يجتمع زعماء مجموعة السبع (كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة) في قمة كندية لمدة 3 أيام من 15 إلى 17 يونيو، في كاناناسكيس. تعد هذه القمة الـ51 منذ تأسيس المجموعة عام 1975، وسط توترات تتعلق بالمواجهة في الشرق الأوسط، خصوصًا بين إسرائيل وإيران. بالإضافة إلى ذلك، ستُناقش قضايا التجارة العالمية، حرب روسيا وأوكرانيا، وصعود الصين. ورغم التوترات السابقة، يتوقع أن تكون الأجواء أكثر هدوءًا، حيث تسعى كندا لتنويع التجارة. تُدعى قادة دول أخرى، مثل الهند والمكسيك، وسط انتقادات محلية لدعوة مودي.
يجتمع قادة دول مجموعة السبع: كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة والولايات المتحدة في بلدة كاناناسكيس النائية عند سفوح جبال روكي في مقاطعة ألبرتا الكندية، لإجراء مناقشات معمقة على مدار 3 أيام.
تُعتبر هذه القمة، التي تُقام من 15 إلى 17 يونيو/حزيران، النسخة الـ51 منذ بدء أول اجتماع للمجموعة في عام 1975 في رامبوييه بفرنسا، حين كانت تُعرف بمجموعة الست، قبل أن تنضم إليها كندا في السنة التالي.
بعد ذلك، تحولت المجموعة إلى مجموعة الثماني بانضمام روسيا عام 1998، لكنها عادت لتصبح مجموعة السبع بعد استبعاد موسكو في 2014 بسبب ضم شبه جزيرة القرم.
تنعقد قمة هذا السنة في ظل توترات متزايدة في عدة مجالات، وتتناول نقاشات حادة حول الأزمة المتصاعدة في الشرق الأوسط، خاصة بعد الهجمات الإسرائيلية الواسعة ضد إيران.
على الصعيد الثنائي، لا تزال تداعيات تصريح القائد الأميركي دونالد ترامب الذي دعا إلى جعل كندا الولاية الـ51 للولايات المتحدة، تلقي بظلالها. فقد رد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في مايو/أيار الماضي خلال لقائه بترامب في البيت الأبيض بقوله: “كندا ليست للبيع… أبدا.”
رغم أن مجموعة السبع تمثل حوالي 44٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلا أنها لا تمثل سوى 10٪ من سكان العالم. وتظل الولايات المتحدة أكبر اقتصاد ضمن المجموعة بفارق ملحوظ عن بقية الدول.
من الحاضرون؟
تُعقد القمة في كندا هذا السنة، وهي المرة السابعة التي ترأس فيها مجموعة السبع. بجانب قادة دول المجموعة وممثلين عن الاتحاد الأوروبي، دعا كارني قادة دول أخرى ليكونوا ضيوفا على القمة.
من بين هؤلاء رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي.
وجاءت دعوة مودي وسط تساؤلات كثيرة في كندا. حيث توترت العلاقات بين الهند وكندا بعد اتهام رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو للهند باغتيال زعيم انفصالي سيخي في كندا عام 2023. وصفت منظمة السيخ العالمية دعوة كارني بأنها “خيانة للسيخ الكنديين”، بينما اعتبرها اتحاد السيخ الكندي “إهانة كبيرة”.
ومع ذلك، دافع كارني، الذي يسعى لتنويع التجارة الكندية بعيدا عن الولايات المتحدة، عن قراره، مشيرا إلى أن دعوة الهند، كونها خامس أكبر اقتصاد في العالم، تمثل منطقاً لمجموعة السبع، حيث تشكل جزءاً هاماً من سلاسل التوريد العالمية.
في مارس/آذار الماضي، دعا كارني أيضاً رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي لحضور القمة. ومن المتوقع أن يُشارك أيضاً قادة أستراليا والبرازيل وإندونيسيا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية.
هل الرسوم الجمركية ضمن النقاش؟
خلال فترة ولايته، فرض القائد الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية كبيرة على جميع أعضاء مجموعة السبع، وكذلك على عدد من دول العالم، مما أدى إلى اندلاع حرب تجارية عالمية. ووفقاً لترامب، فإن هدفه من هذه الخطوة هو تقليل العجز التجاري الكبير للولايات المتحدة مع الدول الأخرى.
ورغم أن هذا الموضوع لا يزال محل توتر، فمن غير المتوقع أن يُناقش بشكل رسمي خلال القمة، حيث يسعى كارني للحفاظ على الحد الأدنى من الانسجام بين الدول الأعضاء، خاصة في وقت تحاول فيه العديد من الدول التوصل إلى اتفاقات تجارية مع واشنطن.
في مايو/أيار الماضي، توصلت المملكة المتحدة إلى أول اتفاق من نوعه مع الولايات المتحدة، يتضمن تخفيض الرسوم على السلع الأميركية من 5.1٪ إلى 1.8٪، مقابل تخفيف بعض الرسوم المفروضة. وتعمل كل من اليابان والاتحاد الأوروبي على إبرام اتفاقات مماثلة قبل انتهاء فترة تعليق الرسوم المتبادلة في 9 يوليو/تموز المقبل.
من الجدير بالذكر أن قمة 2018 التي استضافتها كندا شهدت مغادرة ترامب غاضباً بعد أن أمر بعدم توقيع البيان الختامي، حيث انتقد رئيس الوزراء الكندي آنذاك، ترودو، واصفاً إياه بـ”الكاذب والضعيف”.
رغم أن التوقيع على البيان يمثل خطوة رمزية، فإن الحادثة عكست توترا سياسيا واضحا. وكتب مستشار الاستقرار القومي لترامب في ذلك الوقت، جون بولتون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “قمة أخرى لمجموعة السبع تتوقع فيها الدول الأخرى أن تكون أميركا مصرفاً لها. أوضح القائد اليوم: لا مزيد من ذلك.”
لكن هذه السنة، يتوقع أن تكون الأجواء أكثر هدوءاً. ويشير جون كيرتون، الباحث في شؤون مجموعة السبع بجامعة تورونتو، إلى أن العلاقة بين كارني وترامب أفضل، مما يشير إلى احتمالية تجنب ترامب أي تصعيد، خاصة مع استعداد الولايات المتحدة لاستضافة قمة المجموعة في عام 2027.
ما القضايا المطروحة على جدول القمة؟
وفقاً لموقع القمة على الشبكة العنكبوتية، يتضمن جدول الأعمال لهذا السنة 3 أهداف رئيسية: “حماية مجتمعاتنا حول العالم”، و”بناء أمن الطاقة وتعجيل الانتقال الرقمي”، و”تأمين شراكات المستقبل”.
ومع ذلك، من المرجح أن يركز قادة مجموعة السبع على النزاع بين إسرائيل وإيران.
وإذا لم يسيطر هذا الموضوع تمامًا على المناقشات، فستكون القضايا الأخرى المطروحة هي التجارة العالمية، حرب روسيا وأوكرانيا، والصين.
حرب إسرائيل وإيران
لفتت جوليا كوليك، مديرة المبادرات الإستراتيجية لمجموعة أبحاث مجموعة السبع في كلية ترينيتي بجامعة تورونتو، إلى أن مناقشات السلام العالمي التي كانت ستركز على المواجهة بين روسيا وأوكرانيا وحرب إسرائيل على غزة سترتفع الآن على الأرجح نحو إيران.
ووضحت كوليك في تصريح للجزيرة أنه “ستكون هناك أسئلة صعبة من القادة الآخرين إلى دونالد ترامب حول ما الذي حدث بشكل خاطئ في المفاوضات وما الذي سيفعله لجعل إسرائيل تخفض التصعيد قبل أن تتدهور الأمور أكثر”.
بدوره، نوّه روبرت روجووسكي، أستاذ التجارة والدبلوماسية الماليةية في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، على أن أعضاء مجموعة السبع لا يمكنهم تجنب مناقشة الأزمة الأخيرة في الشرق الأوسط.
أضاف أن “الهجوم، والرد عليه، وإعلان الولايات المتحدة عدم ضلوعها فيه وتحذيرها من استهداف الأصول الأميركية، سيكون بمثابة أول موضوع للنقاش، لأنه يثير حالياً احتمالية حدوث حرب شاملة في الشرق الأوسط”.
التجارة العالمية
بينما يأمل كارني في معالجة موضوعات غير خلافية، مثل إنشاء سلاسل توريد عالمية للمعادن الحيوية الأكثر تماسكًا، فإن ملف الصين قد يحظى أيضاً بانتباه النقاشات.
وقد أصدرت مجموعة السبع عقب اجتماع لوزراء مالية دولها الأعضاء في كندا في مايو/أيار الماضي، بياناً مشتركاً نوّهت فيه أنها ستواصل مراقبة “السياسات والممارسات غير القطاع التجاريية” التي تؤدي إلى اختلالات في التجارة العالمية.
على الرغم من أنه لم يُذكر اسم الصين في البيان، فإن “السياسات غير القطاع التجاريية” غالباً ما تتعلق بدعم الصادرات وسياسات العملات التي ترى إدارة ترامب أنها تحقق ميزة في التجارة الدولية. وقد اعتُبر البيان انتقاداً للممارسات التجارية الصينية، خاصة في مجال الإقراض، التي يعتقد كثيرون أنها تثقل كاهل البلدان الفقيرة بالديون.
من المتوقع أن يناقش قادة مجموعة السبع أيضاً المخاوف بشأن التوترات المتزايدة بين الصين وتايوان في بحر الصين الشرقي والبحر الجنوبي، بالإضافة إلى التوسع العسكري لبكين في تلك المناطق.
حرب روسيا وأوكرانيا
عبر وزراء خارجية مجموعة السبع في بيان مشترك عقب اجتماعهم في كيبيك في منتصف مارس/آذار الماضي عن دعمهم القوي لأوكرانيا. جاء في البيان أن وزراء المالية ناقشوا “فرض مزيد من العقوبات على روسيا” إذا لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار.
صرحت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عن جولة جديدة من العقوبات ضد روسيا في مايو/أيار، لكن ترامب، الذي يجري محادثات مع القائد الروسي فلاديمير بوتين، أفاد بأن الولايات المتحدة لن تتبنى هذا الاتجاه.
لذا، قد تكون العقوبات ضد روسيا والتوصل إلى وقف إطلاق النار أيضاً ضمن المواضيع التي ستناقش.
التنمية العالمية
قد تكون هذه قضية معقدة. فرغم أن التنمية العالمية، خاصة في الدول الأفريقية، كانت غالباً ما تندرج ضمن النقاشات القائدية لمجموعة السبع، فإن الولايات المتحدة قد أوضحت هذا السنة رغبتها في تقليص أولوياتها في ما يتعلق بالمساعدة الماليةية والإنسانية للدول الأخرى.
أقدمت واشنطن على تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وصرحت عن خطط لإجراء تخفيضات كبيرة في تمويل المشاريع الصحية والتنموية الأخرى خارج البلاد.
ما الاجتماعات الجانبية المحتملة خلال القمة؟
الولايات المتحدة – الاتحاد الأوروبي – اليابان
من المتوقع أن يعقد دونالد ترامب اجتماعات مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس وزراء اليابان شغيرو إيشيبا. وكلاهما يتطلعون إلى التوصل إلى اتفاق تجاري مع ترامب في أقرب وقت ممكن لتفادي الرسوم الجمركية الانتقامية المقرر استئناف العمل بها مطلع يوليو/تموز بعدما تم تعليقها.
الولايات المتحدة – كندا – المكسيك
قد يجتمع ترامب وكارني ورئيسة المكسيك كلوديا شينباوم أيضاً ليبحثوا كقادة أميركا الشمالية مواضيع التجارة وأمن النطاق الجغرافي.
في فبراير/شباط الماضي، أرجأ ترامب فرض رسوم بنسبة 25% على السلع الكندية والمكسيكية في آخر لحظة. وتوصل رئيس الوزراء الكندي السابق ترودو ورئيسة المكسيك إلى اتفاق لتعزيز الاستقرار على النطاق الجغرافي لمنع تهريب المخدرات والمهاجرين إلى الولايات المتحدة، مما جنب ارتكاب حرب تجارية.
يؤكد ترامب أنه كان قلقاً بشكل خاص من تدفق مخدر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة من كندا والمكسيك.
الولايات المتحدة – جنوب أفريقيا
كشف رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، للصحفيين أنه سيعقد اجتماعاً مع ترامب خلال قمة مجموعة السبع، بعد لقاء الزعيمين في واشنطن في 21 مايو/أيار، حيث اتهم ترامب جنوب أفريقيا بارتكاب “إبادة جماعية” ضد المزارعين البيض.
في وقت سابق من مايو/أيار، تم نقل 59 من البيض من جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة كجزء من خطة إعادة توطين الجنوب أفريقيين البيض التي وضعتها إدارة ترامب.