حنان هاشم 11 أغسطس 2024, أصبحت الحكومات لاعباً رئيساً في الأسواق العالمية مما يمثل تحولاً كبيراً في الاقتصاد العالمي، فقد باتت الحكومات تلعب الدور الأبرز كمالكة، وكممولة، وكمستثمرة، وكرأسمالية شاملة.
ذلك ما تناولته وكالة بلومبيرغ الأمريكية في تقرير طالعه بقش، مطلقةً على هذه الحقبة اسم “عصر الرأسمالية الحكومية”، معرّفةً إياها بأنها حقبة تتصف بالنمو السريع للدور الحكومي في الاقتصاد العالمي.
كيف نمت رأسمالية الحكومات؟
وفقاً لكتاب “شبح الرأسمالية الحكومية”، تحكمت صناديق الثروة السيادية في أكثر من 11.8 تريليون دولار خلال العام 2023، بزيادة هائلة مقارنة بما قيمته تريليون دولار فقط كانت تتحكم به هذه الصناديق عام 2000.
هذا النمو السريع يجعل صناديق الثروة السيادية تتفوق على صناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة مجتمعة، كما تقول بلومبيرغ، إضافة إلى ارتفاع أصول الشركات المملوكة للدولة “إس أو إي إس” (SOEs) إلى 45 تريليون دولار عام 2020، أي ما يعادل نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بزيادة كبيرة عن 13 تريليون دولار فقط عام 2000.
وتختلف الشركات المملوكة للدولة في هذا العصر عن البيروقراطيات الحكومية التقليدية، فعوضاً عن أن تكون الحكومات مديرة مباشرة لهذه الشركات، تعمل اليوم مالكة غير ناشطة غالباً، مع حصص غالباً ما تكون أقلية.
تضيف بلومبيرغ أن هذه الشركات تختلف في مستويات الأداء والشفافية، فقد تشمل بعض الشركات واجهات للبيروقراطيين الفاسدين أو أدوات للسياسيين المتحالفين مع الحكومة، وفي المقابل ثمة شركات حكومية تقوم بأعمالها بصورة احترافية وناجحة في الأسواق العالمية.
الإنتاج العالمي تحت السيطرة
وأصبحت الحكومات تستخدم الشركات المملوكة للدولة للسيطرة على شبكات الإنتاج العالمية، كما تورد بلومبيرغ، فمثلاً حينما استحوذت شركة الطاقة الصينية الحكومية “سي إن أو أو سي” على شركة “نيكسن” الكندية عام 2013، لم تكتفِ بالوصول إلى النفط من 4 قارات فحسب، بل وسعت استثماراتها في النفط الرملي والغاز الصخري.
وصفقات كهذه تعكس التوسع الحكومي في الصناعات الاستراتيجية على المستوى العالمي. إلى ذلك يؤدي التوسع في الرأسمالية الحكومية بشكل طبيعي إلى زيادة هذا النوع من الرأسمالية بشكل أكبر.
ويوضح هذا النمط كيف أن الدول، كـ #ألمانيا مثلاً، بدأت بإنشاء “أبطال وطنيين” لمواجهة سياسات دعم البطاريات الكهربائية التي قدمتها إدارة #بايدن في #أمريكا.
وهناك حماسة متزايدة أيضاً في #أفريقيا لإنشاء صناديق ثروة سيادية، إذ يوجد حالياً 22 صندوقاً قيد التشغيل و7 أخرى قيد التخطيط، متأثرة بنجاح صناديق الثروة شرق #آسيا والشرق الأوسط.
ما صعوبات الرأسمالية الحكومية؟
تظل الرأسمالية الحكومية تواجه عدداً من الصعوبات رغم أنه يُنظر إليها كأداة قوية لتعزيز الاقتصادات الوطنية، وإحدى تلك الصعوبات هي مشكلة التركيز والاحتكار، إذ تسيطر الشركات المملوكة للدولة على جزء كبير من الاقتصاد العالمي.
وحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فإن نصف أكبر 10 شركات في العالم و132 من أكبر 500 شركة، هي شركات مملوكة للدولة.
وتستعرض بلومبيرغ كيف أن مشكلة “الشفافية” تمثل أيضاً تحدياً كبيراً للرأسمالية الحكومية، فعلى سبيل المثال، تُعد اللجنة الصينية للإشراف على الأصول المملوكة للدولة “إس إيه إس إيه سي” (SASAC) من أقوى المؤسسات في العالم، لكنها غير معروفة لمعظم الناس، وهذه اللجنة تمتلك بشكل حصري 96 شركة قابضة تسيطر على الشركات التابعة لها المدرجة في بورصة #شنغهاي والأسواق الدولية.
ويحتاج الأمر إلى إدارات حكيمة لديها قدر كبير من البراعة والابتكار، وعلى كلٍّ، كما تقول بلومبيرغ، تزداد الرأسمالية الحكومية قوة وانتشاراً، فبعض أنجح الشركات المملوكة للدولة وصناديق الثروة السيادية تقع في الدول المتقدمة.