقبلهم.
تلقّت العديد من هذه الإجراءات طعونًا قانونية لا تزال في طور النظر أمام المحاكم الأميركية.
في يوم الجمعة، نفذ ضباط الهجرة “آي سي إي” (ICE) حملات اعتقال في مناطق ذات كثافة لاتينية في لوس أنجلوس، حيث تم اعتقال حوالي 44 شخصًا.
وقع اشتباكات بين المحتجين وضباط فدراليين في محاولة لوقف الاعتقالات، مما أدى لاستخدام ضباط مكافحة الشغب قنابل الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لجعل الحشد يتفرق.
مع تصاعد أعمال العنف، استدعى ترامب الحرس الوطني في كاليفورنيا، ولكن لن يسمح لهؤلاء الجنود باعتقال المحتجين أو تنفيذ عمليات إنفاذ قوانين الهجرة، بل ستقتصر مهامهم على حماية القوة السنةة وتقديم الدعم اللوجستي.
بعد قرار السلطة التنفيذية الأمريكية نشر الحرس الوطني للتصدي للفوضى في #كاليفورنيا.. حاكم الولاية يصف القرار بأنه خطوة استعراضية وتحريضية pic.twitter.com/04pRa83VZu
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 8, 2025
ردود الفعل
شخصيات بارزة في إدارة ترامب دعمت قرار القائد بإرسال الحرس الوطني، حيث كتب وزير الدفاع بيت هيغسيث على وسائل التواصل الاجتماعي أنه “قرار منطقي” مضيفًا “لن يتم التسامح مع العنف ضد الضباط الفدراليين والمرافق الحكومية”.
من جهة أخرى، تسلّط وسائل الإعلام اليمينية مثل شبكة فوكس الإخبارية الضوء على المتظاهرين الذين رفعوا أعلامًا غير أميركية، وبالأخص علم المكسيك المجاورة.
في المقابل، رفض العديد من المسؤولين في كاليفورنيا قرارات ترامب ونوّهوا على قدرة شرطة المدينة على التعامل مع الاضطرابات، مؤكدين أن تدخل القوات المسلحة ليس ضروريًا. وقد انتقد حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، قرار ترامب معتبرًا إياه “تحريضًا متعمدًا”.
كتب نيوسوم على منصة إكس: “لا يوجد نقص في قوات إنفاذ القانون، ولكن السلطة التنفيذية الفدرالية تستغل الوضع”.
أيضًا، أعربت عمدة لوس أنجلوس، كارين باس، لشبكة “إيه بي سي” عن عدم الحاجة لنشر الحرس الوطني، بينما قالت عضوة الكونغرس عن كاليفورنيا، نانيت باراغان، إنهم “لا يحتاجون إلى مساعدة” وأن الحرس الوطني “سيزيد الأمور سوءًا”.
ومع ذلك، يظل ترامب مؤكدًا على قراراه، قائلًا عبر منصة “تروث سوشيال”: “لن نتسامح مع هذه الاحتجاجات اليسارية الراديكالية التي ينظمها محرضون ومثيرو شغب غالبًا ما يتقاضون أجورًا لذلك”.
وأضاف: “إذا لم يُنفذ القانون في كاليفورنيا، فسنتعامل مع الأمر بأنفسنا، فهناك الكثير من العنف في الولاية، وحاكمها قصّر في أدائه”.